الأحكام القضائية واجبة الإحترام وواجبة النفاذ، وإرساء دولة القانون التى يسود فيها العدل لا يكون الا بخضوع الجميع للقانون.. الحاكم والمحكوم.. الكبيروالصغير.. الغنى والفقير، وعندما تنفذ الدولة الأحكام التى تصدر ضدها لصالح المواطنين يتحقق الاستقرار ويجنى الجميع ثمار العدالة المعصوبة العينين وعندما يثق المجتمع فى ضمير ونزاهة القاضى تنزل السكينة على قلوب أفراده ويتأكد مبدأ: لا يضيع حق وراءه مطالب. والحكم الذى أصدرته محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عاصم عبدالحميد ببراءة أربعة ضباط وأمين شرطة من تهمة قتل خمسة وإصابة ستة من المتظاهرين يومى «28 و29» يناير الماضىأمام قسم شرطة السيدة زينب هو حكم واجب النفاذ وقابل للطعن إذا تبين للنيابة العامة بعد إعلان حيثياته انه صدر مخالفاً للقانون أو بطلان الإجراءات أو خطأ فى الاستدلال أو تفسيراً خاطئاً للمواد الجنائية. وصاحب هذا الحكم بعض الجدل حيث اعتبره الدفاع بالحق المدنى وأسر الشهداء والمصابين غير منصف،واعتقدوا ان المحكمة تجاهلت مقاطع الفيديو التى يضمها ملف القضية والتى تثبت قيام الضباط باطلاق الرصاص من بنادق آلية على المتظاهرين، واعتبره الدفاع عن المتهمين وأسرهم حكماً عادلاً بنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين، وتيقنت المحكمة من دلائل تشير الى قيام المتظاهرين بحمل أسلحة بيضاء وزجاجات مولوتوف أمام قسم السيدة زينب بقصد التخريب ورد عليهم الضباط للدفاع عن أنفسهم وعن المنشآت العامة. والخوف هو ان يكون هذا الحكم تمهيداً لأحكام مماثلة فى عشرات القضايا المنظورة أمام المحاكم باتهام النظام السابق بقتل المتظاهرين فى أحداث 25 يناير، وخاصة القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى و«6» من كبار مساعديه بقتل المتظاهرين فى جمعة الغضب. وهل هى مصادفة أن يصدر الحكم ببراءة ضباط السيدة زينب فى اليوم التالى لنظر قضية مبارك وعصابته التى تم تأجيلها الى يوم «الاثنين» بعد توقف أكثر من ثلاثة أشهر. إن الرأى العام وفى مقدمته أسر شهداء ومصابى الثورة يخالجهم الشعور بأن ترتيبات معينة يتم الاعداد لها فى هذه القضية لاخراجها فى الوقت المناسب إن هذه الترتيبات وراء بطء سير محاكمة المتهمين وكثرة الاستجابة لطلبات الدفاع والتى بدأت برد المحكمة، وطلب الاستماع الى «6»آلاف شاهدلاطالة أمد التقاضى. إن ما شاهدناه فى جلسة محاكمة مبارك وعصابته يوم «الأربعاء» الماضى يشبه نزهة قام بها المتهمون الى أكاديمية الشرطة التقى خلالها مبارك وأبناه وزوجته لمدة ساعة على انفراد لتبادل الأسرار حول الوضع الحالى فى البلد!! وواصل مبارك رقاده فوق السرير بإرادته لاعتقاده أنه يستدر عطف أهالى القتلى والمصابين، رغم انه غير مربوط فى السرير مثلما فعل الأمن مع بعض المصابين المقبوض عليهم فى الأحداث الأخيرة وهذه تفرقة فى المعاملة بين متهم وآخر وعندما تهدر آدمية متهم، ويدلل آخر، فإننا نسير فى طريق مختلف لا يؤدى إلى دولة القانون التى نحاول إرساءها بعد الثورة، وإذا علمنا ان تكلفة تأمين نقل مبارك وعصابته الى المحكمة تزيد على نصف مليون جنيه عند كل جلسة يذهبون فيها الى المحكمة فإننا لن نقتل حقوق المجنى عليهم ببطء التقاضى فقط، ولكننا نهدر المال العام أيضاً الذى أصبح شحيحاً فى مرحلة أوشكنا فيها على الإفلاس. إننا نطالب المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة الجنايات التى تحاكم مبارك وشركاه بأن يفى بتعهده بنظر هذه القضية فى جلسات يومية للانتهاء منها فى وقت قصير خاصة مع بدء عام جديد على الثورة، ونحن نثق فى نزاهته، وفى كلامه عندما قال:أنا أسير بما يرضى الله وحق الضحايا والمتهمين فى رقبتنا، ونحن لا نريد غير الحق حتى نقطع الطريق أمام المزايدات التى تتم من الخارج وأمام عصابة آسفين ياريس فى الداخل.