طالب الإعلامى الكبير حمدى الكنيسى بمزيد من الجدية فى المحاسبة والرقابة الصارمة على الأداء فى ماسبيرو لإنقاذه من الأخطاء المتكررة واعتبر أن وجود مجلس للأمناء ومجلس أعلى لتنظيم الصحافة وهيئة وطنية للإعلام من شأنه أن يصحح مسار الإعلام. ودافع «الكنيسى» عن ضرورة وجود وزير للإعلام، وهى الفكرة التى كان يرفضها من قبل، مشترطاً أن يكون ذا خبرة إعلامية كبيرة وأفق سياسى واسع يسمح له بوضع استراتيجيات مستقبلية تعيد للإعلام المصرى ريادته. وشدد على أهمية وجود نقابة للإعلاميين تكون بمثابة رأس الحربة فى المنظومة الإعلامية الجديدة التى نص عليها دستور 2014، ورأى أن هجرة الكفاءات من ماسبيرو «غير شرعية» وسببها عدم منح الفرص للموهوبين من أبناء ماسبيرو. وانتقد أداء بعض المذيعين الجدد الذين تناسوا دورهم وتجاوزوا الطبيعة المحايدة لدور المذيع وتحولوا إلى نشطاء سياسيين، كما أن بعضهم يجرى وراء الإثارة بأى طريقة بحثاً عن الإعلانات. وناشد الرئيس السيسى أن يكون الاحتفال بنصر أكتوبر والتذكير به على مدار العام وليس فى ذكرى النصر فقط، مشيراً إلى أنه رأى بنفسه حين كان مراسلاً حربياً آنذاك عبقرية التخطيط ودقة التنفيذ وشجاعة الأداء.. وإلى نص الحوار: كيف تفسر أزمات ماسبيرو الأخيرة؟ - هى نتيجة لما جرى بعد ثورة 25 يناير، حيث تسلل عدد من غير الموهوبين وغير المهنيين، وبعض الخلايا النائمة إلى مواقع المسئولين وأثروا فيها بجهل وبعمد، وهذا يحدث منذ فترة، لكننى أرى أن ماسبيرو فى الطريق إلى استعادة توازنه ومكانته، فبعد غياب ست سنوات كاملة، عاد مجلس الأمناء وهو يمثل العقل والفكر لماسبيرو، كما أن رئيس الاتحاد صفاء حجازى متحمسة لإنجاز أمور كثيرة، لكن ما حدث فى الأزمة الأخيرة يعطل مسيرة انطلاق ماسبيرو والأمر يحتاج إلى مزيد من المحاسبة وتشديد الرقابة وبهذا يستعيد ماسبيرو موضعه وتوازنه كإعلام للدولة وليس إعلام الحكومة.. خاصة أن المنظومة الإعلامية التى نص عليها دستور 2014 وهى المجلس الأعلى للإعلام لتنظيم الصحافة والإعلام والهيئة الوطنية للإعلام المرئى والمقروء والمسموع، والتى ستحل محل اتحاد الإذاعة والتليفزيون ستساعد على تصحيح المسار بشكل جيد، مع التأكيد على وجود نقابة الإعلاميين بأسرع ما يمكن. أعتقد كل هذا يكون من وسائل العلاج المطلوب والسريع والحاسم. هل نحتاج إلى وزير إعلام؟ - أنا شخصياً كنت ضد فكرة وجود وزير إعلام، إنما حالياً أعتقد أنه من الضرورى أن يتواجد وزير الإعلام، لأننا أساساً فى فترة انتقالية ووضع الإعلام متخبط وعشوائى فى الإعلام الخاص، وأخطاء متكررة فى إعلام الدولة، ومن هنا يجب عودة وزير الإعلام، خاصة أن الدستور لم يمنع وجود وزير إعلام بشرط أن يقدم مفهوماً مختلفاً عن منصب وزير الإعلام فى الماضى، ويكون وزير إعلام لإعلام مصر كلها وليس لماسبيرو فقط يكون وزيراً بفكر وخبرة إعلامية كبيرة وأفق سياسى يضع استراتيجية للإعلام