محافظ الشرقية يتفقد أعمال رصف ورفع كفاءة طريق النكارية القنايات    البنوك تُخطر عملاءها بتحديث الأنظمة استعدادًا للتوقيت الشتوي    «قوة اقتصادية للأهلي».. رسالة عبد الحفيظ للخطيب وياسين منصور    سيدة تشعل النار في جسدها بالمحلة    حالة الطقس في الإمارات.. أجواء غائمة ورطوبة عالية    اليوم.. عرض خاص في نقابة الصحفيين لأفلام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فيلم فيها إية يعني يحقق 70 مليونا و318 ألف جنيه في 4 أسابيع    مؤسسة سيدة الأرض تعقد شراكة مع مهرجان روتردام للفيلم العربي لتعزيز الحضور الفلسطيني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 256 بعد استشهاد صحفي في غارة إسرائيلية    الأمين العام للإنتوساي: مصر تؤدي دورًا رياديًا في ترسيخ الشفافية والسلام    الفحوصات تثبت إصابة مصطفى فتحى بمزق فى الخلفية ويغيب 4 أسابيع    محمد فاروق: محمد السيد طلب 10 مليون جنيه للتجديد وجون إدوارد مستمر    نقيب المعلمين ينعي مدرسا توفي بأزمة قلبية في الشرقية    مصر تحقق توافق أفريقي حول قواعد المنشأ بإتفاقية التجارة الحرة القارية    لخلافات بسبب المزاح.. ضبط 3 طلاب تشاجروا بالأسلحة البيضاء أمام مدرسة بأسيوط    ضبط 4 عاطلين كونوا تشكيلا عصابيا للإتجار بالمواد المخدرة بشبرا الخيمة    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    وزيرة التضامن: ندعم الأسر المنتجة ونستهدف تنمية الموارد الاقتصادية لها    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السوداني تطورات الأوضاع في مدينة الفاشر    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    كارول سماحة: افتتاح المتحف المصري الكبير ناطرة تاريخية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    الأونروا: المساعدات لغزة تضاعفت لكنها نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    ملفات ساخنة على طاولة أول لقاء يجمع المستشار الألمانى ورئيس تركيا    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    صور | جامعة الوادي الجديد تنظم ملتقى توظيفي لشركات القطاع الخاص والجهات البحثية والحكومية    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي على طريق أسيوط الغربي    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    الذكرى الأولى لرحيل حسن يوسف.. «ولد شقي» عاش للفن ومات بقلب مكسور    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تماسيح الفراعنة تهدد بإنهاء عصر ذئاب الجبل
نشر في الوفد يوم 22 - 02 - 2017

قرية الدم تدخل تاريخ الاكتشافات الأثرية للمرة الثانية بخبيئة من التماسيح المحنطة فى «جبل الطارف»
ماذا تكتب عن قرية ذات تاريخين.. الدم والإجرام أم الحضارة؟! دماء الأبرياء المسفوكة لصالح عادة الثأر وصراخ المترملات ووجع الفقد عند جيل من الأيتام المتأهبين للقصاص منذ الطفولة. وتجنيد الأشقياء فى زمن «مبارك» للإيقاع بعناصر جماعات الإرهاب فى زراعات القصب، وسوق السلاح السرى وتجارة المواد المخدرة. وما بين الدم والإجرام، والحضارة والتاريخ مسافة قليلة لا تتعدى الكيلو متر حيث جبل «طُريف» أو «الطارف» هضبة جبلية تمتد من الأقصر جنوباً حتى سوهاج شمالاً، يصنفها الجغرافيون أنها خزانة الآثار التى حفظت نفسها بنفسها من قسوة الطبيعة وعبث اللصوص.
هى «حمرة الدّوم» اسماً وصفةً، تتخذ لنفسها موقعاً جغرافياً وعراً فى تخوم جبل الطارف ضمن سلسلة من القرى، وتبتعد كيلو مترات قليلة شرق مدينة نجع حمادى ونحو 45 كيلو متراً عن مدينة قنا شمالاً، كانت من توابع قرية «فاو» التاريخية ثم فُصلت عنها سنة 1905 لتتبع مركز نجع حمادى، وحاقت بالقرية وجارتها «أبو حزام» سمعة سيئة منذ عقود بسبب استغراقهما فى عادة الثأر وتجارة واقتناء السلاح، والقبلية، وكونهما موطناً لبعض الأشقياء قديماً.
