ما أن أُعلن عن فوزر "دونالد ترامب" برئاسة أمريكا في نوفمبر الماضي، حتى اشتعلت التظاهرات في معظم ولايات أمريكا احتجاجًا على تنصيبه رئيسًا، إلا أن ولاية "كاليفورنيا" هي الوحيدة التي دعت إلى فكرة الانفصال والاستقلال بذاتها. الاحتجاجات التي تلت إعلان فوز "ترامب" وصلت إلى حد وقوع أعمال عنف وشغب، بعدما وصل تعداد المتظاهرين إلى 3 آلاف متظاهر، ومقتل إحداهم بطلق ناري واعتقال اثنين آخرين، الأمر الذي دفع كثيرون لوصف الأحداث بأنها بداية الربيع الأمريكي. تنوعت انتماءات المتظاهرين السياسية، إلا أن تحالف "أنسر" هو الذي قادها ودعا إلى فكرة الانفصال من البداية، ورفع شعار: "ترامب ليس رئيسي والحب يجلب الكراهية". وأكد وقتها التحالف أن تظاهراتهم ستكون الأطول في تاريخ أمريكا منذ حركة "احتلوا وول ستريت"، وانتشرت التظاهرات سريعًا في كل ولايات أمريكانيويورك ولوس أنجلوس. ودشن المحتجون موقعًا باسم "yescalifornia" دعوا من خلاله الأمريكيين إلى الذهاب لصناديق الاقتراع في 2019، والتصويت لصالح خروج الولاية، ووضعوا مجموعة من الإجابات على الأسئلة التي تدور في رأس المواطن الأمريكي. ودشنوا حركة أخرى اسموها "نعم كاليفورنيا"، التي دعت إلى اجراء استفتاء حول انفصال الولاية الأمريكية حتى يرحل "ترامب"، لإجراء استفتاء على انفصال الولاية عن أمريكا. وبدأت تلك الحملات تباعًا في جمع التوقيعات اللازمة لإجراء استفتاء يقرر فيه الناخبون ما إذا كانوا يريدون البقاء في الولاياتالمتحدة أو الانفصال عنها. وأعلنت أنها دمعت 600 ألف توقيع، لكي يتم إدراج هذا المطلب بشكل رسمي على التصويت العام خلال الانتخابات المقبلة، مؤكدة أنها تضم 7000 متطوع مستعدون لجمع التوقيعات من الشوارع. ويمكن للولاية الانفصال قانونيًا إذا تم تقديم اقتراح بتعديل ووافق عليه ثلثي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وفي حال إقراره فإنه سيتم إرساله إلى الهيئة التشريعية لكل ولاية من الولايات الخمسين، لموافقة ما لا يقل عن 28 ولاية. وتعتبر ولاية "كاليفورينا" من أهم الولاياتالأمريكية، بسب تعداد سكانها الكبير، وطبيعتها الجغرافية المتميزة ومناخها النادر، إلى جانب قوة اقتصادها الذي يصنف وحده بعيدًا عن أمريكا تاسع أقوى اقتصاد عالميًا. كل ذلك يؤهلها للانفصال وإعلانها جمهورية منفصلة، فضلًا عن رواج الفن وسينما "هوليود" بها ما جعلها تلقب بالولاية الذهبية. على صعيد جغرافيتها، فالولاية تقع على الساحل الغربي، وتحدها شمالًا ولاية "أوريجون"، ومن الشمال الشرقي ولاية "نيفادا"، وفي الجنوب الشرقي ولاية "أريزونا"، و"باخا كاليفورنيا" المكسيكية من الجنوب، والمحيط الهادي من الغرب، وتملك نحو 58 مقاطعة بمساحة 423 ألفًا و970 كم مربعًا، كثالث أكبر ولاية. وموقعها المتميز، جلعها تملك مناخًا أكثر تميزًا، حيث يتسم بالتنوع ويشهد فصل شتاء باردًا وممطرًا وصيفًا جافًا، وتؤثر السلاسل الجبلية في الولاية على المناخ، حيث إن مناطقها الأكثر غزارة في الأمطار هي التي تواجه غرب المنحدرات الجبلية. أما السكان، فيبلغ تعدادهم أكثر من 38 مليونًا و802 ألف نسمة، وتتوزع عرقياتها ب57.6% من البيض، و19.3% من أصل أمريكي لاتيني، و13% من أصل آسيوي، و6.2% من السود الأفارقة، إضافة إلى أعراق أخرى. وتاريخيًا.. يعتبر البرتغالي "خوان رودريجيز كابريو"، أول أوروبي اكتشف ساحل المنطقة عام 1542، وأسس الإسبان ابتداءً من عام 1697 مستعمرات بها، ويعني اسمها "الجنة الخيالية" المأهولة بالنساء المقاتلات من "الأمازونيات السود" والتي حكمتها الملكة "كاليفيا". ثم أصبحت مقاطعة مكسيكية منذ استقلال المكسيك عن أسبانيا عام 1821، وفي عام 1846 أعلنوا الاستقلال رسميًا بقيادة "جون فيرمونت" ورفع علم جمهورية كاليفورنيا. لكن حربًا وقعت في العام نفسه بين أمريكاوالمكسيك، ومع انتهاء الحرب أضحت الأخيرة ضمن أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية ورفع عليها الحكم الذاتي وانضمنت للقانون الاتحادي. وتعرف كاليفورنيا بأرض الذهب، ففي عام 1848، تم اكتشاف مخزونات الذهب بها، ما دفع الكثيرون للانتقال إليها، فبين عامي 1848 و1855، انتقل ما يزيد على 300 ألف شخص إلى هناك. وتدفع ولاية كاليفورنيا النسبة الأعلى من الضرائب بين الولاياتالأمريكية، حيث تسدد سنويًا ضرائب تبلغ 16 مليار دولار وهو ما يتجاوز الميزانية التي يخصصها لها المركز الفيدرالي.