إرنستو جيفارا ، ما هو إلا مجموعة من الشخصيات اجتمعت في رجل واحد، طبيب وكاتب وشاعر وقيادي وثوري، يؤمن بأن بلاد العالم وطنه، وقلوب الناس جنسيته، خُلق للدفاع عن الفقراء والمظلومين، لم يعرف يومًا موطنًا فأينما وجد الظلم كان وطنه، يدين بالثورة ولا يعرف غيرها كأسلوب للحياة، قال عنه والده: «ابني تجري في عروقه دماء المتمردين الأيرلنديين، وصفه المؤرخون والفلاسفة وأتباعه ب«المحرر»، بينما هو رفض الوصف، وقال إن «الشعب هو المحرر.. المحررون لا وجود لهم»، لم يخش الموت بقدر ما اهتم بنشر ضجيج الثوار في العالم كله، حتى تحولت صورته المنمقة منذ وفاته إلى رمز في كل مكان يعاني الظلم والقهر وكانت احدى رسائلة لوالدته تحمل كلمت من ذهب قائلاً:"«لا تحزني يا أمي إن مت في غض الشباب، غدًا سأحرض أهل القبور وأجعلها ثورة تحت التراب». ولد إرنستو جيفارا في 14 يونيو 1928 بروزاريو (الأرجنتين)، أصيب بالربو منذ طفولته ولازمه المرض طوال حياته.ومراعاة لصحة ابنها المصاب بالربو استقرت أسرته في ألتا جراسيا في السيرا دو كوردوبا، و درس الطب في جامعة بيونس آيرس وتخرج فيها عام 1953، ونظرا لمرضه لم يلتحق بالخدمة العسكرية. بداية النضال كانت بداية احساسة بمدى الظلم الواقع على المزارع الأمريكي البسيط الجولة التي قام بها حول أمريكاالجنوبية مع صديقه ألبيرتو جرانادو على متن دراجة نارية وهو في السنة الأخيرة من الطب توجه بعدها إلى جواتيمالا على أمل الإنضمام إلى صفوف الثوار، حيث كان رئيس جواتيمالا يقود حكومة يسارية شعبية لكن هذة الحكومة أطيح بها عام 1954 بانقلاب عسكري مدعوم من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. سافر جيفارا للمكسيك بعد أن حذرته السفارة الأرجنتينية من أنه مطلوب من قبل المخابرات الأمريكية وهناك التقى براؤول كاسترو المنفي مع أصدقائه الذين كانوا يجهزون للثورة وينتظرون خروج فيدل كاسترو من سجنه في كوبا. وما إن خرج فيديل كاسترو من سجنه حتى قرر جيفارا الانضمام للثورة الكوبية وتمكن الثوار من دخول العاصمة هافانا في يناير 1959 على رأس ثلاثمائة مقاتل انتقل إلى كوبا ، في الخمسينات، إذ كانت مدينة مكسيكو تحتضن الأخوين المتمردين راؤول وفيدل كاسترو، وانضم إلى حركة «26 يوليو»، وحاز على لقب «عقل الثورة»، ونجحت الحركة في إسقاط نظام الرئيس الكوبي فولغينسيو باتيستا، وتقديرًا لدوره في الثورة، مُنح الجنسية الكوبية، ثم جرى تعيينه مديرًا للمصرف المركزي، ووزيرًا للصناعة، لكنه لم يبق في كوبا، قائلاً إن «الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلي»، فاستقال من كافة المناصب التي شغلها. جيش التحرير الوطني ورحل إلى القارة السمراء «أفريقيا»، لخلق ثورة جديدة في الكونغو، لكنه فشل هذه المرة، بسبب عدم تعاون الجيش معه، وفساد قياداته، وغياب روح الحماس والإرادة، حسبما يقول في مذكراته، فغادر الكونغو إلى بوليفيا بغرض التحضير لرص صفوف الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية لمجابهة النزعة الأمريكية المستغلة لثروات دول القارة، قسم قواته لتسريع تقدمها، ثم أمضوا بعد ذلك أربعة أشهر متفرقين عن بعضهم في الأدغال، إلى جانب ظروف الضعف والعزلة ، وتكرر الفشل مرة ثانية في بوليفيا، فبعد أن كون ما أسماه «جيش التحرير الوطني»، رفض مواطنو بوليفيا التعاون معه. أسر جيفارا تعرض جيفارا إلى أزمات ربو حادة، مما ساهم في تسهيل البحث عنه ومطاردته، وفي يوم 8 أكتوبر 1967 وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فرداً، وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة، تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل. وقد استمر "تشي" في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته وضاع مخزن مسدسه وهو ما يفسر وقوعه في الأسر حياً. وفاته نُقل "تشي" إلى قرية "لاهيجيرا"، وبقي حياً لمدة 24 ساعة، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه،"وكانت الكلمات التي وجهها إلى قاتله " أنا أعلم أنك جئت لقتلي.. أطلق النار يا جبان.. إنك لن تقتل سوى رجل".. ، إلى أن ضابط الصف "ماريو تيران" تعليمات ضابطيه: "ميجيل أيوروا" و"أندريس سيلنيش" بإطلاق النار على "تشي" في مدرسة القرية، وقد رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزاراً للثوار من كل أنحاء العالم. وفي عام 1997 كشف النقاب عن جثمانه وأعيد إلى كوبا، حيث قام الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو بدفنة بصفة رسمية دروس وقيم انتقل جيفارا إلى العالم الآخر، لكن قبل أن يرحل علمنا أنه «إذا فرضت على الإنسان ظروف غير إنسانية ولم يتمرد سيفقد إنسانيته شيئاً فشيء»، وحرضنا على الثورة ضد الظلم «خير لنا أن نموت ونحن واقفين مرفوعي الرأس من أن نموت ونحن راكعين»، وحذرنا من تُجار الدين، ودعانا لمحاربتهم «إن أبشع استغلال للإنسان هو استغلاله باسم الدين، لذلك يجب محاربة المشعوذين والدجالين حتى يعلم الجميع أن كرامة الإنسان هي الخط الأحمر الذي دونه الموت»، وأن ننتبه بعد انتصار الثورة «الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد». مزار سياحي وأصبح طريق آخر معارك جيفارا مزار سياحي، و بإمكان السائحين من جميع أنحاء العالم أن يسلكوا الممرات التي شهدت المعارك التي خاضها الزعيم الثوري تشي جيفارا ضد الجيش البوليفي في الغابة الواقعة جنوب شرق بوليفيا، وسيقود الطريق الذي يعرف باسم ''روتا ديل تشي'' المهتمين برؤية هذه الطرق كما يمكنهم من أن يقوموا عبر هذا الطريق بزيارة المواقع التي شهدت معارك جيفارا ضد الجيش البوليفي في الفترة (مارس-أكتوبر) ،1967 .