«الوفد» تكشف أسرار انهيار تجارة الذهب وإحجام المواطنين عن الشراء والبيع رئيس مصلحة الدمغة ل«الوفد»: طرح عيار 14 رخيص الثمن لمواجهة الأزمة 50٪ انخفاضاً فى تجارة الذهب هذا العام.. والذهب الصينى أكذوبة من الخيال تشهد أسواق الذهب ركوداً حاداً فى حركة البيع والشراء سواء فى الريف أو المدن. وتخلى عدد من الصائغين عن ممارسة المهنة وحولوا تجارتهم إلى تجارة أخرى تدر ربحاً. قامت «الوفد» بجولة على الصاغة لاستطلاع الحقيقة وتبين إحجام الناس عن شراء الذهب خاصة الشبكة فى ظل ارتفاع الأسعار الحاد. وهناك من استبدل الشبكة ببدائل أخرى كما يحدث الآن فى الريف، حيث يقدم العريس للعروسة الشبكة جاموسة، وآخرون لا يقدمون شبكة. كما استطلعت «الوفد» رأى مصلحة الدمغة والموازين فى حالة انهيار تجارة الذهب. وكشف العميد محمد حنفى رئيس المصلحة كافة الأسرار حول هذه الظاهرة على المجتمع المصرى. انتقلت «الوفد» إلى أحد محال بيع الذهب بمنطقة إمبابة والتقت صاحب المحل عبدالعزيز الشيمى الشهير ب«ناصر» قال: إن حركة البيع والشراء شبه متوقفة ويندر من يأتى لشراء الذهب. وأشار إلى أن الشبكة التى يقدمها العريس لعروسه كعادة مصرية أصيلة باتت مهددة بالانقراض. وأشار الصائغ إلى أن أكبر شبكة الآن لا تتعدى 10 آلاف جنيه. وحكى الصائغ «الشيمى» حكايات عن تأثير إحجام الناس عن شراء الشبكة. قال: إن أهل العريس يأتون إليه قبل مجىء العروس ويتفقون معه على عرض شبكة متواضعة. مما يتسبب فى مشاكل أثناء عملية الشراء لأن العروس لا يعجبها المعروض، وبالتالى تحدث أزمة. ويحكى الصائغ «الشيمى» أنه يتدخل كثيراً لفك الاشتباك بين أهالى العروسين. وقال الصائغ محمود عبدالعزيز: إن عدداً كبيراً من الصائغين حولوا نشاطهم من تجارة الذهب إلى تجارة أخرى بعد إحجام المواطنين عن شراء الذهب خاصة خلال هذا العام. وقال الصائغ محمود إن حركة البيع والشراء فى الذهب باتت نادرة بسبب ارتفاع أسعاره. وأشار إلى أن الذين يمتلكون الذهب من الأهالى يرفضون البيع أملاً فى زيادة الأسعار أكثر من ذلك لتحقيق مكاسب، والذين يريدون الشراء يحجمون لارتفاع الأسعار. استطلعت «الوفد» آراء عدد من الذين يشترون الشبكة. وتبين أنه لا يوجد إقبال عليها خلال هذه المرحلة للارتفاع الجنونى فى أسعار الذهب. وتضطر الأسر الريفية الآن المتمسكة بتقاليد الشبكة إلى شراء بدائل أخرى يقدمها العريس لعروسه. قالت السيدة أم زياد من الفيوم إن عائلتها استغنت عن الشبكة، وتقوم بشراء المواشى خاصة الجاموس الحلوب لتقديمها للعروس. وأضافت أن الجاموسة تدر ربحاً من خلال الألبان. وانتشرت هذه العادة الجديدة فى معظم قرى الفيوم. أما فى القاهرة خاصة فى الأماكن الشعبية بدأ المواطنون يتخلون عن عادة الشبكة أو يتخففون من شراء كميات منها. بل وصل الحال إلى أن تكاليف الخطبة والعرس تفوق ثمن الشبكة. يقول أحمد دياب والد العروس «رحمة» إنه لم يرهق عريس ابنته فى ما يتعلق بالشبكة وقال له قدم هديتك لعروسك كما تشاء وبالطريقة التى تراها. وقال العريس محمد مجدى إن أهل عروسه خيروه فيما يراه بشأن الشبكة، وقال العريس إنه اختار شبكة تتناسب مع دخله. كما انتقلت «الوفد» إلى مصلحة الدمغة والموازين والتقت مدير المصلحة العميد محمد حنفى الذى أكد أن ارتفاع أسعار الذهب الحاد بداية من شهر يناير 2.16 أدى إلى قيام الناس بالإقبال على بيع المشغولات الذهبية التى يمتلكونها، على أمل أن ينزل السعر مرة أخرى ويشترون بدلاً منها بهدف الربح، ولكن للأسف أن السعر أصبح فى ارتفاع دائم، فلم يستطع أحد تعويض ما قام ببيعه، مما أدى إلى ركود البيع وأثر على حركة الإنتاج. وأضاف «حنفي» أنه اضطر إلى عمل مؤتمر دعا فيه عدداً من تجار الذهب لإيجاد حل ومواجهة هذه المشكلة، وخلال المؤتمر اقترح عليهم فكرة طرح عيار 14 فى السوق لرخص سعره نسبياً بالنسبة للعيارات الأخرى. وأشار مدير المصلحة إلى أن عيار 14 ليس بدعة، وإنما