استبشر المصريون خيراً عندما حدد الدستور فى بعض مواده الانتقالية أن يتضمن أول برلمان بعد 30 يونية «كوتة» لتمثيل المرأة بنسبة 16٪ من النواب واعتبرن ذلك انتصاراً لقضايا المرأة وطريقًا لتمكينها اقتصادياً واجتماعياً ورفع الظلم عنها وذهب البعض فى تفاؤله واعتبر دخول المرأة لهذا العدد الكبير فى البرلمان سيكون أصدق تعبير عن مشاكل المجتمع وأن المرأة سوف تنقل قضاياه على الأقل نبض الناس بصورة أفضل من الرجال على اعتبارها أنها الأكثر مكابدة لمشكلات المجتمع، ولكن كل هذه الأحلام الوردية تبخرت مع انعقاد أولى جلسات البرلمان وصدم الكثيرون فى أداء المرأة تحت القبة حيث أسفرت الممارسة العملية منذ بدء الانعقاد الأول للبرلمان وحتى نهايته عن فشل المرأة النائبة فى تحقيق أى من الأهداف السابقة وبدلاً من أن تكون «الكوتة» وسيلة تمكين للمرأة تحولت إلى مجرد برواز اجتماعى لمجموعة من السيدات لا تدرى كيف جرى اختيارهن ضمن القوائم وفوجئ الشعب والمجتمع النسائى بسيدات لا يعلمن دورهن الحقيقى تحت القبة، حتى اللواتى يحملن تخصصات علمية رفيعة المستوى لم يستفد منهن البرلمان شيئاً سوى الانتظام فى الحضور لسد فراغ غياب النواب، ورأينا فى الجلسات مدى التناقض بين ما كانت بعض النائبات تطالب به وتدعو إليه قبل الانتخابات، وما استسلمت له ووقفت تجاهه مسلوبة الإرادة بعد حصولها على المقعد البرلمانى بل إن بعضهن تورط فى ممارسات وسلوكيات كنا نعيبها على النواب الرجال مثل استغلال النفوذ أو الحصول على منافع شخصية، و«الوفد» من جانبها تطرح السؤال.. هل نجحت سيدة 30 يونيو فى فرض وجودها وتحقيق مطالبها تحت من البرلمان أم أجلت ذلك لدور الانعقاد الثانى لمجلس النواب، أم ستحافظ على صمتها رافعة شعار «فى السكوت السلامة». لا يختلف اثنان على أن وصول 89 سيدة إلى مجلس الشعب هو حدث تاريخى غير مسبوق فى حياة البرلمانات المصرية كما لا يمكن أيضاً نفى تباين الآراء حول تقييم الأداء البرلمانى للنائبات بعد مرور شهور على انطلاق أعمال مجلس النواب، فبينما رأت بعض الآراء أن البرلمان خلال الفترة الماضية كان مشغولاً بأعداد وإقرار اللائحة الداخلية للمجلس واعتبرت آراء أخرى أنهن أبلين بلاء حسناً. فى ضوء المعطيات وفيما نوقش من قوانين بينما نفى فريق ثالث أن يكون لهن أى تأثير يذكر حتى الآن مرجعاً السبب إلى قلة خبرة الكثيرات منهن فضلاً عن كونها التجربة الأولى لهن تحت القبة! ولكن وبشكل عام اتفق الجميع أن هناك اهتمامات وأولويات أخذت الكثير من الوقت للسيدات داخل المجلس وأبعدتهن من مشكلات المجتمع والمرأة على وجه الخصوص حتى فى معارك كادت تندلع فى أهم قضايا المرأة، مثل قانون الأحوال الشخصية والتعديلات المقترحة والتى يراها بعض الأزهريين أنها تتضمن قيوداً على تعدد الزوجات أو إلزام الزوج بتوفير مسكن خاص للزوجة وكحق المطلقة فى نصف ثروة زوجها وغيرها من مشاكل كانت ولاتزال متعلقة بالحضانة وحق الرؤية حتى معركة الختان والتى كانت قد أشعلت حرب التصريحات بين النواب وقضايا المرأة أصبحت فى خبر كان أو حتى قضايا التحرش الجنسى والتى أكدت دراسة حديثة للأمم المتحدة بأن بمصر 2٫5 مليون امرأة يتعرضن للتحرش الجنسى فى الشوارع إلى جانب مشاكل عديدة تقابلها المرأة المصرية فى أماكن العمل والتميز السارى للآن فى معظم مؤسسات الدولة ورغم ذلك لم تهتم بطرح قانون العمل وفيما يخص المرأة العاملة والتى أكد الواقع أن اهتمام بعض القيادات النسائية به مجرد شو إعلامى رغم وجود 