في هذا الزمن، في هذا الراهن المكتئب، المشرئب المضطرب أينما تيمم وجهك ترى حضور الإمارات رائعاً ناصعاً يانعاً مترعاً بالعطاء والسخاء والانتماء إلى الحياة العفية المتعافية من شرور الحقد والأسى والمآسي.. ولما طالت يد الشر المجمع العلمي في مصر وأكلت وشربت على محتوياته الثرية والأثيرة وجدت الإمارات وباسم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة معنية بإعادة الأمور إلى نصابها، معنية بترتيب أثاث التاريخ وتهذيب الوجدان الإنساني وانطفاء حريق الكتاب بإعادة ترميم مبنى المجمع العلمي ومنح المجمع الكتب الأصلية والتي تلفت هدية حب من مكتبة سموه الخاصة.. هي التفاتة الوعي بكل ثقة لما يمكن أن يمثله الكتاب كجليس للتاريخ ومؤسس للحضارة، ما يعني أن هدية الحب لمصر هي هدية للإنسانية وهي إشارة تأنيب لمن تقاعس ضميره واستعدى نفسه ضد ما يؤرخ لمصر ولحضارة مصر وموقعها على طريق الحرير الإنسانية من بدء التاريخ حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. هذا هو طريق الإمارات اختارته بإرادة وعزيمة الرجال الذين آمنوا بأن للكلمة وقع النجاة من عذاب الجهل وأن للكلمة منطقة واسعة شاسعة في النفس البشرية حين تنطفئ يخبو نور النفس وتضمر الروح فتضمحل الحياة.. هذا هو طريق الإمارات، إسعاد الآخرين لون أشجاره الوارفة المزخرفة وحمايتهم من الضيم والضنك، واتساع أفقه. ليست هي مِنة إنما هو الانتماء وليست هي منحة وإنما هو صوت الإخاء الإنساني عندما يتجاوز الجغرافيا ليتكئ عند أرائك التاريخ، وعندما يثب لفيف الأوفياء والنجباء والنبلاء متخطياً فضاءات لتحط رحاله عند مضارب لها في الوجدان رفرفة ولها في القلب أصل المعرفة، وإن أزفت الأزفة واستنزف مصر ما يستنزف العيون الدعج الحور إلا أن التاريخ لا يكسر أقلامه ولا يجفف حبره بل إن الدورة الدموية تعيد نفسها باستعادة الموقع والمواقع وهذا ما يثق به كل من يعرف للحب معنى وكل من يفهم للعشق مغزى، وما هدية المحبة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي إلا ابتسامة فرح لتاريخ ناصع وإرث يافع مهما عبث الشر ومهما تهور الغدر ومهما تطور نسل العشوائية والغوغائية، فإن كتاب مصر سيظل مفتوحاً طالما بقيت عيون الأوفياء تحدق نحو السماء وطالما بقيت قلوب عشاق الكلمة نابضة رافضة أي شكل من أشكال نحر الكتاب على مذابح المهرولين باتجاه اللامسؤولية.. وستبقى الإمارات دائماً عند خط التلاقي والتساقي وحفظ المآقي، من دمعة تطفئ شمعة، ومن حنق يثني عنقاً، ومن شطط يقود إلى لغط ثم غلط، ومن انكسار يؤدي إلى انتحار، ومن زيف يؤدي إلى حيف.. ودائماً ستبقى الإمارات هي السند وهي العضد.. ستبقى الإمارات الكلمة الفصل في كل كتاب والعبارة اللامنتهية. نقلا عن صحيفة الإتحاد الإماراتية