هو أحد العيارات القانونية لمعادن نفيسة ينطبق عليه ما ينطبق على العيارات الأخرى، وكان ينتج ويستخدم أثناء رواج السياحة فى مصر، خاصة فى شرم الشيخ والغردقة وأسوان من قديم الزمن. وأكد «حنفى» أن المصنعية فى هذا الذهب تساوى نفس المصنعية فى عيار 18، ولا توجد خسارة فى بيعه، لكن الثقافة المصرية لا تعترف إلا بعيار 21، 18 وخاصة فى المناطق الريفية. وأوضح «حنفى» الفرق بين عيارات الذهب أن عيار 23٫5 عدد أسهم الذهب النقى فيه عبارة عن 979 فى الألف للسبيكة والباقى إضافات لزوم الصناعة، وعيار 22 عبارة عن 916٫6 سهم فى الألف، وعيار 21 عبارة عن 875 سهماً، 18 عبارة عن 750 سهماً، و 14 عبارة عن 583 سهماً، و12 عبارة عن 500 سهم، و9 عبارة عن 375 سهماً، والإضافات الأخرى هى نحاس وفضة وهى تعطى للمشغولات الذهبية الصلابة واللون. وأضاف «حنفي» أنه فوجئ بإحدى الشركات عرضت عليه الذهب عيار 14 بأشكاله، وبدأت طرحه، وهناك إقبال شديد عليه. وشرح مدير مصلحة الدمغة سلبيات عيار 14 أنه يحتاج إلى إضافات أكثر ويأخذ مجهوداً ووقتاً أكبر، حيث إنه فى حالة أن يقوم الصانع بإنتاج 10 مشغولات فى اليوم، مع عيار 14 ينتج نصف الكمية فقط. وعن الذهب الصينى أكد «حنفى» أن هذه التسمية خطأ لأنه لا يوجد أى سهم من الذهب النقى، وأن هذا النوع عبارة معدن غير ثمين يصنع منه إكسسوارات ذات تقنية فى الصناعة تعطيه اللون الأصفر بتكنولوجيا عالية، وأنه لا يؤثر على البيع والشراء فى الذهب العادي. وعن سعر المصنعية فى بيع المشغولات الذهبية أكد «حنفى» أن المصلحة ليس لها سيطرة على الأسعار، ولكن تختص فقط بجودة المعروض. وأشار إلى أن المصلحة تقوم بالسيطرة على الأسواق بالتفتيش والرقابة من خلال مفتشين يحملون الضبطية القضائية، وعلى مستوى فنى عالٍ يتم المرور على السوق بجميع أنحاء الجمهورية طبقاً لخطة تفتيش غير نمطية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية مثل مباحث التموين والأموال العامة والمباحث العامة لضمان جودة المعروض وحماية المستهلك. وأضاف أنه من خلال هذه الحملات تم اكتشاف بعض المشغولات عليها طبعات مقلدة للدمغات الحكومية، وأنه من خلال 332 جولة تفتيشية نتج عنها 236 محضراً ومصادرة 15 كيلو ونصف الكيلو ذهب، مشيراً إلى أن المفتش إذا شك فى بعض المشغولات يتم وزنها وإعطاء إيصال للصائغ بوزن الكمية وتوصيفها وإحضارها إلى المصلحة لعرضها على لجنة فنية متخصصة لضمان الحيادية، وفى العادة ما يتم تقليده للطبعات يكون العيار مخالف، وفى هذه الحالة يتم تحرير محضر وإحالته للنيابة العامة، وفى حال صدور حكم قضائى بات بالمصادرة يتم عرض المشغولات فى مزاد علنى، ويورد المبلغ لصالح الدولة، وآخر مزاد تم عمله فى أكتوبر الماضى وكانت حصيلة البيع 285 مليوناً و870 ألف جنيه، وتم تحصيل 5 ملايين جنيه للقيمة المُضافة ليصبح إجمالى 291 مليون جنيه. وأوضح «حنفى» أن ليس كل ما يعرض بالمزاد من المضبوطات، ولكن هناك مصادر أخرى مثل الجمارك والمصالح الحكومية المختلفة التى لديها معادن ثمينة مثل الميداليات أو العملات التذكارية تريد بيعها لصالحها بحكم اختصاص المصلحة، أما المشغولات المخالفة الصادر ضدها حكم يتم سبكها وتحويلها إلى سبائك ذهبية ويحدد عدد الذهب النقى فيها وعرضها للبيع. وبرر ارتفاع أسعار الذهب يرجع إلى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية خاصة الدولار. وتشهد مصر حالياً ارتفاعا حاداً فى أسعار العملات فى ظل تعويم الجنيه. وأشار «حنفى» إلى أنه لا يوجد أحد يستطيع التوقع بأسعار الذهب لأن ذلك مرتبط بارتفاع وانخفاض العملات الأجنبية. وقال العميد محمد حنفى إن هناك ضرورة ملحة لتحويل مصلحة الدمغة إلى هيئة اقتصادية، وقد تم تقديم مذكرة بهذا الخصوص إلى وزير التموين لرفعها لرئيس الوزراء. وأوضح أن تحويل المصلحة إلى هيئة يتيح لها إنشاء شركات متخصصة وتوفير فرص عمل جديدة، وإتاحة الفرص للاستثمارات.