فى سنة 1945 من القرن الماضى، كان مزارع من قرية «حمرة الدّوم» ينقب فى أسفل جبل الطارف لعله يجد كنزاً وبالفعل وجد جرة من الفخار سارع بكسرها فوجد بها مخطوطات قديمة فأهملها وسلمها لأمه لتستخدمها وقوداً لإحماء الفرن البلدى، وكانت هذه مخطوطات الفلسفة الغنوسية المسيحية المحفوظة بعضها فى المتحف القبطى حالياً، وبالصدفة أيضاً كان مفتشو الآثار المصرية فى جولة روتينية على المنطقة الأثرية فى جبل الطارف فى مطلع الشهر الجارى، فعثروا على بقايا مواد تحنيط فتشككوا فى الأمر كونها قد تكون مستخرجة من الجبل، أبلغ المفتشون رؤساءهم وتتبعوا أثر مواد التحنيط حتى عثروا على خبيئة من مومياوات التماسيح المحنطة.
كان التمساح يرمز للمعبود «سوبك» وعُبده الفراعنة لسببين: لإتقاء شره كحيوان مخيف ورمزيته الدينية فى محاكمة الموتى فى العالم الآخر كان حيث مكلفاً بالتهام قلوب المذنبين حسب المعتقدات المصرية القديمة، وبوصفه كائناً يعيش فى نهر النيل رمز الخير، وكان من أشهر المعبودات واكتشف له مركزان لعبادته فى الفيوم وكوم أمبو بأسوان، حيث عثر على جبانات تحوى مومياوات للتماسيح فيهما.
عثر المفتشون فى اليوم الأول للحفائر على 4 مومياوات لتماسيح محنطة بلغ طول أحدها أربعة أمتار، وأصغرها 12 سم، ونقلت فى اليوم نفسه إلى المخازن المتحفية لحفظها ودراستها وتأريخها، وفى اليوم التالى على حجرتين بهما مومياوات لتماسيح محنطة أيضاً، كما اكتشف سرداب طوله 30 متراً لتزيد معه الغرف المكتشفة إلى 6 غرف أو دفنات استخدمت لدفن المعبود سوبك فضلاً عن العثور أوانٍ فخارية وأدوات تحنيط، ويبدو أن «جبل الطارف» قرر البوح بكنوزه حيث بدأت تتكشف أمام المفتشين 3 غرف جديدة بعد أن امتد السرداب فى باطن الجبل إلى طول 120 متراً، ويصل عدد غرف الدفنات إلى 9 غرف منها واحدة استخدمت كمعمل للتحنيط، ثم أوقفت الآثار الحفائر وطلبت ميزانية من الوزارة لاستئنافها بعد أن بلغ عدد التماسيح المكتشفة 21 تمساحاً محنطاً فى حالة جيدة.
لم تكن منطقة «جبل الطارف» محل الاكتشافات، فى العصور القديمة بعيدة عن نهر النيل وهو ما يفسر العثور على خبيئة التماسيح المحنطة، فنهر النيل له خصوصية فى قنا، حيث يُشكل إقليماً متكاملاً جغرافياً ويطلق عليه «ثنية قنا» ويبدأ من هضبة طيبة وينتهى عند جبل الطارف شرق نجع حمادى، حيث يأخذ الاتجاه الشرقى الغربى ثم الشمالى الغربى فى نجع حمادى، وعلى مر العصور حدثت تغيرات جيوموفولجية لتغير مجرى النهر.
يقول الدكتور إبراهيم الدسوقى أستاذ الجغرافيا وعميد كلية الآداب السابق بجامعة جنوب الوادى إن العثور على خبيئة للتماسيح فى منطقة جبل الطارف يحتم بالضرورة وجود بيئة مائية تعيش فيها التماسيح، مفسراً أن «سوبك» عُبد فى منطقتين مائيتين ووجدت له فيهما جبانات وهما الفيوم حيث بحيرة «موريس قارون»، وفى كوم أمبو حيث حوض كوم أمبو وهو بيئة مائية أيضاً.
وعن وجود بحيرة فى منطقة الطارف يشير الدسوقى إلى أن وجود بيئة مائية قديمة فى المنطقة أمر مؤكد، مرجحاً وجود بحيرة نيلية اندمجت فى النيل بفعل التغيرات الجغرافية على مر العصور وكان ذلك منذ 4 آلاف سنة تقريباً، أو عاشت التماسيح فى مجرى نهر النيل نفسه باعتبار أن التمساح النيلى كان يعيش فيه، قبل إقامة خزان أسوان والسد العالى، ثم احتجزت التماسيح بفعل ذلك فى بحيرة ناصر.
