"مصر بالنسبة لي، هي عبدالباسط عبد الصمد، وأم كلثوم"، هكذا أوجز رئيس الوزاء التركي رجب طيب أردوجان، خلال زيارته للقاهرة، قبل عامين، علاقة مئات الملايين من المسلمين، والعرب، بالمحروسة. على اليوتيوب، هو الأكثر مشاهدة أو استماعا، لكن الأهم من عدد الزوار، هو مشهد الحشود التي نراها، في الفيديوهات، "مأسورة" بصوته، حيثما توجه، لأداء فريضة فن التلاوة المصري، تجاه البشرية، كحفيد، مع فن التراتيل الكنسية، لمدرسة الموسيقى التعبدية الفرعونية، فما أن يسمع المسلم، والمصري، أيا كانت ديانته، اسمه.. "عبد الباسط"، حتى تتهادى لروحه أجواء ربانية. فهو: صوت السماء، الحنجرة الذهبية، صوت مكة، اول نقيب لقراء مصر. ولد سفير مدرسة التلاوة الأجمل في العالم، 1927- 30 نوفمبر 1988، في قرية المراعزة، بمحافظة قنا، لاسرة من العلماء وحفظة القرآن، جدا وأبأ وأخوة، ومجوديه. بدأ حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره، على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته. واتم حفظه وتجويده في العاشرة، ثم درس علم القراءات السبع علي يد العلامة الشيخ محمد سليم. كان يعشق صوت الشيخ محمد رفعت، الذي كان ملهمه في سنواته الاولي، وصوت الشيخ مصطفي اسماعيل، وبدأ في قراءة القرآن في قريته في سن الثانية عشر، ومنها بدأ صيته ينتشر في محافظات الصعيد، ليشع، تدريجيا، على العالم كله. قادته الصدفة، عام1951، للتلاوة في مولد السيدة زينب، حين الح عليه امام المسجد الزينبي، الشيخ علي سبيع، ومعه ، ان يشارك بالتلاوة، لما عرفه من شهرته بمحافظات الصعيد، بدأ بعشر دقائق، لكنه فجئ بالجمهور يستزيده كلما أنهى قراء ولم يسمح له بالتوقف ألا مع آذان الفجر. وبعدها بأيام، كان قد إلتحق بالإذاعة المصرية. وقيل وقتها ان إلتحاقه بالإذاعة زاد مبيعات أجهزة الراديو، وكان على من يمتلك (راديو) في منطقة أو قرية من القرى، أن يرفع صوته لأعلى درجة، حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبد الباسط، كل يوم سبت، من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءاً. عين قارئاً لمسجد الإمام الشافعى سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958، خلفاً للشيخ محمود علي البنا. ترك للإذاعة ثروة من التسجيلات، إلى جانب المصحفين المرتل والمجود، ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية. تلا القرآن في المساجد الثلاث الاقدس: الحرمين المكي، والنبوي، والمسجد الاقصي. وفي المسجد الابراهيمي، في الخليل المحتل، والمسجد الاموي في دمشق، عقب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وغيرها من المساجد الكبري في العالم الاسلامي، من جنوب أفريقيا لمختلف دول الغرب، وعلى مسرح الأماندييه بفرنسا. أبرز المشاهد الي لم ينسها، كانت في جاكرتا، عاصمة اندونيسيا، فقد إمتلأ مسجدها الأكبر بالألاف، ومحيطه بعشرات الألاف، كتبت الصحف وقتها كيف أن طوابير حشود مستمعيه، إمتدت لمسافة كيلو متر، وقوفا على الأقدام، حتى مطلع الفجر. ربما كان الشخصية الأشهر بين مسلمي العالم، لعقود، تسقبله الحشود في مطارات العواصم، وبينها وزراء ومسؤولين كبار، وربما كان بينهم رئيس الجمهورية، كما حدث في باكستان، التي منحته أرقى وسامين لديها، كما فعلت ماليزيا ولبنان والسنغال، والمغرب، التي ربطته علاقة صداقة وتقدير مع ملكها الراحل، محمد الخامس الذي طالما الح علي الشيخ عبد الباسط للانتقال للاقامة بالمغرب، ومن بلده، مصر، نال وسام الاستحقاق عام 1987، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى فى الاحتفال بليلة القدر عام 1990، بعد رحيله بعامين.