ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    تراجع أسعار الذهب مع انخفاض التضخم الأمريكى    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية غرب جرجا ويزورن مصنع الكومبريسور    نواف سلام: زيارةٍ «مدبولي» تأكيد على عمق العلاقة الأخوية بين لبنان ومصر    صدمة للملايين.. ترامب يوقف برنامج قرعة «جرين كارد» للمهاجرين    أمم إفريقيا - تقرير: حسام عوار يغادر معسكر الجزائر بسبب الإصابة    نجل حنان ترك يحتفل بزفافه وسط المقربين ورواد السوشيال يتساءلون عن غيابها    وزير الزراعة يبحث مع مزارعي الإصلاح بالبحيرة وأسوان حلول لرفع الأعباء عن كاهلهم    وزير البترول يناقش الخطة الجديدة للاستكشاف والإنتاج مع رؤساء الشركات العالمية العاملة في مصر    انتخابات النواب 2025، ننشر الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد في الدقهلية    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    أحمد عبد الوهاب يكتب: تسريب «مشعل» بين خطاب المقاومة وحسابات الأنظمة    بوتين يعلن سيطرة القوات الروسية على المبادرة الاستراتيجية بعد معارك «كورسك»    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    مواعيد مباريات المجموعة الخامسة بكأس الأمم الأفريقية    أزمات سد النهضة وغزة والخرطوم أبرزها، رسائل قوية من السيسي لرؤساء فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية    محافظ أسيوط يعلن افتتاح صيدلية "إسعاف 24" بحي شرق    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    غدا السبت ضعف المياه عن مركز ومدينة ناصر ببنى سويف    إبراهيم محمد يدير مواجهة الزمالك وحرس الحدود في كأس العاصمة    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    رئيس الوزراء يزور بيروت على رأس وفد لتعزيز التعاون المصري اللبناني    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    جهود متسارعة لإنقاذ اتفاق دمج «قسد» مع الحكومة السورية قبل نهاية العام    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    فلكيًا.. موعد أول أيام شهر رجب 1447ه    الصحة تكشف حقيقة تعطل أجهزة القسطرة القلبية بمستشفيات الغربية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    رئيس الوزراء اللبنانى يستقبل مصطفى مدبولى بالسراى الحكومي فى بيروت    نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مستشفى إمبابة» .. قلعة الإهمال والمحسوبية
نشر في الوفد يوم 12 - 12 - 2016

30 عاماً هى مدة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، ظل خلالها المصريون يعانون من قهر الفساد، والذى بات كالوباء متفشيا في عدد كبير من مؤسسات الدولة، وهو ما دفعهم للقيام بثورتين كان هدفهما تحقيق العدالة الاجتماعية، وتقديم خدمة وحياة أفضل للمواطنين، خاصة محدودى الدخل، وراود الملايين حلم العيش فى مستقبل أفضل، ولكن سرعان ما تبدلت الأمور لكوابيس مزمنة، فمازال الإهمال يسيطر على المؤسسات الحكومية خاصة المستشفيات.
وفى جولة ميدانية ل«الوفد» على مستشفى إمبابة العام، بمحافظة الجيزة، للوقوف على أوضاع المرضى ومستوى الخدمة والمعاملة المقدمة لهم، رصدت «الوفد» العديد من المهازل.
«بدلة يا بيه، تى شيرت يا هانم، أى حاجة ب5 جنيه» هكذا كانت أصوات بعض الباعة الجائلين أمام بوابة المستشفى الرئيسية، وعلى بعد أمتار قليلة من شباك صرف الأدوية، يتراصون بشكل عشوائى وحولهم العشرات من المارة، فضلاً عن الأصوات العالية التى أثارت غضب المرضى الذين يطول انتظارهم لصرف العلاج.
هذه المشاهد لم تكن بعيدة عن أعين أفراد الأمن بل كانوا يقفون بجوار الباعة وبمثابة الحارس الأمين لهم من غضب المرضى عليهم، دخل محرر «الوفد» المستشفى ليطلب توقيع الكشف الطبى عليه، وبعد دخوله بوابة المستشفى وجد عالماً آخر من المرضى المهمشين، والذين تعالت أصواتهم بالصراخ من المعاناة اليومية التى يواجهونها.
