رغم بشائر توقيع الحكومة العراقية والأكراد اتفاق النفط في بداية الشهر الجاري، الذي بمقتضاه يتم توزيع عائدات تصدير النفط بالتساوي في كركوك بين كردستان وشركة النفط الحكومية العراقية، إلا أنه من المحتمل أن تشهد حرب أهلية ضارية في حال تحرير الموصل من قبضة داعش الإرهابي. هذا الاتفاق بمثابة تطورا ملحوظا وإن كان قليلا نسبيا، فقد أدى إلى طفرة عقارية في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، بأسعار مثيرة للسخرية بذلك ستكون الحكومة الكردية قادرة على دفع الرواتب ، وتمويل الجيش، البشمركة، والاستثمار في التطوير وتغطية الديون الثقيلة للإقليم بعد ستة أشهر من تجميد المدفوعات من قبل الحكومة العراقية. ولكن ينبغى الافتراض أنه ليس بالضرورة أن تذهب أموال النفط إلى المواطنين في العراق أو كردستان، فعلى الرغم من أن كردستان هي أكثر المناطق أمانا في العراق، إلا أن الشفافية مصطلح غير معروف في القاموس السياسي. على سبيل المثال، زعم العضو الكردي في البرلمان أن 40 مليون دولار من تبرع الشركات النفطية خصصت للإسهام في إعادة بناء مدينة سنجار التي قتل فيها الآلاف من الأشخاص، ولكن لا تزال الأموال ترقد في بنك مملوك لرئيس وزراء كردستان نصيروان بارزاني ولم تتحرك لتنفيذ هذا الهدف. إذا ولد اتفاق بيع النفط العراقي عبر كردستان في أعقاب الأزمة السياسية والاقتصادية في فترة طويلة، يمكن للمرء أن يتخيل ما سيحدث عندما لمدينة الموصل من تحريرها من سيطرة داعش. حيث أعلنت الحكومة العراقية بالفعل انها تستعيد حقول النفط التي تحتلها داعش، بمساعدة القوات الكردية لتحرير مدينة الموصل. وقد يكون هذا شرطا قانونيا، ولكن الواقع السياسي مغاير، على سبيل المثال، الأكراد يطالبون باستفتاء عام في كركوك ما إذا كانت مدينة كردية، حيث يعتبر الأكراد "كركوك "قدس كردستان"، وبالتالي طالما يتم رفض الاستفتاء، فأن الأكراد ليسوا على استعداد للاستماع لمطالب استعادة حقول النفط التي تحيط مدينة الموصل. الجدل حول الموصل قد يكون أكثر تعقيدا بكثير رغم المناقشات التي تجريها عناصر رفيعة المستوى، بحضور عناصر كردية وأمريكية والعراقية لتنسيق حملة لتحرير الموصل، لكن توزيع الصلاحيات والمهام نفسها يثير الخلاف بين الأكراد والعراقيين، وخاصة وأن محور الخلاف هو ما إذا كانت الميليشيات الشيعية، التي تمولها إيران، سوف تشارك في هذه الحملة. ومع ذلك، فإن الأسئلة الأكثر إثارة حول السيطرة المستقبلية لمدينة الموصل بعد تحريرها من داعش – هل ستعود الموصل إلى السيطرة الكاملة للحكومة العراقية، أم ستشارك السنة في السيطرة، أم الأكراد سينعمون بالسلطة بعد تحريرها ؟ وقد تتدخل أيضا تركيا برغبتها في السيكرة، بحجة حماية مصالح الأقلية التركمانية. وتعتبر الموصل من أهم المدن الاقتصادية لاحتوائها على حقول نفطية كبيرة تقدر عائداتها مئات الملايين من الدولارات لذلك ليس من السهولة أن يتنازل أو يتخلى عنها أى طرف لذلك فمن المتوقع بعد تحرير الموصل أن تنشأ حرب أهلية قد تندلع حول مسألة السيطرة على ثاني أكبر مدينة في البلاد.