سواء لوسائل الإعلام أو للأجهزة التنفيذية بدءاً من رئاسة الجمهورية، لأن هناك الكثير من القرارات تصدر، لكن بسبب غياب وزير الإعلام، فهذه القرارات تأتى بنتائج غير طيبة، لأنه لا يحدث لها تمهيد ولا توضيح إعلامى.. ومن هنا أرى أن منصب وزير الإعلام مهم جداً فى هذه الفترة بشرط أن يكون مختلفاً عن وزير الإعلام السابق، ووزير الإعلام أقرب ما يكون إلى وزير إرشاد له أن يضع استراتيجية وأن يتحاور بالود والفهم لإقناع الآخرين. وهل ماسبيرو يحتاج إلى إعادة هيكلة؟ - لفظ هيكلة أصبح سيئ السمعة، لأن البعض فهم وتصور أنه يعنى التخلص من عدد من القنوات والإذاعات وأن العاملين سيكونون هم الضحايا، بينما إذا تمت الهيكلة بفكر جديد وتنسيق كامل من خلال مجلس الأمناء ورئاسة الهيئة الوطنية للإعلام القادمة، فمن الممكن وضع الإعلامى المناسب فى مكانه تماما.. أيضًا يجب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بشكل جيد، ومن يثبت أنه غير كفء يأخذ فترة تدريب كما ينبغى العمل برؤية مختلفة مع وكالات الإعلام، وهم مصادر الموارد، وبالتأكيد فإنه إذا تم إعفاء ماسبيرو عندما يصبح هيئة وطنية للإعلام من الأعباء المالية المتراكمة، ستكون لديه مصادر تمويل قوية تسمح له بالتطوير الفنى والبشرى بشكل كامل، خاصة أن ماسبيرو به عدد كبير من الإمكانيات البشرية والمادية المهمة. فى رأيك كيف يستعيد التليفزيون الريادة؟ - يستعيدها بالقيادة الواعية وتشجيع الموهوبين وإعطائهم الفرصة، وتدريب غير المؤهلين، والعمل وفق سياسة واضحة كهيئة خدمية للشعب والدولة وليس للحكومة وإذا تحقق هذا المفهوم وبالدقة والموضوعية والأمانة الواجبة سوف يتميز عن قنوات أخرى كثيرة. ولماذا تفوقت القنوات الفضائية الخاصة على التليفزيون المصرى؟ - تفوقت نتيجة أخطاء التليفزيون المصرى فى ثورة يناير، فحدث تراجع فى المصداقية، وابتعد المشاهدون عن التليفزيون واتجهوا إلى الإعلام الخاص والعربى، ولهذا أتيحت الفرصة بقوة للإعلام الخاص بأن ينطلق على حساب التليفزيون الرسمى. ماذا عن أوجه الفساد بالإذاعة والتليفزيون؟ - الفساد موجود فى كل مكان، والأمور دائماً تقلق القيادة والمخلصين من أبناء مصر، لكن الاتجاه السائد الآن فى محاربة الفساد سوف يحقق نتائج على المدى البعيد. هل تعتقد أن الإعلام الخاص يؤدى رسالة، أم يخدم رجال الأعمال فقط؟ - من الطبيعى جداً لرجل الأعمال الذى يطلق قناة معينة أن يكون فى ذهنه الكسب والعائد وما يستفيد به من برستيج وشهرة ومكانة وغير ذلك، إذا اتفقت هذه الأمور والتطلعات مع الأداء المهنى، فأهلاً به، بينما إذا وجدت تجاوزات على حساب الحقيقة والمهنية والأداء الإعلامى الجيد، فلا بد من وقفة، وأعتقد أن الإعلام الخاص الذى يتحول إلى أجندات لصالح بعض رجال الأعمال سوف يتراجع ويفقد الكثير من مصداقيته. نقابة الإعلاميين هى رأس الحربة فى هذه المنظومة الإعلامية الجديدة التى نص عليها دستور 