اثار إعلان وزير الاستثمار داليا خورشيد عن إلغاء المناطق الحرة ضمن التعديلات الخاصة بالمسودة الثانية لمشروع قانون الاستثمار الجديد، جدل حول مضار وفوائد التخلى عن تلك المناطق. وقالت «خورشيد»، خلال مؤتمر صحفى عقد بمقر مجلس الوزراء، إن القانون الجديد لغى المناطق الحرة، لكنه أضاف مناطق تكنولوجية لزيادة الاستثمار فى تكنولوجيا المعلومات. ورغم خطورة الإعلان عن إلغاء المناطق الحرة إلا أن وزيرة الاستثمار لم تُبين أسباب القرار أو مصير الشركات العاملة بالمناطق الحرة سواء العامة أو الخاصة وما إذا كانت هناك خطة لاستيعاب العمالة التى قد تواجه البطالة جراء هذا الإجراء. والمناطق الحرة - طبقا للتعريف الحكومى - هى جزء من أراضى الدولة يدخل ضمن حدودها السياسية ويخضع لسلطتها الإدارية، وتختلف أوجه التعامل الخاصة بحركة البضائع دخولاً إليها وخروجاً منها جمركياً واستيرادياً ونقدياً إلى غيرها من أوجه التعامل عن الإجراءات المطبقة داخل البلاد على مثل هذه المعاملات، وفقا لأحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم «8» لسنة 1997. وهناك نوعان للمنطقة الحرة هما العامة وهى قطعة أرض محاطة بأسوار من جميع الجهات مخصصة لإقامة المشروعات الاستثمارية الصناعية والخدمية والتخزينية تخصص المساحات بها للمشروعات بنظام مقابل الانتفاع السنوي، وتبلغ عددها 9 مناطق على مستوى الجمهورية وتوفر 107 الاف فرص عمل. أما النوع الثانى فهو المناطق الحرة الخاصة وهى عبارة عن قطعة أرض تقع خارج نطاق المنطقة الحرة العامة تم تخصيصها لمشروع استثمارى واحد لعدم توافر مساحات بالمناطق الحرة العامة أو للتأثير الايجابى لهذا الموقع على اقتصاديات تشغيل هذا المشروع كضرورة قربه من مصادر المواد الخام أو أحد موانئ التصدير أو طريق برى سريع معين لاعتبارات تتعلق بنقل الخامات أو تصدير المنتجات، ويبلغ عددها 222 منطقة وتوفر 82 ألف فرصة عمل. وتعفى المشروعات المقامة داخل المناطق الحرة - الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج وواردات وصادرات المشروع - من الضرائب والرسوم الجمركية. ووفق تصريحات رسمية بلغت حجم الصادرات السلعية من المناطق الحرة 10.3 مليار دولار خلال «2014-2015» منها 7.4 مليار دولار من المناطق العامة، و2.9 مليار دولار من المناطق الخاصة، فضلا عن الصادرات الخدمية 5.9 مليار دولار منها 4.1 مليار دولار للعامة و1.8 مليار دولار للخاصة. وهناك فوائد لإلغاء المناطق الحرة كإلغاء الاعفاءات الجمركية والضرائب على الشركات العاملة بها وضبط سوق العملة الأجنبية داخل تلك المناطق، وفق خبراء اقتصاد تحدثوا للوفد، لكن آخرين حذروا من عدم وجود خطة لاستيعاب رؤوس أموال هذه الشركات والعمالة بها مطالبين بخطة اقتصادية محددة للمدى المتوسط والبعيد. قال الدكتور يسرى طاحون أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، إن العمل بنظام المناطق الحرة أثبت أن الشركات التى تدخل ضمن عمله هى سوق لتحويل العملة الأجنبية من الداخل إلى الخارج، ضاربا مثال: «إذا كانت هذه المناطق تُدخل 100 دولار للسوق المصرى فهى تضخ إلى الخارج 150 دولارا فضلا عن عمليات التهريب التى تحدث خارج أعين الرقابة الحكومية». غير أن طاحون حذر من تداعيات إلغاء المناطق الحرة فيما يخص تسريح عشرات الآلاف من العمالة وتعطيل رؤوس أموال الشركات العاملة بهذه المناطق، موضحا ضرورة وجود خطة ضابطة لإدارتها لتجاوز المشكلات الناتجة عن القرار. وبعيدا عن المناطق الحرة فأكد أستاذ الاقتصاد أن الاستثمار فى مصر يحتاج إلى خطة متوسطة وبعيدة المدى ترتكز على أهداف محددة يقوم على وضعها لجنة اقتصادية تُشكل من كفاءات المتخصصين وذوى الخبرة. وبدوره قال الخبير الاقتصادى الدكتور وائل النحاس إن مزايا إلغاء المناطق الحرة تتضمن القضاء على الإعفاءات الضريبية والجمركية التى كانت تتمتع بها وتخفيف الضغط على الدولار، لكنه فى الوقت نفسه لفت إلى التضييق على الاستثمار المحلى والأجنبى جراء هذا الإجراء. وأضاف أن وزيرة الاستثمار لم توضح موقف الشركات العاملة بالمناطق الحرة سواء العامة أو الخاصة وهو ما يعنى أنها تواجه المجهول. وأوضح أن الحكومة ظلت فترة طويلة تناقش مشروع القانون دون فائدة وحررت مسودة أولى ثم ثانية فثالثة، مشيرا إلى أن الحل يكمن فى العودة للعمل بتشريع الاستثمار المعمول به فيما قبل عام 2011، وأردف:" نعمل بالقانون القديم مع إعطاء ضمانات لتعديلات بسيطة لصانع القرار وطمآنة للمستثمرين من خلال القضاء على البيروقراطية الضارب فى كل المؤسسات المالية والاستثمارية بالدولة». ومن جانبه قال الدكتور محمد عطوة عميد كلية التجارة بجامعة المنصورة، إن خلق مناطق تكنولوجية امر هام للغاية لتنمية التكنولوجيا المحلية وللتخلى عن ورادات هذا النوع من الصناعات. وقال إن إنتاج تكنولوجيا محلية يتوافق مع ما أقره الدستور المصرى من رصد نسبة لميزانية البحث العلمى التى ترتكز بدورها على التطورات التكنولوجية. وعن العمالة الموجود بالمناطق الحرة أوضح عطوة إمكانية نقلها إلى المناطق التكنولوجية البديلة كما حدث فى الصين، وتباع: «الصين تعتمد على التكنولوجيا المُكثفة للعمالة للقضاء على هذه المشكلة».