تؤكد الإحصائيات التى أعدتها الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، عن ارتفاع معدلات مخالفات البناء فى مصر، لحوالى 90٪ من العقارات الموجودة، والتى قدرتها إحصائيات وزارة الإسكان ب4٫9 مليون مبنى، ووصل إجمالى العقارات المقامة بدون تراخيص 317 ألفاً و948 عقاراً، وصدر لها 356 ألفاً و507 قرارات إزالة من المحافظين، ولم ينفذ حتى الآن، و76٫5٪ منها بنى بعد الثورة، وقيمة غرامات العقارات المخالفة على مستوى الجمهورية 16٫3 مليار جنيه. عمولات الكبار كشفت النيابة الإدارية فى تقريرها السنوى بشأن قضايا الفساد، ارتفاع عدد القضايا المتعلقة بمخالفات البناء إلى 4695 قضية، كما بلغ عدد قضايا التعديات على الأراضى الزراعية 2685 حالة تعد، و195 ألف حالة تعد على نهر النيل، كما يحصل كبار المسئولين على 500 مليون جنيه سنوياً فى عمليات التوقيع والصفقات والمناقصات.. طبقاً لدراسة أجراها الباحث عبدالخالق فاروق العشرى بالرقابة الإدارية. كما أكدت دراسة بجامعة القاهرة أن 90٪ من عقارات مصر مخالفة، ويبلغ عدد العقارات الآيلة للسقوط 2 مليون عقار فى محافظات الجمهورية، صدر بشأنها 132 ألف قرار إزالة بمراكز إمبابة ومثلها فى البساتين ودار السلام، ولم ينفذ على أرض الواقع. إهدار ملايين الجنيهات رصدت الدراسات الصادرة عن الجهاز المركزى للمحاسبات نماذج صارخة لحالات إهدار المال العام فى الأجهزة والإدارات المحلية لأكثر من 574٫4 مليون جنيه، ومحافظة القاهرة تحتل المركز الأول فى ماراثون فساد المحليات، تليها محافظة الجيزة فى المركز الثانى وبلغت 11٫5 مليون جنيه، وكانت أغرب المخالفات من نصيب ديوان عام المحافظة الذى قام بإنفاق 227 ألف جنيه على ضيافة أعضاء المجالس المحلية وكروت التهانى وباقات الورود، وجاءت محافظة دمياط فى المركز الثالث برصيد نحو 9٫3 مليون جنيه مهدرة، ثم جاءت محافظة جنوبسيناء فى المركز الرابع متفوقة على محافظات الوجه البحرى وبلغت 4٫7 مليون جنيه، وأثبتت الدراسة إهمال 2٫5 مليون جنيه تكلفة إنشاء 96 وحدة سكنية تم استلامها فى ديسمبر 1997، ولم يتم تسكينها حتى الآن، حيث تبنى مبانيها فى مواجهة السيل الرئيسى لوادى «وتير»، أما محافظة بنى سويف فاحتلت المركز الخامس على مستوى المحافظات فى فساد المحليات ب3٫3 مليون جنيه، كما قدرت الرشوة المدفوعة فى المحليات بمليار جنيه سنوياً بمعدل 3 ملايين جنيه يومياً، وأشارت تقارير إلى أن رخصة البناء تبدأ تسعيرتها ب5 آلاف جنيه وتزيد لتصل إلى أكثر من 60 ألف جنيه أو أكثر إذا كان المبنى فى حى راق. وبحسب دراسة لحملة «مين بيحب مصر» فإن 92٪ من العاملين بالإدارات الهندسية فى المحليات من الحاصلين على شهادات دبلومات التجارة والصناعة، ومرتباتهم السنوية تصل لمبلغ 88 مليار جنيه.. وأضافت الدراسة أن حصيلة العقارات المخالفة تقدر بمبلغ 118 مليار جنيه سنوياً، ولا يتم تحصيلها بسبب عدم وجود تشريعات ملزمة. مكافحة الفوضى والفساد الدكتور على مصطفى، وكيل وزارة الإسكان الأسبق، يرى أن التعديلات المطروحة على قانون البناء الموحد تبدو غامضة، وتساءل: أين المعايير التى يمكن على أساسها تحديد مدى التزام الملاك بقيود وشروط