40٪ من الأسر المصرية تعيلها سيدات عاملات ولكنهن لا يزلن عمال درجة ثانية، ناهيك عن الانصراف تماماً عن بحث مشكلة الزيادة السكانية شماعة الحكومات الفاشلة المتعاقبة و المرأة تتهم أحياناً أنها السبب الرئيسى فيها، كل هذه المشكلات وغيرها، ولم نسمع صوتاً حقيقياً للمرأة داخل البرلمان حولها.. وإنما سمعنا كثيراً جداً عن ماراثون لأزياء ولقصات الشعر للنائبات داخل المجلس وكذلك عن حديث مطول عن وضعهن وأماكن جلوسهن فى المقاعد بجوار زملائهن من النواب الرجال وكذلك عدم اللياقة فى الحديث معهن والتجاهل التام لبعض مطالبهن حتى عند المطالبة بالكلمة من رئيس المجلس ومؤخراً تتدخل بعضهن مثل نائبة الشرفية بالتطاول على أجهزة الأمن فى محاولة منها لخرق القانون وإخراج نجل شقيقتها من أحد الأقسام رغم تعديه بالطعن بالسلاح الأبيض على شاب كان يحاول إنقاذ شقيقته من مضايقاته والتعرض لها بشكل فج فى الشارع، وكانت النتيجة أنه بين الحياة والموت فى أحد المستشفيات، نهاية بالنائبة التى أثارت كلمتها فى البرلمان المصرى أثناء مناقشة البرنامج الحكومى سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى والتى ظهرت فيها وكأنها لا تفهم شيئاً وتبصم بالعشرة وتوزع الشكر يميناً وشمالاً على الجميع فى المجلس وهو ما آثار أيضاً موجة من الضحك المتواصل فى جلسة البرلمان مما استدعى من رئيس المجلس استخدام نقطة النظام لعدة مرات لضبط الهدف، وهو الأمر الذى أوصل بعض النشطاء لحد السخرية من تلك النائبة بقوله إن الحاجة كانت رايحة تنشر الغسيل لقت نفسها فى البرلمان، ولما لا ونحن حتى لم نسمع عن أى رؤى وخطط ومعالجات للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى باتت تطحن المصريين يوماً بعد الآخر، رغم انضمام خبرات اقتصادية ومالية ومصرفية عالمية ومحلية من السيدات للمجلس إلا أننا فوجئنا بأن بعضهن غير من أدائهن وحلولهن لبعض المشكلات الاقتصادية بعد دخولهن للمجلس فمنهن شهيرات جداً كانت رؤيتهم أن الضرائب التصاعدية أجدى وأفضل لحل بعض مشكلات نقص الدعم وسد عجز الموازنة ووجدنهن يروجن لمزيد من أوجه الجباية الحكومية ولقرض صندوق النكد الدولى كطوق للنجاة. هكذا كان واقع المرأة المصرية داخل برلمان ما بعد 30 يونيو.. واقع يؤكد أن المشكلة لم تكن فى انخفاض أعدادهن وإنما فى شكل ممارستهن وإيمانهن بحقوقهن وقضايا مجتمعهن والمجتمع ككل.. وأن المرأة فى العالم كله تحكم إن أرادت بلا منحة أو كوتة!! مقصرات ولكن! فى الدورة المنقضية لمجلس النواب الشعب على وجه الخصوص يجب ألا نقارن أو نفرق بين أداء النائبات ونواب البرلمان ككل، بحسب الدكتورة كريمة الحفناوى، وذلك لاستنزاف المجلس وقت طويل لإصدار اللائحة المنظمة لعمله وفى الوقت نفسه لم يضع المجلس وللأسف أولويات للقوانين التى يحتاجها المجتمع ككل وإنما كانت الأولوية للموافقة على قوانين الحكومة كذلك بطء وضع الموازنة العامة للدولة والتصديق بالموافقة عليها وكان الأجدى من ذلك سعى جميع النواب لسن وتشريع القوانين التى تترجم نصوص ومواد الدستور والتى جعلت الدستور معطلاً العمل به للآن على أرض الواقع. ولذلك والكلام للدكتورة كريمة الحفناوى وفيما يخص أداء النائبات بالمجلس فكنا نتمنى أن يكون صوتهن عاليا فى دفع المجلس لوضع قوانين تهم الفئات المهمشة أو معاناة المجتمع بجميع طبقاته أو التفكير فى بدائل لما تقدمه الحكومة من قوانين تزيد من معاناة المواطنين ويرفضها المجتمع ككل وآخرها قانون القيمة أو الضريبة