"لا يهمني أين ومتى سأموت بقدر ما يهمني أن يبقى الوطن".. كان هذا ما آمن به تشي جيفارا، فأخذ على عاتقه مواجهة الفساد والظلم في شتى بقاع الأرض، معتبرًا جميع بلدان العالم وطن له، حتى أصبح رمزًا للنضال ونصيرًا للفقراء. وتحل اليوم الذكرى ال 49 على وفاة جيفارا، حيث تم إعدامه رميًا بالرصاص في مثل هذا اليوم 9 أكتوبر 1967، على يد القوات البوليفية بعد أن وقع لديهم أسيرًا قبلها بيوم في 8 أكتوبر، وكان الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم قد نعاه بقصيدة "جيفارا مات". و"أرنستو تشى رافاييل جيفارا دلاسيرنا" هو الاسم الكامل ل"جيفارا"، الذي ولد في 14 يونيو 1928 في الأرجنتين، ونشأ في أسرة ذات ميول يسارية، وعرف طريقه للتمرد منذ طفولته فبرغم مرضه بالربو، إلا أنه لم يستسلم له وبرع كرياضي من خلال ممارسته للسباحة وكرة القدم والجولف والرماية. وفي السنة الأخيرة من دراسة جيفارا في الطب، أجرى جولة حول أمريكا الجنوبية مع صديقه ألبيرتو جرانادو على متن دراجة نارية، وكانت هذه الرحلة بمثابة البداية الحقيقية له في الثورة ضد الظلم والفساد، بعدما شاهد حياة المواطن اللاتيني الفقيرة للغاية. انتقل جيفارا إلى كوبا في خمسينيات القرن الماضي، وهناك تعرف على الأخوين المتمردين راؤول وفيدل كاسترو، وانضم إلى حركة "26 يوليو"، وأصبح شريكًا ل"كاسترو" في قيادة الثورة في كوبا، فكان العقل المدبر لها. وبعد نجاح الثورة في إسقاط نظام الرئيس الكوبي فولجينسيو باتيستا، وقيام كوبا الاشتراكية حصل على الجنسية الكوبية شغل منصب وزير الصناعة ومتحدثًا باسم كوبا في الأممالمتحدة، وتصدى لتدخلات الولاياتالمتحدةالأمريكية، واتجهت كوبا نحو الاتحاد السوفيتي وأعلنت عن مساندتها لحركات التحرر في تشيلى، وفيتنام، والجزائر. وما لبث أن قرر جيفارا الاستقالة من كل المناصب التي شغلها والعودة مجددًا في صفوف الثوار، قائلًا: "الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلي". وكانت الثورة بالنسبة لجيفارا مقدسة، فكان يراها قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كالحب الوحشي للوطن، فعاش محرضًا لضجيج الثوار باستمرار كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء. وترك جيفارا كوبا واتجه إلى الثورة في الكونغو بإفريقيا، إلا أنه فشل ولم ينجح مثلما فعل في ثورته الأولى، وبعدها توجه إلى بوليفيا، إلا أن فشله تكرر ثانية، بعدما رفض مواطنيها التعاون معه. ووقتها ألقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية القبض عليه، واستجوبته بإحدى القرى النائية، وبعدها أمر الرئيس البوليفي بقتله، وكان جيفارا قد يبعث برسائل لأمه قبل وقاته قال في احدهم: "لا تحزني يا أمي إن مت في غض الشباب، غدًا سأحرض أهل القبور وأجعلها ثورة تحت التراب".