فى الوقت الذى تعالت فيه أصوات الأدباء والمثقفين بضرورة أن يقوم البرلمان بتنقية التشريعات وتفعيل المادة 67 من الدستور التى تنص على انه لا مساس بالحريات فى قضايا النشر أو الفكر أو الإبداع بالشكل الذى يضمن للكتاب والمثقفين التعبير عن آرائهم وأفكارهم بكل حرية دون الخوف من الملاحقات القضائية، خرج النائب أبوالمعاطى مصطفى ليقول «الأديب العالمى نجيب محفوظ يستحق العقاب لأن كتاباته تخدش الحياء». وعلى الرغم من غرابة تصريح النائب البرلمانى إلا أن حادثته لم تكن الأولى من نوعها فى وقوف البرلمان ضد الحريات والمثقفين والكُتاب والمفكرين وانتقادهم ومنع ابداعاتهم وأحياناً حرق تلك الكتب داخل أروقة المجلس تعبيراً عن استهجان ورفض هذه الكتابات. وترصد «الوفد» أبرز معارك البرلمان مع الكُتاب والمثقفين فى قضايا الفكر والابداع. ولعل أولى هذه القضايا وأكبرها ضجة تتمثل فى الجدل الذى أحدثه كتاب «فى الشعر الجاهلي» للأديب طه حسين واعتبره الأزهر حينها انه يهين الدين الإسلامى ويشكك فى القرآن ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء دور البرلمان ليشن هجومًا عنيفًا ضد طه حسين فى عام 1926 واتهموه بالجنون إلا أن عباس العقاد أبى إلا أن يقف ضد البرلمان وهو عضو برلمانى آنذاك وانتصر لحرية الرأي. ودافع «العقاد» عن طه حسين دون النظر إلى انتماءاته الحزبية والسياسية وعلى الرغم من الصراع إلا أن «العقاد» كعضو برلمانى تعامل بمبدأ أن هزيمة الفكر فى تلك الأزمة سيعقبها افتئات رجال الحكم على أصحاب الاقلام، ففضل الوقوف بجانب طه حسين فى معركته دون النظر إلى رأيه النقدى للكتاب. وفى عام 1978، وصل حد تشدد البرلمان ضد حرية الرأى والفكر إلى مطالبة بعض أعضاء مجلس الشعب آنذاك بإحراق نسخ كتاب «ألف ليلة وليلة» وكتاب «الفتوحات المكية» للصوفى الكبير محيى الدين بن عربي، كما أن الكاتب الكبير أحمد لطفى السيد تعرض لهجوم شديد من قبل منافسه فى الانتخابات، ووصفه بأنه «ديمقراطى كافر»، وهو ما بث الخوف لدى ناخبيه وراحوا يسألونه هل انت ديمقراطى بالفعل، فرد عليهم قائلاً «نعم». وبرغم حجم المعارك بين نواب البرلمان والمثقفين إلا أن البرلمان كانت له أهمية خاصة بالنسبة لكبار الكُتاب، وقال نجيب محفوظ عن الانتخابات البرلمانية: الشعب المصرى يمتلك القدرة على التمييز بين نزاهة الانتخابات والتلاعب بها، كما أن أنيس منصور الذى احتفظ بعضوية مجلس الشورى لمدة 24 عاماً، كان دائما ما يسمى لجان البرلمان بالمطبخ السياسي. وجلس على مقاعد البرلمان عدد من أشهر الكُتاب والمثقفين المصريين وعلى رأسهم، توفيق الحكيم وعباس العقاد وأنيس منصور.