وحسب متخصصين فى المصريات فإن الفراعنة اعتنوا بإقامة جبانات للحيوانات المقدسة حسب المعتقدات المصرية القديمة، و توجد فى مصر 7 جبانات للحيوانات فى خمس محافظات وهى.. الكباش فى الفنتين جنوب مصر، وترمز للمعبودين آمون وخنوم، والتماسيح وترمز للمعبود سوبك وتوجد فى الفيوم وكوم أمبو بأسوان، وجبانة العجل المقدس الذى يرمز للمعبود «كا موت» فى أرمنت، وجبانة الغزلان للمعبودة «عنقت»، وجبانة الكلاب فى أبيدوس بسوهاج للمعبود «أنوبيس»، وجبانة القطط للمعبودة «باستت» فى تل بسطة بالشرقية، ويرجح الباحثون كون خبيئة جبل الطارف هى الجبانة الثامنة للحيوانات والثالثة للمعبود «سوبك» فى مصر.
كانت منطقة «حمرة الدوم» فى العصر الفرعونى تقع إلى الشمال الشرقى من قرية «هو» عاصمة الإقليم السابع من أقاليم مصر العليا فى الحقبة الفرعونية، تقع شمال مدينة قنا حالياً، وكأى كمنطقة جبلية اختيرت لتكون مقابر للموتى فى ذلك الوقت، وحسب مصادر تاريخية فإن مقابر «حمرة الدوم» الصخرية تم نحتها فى باطن الجبل فى عصر الدولة القديمة وتحديداً فى عهد الملك «بيبى الثاني» من ملوك الأسرة السادسة الفرعونية، وهى تخص أشراف وأعيان تلك الفترة، وهى تقع على بعد كيلو متر واحد من موقع الاكتشافات الجديدة فى «جبل الطارف».
ورغم وجود مقابر فرعونية لنبلاء إقليم «حوت سخمو إي» الفرعونى فى جبل الطارف إلا لم تستحوذ على اهتمام هيئة الآثار المصرية فى ذلك الوقت وتُركت المنطقة ليعبث بها لصوص الآثار والباحثين عن الكنوز، وفى العامين 1974 1975 وُفدت بعثة أمريكية تابعة لمنظمة اليونسكو برئاسة عالم المصريات «جيمس روبنسون» و «تورنى سودربرغ» أستاذ المصريات فى جامعة «أوبسالا» فى السويد وعضو الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، وعكفت تلك البعثة على دراسة المقابر وأحصت عددها بنحو 158 مقبرة فرعونية، ومنها مقبرتا النبيلين «ثاوتي» و«أيدو» المنهوبتين، ونُشر «تورنى سودربرغ» أول دراسة علمية عنها بعنوان «مقبرة المملكة القديمة فى حمرة الدوم والقصر والصياد»، ولم تترجم للغة العربية حتى وقتنا هذا.
كانت يد وزارة الآثار المصرية مغلولة تجاه كنوز جبل الطارف فى السنوات التالية سواء بتأمين نتائج البعثة الأمريكية أو استكمال الدراسات عن المقابر أو حراستها، حيث كانت «حمرة الدوم» منطقة ملتهبة أمنياً وانتشرت فيه تجارة المخدرات والسلاح وتنامت الخصومات الثأرية بشكل مفزع، ولجأت الدولة إلى الحلول الأمنية دون سواها فى التعامل مع تلك القضايا.
يأتى اكتشاف خبيئة المعبود «سوبك» فى قلب جبل الطارف الذى لم يبح بكل كنوزه، ليقدم فرصة جديدة لتنمية المنطقة اقتصادياً وسياحياً وإنهاء حالة العزلة للقرى الواقعة فى محيط جبل الطارف، ومن بينها «حمرة الدوم» تزامناً مع المطالب الشعبية التى تصدرها الحملة الشعبية لفتح متحف نجع حمادى الإقليمى «افتحوا متحف الأمير يوسف كمال فى نجع حمادي» لإدخال السياحة إلى مركز نجع حمادى فى محافظة قنا، بتنفيذ مشروع المتحف الإقليمى فى المجموعة المعمارية للأمير يوسف كمال المعطل تنفيذه منذ سنوات طويلة، وتخصيص قاعة لعرض مكتشفات جبل الطارف بالمتحف، وفتح منطقة المقابر الفرعونية فى جبل الطارف للزيارة ضمن خريطة سياحية وضعتها الحملة الشعبية لزيارة المواقع الأثرية المختلفة الحقب التاريخية فى شمال قنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.