التقت «الوفد» مع على اسماعيل محامى الجماعات الإسلامية الشهير.. والذى ارتبط بالدفاع عنهم فى معظم قضاياهم منذ عام 1987 وحتى الآن، كما قام بالدفاع عن العديد من أصحاب الفكر والرأى وأشهرهم المتهمون فى قضية الحزب الشيوعى المصرى، وحول هذه الرحلة الطويلة وأسرار و كواليس قضايا الجماعات الإسلامية، وأسرار المراجعات الفكرية لقادة الجماعة والمعاناة الشديدة لقادة هذه الجماعات على يد الأمن ورؤيته للعديد من القضايا دار هذا الحوار: رحلتك فى الدفاع عن الجماعات الإسلامية رحلة طويلة.. ما هى أولى القضايا فى هذا الشأن والتى ترافعت فيها؟ - على اسماعيل: أولى هذه القضايا كانت قضية «الناجون من النار» وهى التى كانت بسبب محاولة اغتيال وزيرى الداخلية السابقين حسن أبو باشا والنبوى إسماعيل و كذلك محاولة اغتيال نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد وقد تدخلت فى هذه القضية لنصرة بعض من تم الزج بهم فى هذه القضية.. فقد تم القبض على زملاء محامين فى 17 مايو 1987 وعندما طالبنا بالإفراج عنهم لم تستجب وزارة الداخلية فقررنا الاعتصام فى نقابة المحامين.. وظللت أدافع عن زملائى حتى ثبت أن الاتهامات لهم ملفقة و تم الافراج عنهم. ماذا عن القضايا الأخرى؟ - على اسماعيل: أيضاً هناك قضية حرائق نوادى الفيديو فى تلك الفترة من الثمانينيات، وقد تمت احالة المتهمين إلى المحكمة العسكرية لكننى وزملاء آخرون قمنا بالطعن أمام محكمة القضاء الادارى التى أصدرت قراراً بإلغاء قرار الإحالة إلى القضاء العسكرى، وكان هذا الحكم هو أولى لطمات القضاء للنظام السابق حيث تم وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بالإحالة لمحكمة عسكرية.. والعجيب أن معظم المتهمين فى قضايا حرائق الفيديو كانوا من الأحداث وجزء بسيط منهم شباباً وتعرضوا لأشد أنواع التعذيب وهو ما يكشف عن سادية النظام السابق الذى قام بتعذيب هؤلاء الأحداث، وقد اكد الطب الشرعى تعرض هؤلاء الاحداث لتعذيب شديد، وجاء ذلك فى التقرير الرسمى المقدم من الطب الشرعى إلى المحكمة وهو ما يخالف كل القوانين حتى قانون الطوارئ الذى يحدد فى مادته 3 كيفية التعامل مع المعتقل بل وحددت المادة معايير اعتقال الأشخاص بأن يكون مشتبة فيهم وعليهم أحكام جنائية باتة.. ويمثلون خطورة على الأمن و النظام العام وأنه عندما يصدر قراراً باعتقالهم يتم وضعهم فى السجون وهكذا لكن تعذيب الأحداث البشع.. أمر كشفه تقرير الطب الشرعى وكان عنصرا مهماً فى سير القضية. كيف كانت تسير عمليات الاعتقال و هل كانت طبقاً للضوابط المنصوص عليها فيما ذكرت فى المادة 3 من قانون الطوارئ؟ - على اسماعيل: لقد أعطى القانون ايضاً الحق للمعتقل ان يتظلم بعد 30 يوماً وأن يكون التظلم خلال 15 يوماً وتنظر المحكمة القرار فإذا قررت الافراج يكون لوزير الداخلية الحق فى الاعتراض على القرار ويتم نظر الاعتراض فى دائرة أخرى خلال 15 يوماً.. فإذا قررت المحكمة الإفراج عن المعتقل فإن قانون الطوارئ يلزم وزارة الداخلية بالافراج الفورى عن المعتقل.. يمكن الواقع العملى كان مختلفاً إلا فى حالات نادرة، فقد كان هناك قضاة عظام ومنهم المستشار العظيم صلاح جاد الله رئيس الدائرة 13 فقد حدث يوم 14 مايو 1987 ان تم عرض بعض المعتقلين الذى تم الافراج عنهم فى التظلمات و كان عددهم 18 شخصاً فلما نظر لمبررات الاعتقال وجدها مبررات واهية فأمر على الفور بالافراج عنهم وقال فى حيثيات الافراج عنهم إنه «لا تثريب على هذا الشباب الذين رفعوا راية لا إله إلا الله» وأن قرار الافراج عنهم هو «بمثابة اعتذار عن التعذيب ويفرج عنهم من سرايا المحكمة».. وأرسل القاضى العظيم إلى اللواء رئيس المأمورية الذى اتى بهم فانقلبت الدنيا رأساً على عقب فاعتذر اللواء مؤكداً انه لا يستطيع اطلاق سراحهم إلا بعد عرض الامر على وزارة الداخلية وظلت المشاورات مستمرة من الساعة 12 ظهراً حتى 6 مساء للافراج عنهم وانتهت بتعهد الداخلية للقاضى العظيم صلاح جاد الله بالافراج عنهم صباح اليوم التالى من سجن استقبال طرة. هل كنت تدافع فى هذه القضايا عن قتلة ارتكبوا جرائم باسم الدين وهل الإسلام يسمح بذلك؟ - على اسماعيل: لا بالطبع لا يمكن ان أدافع عن قتلة وقد رفضت مرتين الدفاع عن قتلة اعترفوا بجريمتهم المرة الأولى فى قضية طلائع الفتح كانت تتم محاكمة حوالى ألف شخص ومعظمهم كانوا من تيار الجهاد الإسلامى فطلب منى 4 أشخاص من المتهمين الأساسيين ان أدافع عنهم لكننى عندما عرفت جريمتهم حدث عندى نفور شديد منهم فقد أرادوا الحصول على سيارة فلم يجدوا إلا سيارة لنقل الأثاث فذهبوا إلى بلبل صاحب معرض الأثاث وهو من الإخوة المسيحيين فطلبوا منه سيارة لنقل عفش فقام الرجل بإعطائهم السيارة بالسائق والتباع وللأسف قام هؤلاء المتهمون عند المقطم بإنزال السائق والتباع وقتلهما وعندما اعترف المتهمون بالجريمة حدث عندى نفور ورفضت الدفاع عنهم خاصة أن السائق والتباع استرحماهم لكن للأسف كان تصرف المتهمين سيئاً.. وقد جاء رفضى للدفاع عنهم لأننى سوف يسألنى الله عنهم يوم القيامة وعن الدماء التى سالت أيضاً فقد رفضت الدفاع عن المتهمين بقتل الجنديين عند مزلقان النجيلى «وهو بين روض الفرج والسبتية.. وقد حدثت هذه الواقعة فى شهر إبريل 1993 حيث قام أحد المتهمين وآخرين بزيارة الجنديين اللذين قاما باستقبالهم وعمل شاى لهم.. لكن للاسف المتهمين قاموا بقتل الجنديين لذلك رفضت تماماً الدفاع عن هذا المتهم القاتل وزملائه القتلة. ما حقيقة عمليات القبض العشوائى التى كان تنفذها الأجهزة الامنية فى النظام السابق؟ - كان ذلك يحدث بالفعل خاصة خلال الفترة من 1987 حتى 1989 و لعل قضية الناجون من النار أبلغ مثال على ذلك فقد تم القبض على 700 شخص تقريباً بطريقة عشوائية ومعظم من تم القبض عليهم كانوا من محافظات القليوبية والجيزة والمنوفية وعدد بسيط منهم فى الصعيد ورغم كل عمليات القبض العشوائى فإن أمر الإحالة إلى المحاكمة تضمن 33 متهماً فقط.. بل ان أحد من تم إلقاء القبض عليهم كان مهندساً من أكفأ ضباط الفنية العسكرية وكان عائداً لتوه من بعثة بأمريكا وتم إلقاء القبض عليه وفصله من عمله والزج به فى القضية بل إن عدداً كبيراً من المتهمين كانوا لا يجيدون القراءة والكتابة والتهم الموجهة لهم إصدار كتب تتضمن آراء تكفيرية بل ان أحد المتهمين من شدة التعذيب قال: أنا لا أصلى ومستعد أن أسب الدين ليثبت أنه برىء وفى النهاية صدرت أحكام بالبراءة لمعظم المتهمين عدا 14 شخصاً ما بين المؤبد والحبس 3 سنوات وتم تداول هذه القضية لمدة عامين وكان القاضى الذى ينظر القضية هو المستشار عمر العطيفى وهو من القضاة الذين لهم اتجاه مسبق فى الأحكام وقد كشفت هذه القضية الاتجاه السيئ لنظام حسنى مبارك، فقد حدثت تلفيقات غير مسبوقة فى القضية لدرجة أنهم اتهموا البعض بأنهم وراء محاولة اغتيال «مكرم محمد أحمد» وأثبتوا أنهم قاموا بتناول مشروبات غازية عند أحد الأكشاك وأن الطب الشرعى أثبتت ذلك وبالفعل من شدة التعذيب اعترف المتهمون.. حتى حدث ان ألقوا القبض على المتهمين الحقيقيين وللأسف لم ينشر هذا الخبر وأخفوه.. وحصل هؤلاء المتهمون الذين تم تعذيبهم على أموال طائلة من الدولة كتعويض عن تعذيبهم وهذا يبين تواطؤ الطب الشرعى مع النظام السابق وهو ما ظهر أيضاً فى قضية خالد سعيد، وكذلك مقتل السيد بلال وغيرها. حدثنا عن المراجعات الفكرية التى قام بها قادة الجماعة الإسلامية فى السجون.. كيف بدأت وما الهدف منها؟ - على اسماعيل: للأسف الشديد أن النظام السابق نجح فى تحفيز الشارع المصرى كله ضد ما هو اسلامى بدون تمييز وخاصة خلال الفترة من 19 مايو 1988 وحتى 1996 وهو العام الذى شهد مقتل اللواء رؤوف خيرت وكيل مباحث أمن الدولة آنذاك فهذه الفترة سالفة الذكر كان أسوأ الفترات كل من يعتقل لا يخرج نهائياً البعض صدرت له أحكام بالافراج عام 1988 ولم يفرج عنه إلا عام 2006 وقد صدرت فى احدى المرات قرارات اعتقال لأكثر من 100 شخص وفى احدى السنوات كان عدد التظلمات أكثر من 80 ألف تظلم، وقد أعلنت بنفسى مبادرة وقف العنف (المراجعات الفكرية) فى أواخر عام 1996 فى محكمة شمال القاهرة أثناء نظر قضية حدائق القبة وشاركنى فى الاعلان عن المبادرة خالد ابراهيم القوصى من تنظيم أسوان وكان ذلك أول بيان يصدر من الجماعة الإسلامية بأنها تأمر بوقف العنف لحقن الدماء وللتهدئة بينها وبين السلطة ثم صدر بيانان آخران قمت بإعلانهما فى المحكمة العسكرية – ومحكمة جنوبالقاهرة وكانت أجهزة الدولة تتلقى هذه البيانات بتوجس.. لأنهم لم يكونوا يعلمون أن التراجع عن الأفكار تم بموجب قرارات لقادة الجماعة فى السجون, واتضح بعد ذلك أن هذه المراجعات قُدمت قرباً لله وليس للهرب من السجون بل ان هؤلاء القادة