وسط دروب الجبل الوعرة، حيث تكمن الأسرار، يأخذك الطريق صعودًا، أعلى ربوة مرتفعة في جبل الطارف، بين وادٍ متسع، مليء بالمنحدرات الصخرية، والتي تنبعث منها رائحة الماضي السحيق، حيث على الأرض اتجاهات، وبجوارها بلدان وناس، وتحفظ بينها أحلامٌ وحكايات وأساطير، حقائق وأسرار، هذا ما رصدته "الفجر" في رحلتها في بطن جبل الطارف، بمركز نجع حمادي، شمال محافظة قنا، في صعيد مصر، بحثُا عن الحقيقة في اختفاء عدد من مقتنيات إحدى المقابر التي عثر عليها الأسبوع الماضي بالقرب من قرية "عزبة البوصة". بدأنا رحلتنا في تلك الأرض الخصبة، التي تحوي أسرارًا وأسرار حول الفرعوني القديم، والمليئة بزخم النبل الفواح الكامن بين أضلع جبل الطارف، أحد سلاسل جبال البحر الأحمر، الذي يلامس تفسيرات الباحثين، حول تلك المنطقة التي تحوي أسرار مقبرتي النبيلين «ثاوتي» و«أيدو»، والتي تكشف عن قيمة قبوع المصري القديم، وبقاءه في سهول الجبال بصعيد مصر. تخفينا بين أهالي القرية، بعد أن علمنا منع الجهات المسئولة تواجد الصحفيين أو الإعلاميين بالمنطقة التي اكتشفت فيها إحدى المقابر التي أرجعها الباحثون إلى عصر الإله "سوبيك التمساح"، لتسهيل تلك المهمة الصعبة، للكشف حول ملابسات ذلك الكشف الأثري العظيم. "التنقيب عن المعلومات وسط التنقيب عن الآثار" بينما كانت الجهات المعنية بهيئة الآثار المصرية، تطلب العون من الأهالي لحمل ما عثر عليه من تماسيح محنطة وحيوانات أخرى، في الخبيئة الخاصة بجبل الطارف، وبينما كان الباحثين ينقبون عن آثارهم، كنا ننقب أيضًا عن معلوماتنا للوصول إلى الحقيقة الكامنة وسط "بقايا" المقبرة التي عثر عليه. "سرقها اللصوص" كلما اقتربنا إلى أعلى الجبل، لمعت الحقيقة، حيث أوضح احد المسؤولين بهيئة الآثار المصرية، ان تلك الخبيئة التي ترجع إلى عصر النبيلين إيدو وثاوتي، في الأسرة السادسة، ربما قد تلاعب بها اللصوص، والتي عثر عليها مفتشو الآثار بالمنطقة، بعد تتبع قطع الكتان المتناثرة، والتي دللت قطعيًا على وجود تلاعب بتلك الخبيئة التي عثر فيها على 14 تمساحًا محنطًا بأطوال مختلفة، بلغ أطول واحد فيها 4 أمتار. "اكتشاف الأمر" وفي تلك اللحظات، اكتشف أحد المسؤولين أمرنا، ونحن ننقب عن معلومات حول تلك الخبيئة المليئة بالأسرار، ليتم منعنا بعد ان تم الكشف عن تاريخ كبير، يقبع بين أحضان الجبل، ويستتر عن العيون، مؤكدين ان البحث ما زال مستمرًا، حتى وإن كان قد تلاعب بها اللصوص. فكلما اقتربنا إلى منطقة جبل الطارف، أفصحت عن سيماها وباحت بمكنونها، واستجابت لمحاولة إثبات موقعها على الخارطة السياحية والاثرية، التي تشكل وطنًا هو جدير بالبحث والتنقيب فيه، فجنوب صعيد مصر، ليس هو الخشونة والثأر، ومطاريد الجبل، فذلك محض هامش، يتضائل على متنٍ من صفاء "الشموخ"، واستقامة الرجولة، وصلابة إرادة بناء الحياة، فبالتفتيش في تلك الوجوه المسنونة بين اعالي الجبال، حكايات