المضافة، فأين النائبات المدافعات عن المرأة المعيلة والتى تمثل اليوم ثلث المجتمع المصرى ومن معاناة الأسر المصرية أين النائبات من قضايا التمييز ضدهم مثل قانون العمل والذى من المفترض مناقشته خلال الدورة الحالية وما يتطلبه من قوانين يجب أن تكون لصالح المرأة ووفقاً لما جاء بالدستور، من خلال سن قوانين تعمل على التوافق بين عمل المرأة ومهامها كزوجة وأم داخل منزل الزوجية.. وخلاف ذلك أين هن من القضايا والمشكلات الاقتصادية وأزمات مصر الكبرى وهن يتمتعن بقدر عال من التخصصات المختلفة اقتصادياً وبيئياً وعلمياً واجتماعياً وموزعات على اللجان المختصة ، وبالتالى - وبحسب كريمة الحفناوى - هناك ضرورة لتكون الجلسات علنية خاصة بعد البطء الملاحظ فى إصدار عدد من القوانين لصالح الشعب بعد إصدار لائحة مجلس الشعب والتى استنزف إصدارها الكثير من وقت المجلس والمواطنين، فكيف على سبيل المثال فى قضية تيران وصنافير أن يكتفى المجلس بقبول عذر المناقشة لعدم إحضار الحكومة للأوراق المطلوبة والمؤكدة لملكية من تكون. ولذلك أداء مجلس الشعب بجميع نوابه ونائباته دون المستوى فجميعهم لا يستخدمون صلاحياتهم فى الرقابة والمحاسبة للحكومة البطيئة جداً والتى تنتهك الدستور فى عدد من الضرائب مثل تجاهل الضرائب التصاعدية وفقاً للمادة 38 من الدستور والتى كانت ستوفر مليارات الجنيهات للبلد بدلاً عن فرض أنواع كثيرة ومختلفة للجباية الحكومية على المواطنين من الغلابة ومحدودى ومتوسطى الدخل. فريدة النقاش الكاتبة الصحفية وترى أن انعدام الأداء المميز سمة مشتركة لجميع أعضاء مجلس الشعب، لا فرق بين نائب أو نائبة.. حيث إن انشغالات واهتمامات جميع الأعضاء تصب فى مجموعة من القضايا الجزئية دون المهمة الرئيسية التى كان على المجلس القيام بها فور انعقاده والممثلة فى وضع القوانين المنظمة والمحققة للمواد الدستورية وهو ما أدى إلى عدم التفعيل للدستور ولأن هناك 54 مادة تنتهى بهذه الصيغة، طبقاً لما ينظمه القانون كذلك فى القضية الرئيسية الخاصة بالموازنة العامة للدولة، لايزال سياسة المسكنات والبحث فى جيوب المواطنين الطريق الأسهل لمحاولات سد هذا العجز بفرض المزيد من الضرائب دون التفكير فى تنمية حقيقية للموارد أو استحداث سبل جديدة لسد العجز أو إصدار قانون يعلو بقيمة العمل والإنتاج وأنهما المخرج الحقيقى والرئيسى لسد هذا العجز المتفاقم! الدكتورة آمنة نصير، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبصراحتها المعتادة.. لم تذكر أى قصور فى الأداء قد يكون حدث، وأرجعته إلى أن 80٪ من النواب والنائبات حديثى العهد بثقافة البرلمان وأدائه وبالقوانين التى تنظم أعمال البرلمان وبالتالى كان هناك الكثير من التخبط والتسطيح والسلوكيات غير المنضبطة بما يرقى لمسئولية الأداء البرلمانى.. ولذلك ووفقاً لتوقعات الدكتورة آمنة فإن المساءلة مع بدء الدورة للعام المقبل سوف تختلف وذلك لبرامج التوعية البرلمانية والمحاضرات وحتى الممارسة الفعلية والخبرة فى الأداء التى ستكتسب بمرور الوقت على أرض الواقع، وعندئذ سيشعر الجميع بثمار ذلك، كما أن السيكولوجية النفسية للشعب المصرى اختلفت كثيراً وأصبح المصرى متمرداً غير راضٍ بأى أداء ولا يتلمس الجانب المضىء فى تجربة الجميع ويبحث عن بعض الأعذار من قبل الخطأ أو الاتفاق.. فمصر خارجة من تجربة مريرة على أنقاض 3 ثورات بكل ما فيها من سلبيات وإيجابيات أفرزت آلامًا نفسية وأخلاقية واقتصادية واجتماعية، وتغيرات