الذين طرحوا هذه المراجعات الفكرية (مبادرة وقف العنف) قضوا بعد هذه المبادرة 10 سنوات فى السجون حتى انتهت العقوبة، وقد صدر البيان الأول لمبادرة وقف العنف باسم قادة الجماعة الإسلامية وكان على رأسهم الشيخ كرم زهدى، والشيخ ناجح ابراهيم، والشيخ عصام دربالة، والشيخ فؤاد الدواليبى، والشيخ على الشريف، والدكتور صفوت عبد الغنى وعندما تم عرض المبادرة على حسن الألفى وزير الداخلية آنذاك.. وعرضها بدوره على أحمد العادلى رئيس مباحث أمن الدولة آنذاك الذى لم يبد أى مرونة.. فبدأ قادة الجماعة الإسلامية فى عرض المبادرة فى صورة مؤلفات.. وهنا دخل فى الحوار معهم المرحوم اللواء أحمد صفوت القيادى بمباحث أمن الدولة وناصر هذه المبادرة حتى نجحت بالفعل حتى ان الجماعة الإسلامية نعته عند وفاته لدوره فى انجاح هذه المبادرة لكن أقول بصدق ان الصفين الثانى والثالث من الجماعات الإسلامية خرجوا من المعتقلات وهم الذين كانوا معارضين للمبادرة، أما قادة المبادرة فلم يتم الافراج عنهم إلا فى مواعيد خروجهم من المعتقل. كم بلغ عدد المعتقلين الإسلاميين فى عهد النظام السابق؟ - على اسماعيل: لقد بلغ عدد المعتقلين الإسلاميين فى الفترة من 1993 وحتى 2002 حوالى 60 ألف معتقل سياسى، حيث تكاد تكون مصر تحولت لسجن كبير وقد تم الزج بهؤلاء فى السجون المصرية خاصة ان سجون طرة وحدها يصل عددها إلى 12 سجناً. تعرضت انت شخصياً للاعتقال أكثر من مرة حدثنا عن هذا الأمر؟ - على اسماعيل: بالفعل تم القبض علىّ عدة مرات ومنها عام 1989 حيث تم احتجازى لعدة ساعات فى محكمة جنوبالقاهرة عندما حضر إلى المحكمة د. عمر عبد الرحمن لمتابعة قضية الضباط الذين قاموا بالتعذيب وكان عددهم 44 من الضباط وأمناء الشرطة وتم القبض على الدكتور عمر عبد الرحمن ولما اعترضت تم القبض علىّ لولا تدخل أحد الصحفيين الذى أقنعهم بالافراج عنى كما تم اقتحام منزلى 1992 للقبض علىّ فلم يجدونى فقام بأعمال ترهيب غير مسبوقة.. وكان قد سبق ذلك لفترة عمل كمين فى المنطقة المجاورة لمكتبى وكان يتم القبض على كل من يأتى لى من الموكلين.. ولما ضاق على الخناق.. لجأت إلى الأستاذ أحمد الخواجة نقيب المحامين آنذاك الذى اتصل باللواء مصطفى عبد القادر رئيس مباحث أمن الدولة آنذاك وقال له إننى سوف أسلم نفسى غداً وبالفعل يوم 9 مارس 1992 ذهبت مع الأستاذ الراحل أحمد الخواجة وهو أعظم من تولى منصب نقب المحامين إلى نيابة أمن الدولة العليا واستمر معى التحقيق من 11 صباحاً حتى 6 مساء وكنا فى شهر رمضان وقد صدر قرار بحبسى.. وكان قراراً سياسياً حيث كانت التهمة هى الانضمام إلى جماعة تستهدف قلب نظام الحكم وتم احتجازى فى زنزانة انفرادية معزولة فى سجن طرة ثم نقلونى إلى عنبر آخر فى ظروف بالغة السوء وظللت محبوساً لأكثر من شهر ونصف الشهر ولولا تدخل الراحل العظيم أحمد الخواجة لما خرجت.. حيث قام بعمل مؤتمر كبير فى نقابة