2014، لأن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عندما يمارس التنظيم والمتابعة لا بد أن يرجع إلى المعايير التى تضعها نقابة الإعلاميين وسيحاسب وفقاً لميثاق الشرف الإعلامى والجهة الوحيدة التى تصدر هذا الميثاق هى نقابة الإعلاميين، وإذا قامت هذه المنظومة سريعاً، فأعتقد أن الإعلام يمكن له أن يخرج من حالة العشوائية وفقدان التوازن. لكن لماذا الهجرة من التليفزيون المصرى إلى الخاص؟ - هذه هجرة غير شرعية، ليس لها مبرر، خاصة أن الأجور الآن فى ماسبيرو جيدة وأفضل من الخارج.. لكن تلك الهجرة كانت نتيجة لأن بعض الإعلاميين الممتازين لم يجدوا فرصتهم بسبب الإدارة غير السليمة فى القطاعات المختلفة، فإذا كانت الإدارة جيدة ستعطى لهؤلاء الموهوبين المتميزين فرصتهم ولن يفكروا فى الهجرة إلى القنوات الخاصة. فى رأيك.. لماذا اختلف المذيع الآن عن المذيع فى الماضى؟ - المذيع الآن يخرج عن قواعد العمل الإعلامى الجيد وبعض المذيعين تحولوا إلى ناشطين سياسيين، بينما المذيع دوره كما تقول الكتب والتجارب العالمية أن يكون محايدًا وموضوعياً جدًا.. لكن حاليًا بعض المذيعين كسروا كل هذه القواعد، ومنهم من تحول إلى ناشط إعلامى ومنهم من تحول إلى خبير، وبعضهم يجرى وراء الإثارة بأى شكل من الأشكال، متصورًا أن ذلك سيضمن له الانتشار والإعلانات. لماذا اقتحم كثيرون ممن لا صلة لهم بالإعلام، مثل الفنانين والرياضيين وغيرهم مقاعد المذيعين فى الراديو والتليفزيون؟ - هذا حدث نتيجة غياب نقابة الإعلاميين والمفترض أن من يمارس الاعلام هم أعضاء نقابة الإعلاميين بحكم القانون.. ومن لم يكن عضواً بنقابة الإعلاميين لن يسمح له بمزاولة المهنة إلا بالحصول على ترخيص من نقابة الإعلاميين التى سترى النور قريبًا.. والمنتسبون لها سيلتزمون حتمًا بميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى.. وإذا لم يلتزم العضو، فلن تجدد له النقابة الترخيص.. والتنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يمكن محاسبة أى قناة أو أى إذاعة تسمح لمن لا يكون عضوًا فى النقابة أو ليس لديه ترخيص.. بأن توقفه عن العمل. وماذا عن الدور الحقيقى للإذاعة المصرية وسط هذا الزخم من الفضائيات؟! - كثير ما تثار بعض الآراء غير العلمية، مثل أن الإذاعة «راحت عليها خلاص»، وهذا حدث منذ ظهور الإذاعة نفسها.. قالوا كذلك إن الصحافة الورقية راحت عليها، لأن الإذاعة تعد صحافة مسموعة.. ومع ذلك فالجرائد والمجلات موجودة رغم منافسة الإذاعة والتليفزيون.. والآن يحدث نفس الوضع بالنسبة للإذاعة.. لكن نجد أن الاذاعة لديها مقومات خاصة بها لا تتوافر لأى وسيلة إعلامية أخرى.. الإذاعة هى صديق وأنيس للأمانى، فهى لا تتطلب لمن يتابعها التفرغ الكامل لها، فتسمع الإذاعة فى السيارة والمقهى والمطبخ وفى أى مكان.. أيضًا الإذاعة تملك ميزة تنشيط الخيال لدى المستمع، بينما التليفزيون يعطى كل التفاصيل