حادة جداً فى كل هذه العناصر بالتأكيد تاركة بصمة وبحسب آمنة نصير تحتاج إلى أداء تشبع به هذه العوامل من البرلمان والحكومة ورئيس الدولة يضاف إلى ذلك ضرورة إعادة تشكيل سلوكيات جديدة من خلال التجربة فى هذه السنوات القليلة وعلينا جميعاً باختلاف طوائفنا وأنواعنا ومراكزنا المختلفة والاعتراف والتأكيد على أننا نمر بفترة حادة لا يرضى عنها الجميع ولكن علينا كنواب أن نعد الجميع بأن مصر بكرة أفضل طالما نستطيع! محلل للقوانين الدكتورة سحر وهبى، رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب، جامعة سوهاج، فى جانبها ترى أنه رغم المكسب المحقق للمرأة بوصول هذا العدد ال89 للمرة الأولى فى تاريخ البرلمان المصرى خاصة عن لديهن خبرة فى العمل الاجتماعى وسياسى والعام 1٪ أن أكثرهن بدون خبرة على الإطلاق، وخاصة من فى السن الصغيرة.. ونرى أن ما أثير وراء قصر عمر البرلمان وأنه سيكون مجرد محلل للقوانين كان السبب فى عشوائية اختيار السيدات ودون دراسة خاصة من ترشحن على القوائم وفى ضوء عزوف الكثير من السيدات أصحاب الفكر والتجارب الرائدة عن الترشح لعدم ملاءمة المناخ العام لممارسة السياسة بحسب وجهة نظر بعضهن كذلك عدم وجود أحزاب حقيقية لديها قواعد شعبية! المشكلة فى المجتمعات الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، والتى تم اختيارها أول سيدة لتدريس علم الاجتماع بالكلية الحربية، نرى أن المشكلة ليست فى المرأة وإنما فى المجتمعات فالمرأة لديها من الكفاءة والقدرة على أداء مختلف المهام والأدوار والوظائف لذلك تقلدن مواقع مهمة فى بقاع متفرقة من الكرة الأرضية.. ولكن ثقافة مجتمعنا هى التى تقطع عليها الطريق أحياناً كثيرة وتحصر دورها فى دائرة واحدة هى «الأسرة» والذى رغم أنه دور واجب وأساسي وعظيم لكن يجب أن تنطلق المرأة فى مجالات العلم والعمل والسياسة ويجب ألا تكون مشاركتها من أجل المشاركة فحسب أو لتجميل الصورة بل تشارك لتضيف وتقدم عملاً متميزاً ودوراً إيجابياً مما يستدعى أيضاً تفكيك منظومة الثقافة التى تحاصر المرأة وتغتال دورها وتنتهك حقوقها وهو الطريق للاستفادة من قدراتها وهو هنا دور مؤسسات الدولة والإعلام وأيضاً دور يقع على عاتق كل امرأة يجب أن تتحدى وتواجه وتثبت نفسها بالعلم والكفاءة وأن نتذكر دائماً أن المرأة تاريخياً فى مصر حكمت بقوة وحكمة وعدل وأن دورها كان ولايزال محورياً ومهماً ويسبق دور الرجل فى معظم الأحيان! علامات الفشل فى أولى معاركهن داخل المجلس فشلن فى تمرير بند باللائحة الداخلية ينص على تمثيل جيد للمرأة فى أجهزة المجلس رغم اقتناص الكلمة 27 مرة بما يمثل ثلث عدد النائبات. لمرات قليلة فقط حصلن على حق الكلمة خلال الجلسة مقارنة بعددهن وتمثيلهن. أنيسة حسونة ونادية هنرى ومارجريت عازر أشهر من استطعن الحديث داخل المجلس. رئاسة لجنتين و7 وكالات و5 أمانات سر فزن بها خلال المنافسة على هيئات مكاتب اللجان ومقاعد رئاستها. 8 نائبات مثلن المرأة عن البرلمان فى المحافل الدولية والزيارات الخارجية أشهرهن النائبة رانيا علوانى، ممثلة مصر فى اجتماعات الاتحاد البرلمانى الدولى ورئيسة لمؤتمر الشباب فى لوزاكا بزامبيا. 15 نائبة شكلن نواة أول تكتل نسائى داخل المجلس باسم «صوت نائبات مصر». ختان الإناث، المساواة بين الرجل والمرأة فى العمل، رفع التمييز ضد المرأة وعدم تعيينها فى مجلس الدولة، الدفاع عن القاصرات ومنع الزواج المبكر.. أهم القضايا التى تبنتها النائبات داخل مجلس الشعب.