أكثر من 5 آلاف صندوق في الوزارات والهيئات والمحليات تستولي علي 100 مليار جنيه بيد ذيول النظام.. ولا تخضع لأي رقابة أو محاسبة ما أكثر الحسابات والأرصدة السرية في عهد مبارك.. وما أكثر طرق نهب المال العام بتأشيرة من قلم الرئيس نفسه.. الصناديق الخاصة.. واحدة من هذه القنوات وطرق الفساد في عهد النظام المخلوع.. وواحدة من وسائل تمويل الفوضي في أيام الثورة. والصناديق الخاصة أوعية مالية تتبع الوزارات والهيئات العامة وتخرج إلي النور بقرار جمهوري لتمتلئ بمستقطعات الحكومة ومتحصلاتها من الخدمات والدمغات والغرامات.. وتملأ جيوبا لا يعلم اصحابها الا الله. ورغم انها موارد حكومية تدفع في المصالح والهيئات بأوراق رسمية الا انها لا تدخل الي خزينة الدولة، ولا علاقة للموازنة العامة بها، ومن ثم لا تخضع للمراقبة لا من قبل وزارة المالية ولا مجلس الشعب، فالصندوق الخاص يعتبر موازنة خاصة، يتبع الجهات الإدارية للدولة من وزارات وهيئات وإدارات محلية. ومن أبسط الأمثلة علي تلك الموارد، المصاريف الادارية والدمغات المدفوعة للحصول علي ترخيص سيارة، أو تلك المدفوعة للحصول علي رخصة قيادة، أو المصروفات الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول علي بطاقة شخصية، أو تذكرة زيارة مريض في المستشفي، او تذكرة مواقف السيارات العامة، أو رسوم الطريق "الكارتة"، أو المصاريف الادارية والدمغات المدفوعة للحصول علي رخصة بناء، والدمغات المدفوعة للحصول علي ترخيص محل أو المصاريف الادرية للحصول لتركيب عداد كهرباء، عداد مياه. ويكشف احدث تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن حسابات الصناديق والوحدات الخاصة خروج معظمها عن الضوابط وصرف معظم مواردها في غير الهدف المنشأة من أجله، وهو تحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، حيث إن اغلب اموال الصناديق ذهبت لإعلانات التهاني والتعازي ومكافآت البعض وتجهيز القاعات والمكاتب بل وشراء الأراضي. فصندوق تراخيص إنشاء مصانع الحديد والأسمنت منح اكثر من 10 ملايين جنيه مكافآت للعاملين بهيئة التنمية الصناعية، كما دعم صندوق تحسين الخدمة ودعم البحوث بديوان وزارة الصحة صرف 99.5٪ من حصيلة الصندوق البالغ اكثر من 23 مليون جنيه مكافآت للعاملين ورواتب للاستشاريين وليس لتحسين الخدمة الصحي، أما صندوق انشاء وصيانة الطرق فقد صرف 3.2 مليون جنيه مكافآت للعاملين بديوان عام الوزارة. وبلغ اجمالي ايرادات تلك الصناديق والحسابات الخاصة وفق بيان الجهاز المركزي للمحاسبات للسنة المالية 2003/ 2004 نحو 9 مليارات و900 مليون جنيه، ومصروفاتها 6 مليارات و2 مليون جنيه، وبلغت فوائضها في نهاية السنة المالية 2004 نحو 3 مليارات و700 مليون جنيه، وأن اجمالي ودائعها في 30 يونيو 2004 بلغ نحو 4 مليارات و400 مليون جنيه، وهذه الحسابات منتشرة في جميع البنوك التجارية خلال ذلك العام. في الوقت الذي زادت بشكل ملحوظ خلال عام 2009/ 2010 حتي بلغ اجمالي ايراداتها نحو 88 ملياراً و200 مليون جنيه، وبلغ اجمالي مصروفاتها لذات العام نحو 61 ملياراً و500 مليون جنيه، وبلغت فوائضها نحو 26 ملياراً و800 مليون جنيه، وهي الحسابات التي حصرها البنك المركزي بالعملة المحلية فقط، ما يوضح الزيادة الرهيبة لقيمة ايرادات ومصروفات وأرصدة تلك الحسابات الخاصة والتي بلغت نسبتها علي الترتيب 791 و891 و624٪. هناك أيضا حسابات الصناديق والوحدات ذات الطابع الخاص بالعملة الاجنبية بالحساب الموحد بالبنك المركزي والتي بلغت نحو 620 صندوقاً خلال عام 2009 و2010 دون مقابل لها بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات منذ عام 2003 وبلغت ايرادات تلك الحسابات المتعاملة بالدولار الامريكي نحو 2 مليار و400 مليون دولار ومصروفاتها نحو 1.848 مليار دولار، وبالدينار الكويتي نحو 90 مليون دينار ومصروفاتها 68 مليون دينار، وايراداتها بالجنيه الاسترليني نحو 99 مليون جنيه. يبلغ عدد الصناديق الخاصة حوالي 5 آلاف صندوق باجمالي رصيد بلغ 88.2 مليار جنيه بالجنيه المصري خلال عام 2009/ 2010، منها 783 بوحدات الجهاز الاداري باجمالي رصيد 8.7 مليار جنيه في 30 يونيو من العام الماضي، أما حسابات وحدات الادارة المحلية بلغ 1269 صندوقا باجمالي رصيد 7.6 مليار جنيه، وبلغ عدد الحسابات الخاصة للأشخاص الاعتباريين والهيئات الاقتصادية 246 صندوقا باجمالي رصيد 4 مليارات جنيه، و18 حسابا خاصا باتحاد الاذاعة والتليفزيون برصيد تم تحصيله في 2010 وصل 2 مليار جنيه، و276 صندوقاً للهيئات الخدمية برصيد وصل 265 مليار جنيه، واستقطعت جامعتي القاهرة والاسكندرية في 610 صندوق ما يقرب من 2 مليار جنيه. خالفت الكثير من وحدات الجهاز الاداري للدولة للقانون رقم 139 لسنة 2006 الخاص بالمحاسبة الحكومية الذي يقضي بأنه لا