استمعت إلى عادل نجيب، عضو المنظمة العربية لحقوق الانسان بمصر، في مداخلة له على قناة "الفراعين" الاسبوع الماضي، وهو يؤكد "ان منظمات المجتمع المدني ارهابية" وقال نجيب: انه من سنة 2007م ينادي بذلك وانه قال ذلك الكلام وحذر من ذلك، ودلل على أن الاجتماعات كلها صورية أو شكلية وان المقياس هو ان تكتب تقريرا سيئا عن مصر فتاخذ المال الأكثر ..مستشهدا بان حفلا عمل للاعضاء في فندق كلف نصف مليون دولار، وقال ان الاعضاء يتقاضون ملايين كثيرة مقابل لاشيء يفيد مصر ، مبررا انه عضو شرف ليس إلا. ولم يكتف نجيب في المداخلة بهذا الكلام الخطير، بل تعداه إلى أن جميع المنظمات تتقلي تعليماتها من منظمة "هيومن رايتس ووتش" وهي المنظمة التي تعطي الحق للناتو بضرب أي دولة من الدول التي تريد تخريبها. ولعل هذا الكلام الذي قيل على الملأ كان هدفه ان يبرئ نفسه من شبهة التمويل اولا، ثم اطلاق جرس الانذار بدافع الوطنية المصرية وهو يرى ويشاهد ويسمع ويلمس مالايراه منطقيا بل ويراه تخريبا في البلد وصبا غير صالح في شريان الارهاب. لم أسمع ان عادل نجيب قد استقبلته جهات معنية لللتحق من كلامه وتحذيراته مثلا ، وإن تم ذلك وكانت النتيجة تلك المداهمة التي قامت بها الشرطة المصرية لمقار منظمات المجتمع المدني بهدف كشف تهمة التمويل غير المشروع، فذلك ماكنا نبغي وقد آتت دعوة نجيب أكلها ووضعت ايدي السلطات المصرية على مكمن الخطر. بالطبع المداهمة لم تعجب القائمين على تلك المنظمات سيما الأمريكية التي اعتبترها نوعا من الإرهاب الذي تمارسه الدولة المصرية الآن، لم تمارسه "دولة مبارك" التي كانت ضد الحرية بكل معانيها وليس لمفهوم الديموقراطية الحقيقية في قاموسها لفظ واضح او معنى مفهموم . القائمون على الحملة التتفيشية قوات من الجيش والداخلية، اي سلطات مصرية ، لمنظمات مقارها مصر، والهدف هم معرفة التمويل غير المشروع الذي تتلقاها تلك المنظمات؟ وأين تذهب هذه الاموال؟ وهل فعلا تخدم المنظمات الأهلية في رسالتها التنموية أو الاغاثية الانسانية؟ فريق محققي النيابة العامة قام بعملية تفتيش لعدد 17 مقراً لفروع منظمات مجتمع مدني مصرية وأجنبية تنفيذاً لأمر التفتيش الصادر من قضاة التحقيق المنتدبين من وزير العدل، في شأن قضية التمويل الأجنبي المخالف للقانون للمنظمات الأهلية وما يرتبط بها من جرائم أخرى. ومعنى هذا ان التهمة التي لاكها الكثير ومنهم قياديون في تلك المنظمات بان المسألة فيها شهبةالارهاب قد لاقت صدى كبيرا وأن المسألة زادت عن الحد للدرجة ان السلطات لم تحذرهم أو تطلب منهم كشف بيان بطبيعة أعمالهم أو تلقي أموالهم او معرفة طرق التلقي ، بل مارست السلطات أعمالها بشكل مفاجئ ومباغت، مما حدى بتلك المنظمات ان العمل الذي قامت به تلك السلطات هو الارهاب بعينه وان المجلس العكسري القائم على حكم البلاد لم يفهم معنى الديمقراطية الحقيقة ولن يسعى الى تحقيقها في البلاد. المداهمة التي كانت نوعا من اثبات الذات المصرية وابلاغ رسالة للعالم الغربي كله والأمريكي على وجه الخصوص ان لمصر سلطانها على اي كائن يقع على ارض مصر كلها، ولا أعتقد ان الشرعية قد غابت من المداهمين لأن التحقيقات يقوم بها الآن فريق من النيابة العامة اي ان ذلك كان بإذن من النيابة العامة وعلى مرأى ومسمع منها. والمداهمة أثبتت أيضا ان الشكوك التي لاكها البعض وهؤلاء البعض اعضاء في تلك المنظمات وصلت لمرحلة شبه التيقن والتحقق، وإلا ما أخذت خطوات التنفيذ ممثلة في المداهمة نفسها بالشكل المباغت كما ذكرت سابقا. هل نلمس العذر للمداهمين من منطق الغيرة على مصر ومايجري على ارضها في وقت عصيب يكون الشك هو المقدم على اليقين في كل عمل من الاعمال، سيما اننا سمعنا و رأينا لأناس كانوا يمولون من أجل التخريب والتدمير وإشعال الفتن بين الشعب تارة بين مسلميه واقباطه، وتارة بين عنصريه الاساسين الجيش والشعب؟ هل فعلا ادت منظمات المجتع المدني – مصرية واجنبيه- رسالتها الانسانية التي وجدت من أجلها وانشأت خدمة للمجتمع وتنميته وتطويره والاهتمام به والرقي به ومعالجة مشكلاته الكثيرة. لن أستعجل في الحكم على ما حدث فالحدث تحت التحقيقات النيابية ولننتظر ماذا ستصل اليه النيابة العامة غدا من الحكم على مثل هذه المنظمات باتهامها أو البراءة و"إن غدا لناظره قريب". آخر الكلام قال زهير بن ابي سلمى الشاعر الجاهلي: سبتدي لك الأيام ماكنت جاهلا // ويأتيك بالانباء ماكنت جاهلا