النبلاء والأمراء، أسرارهم وذكريات، فتترك علامتها على الوجوه، دون ان تغيب لمعته في "العيون". "تنديدات بالسرقة" بينما اعتبرت الحملة الشعبية لفتح متحف نجع حمادي الإقليمي "افتحوا متحف الأمير يوسف كمال في نجع حمادي" إن وزارة الآثار ليست المسئولة وحدها عن التقصير في حماية المقابر الصخرية بالمنطقة الجبلية المتاخمة لقرية «حمرة الدوم» شمال قنا، والتي تعود إلى عصر الأسرة السادسة من الدولة القديمة في الحقبة الفرعونية. وأضافت أن المقابر تعرضت في فترات متفاوتة لعمليات تنقيب ونهب لمحتوياتها بسبب وعورة المنطقة الجبلية الموجودة بها المقابر وصعوبة تأمينها من قبل وزارة الداخلية، مما جعلها عرضة للسرقة والعبث، مبينًا أن المنطقة لم تكن أمنة لعمل الفرق الفنية في وزارة الآثار ومباشرة أعمالها في التنقيب وتأريخ المقابر الصخرية المنحوتة في قلب جبل الطارف شرق مدينة نجع حمادي في الماضي. وتابعت الحملة أن المنطقة الواقعة فيها المقابر الصخرية الفرعونية ومنها مقبرتي النبيلين «ثاوتي» و«أيدو»، تعاني من تبعيات تهميش محافظات الصعيد وغياب التنمية الحقيقية، وندرة فرص العمل واستغرقها في عادة الثأر والخصومات الثأرية المتتابعة وما يتبع ذلك من اقتناء الأسلحة النارية الغير مرخصة. "مطالب بوضعها على الخارطة السياحية" وقال أمير الصراف الباحث في شؤون الصعيد ومؤسس الحملة، إن «افتحوا متحف الأمير يوسف كمال» اقترحت خريطة سياحية للمناطق والمواقع الأثرية تكون متاحة لزيارة الوفود الأجنبية الزائرة في نجع حمادي، وأنها تشمل متحف الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي، والمساجد العمرية في قريتي «هو» و«بهجورة» ومسجد الأمير همام بن يوسف أو شيخ العرب همام وقلعته الحربية في مركز فرشوط، وأديرة «الأنبا بضابا» و«الأنبا بلامون» ومقابر قرية «حمرة الدوم» الصخرية، وذلك لإيجاد تنوعًا لدي السياح وإبراز أثار الحقب التاريخية المختلفة في المنطقة. وأشار إلى أن مقترحات الحملة لم تجد جدية في تنفيذها من وزارة الآثار، رغم موافقة الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق علي فتح متحف نجع حمادي الإقليمي، غير أن نقص الاعتمادات المالية في الوزارة أجل تنفيذ المشروع، واستطرد أنه إذا لم تكن هناك إمكانية لوضع مقابر «حمرة الدوم» كموقع مفتوح للزيارة فلابد من تخصيص قاعة عرض لمكتشفات المنطقة في متحف نجع حمادي الإقليمي مستقبلا. "دخل اقتصادي وتنمية للصعيد" وأورد أن تنفيذ مشروع الخريطة السياحية المقترحة من الحملة الشعبية لفتح متحف نجع حمادي الإقليمي مدخل حقيقي وجاد للتنمية الاقتصادية والثقافية في المنطقة ويتواكب مع اتجاهات الدولة المصرية في تنمية محافظات الصعيد، وقال « تغير التركيبة المعيشية وإحلال التجديد الثقافي مرهون بتنمية الواقع الاقتصادي في أي مكان» موضحًا أن منطقة حمرة دوم لو وجدت تنمية حقيقة ما كانت تتحول إلى بؤرة ملتهبة وغير أمنة.