أثارت أنشطة الاستيطان الإسرائيلية الأخيرة فى الضفة الغربيةالمحتلة مشاعر إحباط متزايدة في برلين، مما أدى إلى توتر العلاقات الألمانية الإسرائيلية، وصل إلى حد إلغاء اجتماع بين حكومة برلين وتل أبيب كان من المقرر عقده في مايو. وصادق الكنيست بشكلٍ نهائي في السادس من فبراير الماضي ما يعرف بقانون التسوية، الذي ينص على إصدار تراخيص لعشرات البؤر الاستيطانية المقامة على أراض فلسطينية خاصة. وأقر القانون بأغلبية أصوات بلغت 60 صوتاً مقابل 52 صوتاً معارضاً، يتيح للسلطات الإسرائيلية إقامة بؤر استيطانية على أراض فلسطينية خاصة مُثبتة الملكية وبأثر رجعي، ما يشكل خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية، وسلب الفلسطينيين عقاراتهم، فضلاً عن مصادرة 800 هكتار من الأملاك الخاصة الفلسطينية، وإقامة نحو 55 مستوطنة، تضم 4 آلاف وحدة استيطانية. ونتيجة للقانون الاسرائيلي، توترت العلاقات بين برلين واسرائيل، وذلك بعد أن شككت ألمانيا فى التزام رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بحل الدولتين لتسوية القضية الفلسطينية، بالاضافة إلى انتخاب الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، الذي شجع - فيما يبدو - "نتنياهو" على تصعيد البناء فى المستوطنات التى تعتبرها ألمانيا ودول أخرى كثيرة غير قانونية وتمثل عقبة أمام إحلال السلام. وحذر مسؤول ألماني، في حوار له مع وكالة رويترز، من ان علاقات ألمانيا مع إسرائيل قد بلغت أدنى مستوى لها لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة. وأكد المسئول الألماني إن البرامج الذي أخذ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يدفع به منذ تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الامريكية (وهي : البناء في المستوطنات الذي تجدد في القدسالشرقية وموضوع قانون شرعنة مصادرة الأراضي المعروف بقانون تسوية المستوطنات) قد أدت الى ازمة في العلاقات بين المانيا واسرائيل، مشدداً على ان إن نتنياهو "لا يلقي بالا لنا وسيصبح الوضع أسوأ مما هو عليه خلال فترة رئاسة ترامب". وقال متحدث بإسم الخارجية الألمانية في بيان له إن "الثقة التي كانت لدينا في التزام الحكومة الإسرائيلية بحل الدولتين اهتزت بشكل كبير"، مضيفاً أن "حل الدولتين عن طريق التفاوض بإمكانه تحقيق السلام الدائم ويصب في مصلحة إسرائيل. وهو لا يزال أحد الركائز الأساسية لسياستنا في الشرق الأوسط". وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة برتلزمان عن العلاقة بين البلدين عام 2015 أن 77 % من الألمان يعتقدون أن الوقت قد حان للانفصال عن الماضي. وأبدى 66% منهم الغضب لأن الألمان مازالوا يتحملون اللوم عما ارتكب بحق اليهود من جرائم. وارتفعت تلك النسبة إلى 79 % للمشتركين في المسح فيما بين سن 18 و29 عاما. وفي إسرائيل، وصف مسؤول إلغاء اجتماع بين حكومة برلين وتل أبيب بأنه علامة على "استياء عميق" من نتنياهو، لكنه أضاف أن ترامب هو السبب الرئيسي في استياء برلين، مضيفاً ان "ألمانيا غاضبة حقا من ترامب لكن لا يمكنهم التعبير عن ذلك أو انتقاده مباشرة لأنه قوي جدا". من جانبها، قالت كرستين مولر، التي تدير مكتب تل أبيب لمؤسسة هاينريتش بويل وهي مركز أبحاث ألماني له ميول يسارية، إن التطورات الأخيرة ربما ترغم برلين على إعادة فحص علاقاتها مع إسرائيل التي تشعر تجاهها بارتباط وثيق والتزام بسبب المحرقة. وأضافت مولر "الإحساس بالمسؤولية مازال قائما لكني لا أدري إلى متى سيصمد. فالعلاقة الخاصة بين ألمانيا وإسرائيل ليست محفورة في الصخر. بل إنها تبدو الآن في خطر". وأكدت "إسرائيل كانت تعرف المدى الذي يمكن أن تصل إليه مع الحكومات السابقة. أما في وجود ترامب فقد تشجعت العناصر الأكثر تشددا في إسرائيل". وتعد خطط الاستيطان الاسرائيلية محل خلافات بين برلين وتل أبيب، ففي عام 2011 تردد أن ألمانيا هددت بوقف تسليم غواصات من طراز دولفين ردا على خطط الاستيطان. وبعد عام أثار غابرييل الذي كان رئيسا لحزب الديمقراطيين الاشتراكيين المعارض آنذاك عاصفة بتشبيه معاملة إسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية "بالفصل العنصري"، وقبل سنوات بدأ كبار الوزراء في الحكومة الألمانية يقللون زياراتهم لإسرائيل. جدير بالذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ألقت خطابا في الكنيست عام 2008 وصفت فيه العلاقات بين ألمانيا والدولة العبرية بأنها "ممتازة"، قبل أن تزور إسرائيل للمرة الأخيرة في 2014.