تمتع بحنجرة قوية، وصوتًا عذبًا ينشرح له الصدر حينما تستمع له، فهو من أبرز القراء الذين عرف عنهم جمال الصوت بترتيل القرآن الكريم، فقد أطلق عليه "صوت مكة" و"صاحب الحنجرة الذهبية"، ونال شعبية كبيرة على المستوى العربي بل على مستوى العالم، إنه القارئ عبدالباسط عبدالصمد. وتحل اليوم الذكرى ال28 على وفاة الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد سليم داوود الذى ولد عام 1927م، بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قناجنوب الصعيد، ونشأ فى بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظًا وتجويداً، لأب وجد حافظين للقرآن، فكانا من المشهود لهما بالتمكن في حفظ القرآن وتجويده للأحكام. تلك البيئة التى نشأ فيها الشيخ عبدالباسط تأثر بها كثيرًا، فقد حفظ القرآن وهو فى السادسة من عمره وأتمم حفظه فى العاشرة على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته، وأخذ القراءات السبعة على يد الشيخ المتقن محمد سليم حمادة. دخل الإذاعة المصرية سنة 1951، ليكون أحد قرائها وبعد الشهرة التى حققها بعد بضعة أشهر، كان لابد من إقامتة فى القاهرة، فانتقل هو وأسرته إلى حى السيدة زينب، وبسبب التحاقه وشهرته بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها، وانتشرت بمعظم البيوت للاستماع إلى صوت الشيخ عبدالباسط، وكان الذي يمتلك راديو في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوته لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبدالباسط وهم بمنازلهم، وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً . عين قارئًا لمسجد الإمام الشافعي سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958 خلفًا للشيخ محمود علي البنا، وترك للإذاعة ثروة من التسجيلات إلى جانب المصحفين المرتل والمجود ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية وجاب بلاد العالم سفيرًا لكتاب الله، وكان أول نقيب لقراء مصر سنة 1984. يعد الشيخ عبد الباسط القارئ الوحيد الذي نال من التكريم حظًا لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدرًا من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين، بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها فلم ينس حيا أو ميتا. كرمته سوريا عام 1956 م بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس محمد حسنى مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987م. وتوفى"الشيخ" يوم 30 نوفمبر عام 1988 م، بعدما تمكن مرض السكر منه، ليتزامن الكسل الكبدي مع السكر، فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين الخطيرين، ما أدى إلى تدهور صحته، الذي على أثرها توفته المنية. وكانت جنازته طيبة على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة كثير من سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديرًا لدوره في مجال الدعوة بكافة أشكالها.