"وقوع البلاء أم انتظاره".. سؤال يطرحه المئات من مواطنى القليوبية كُتب عليهم أن يعيشوا يوميًا فى انتظار عزرائيل، فالموت يقف على أبواب القليوبية ليحصد يوميًا عشرات الضحايا على الطرق المتهالكة والمظلمة ليلًا، فالطرق الممتدة على الزراعى والدائرى وبنهاالمنصورةوبنهاالزقازيق والطرق الأخرى كطريق خط 12 و13 الرابطين بين بنها والقناطر، تمثل بؤرًا للموت والسرقة ليلًا، ناهيك عن الحفر والمطبات التى أصبحت مأساة. الموت يقف أيضًا على أبواب مدينة القناطر منتظرًا أن يقبض أرواح أكثر من 600 مواطن يمثلون 78 أسرة تقطن بالعقار رقم 11 بجوار المدرسة الثانوية الصناعية، العقار الذى يلقبه مواطنو القناطر الخيرية ببلوك الغجر، الذى صار يمثل عنوانًا للموت فى أى لحظة، فعمره يزيد على ستين عامًا ولم يعد يحتمل. وسعى مجلس مدينة القناطر، من جانبه محاولًا النجاة من المسئولية وأرسل خطابات بالإخلاء الفورى للعقار الصادر بشأنه العشرات من قرارات الإزالة. عذرائيل لم يكتفِ بمدينة القناطر بل يقف منتظرًا سقوط ضحايا فى 13 منطقة خطرة فى القليوبية، حيث كشف تقرير حديث صادر عن صندوق تطوير العشوائيات التابع لمجلس الوزراء، عن وجود 13 منطقة فى محافظة القليوبية وحدها. وكشف تقرير لوحدة تطوير العشوائيات بمحافظة القليوبية، أن درجة الخطورة وفقًا للتصنيف الدولى ومقاييس الهيئة العامة للتخطيط العمرانى ووزارة التنمية المحلية هى الدرجة الثانية والثالثة التى تشير إلى الكتل السكنية تحت خطوط الضغط العالى، وفى وجود تلوث شديد يهدد حياة المواطنين، وفى سكن غير ملائم ومساكن ذات عناصر إنشائية من حوائط أو أرضيات أو أسقف تم بناؤها باستخدام فضلات مواد البناء، أو على أراضٍ ذات تربة غير ملائمة للبناء، أو المنشآت المتهدمة أو المتصدعة ذاتها. وأشار محمد طلعت غالى، مدير وحدة تطوير العشوائيات بالمحافظة إلى وجود 13 منطقة خطرة وغير آمنة بالمحافظة، منها 11 منطقة بشبرا الخيمة تشمل حى شرق شبرا الخيمة بالكامل، حيث يعيش أكثر من نصف مليون مواطن تحت خطوط الضغط العالى، وبالتالى حرموا من توصيل التيار الكهربائى والمرافق وفقًا للقانون الذى يمنع توصيل الكهرباء للمساكن التى تقع تحت خطوط الضغط العالى وتلك المناطق هى عزب الصعايدة وسليم وإبراهيم لطفى ومنطقة خلف نادى البلاستيك ومدينة السلام والفيلا والفتح وبهتيم وعزبة رشدى والمرجوشى ومساكن إسكو وعشش البكرى. وأضاف غالى، أنه توجد منطقة فى الخصوص التابعة لمركز الخانكة التى تعتبر زلزال مصر القادم من حيث نسبة العشوائيات منطقة خطرة وغير آمنه وهى منطقة الزرايب التى يعيش فيها أكثر من 50 ألف مواطن على مساحة 12 فدانًا فى مساكن غير آدمية وتهدد حياة من يعيشون فيها، حيث يبلغ عدد الوحدات السكنية غير الآمنة 360 وحدة سكنية. كما توجد منطقة غير آمنه فى العكرشة التابعة لمركز الخانكة على مساحة 250 فدانًا فى منطقة صناعية عشوائية غير مرخصة منذ الثمانينات، حيث يوجد بها 270 مصنعًا غير مرخص، وترتفع نسبة التلوث بشكل يفوق المعدلات العالمية، إضافة إلى ملوثات الصرف الصحى والصرف الصناعى والانبعاثات والضوضاء التى يعانى منها ما يقرب من 10 آلاف مواطن. قال طلعت غالى، إن المحافظة أعدت خطة لمواجهة ذلك وأرسلت مطالبات لمجلس الوزراء ووزارة الكهرباء لإزالة أبراج الضغط العالى واستبدالها بخطوط أرضية التى تصل تكلفة نقلها ألى مليار جنيه. الحياة فى ظل انتظار الموت لا تزال كارثة تحدق بمواطنى المحافظة وتتطلب تدخلًا عاجلًا من مجلس الوزراء ومحافظ القليوبية لإنقاذ بشر محسوبين عليها وينتظرون أن تعود إليهم حياتهم الآمنة. ففى المحافظة التى لم يشفع لها قربها من العاصمة القاهرة يعيش 2 مليون و133 ألفًا و775 مواطنًا فى 67 منطقة عشوائية، بنسبة 43% من سكان المحافظة، الذى يبلغ عددهم 5 ملايين و158 ألفًا و344 نسمة لم يتم تطوير إلا 15 منها فقط على مدى 20 عامًا، وبقيت المناطق الأخرى لتجسد مأساة إنسانية مؤلمة وواقعًا مرًا يحياه سكان تلك المناطق. وتلك المناطق مصنفة منذ عام 1994 حتى عام 2008 وتم إدماج هذه المناطق العشوائية منذ عام 2008 ضمن الحيز العمرانى للكتل السكنية بالمدن. ولم تتوقف أزمات المحافظة عند هذا الحد، فالدخان الأسود ورائحة ثانى أكسيد الكربون والغازات السامة القاتلة صارت عنوانًا للمحافظة فى أبو زعبل والعكرشة بالخانكة ومعاناة سكان المنطقة من مصنعى السماد والشبة التى حوّلت جو المنطقة إلى ضباب قاتل. ومعاناة أهالى قرى طوخ والقناطر، خصوصًا قرية أجهور من وجود أكثر من 400 مكمورة فحم نباتى تسببت فى انتشار الأمراض السرطانية والصدرية وتلف الزراعات ونفوق الحيوانات بالمنطقة. ومشكلات القمامة فى كل قرى ومدن المحافظة، خصوصًا فى شبرا الخيمة التى استطاعت القمامة وحدها أن تطيح بعدد من الرؤساء لحى شرق شبرا الخيمة، ومشكلة المدفن الصحى بأبو زعبل، الذى تشتعل قمامته ذاتيًا لتنشر سمومها على سكان المنطقة. وتأتى إحدى أهم المأسى بالمحافظة، حيث يعيش أكثر من مئة أسرة مشردة داخل مجموعة من الخيام وسط منطقة نائية بمدينة الخانكة بمحافظة القليوبية ليس لهم مأوى غير الخيام القماش، فالصغار والكبار يشتكون من حرارة الشمس الحارقة في الصيف، وشدة البرد القارس في الشتاء، وكثرة الأمراض المزمنة والمنتشرة بين أطفالهم بسبب المعيشة القاسية التي يعيشونها ولكن هؤلاء الأسر أحلامهم بسيطة ومشروعة جدًا وهي أن يعيشوا حياة آدمية وكريمة مثل بقية البشر.