عشرات المرضى افترشوا الأرض وغيرهم يتبادلون الوقوف أمام عيادات الأطباء، وبجوارهم الأتربة والقمامة الملقاة على جانبى المدخل، وغيرها من صور الإهمال الذى يكمن فى الروائح الكريهة التى تنبعث بسبب عدم نظافة المكان منذ فترة طويلة.
وانزوت سيدة خمسينية فى أحد أركان مدخل الاستقبال الخاص بالمستشفى، واضعة رأسها بين يديها، وعيناها تملأهما الحيرة واليأس، بين الحين والآخر تترقب خروج المرضى من عيادة الكشف الخاص بطبيب الباطنة.
فرحة عارمة انتابت العجوز فور النداء عليها للدخول إلى الطبيب، وهرعت مسرعة للحاق به، دقائق معدودة وخرجت العجوز مرة أخرى وعلى وجهها علامات الغضب، وبسؤالها عن استيائها قالت: حسبنا الله ونعم الوكيل يعنى الواحد لازم يكون معاه فلوس علشان يكشف بره، والبيه الدكتور بقوله عيانة وعندى سخونة مكلفش نفسه يرفع عليا سماعة علشان يعرف السبب، وكتب لى علاج وحتى مقاليش العلاج ده أخده كام مرة، وقال اللي بعدها».
وأضافت: الناس هنا مش بيرحموا حد وفاكرين المرضى دول بيئة المجتمع، والحكومة مش راضية تتحرك وتشوف المهازل دى، إحنا خلاص هنموت وفاضل لينا أيام والمشكلة فى العيال اللى لسة قدامهم الحياة طويلة، هنا الدكاترة مش بيراعوا ضميرهم في عملهم، ولا المرضى بيلاقوا الكشف المحترم ليهم واللى من خلاله يعرفوا سبب مرضهم.
بخطى بطيئة بدأت العجوز السير للخروج من صالة انتظار المرضى للعيادات قاصدة شباك صرف التذاكر، لترى حشوداً من المرضى يتراصون بشكل عشوائى، وكانت الفوضى هى السمة الغالبة عليهم بين الحين والآخر تنشب صراعات بين المرضى تارة على أولوية الدخول للشباك وبين المرضى أنفسهم، والعامل الخاص بالمستشفى المختص بتنظيم الصفوف وبين المريض والباعة لخفض أصواتهم العالية والتى باتت مصدر إزعاج شديد لهم.
سالت دموع العجوز، وبحزن شديد قالت: أنا عايشة لوحدى وعيالى متجوزين بره، ولو مت مش هلاقى اللى ينجدنى وعلشان أكشف مش بالاقى رعاية، ولو كشفت مش بعرف أجيب علاجى علشان الضرب والخناقات اللى بتحصل.
بادر أحد الشباب بمعاونتها فى صرف علاجها من الشباك، لكن ما لبث أن وقعت مشادة بينه وبين أحد المنتظرين فى صفوف شباك صرف العلاج على أولوية الدخول، كما نشبت مشادة أخرى بين أحد المنتظرين لصرف العلاج، وبين عامل المستشفى الذى يقوم بتنظيم الصفوف لتصل الاشتباكات بالأيدى والألفاظ النابية.
وتابع محرر «الوفد» جولته الميدانية داخل المستشفى لاستكمال يومه، ليجد عشرات آخرين ينتظرون دخول دورة المياه فى ظل الروائح الكريهة، مما كان سبباً فى تعرض عدد من المرضى للقىء الشديد، فالبعض تحمل الروائح لحين قضاء حاجته فى حين نفر آخرون مسرعين للخارج للهرب من هذه الروائح والتى تشير لعدم تنظيف المكان لعدة أسابيع طوال.
ومن داخل دورة المياه تجد صوراً للإهمال يتجسد فى تصدع الجدران، وتعطل الصنابير، ويخرج المرضى من الحمام مسرعين واضعين أيديهم على أنوفهم لمقاومة الروائح الكريهة وحتى لا يتعرضوا للقىء الشديد.
وعادت مرة أخرى أصوات المرضى أمام شباك صرف الأدوية مرة أخرى، إذا كانت مشاحنات بين المرضى، وبين العاملين بالمستشفى لعدم توافر عدد كبير من الأدوية، منها الخاص بأمراض الباطنة والأعصاب والعظام.