البناء، وإلى متى سيفتح باب التصالح فى مخالفات قد تضر مستقبلاً بالبناء وتشكل خطراً على الأرواح؟.. فمن حق الحكومة المصرية أن تصدر كل يوم قانوناً خاصاً بالبناء.. ولكن هل نحن نطبق القانون.. فهذا الإسهال التشريعى لن يكون له فائدة أو طائل إلا بالتزام الجميع بدولة القانون. وأكد وكيل وزارة الإسكان الأسبق أهمية توعية المواطنين المقبلين على شراء وحدات سكنية حديثة بأن يتأكدوا أولاً من وجود تراخيص للبناء السكنى ومدون به عدد الأدوار المسموح بها، لأن هستيريا الهدم والبناء والتعلية العشوائية زادت بوضوح بالمخالفة للقانون بعد ثورة 25 يناير 2011، فى ظل الانفلات الرقابى وتفشى الفساد والرشوة والمحسوبية فى الإدارات المحلية.. مطالباً بأهمية مراجعة جميع التشريعات الخاصة بتنظيم البناء والتشييد، للنهوض بالقطاع العقارى وعودة ازدهاره، وأهمها قانون 119 لسنة 2008 فهو يرجع إلى العصور الماضية، وعقوبته الحبس مدة من سنة إلى عامين مع وقف التنفيذ، وغرامة ضعفى قيمة المحضر المحرر للبناء المخالف، ويضاف إليها نسبة 1٪ من قيمة الأعمال يومياً، ومن ثم العقوبة الموقعة على أصحاب العقارات المخالفة غير رادعة، أى لا ترتقى لحجم الجرم الناجم من عشوائيات البناء المخالف، وكذلك قانون 106 لسنة 1976 بشأن تراخيص البناء، الذى لا يزال سارياً حتى الآن. إجراءات ملزمة وفى محاولة لحل المشكلة، طالبت الدكتورة منال السيد، عضو مجلس نقابة المهندسين، بضرورة وضع إجراءات وضوابط جديدة فى قطاع الإسكان والإدارات المحلية والتشريعات المنظمة للبناء والبنية التحتية للمناطق السكنية، حتى يمكن حل مشكلة فوضى البناء المزمنة، بعيداً عن البيروقراطية الوظيفية وتجنب الفشل والتغلب على الأخطاء المتكررة، وبناء عليه يعاد تشكيل هذه القطاعات، ويتم اختيار الشخص الأكفأ صاحب الخبرة والتعليم والتميز فى مجال عمله الهندسى، ومن ثم تحسين الخدمات الإسكانية. وأكدت عضو نقابة المهندسين أن بنود مشروع قانون البناء الموحد مجحفة، والذى يسعى إلى استمرار التعديات على الممتلكات العامة وتضخم العشوائيات. وشددت عضو مجلس نقابة المهندسين على أهمية منح مزيد من التسهيلات عند استخراج تراخيص البناء، ولا يتم القبول بالمصالحة مع أى صاحب عقار لمجرد أنه قادر على سداد 3 أضعاف قيمة المبنى، بل هدم البناء غير المرخص فوراً، بجانب منع توصيل المرافق والخدمات للمبانى المخالفة، وإلغاء المجالس المحلية، وتفعيل آليات الرقابة على الأداء، مع زيادة دوريات التفتيش لرصد وتسجيل المخالفات أولاً بأول، وإزالة كافة العراقيل الأمنية للإسراع فى إزالة العقار غير الخاضع للمواصفات القياسية، وتحديد ارتفاعات المبانى وعرضها بمختلف الأحياء والشوارع، لضمان توافر عامل الأمل الإنشائى حفاظاً على حياة المواطنين، وتغليظ العقوبات على المخالفين، بحيث لا يسمح بحدوث تلاعب فى نصوص القوانين أو تفضيل دفع التعويض للإبقاء على البناء غير الآمن، كما أن يعاقب المهندس المرتشى بالإقالة من نقابة المهندسين، إلى جانب عقابه بالسجن، لكى يكون عبره للجميع.. كل هذه النقاط غائبة فى قانون 119 لسنة 2008 المعدل من قبل وزارة الإسكان، والمطروح للنقاش فى البرلمان الآن.