كشفت مصادر مشاركة ومطلعة على محادثات دمج قوات سوريا الديمقراطية «قسد» مع الحكومة السورية عن تحركات متسارعة خلال الأيام الماضية، في محاولة لإنقاذ الاتفاق بين الطرفين وإحراز تقدم في مسار متعثر، قبل حلول المهلة المحددة بنهاية العام الجاري. ونقلت وكالة رويترز عن مصادر سورية وكردية وغربية أن وتيرة المناقشات تسارعت رغم تصاعد حالة الإحباط بسبب التأخير، محذرة من أن تحقيق اختراق كبير لا يزال غير مرجح في الوقت الراهن. وبحسب خمسة من المصادر، أرسلت الحكومة السورية الانتقالية مقترحًا رسميًا إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد. وأوضح مسؤول سوري ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد أن المقترح يتضمن استعداد دمشق لقبول إعادة تنظيم مقاتلي «قسد»، البالغ عددهم نحو 50 ألف مقاتل، في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، على أن تتخلى القوات عن بعض سلاسل القيادة وتسمح بانتشار وحدات من الجيش السوري داخل مناطق سيطرتها. ولم تتضح بعد فرص تنفيذ هذا الطرح على أرض الواقع، فيما قللت مصادر عدة من إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، مؤكدة أن الأمر يحتاج إلى مزيد من المفاوضات. ومع ذلك، قال مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية إن الطرفين «أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى». في السياق نفسه، أشار مسؤول غربي ثانٍ إلى أن أي إعلان محتمل خلال الأيام المقبلة قد يهدف جزئيًا إلى «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة، بما يسهم في الحفاظ على قدر من الاستقرار في بلد لا يزال هشًا بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. وذكرت غالبية المصادر أن النتائج المتوقعة من هذه الجهود، حتى إن أثمرت، لن تصل إلى مستوى الاندماج الكامل لقوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري ومؤسسات الدولة الأخرى قبل نهاية العام، وهو ما نص عليه اتفاق وُصف بالتاريخي بين الجانبين في 10 مارس الماضي. ويحذر مراقبون من أن فشل معالجة هذا الخلاف العميق قد يفتح الباب أمام صدام مسلح جديد، يعرقل تعافي سوريا بعد حرب استمرت 14 عامًا، وقد يستدرج تدخلًا من تركيا المجاورة، التي تلوح بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد وتعتبرهم تنظيمات إرهابية. ويتبادل الطرفان الاتهامات بالمماطلة وسوء النية، إذ تخشى قوات سوريا الديمقراطية فقدان الحكم الذاتي الذي رسخته باعتبارها الحليف الأبرز للولايات المتحدة خلال الحرب، وسيطرتها لاحقًا على سجون عناصر تنظيم الدولة ومناطق غنية بالنفط. وأفادت مصادر بأن الولاياتالمتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد الشرع وتدفع باتجاه حشد دعم دولي للحكومة الانتقالية، لعبت دور الوسيط عبر نقل الرسائل بين دمشق و«قسد»، وتسهيل المحادثات، والحث على التوصل إلى اتفاق. ولم يصدر تعليق رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية بشأن هذه الجهود المكثفة للتوصل إلى تفاهم قبل نهاية العام. يُذكر أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر منذ عام 2019 على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا، تضم معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، عقب هزيمة تنظيم الدولة في تلك المناطق.