المحامين كما هدد زملائى المحامين بالاعتصام وكان أعظم نقباء المحامين أحمد الخواجة يتصل بوالدى يومياً ليطمئنه وفى احدى المرات طلب مقابلة والدى حيث ذهب والدى إلى مكتب أحمد الخواجة نقيب المحامين وقام النقيب الخواجة بالاتصال بوزير الداخلية آنذاك محمد عبد الحليم موسى الذى رفض فى البداية وقال: إننى خطير إلا أن نقيب المحامين، قال له افرج عنه على ضمانتى وبالفعل تم الافراج عنى وتوجهت بعدها إلى الاستاذ احمد الخواجه لتقديم الشكر له ولجموع المحامين. هل تورطت الجماعات الإسلامية فى اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق؟ - على اسماعيل: بعض افراد الجماعة الإسلامية تورطوا فى اغتيال رفعت المحجوب لكن بتواطؤ مع النظام السابق.. وقد حضرت جلسات هذه القضية.. وكذلك فقد هرب أحد المتهمين بها وهو صفوت عبد الغنى وبعدها ظلوا فى عمل أكمنة فى الشارع الذى يقع به مكتب لأن صفوت عبد الغنى كانوا متأكدين انه سوف يتصل بى وعندما تم القبض على صفوت عبد الغنى مرة أخرى بدأ الكمين فى تخفيف قبضته على كل من يذهب لمكتبى. هل كانت أوامر الاعتقال تصدر على بياض؟ - على اسماعيل: نعم كانت تصدر من أمن الدولة بمعزل حتى عند وزراء الداخلية فيما عدا أسوأهم حبيب العادلى لأنه «تربية» أمن دولة والخطير فى قرارات الاعتقال انها كانت تصدر بلا أرقام أو مجرد ورق مطبوع ونادراً ما تكون الأختام موجودة والخطير أن جميع القرارات كانت تصدر بمادتين الأولى اعتقال الشخص الثانية: أن يتم التحفظ عليه فى مكان أمين ورغم انه من المفروض إرفاق مذكرة بأمر الاعتقال.. وكذلك أن يتم نشر أسماء المعتقلين فى الجريدة الرسمية وهو ما لم يحدث فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك اطلاقاً. ماذا تم فى قضية ال 44 من الضباط وأمناء الشرطة المتهمين فى قضايا تعذيب؟ - على اسماعيل: كان من بين المتهمين فى هذه القضية اللواء محمد عبد الفتاح عمر وغيرهم والمؤسف أن هؤلاء الضباط وأمناء الشرطة حصلوا على براءة وحصلت هيئة المحكمة كلها على مكافآت نظير هذا الحكم فرئيس المحكمة المستشار سليمان ايوب تم انتدابه لأعلى هيئة قضائية فى الكويت.. والمستشار عدلى حسين تم تعيينه محافظاً لعدة محافظات هى الوادى الجديد – القليوبية – المنوفية وكان الفتى المدلل لسوزان مبارك. ماذا فعلتم فى مواجهة إحالة المعتقلين إلى القضاء العسكرى؟ - على اسماعيل: حاولنا التصدى لهذا الأمر وعلى سبيل المثال قدمنا طعناً امام محكمة القضاء الادارى ضد احالة المتهمين فى قضية «العائدون من أفغانستان» وكانت أول قضية تحال للقضاء العسكرى، وبالفعل نظر هذه القضية المستشار العظيم طارق البشرى وأمر بوقف تنفيذ قرار إحالة المدنيين إلى القضاء العسكرى لكن ما يؤسف له ان المستشار محمد حامد الجمل و كان رئيس المحكمة الادارية العليا أصدر حكما بإلغاء هذا القرار فى يومين استجابة لطعن تقدمت به الحكومة حدث ذلك أواخر عام 1992 وهذا الحكم سُبة فى جبين النظام وأخطر ما فى هذه القضية هو الزج باسم بعض الشخصيات من التيار الإسلامى ظلماً وعدوانا بعد أن تأكدت أجهزة الأمن من رصدهم علاقات مشبوهة «نسائية» لعلاء مبارك وجمال مبارك وكذلك لأسامة الباز.. وهذا الأمر مؤكداً.. وقد صدرت أحكام قاسية منها أحكام بالاعدام. هل دافعت عن المتهمين الإسلاميين فقط؟ - على اسماعيل: لا فقد ترافعت فى قضية الحزب الشيوعى عام 1989 وأى شخص كان يتم القبض عليه فى قضايا الرأى كنت أسانده وقد تم تصنيفى على اننى محامى الجماعة الإسلامية. هل لديك مستندات تدين مسئولين فى النظام السابق؟ - على اسماعيل: نعم ولكن معظمها لن أقدمها الآن لأن النائب العام شارك فى قتل الحياة السياسية وهو نفسه الذى أفرج عن محمد ابراهيم سليمان وزير الاسكان الأسبق وهو الآن بعد الثورة الذى أمر بالقبض عليه.. لقد كان يجب ان تكون النيابة العامة هى الأمين على المجتمع فلا تنتظر قضايا فساد تأتى لها بل ان الدولة أفرغت كل القيادات القضائية لإفساح الباب أمام تولى عبد المجيد محمود لمنصب النائب العام. ما رأيك فى دعوة البعض لدولة دينية هل توافق؟ - على اسماعيل: لا أوافق وانا اقول انها دعوة فى غير محلها، فالدولة الدينية ليست من الإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة اتجه لمدنية الدولة، حيث انه رفض ان يكون فى خصومة مع المقيمين فى المدينةالمنورة ولذلك قام بعمل ميثاق المدينة والذى تضمن أطرافاً اخرى هم اليهود وأهل المدنية وهذه الوثيقة اقرار بمدنية الدولة كما أن مبدأ التعايش السلمى من أعظم المبادئ بحيث يكون هناك تعايش بين المسلمين وغير المسلمين مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم» أى تحسنوا إليهم.. وهذا يصلح بالطبع مع الإخوة الأقباط فى مصر لكن لا يصلح مثلاً مع الصهاينة، فقد صان الإسلام حقوق الأقباط بل كان الرسول يخاطبهم بأدب جم فكان يكتب من محمد رسول الله إلى الملك العظيم النجاشى ومعروف أن الحبشة وملكها من الأقباط كما بعث خطاباً إلى المقوقس فى مصر وكانت دولة قبطية قال فيها من محمد إلى عظيم القبط فى مصر.. وتشهد كتب السيرة ان الرسول كان ودوداً مع غير المسلمين وزار يهودياً عندما مرض وكان يسأل عن صحة اليهودى الذى كان يرمى له الأذى فى الطريق. أنت تترافع عمن فى قضية الفتنة الطائفية بإمبابة؟ - على اسماعيل: أترافع عن الجميع من المسلمين والمسيحيين، حيث قلت كلمة الحق أنه لا يجوز محاكمة هؤلاء وفقاً لقانون الطوارئ، فى حين أن القتلة من النظام السابق يحاكمون أمام المحاكم العادية وقدمت مذكرة أمام المحكمة فى صالح المتهمين وقلت إنه لم يتم ضبط طلق نارى فارغ مع المسيحيين وأن محاكمة المسلمين والمسيحيين فى القضية أمام محكمة أمن الدولة العليا هى محاكمة غير عادلة وأقول إننا ضد حرق الكنائس وضد الاعتداء على ممتلكات أى مسلم أو مسيحى.