للمشاهد بمجرد النظر إليه.. ولذلك التليفزيون أدى إلى تراجع نسبة الإبداع والخيال عند الأجيال الجديدة.. إذا الإذاعة موجودة بقوة، الدليل ظهور إذاعات جديدة، خاصة تحقق إيراداً يفوق أحياناً إيراد القنوات التليفزيونية.. والمهم لكى تستمر الإذاعة فى هذه المنافسة الشرسة أن يكون الفيصل هو التطوير والتجويد من الإذاعيين. بصفتك من أبرز المراسلين الحربيين على الجبهة المصرية لحرب أكتوبر 73.. ماذا تقول اليوم فى ذكرى انتصارات أكتوبر؟ - أقول متجهاً للرئيس السيسى مباشرة.. يا سيادة الرئىس وأنت الرجل صاحب التاريخ العسكرى، والذى يملك فعلاً الرؤية والقرار.. هل يرضيك أن تكون ذكرى حرب أكتوبر مجرد برنامج أو مقال كل عام.. يا سيادة الرئيس حرب أكتوبر أكبر بكثير جدًا من أن تكون كذلك، وأنت أعلم بذلك.. حرب أكتوبر حتى الآن كادت تضيع من أذهان وثقافة الأجيال الجديدة.. لكى نحتفل بذكرى حرب أكتوبر أرجوك وضع خطة شاملة لتخليد هذه الحرب لتظل يقظة وملموسة من الشعب على مدار العام من خلال تماثيل لأبطال حرب أكتوبر، ولدينا أبطال لكل منهم قصة للتفكير والشجاعة والإقدام والتضحية.. نريد تماثيل وجداريات فى كل الميادين.. أيضًا يجب التركيز على حرب أكتوبر فى مناهج التعليم بدءاً من الحضانة حتى الجامعة. أيضًا لا بد من التعاون ما بين وزارة الدفاع فى إنتاج أفلام ومسرحيات ومسلسلات تجسد قيمة انتصار حرب أكتوبر على مدار العام، لأن هذا الانتصار كان شبه مستحيل، لكن الجيش المصرى والشعب المصرى والجندى المصرى هو الذى قهر المستحيل، فحرام أن يكون الاحتفال به هكذا فى كل عام مضى. وماذا عن رسالتك لأبنائك الإعلاميين فى الإذاعة والتليفزيون؟ - ليتكم تقدمون لحرب أكتوبر ونتائجها ما تقدمونه فى الموضوعات الأخرى.. ليتكم تبرزون فى حلقات كثيرة متواصلة بطولات رجال الصاعقة المصريين، والطيارين وكل أسلحة الجيش المصرى.. ليتكم من خلال روح أكتوبر وروح يناير ويونية تدركون أن الإعلام الحقيقى هو المهنية الحقيقية هو الأداء الموضوعى الذى يضع فى اعتباره توعية المواطن ونقل الحقيقة إليه دون تشويه.. توعية المواطن بالظروف التى تعيشها مصر الآن، وهى تواجه أخطر المؤامرات والمخططات. وأرجو من الزملاء والأبناء الإعلاميين الالتزام بالمهنية فى الاعلام، وإدراك أن الإعلام صار الآن أخطر سلاح يوجه الدول الشعوب.. ويجب الالتزام بما يحفظ للوطن تماسكه ووحدته فى مواجهة أخطر وأشرس المؤامرات والمخططات.. وليتذكروا جميعاً ما قدمه أبطال القوات المسلحة من استعداد لتضحية الروح من أجل الوطن.. لذا مطلوب من الإعلاميين أن يستعدوا للتضحية بمصالحهم الشخصية من أجل الوطن. ونحن نحتفل ونحتفى هذه الأيام بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة.. ماذا عن أبرز ما شهدته أثناء حرب أكتوبر وأنت مراسل حربى من الجبهة المصرية؟ - رأيت ولمست بنفسى على أرض الواقع عبقرية التخطيط ودقة التنفيذ وشجاعة الأداء.