«مش عارف إيه فايدة إننا نيجى نكشف هنا.. ده لا فيه علاج ولا ضمير فى الكشف».. حالة من الغضب الشديد انتابت فايز عبدالعال، أحد المرضى أمام شباك صرف تذاكر العلاج، مشيراً إلى أنه من أبناء منطقة إمبابة، وظل خلال السنوات الأربع الماضية يتردد على العيادات للكشف بأسعار رمزية بخلاف العيادات الخارجية، ولكن دون جدوى.
وأضاف: يا بيه الدولة باظت، وخلاص ربنا يعوض على الناس الغلابة اللى مش لاقية تاكل، يعنى إحنا بنجيب أكل عيشنا بالعافية، ويا دوب ملاحقين نأكل عيالنا، نروح إزاى عيادات خاصة علشان نكشف، والحكومة مش راضية تراعينا وتدينا العلاج اللى مش موجود أصلاً، وكلما نتحدث إلى الموظفين يقولون لك اشترى من برة مفيش علاج، وكان آخرها دواء السخونة الأسبوع اللى فات مكنتش لاقيه هنا.
هذا الأمر ليس حال فايز فقط، بل مثله العشرات من المرضى، والذين عجزوا عن التنفيس والتعبير عن غضبهم بسبب المرض الشديد الذى أصابهم، فيما خرج جلال عصمت، أحد المرضى عن صمته، وقال: دى حكومة فاشلة وعاوزة تموت المواطنين، يعنى إيه أنا أجى أكتر من 10 مرات هنا وأنا سنى 50 سنة ومش بالاقى الدكتور، وإما لقيته معدوم الضمير والكشف ماعداش وقته أكتر من دقيقة، وكتب ليا روشتة، ولما جيت أصرفها برة، الموظف قالى نصف العلاج غير موجود».
وأضاف: النظام هنا بالأقوى والكوسة سواء فى الدخول للعيادات، أو فى صرف العلاج من الشباك، ويا بخت اللى عارف موظف هنا يبقى ربنا كرمه، الدكتور يهتم بيه فى الكشف وكمان العلاج بيتصرف له بسرعة بره، وطبعاً البيه المريض رجل على رجل وغيره مش قادرين يقفوا ويعانوا من الإهمال.
ويقول سمير عبدالعال أحد المرضى: «هو فين وزير الصحة.. نفسى أشوفه علشان أقوله على كل اللى بيحصل هنا من مهازل يومية للمرضى.. الفوضى والغوغائية هى إحدى سمات العمل داخل المستشفى، والاهتمام بالمرضى بات بالواسطة والمحسوبية.
وأضاف: كل المشاكل علشان أسبقية الدخول للعيادات.. والواسطة بتدخل الأقارب والاتباع والغلبان ينتظر عشرات الساعات الطوال، مع العلم بأنه غير قادر على السير لمرضه الشديد.. وإحنا سلمنا أمرنا لله عز وجل هو المنتقم الجبار من كل ظالم.
وقال: يا بيه العلاج معدوم فى المستشفى وأغلبه بنشتريه من برة، ومحدش قادر يقول آه علشان عارفين مفيش فايدة، الحل الوحيد ثورة للمرضى يعبرون فيها عن مدى استيائهم الشديد للأوضاع الداخلية للمستشفيات الحكومية، واللى بقت زى المنفى».
أحد العاملين فى شباك صرف التذاكر، رفض ذكر اسمه، خوفاً من المساءلة القانونية، من قبل إدارة المستشفى واكتفى بالرمز لاسمه ب«ع. ك» وقال: «فعلاً العلاج أغلبه مش موجود والمرضى دول أهالينا استحالة نيجى على حد فيهم أو بنشيل العلاج منهم، وبحذر شديد يلتفت الموظف بعينيه يميناً ويساراً للتأكد من عدم مراقبة أحد الموظفين له أثناء حديثه وتابع قوله بصوت منخفض: والله فيه أيام أنا وفى الشغل بابكى على الناس العيانة ومش لاقية علاج وغيرهم واللى أصلاً مش قادرين يصرفوا العلاج إن وجد علشان الطوابير، وإحنا كموظفين مفيش في إيدينا غير العمل وخلاص علشان نعرف ناكل عيش».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.