يجوز لوحدات الجهاز الاداري والادارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تعد من الجهات الادارية فتح حسابات باسمها أو باسم الصناديق الخاصة التابعة لها خارج البنك المركزي الا بموافقة وزير المالية، مع وجوب اغلاق كافة حسابات تلك الجهات المفتوحة خارج البنك المركزي طالما لم يصدر لها ترخيص جديد من وزير المالية، وفتحها بالبنك المركزي، كما انه لا يجوز لوزير المالية الترخيص بفتح حسابات بالبنوك خارج البنك المركزي للوحدات المشار اليها والصناديق والحسابات الخاصة التابعة لأي منها اذا كانت حسابات صفرية ويقصد بها الحسابات التي تحول ارصدتها يومياً الي حسابات موازية تفتح لكل منها بحساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي. كما خالفت وزارة المالية القانون رقم 105 لسنة 1992 بشأن المحاسبة الحكومية الذي ألزمها بإجراء الرقابة المالية قبل الصرف علي حسابات جميع الهيئات العامة الاقتصادية والصناديق والحسابات الخاصة، حيث ثبت من تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عدم وجود رقابة مالية فعالة علي معظم تلك الحسابات من جانب وزارة المالية. تلك المخالفات ساهمت في عدم احكام الرقابة علي المصروفات، بالاضافة الي توجيه صرف جانب من أموالها في غير الاغراض المخصصة لها والمنشأة من اجلها مثل شراء هدايا او مكافآت وبدلات لبعض العاملين لما يزيد علي 90٪ من اجمالي المنصرف لبعض تلك الحسابات الخاصة، في حين أن النسبة المقررة 20٪ فقط، او الصرف لبعض العاملين لا تربطهم صلة بأعمالها، وعدم تحصيل جانب من مواردها ومستحقاتها أو تحصيل بعضها بأقل مما يجب. الأشد خطورة في هذا الملف هو بقاء الأرصدة لمدد طويلة دون الاستفادة منها في الأغراض المنشأة من اجلها ما أكده وجود رصيد للحسابات الخاصة بالبنك المركزي في 30 يونيو 2010 بلغ نحو 26.8 مليار جنيه بالعملة المحلية بخلاف العملة الاجنبية فضلاً عن شراء احتياجات بعض الجهات من اموال الصناديق بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، ومساهمة بعض الصناديق في رأس مال بعض الشركات الخاسرة، والصرف دون مستندات صرف بالاضافة الي أن الكثير من هذه الحسابات الخاصة ليس لها لائحة مالية وادارية معتمدة من وزارة المالية ما يفتح الباب لاستباحة اهدار اموالها وتسهيل الاستيلاء عليها وهي اموال عامة، ما يعني وجود باب خلفي لتحصيل ايرادات عامة وصرفها لكافة الانشطة بالدولة بخلاف الموازنة العامة للدولة. وأدي عدم وجود رقابة مالية فعالة قبل وبعد الصرف من قبل وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات والخاضع منها للرقابة انما هي رقابة شكلية غير فعالة، الي وقوع الكثير من المخالفات المالية التي وردت بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات منذ عام 2003/ 2004 حتي عام 2009/ 2010 والتي بلغت علي الترتيب منذ عام 2003/ 2004 حتي عام 2009/ 2010 نحو 1.359 مليار جنيه، 99 مليون جنيه، 132 مليون جنيه، 158 مليون جنيه 151 مليون جنيه، 154 مليون جنيه، حتي وصلت ذروتها عام 2009/ 2010 بنحو 9 مليارات جنيه تمثل نحو 43٪ من جملة ايراداتها وفق بيان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عن عام 2009/ 2010 والأكثر وطأة انها بيد رموز النظام القدمي في المحافظات والمحليات والوحدات التابعة للجهاز الاداري بالدولة. أموال الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص والحسابات الخاصة المنتشرة في جميع الجهات الادارية للدولة دون رقابة فعالة عليها، هو ما يجعلها مال عام "سايب" في أيدي المسئولين بالجهات الادارية للدولة والمرضي عنهم من جهاز أمن الدولة في عصر ما قبل ثورة 25 يناير، مازالوا يتبوأون ذات المناصب، وهذا ما يفسر من أين يأتي تمويل الثورة الماضدة، واستماتة هؤلاء المسئولين علي كراسيهم. ولوقف نزيف اهدار المال العام الناتج عن الحسابات والصناديق الخاصة يجب الزام كافة البنوك التجارية بعدم مخالفة القانون رقم 139 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية والذي تضمن المادة 30 مكرر بتحويل ما لديها من حسابات خاصة تخص الوحدات التابعة للجهاز الاداري للدولة الي الحساب الموحد بالبنك المركزي وان يتم ذلك علي وجه السرعة، وتكوين لجنة من الشرفاء بالجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الادارية ووزارة المالية لتقصي الحقائق عن عمل تلك الحسابات الخاصة واتخاذ الاجراءات الكفيلة بأحكام الرقابة علي أموالها وأن يتم تتبع المخالفات المالية ورقابتها وما يتم في شأنها. بالاضافة الي ادراج كافة بيانات الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص والحسابات الخاصة بالموازنة العامة للدولة حتي تكون وحدها وعاء تحصيل وصرف الاموال العامة وغلق كافة الأبواب الخلفية.