لأنه الحزب الذي يرفع راية الله والوطن .. ويوحد بين المسلم والمسيحي وينتصر لكرامة الإنسان .. الوفد هو الحل (2) كان الوفد منذ نشأته الأولي تعبيراعن جبهة وطنية واسعة، تضم الغالبية العظمي من أبناء الشعب المصري، فالطموح الحقيقي للحزب النابع من أعماق الشارع أن تمثل فيه كل مفردات الأمة، ويضم شتى عناصر الحياة السياسية والاجتماعية،لقد حرص الزعيم سعد زغلول علي ضم أعضاء من الحزب الوطني، ولم يكن يوافق علي مبادئه وتوجهاته، كما انخرط فيه عدد وفير من رموز حزب الأمة، الأقرب الي الاعتدال والمهادنة بالنظر الي تصاعد الرؤية الثورية لسعد، وفضلا عن ذلك فقفد ظهر في التشكيل الأول أنصار للأمير عمر طوسون، ولم يغب البدو، أما الأقباط فقد برزوا وتألقوا في صفوف الوفد، وتراجعت أشباح القطيعة التي هيمنت قرب نهاية العقد الأول من القرن العشرين، وهددت بتزايد الاحتقان الطائفي. عبر المسيرة الطويلة للوفد، قبل وبعد 1952، كان منطقيا مفهوما أن ينسلخ من صفوفه الذين لا تتوافق مصالحهم الطبقية وأفكارهم السياسية مع الاتجاه الشعبي الوسطي الذي يتبناه الحزب ذو الأغلبية الجارفة، ومع تعدد ووفرة الانشقاقات استمر الوفد وحدهقادرا علي تجسيد الطموحات والآمال الشعبية، وعندما يُقال إن الوفد هو الأمة، فإن المقولة لا تعني «الكل» لكنها تشير فحسب الي ما يعبر عنه سعد زغلول بقوله: إننا الأغلبية الساحقة، وإن غيرنا ليس إلا نفرا قليلا، ولكنهم ينازعون في هذا. الوفد أمة وليس حزبا، وهوضمير الشعب الذي تعجز الأحزاب المنشقة عن استيعابه، ذلك أنها تمثل شرائح قليلة العدد، وفي هذا السياق، لم يكن مستغربا أن يكون المنخرطون في التنظيمات الأيديولوجية المخالفة، اليمينية والسرية، السرية والعلنية، أقرب الي الولاء المزودج، فلا يستطيع الأغلب الأعم منهم أن يشكك في قيادة الوفد، وغاية ما يهدفون اليه هو الإضافة الي تراثه، بزيادة جرعة الخطاب الديني عند الإخوان المسلمين، وبالإلحاح علي طرح قضية العدالة الاجتماعية عند اليساريين. لعل الاستثناء الوحيد هو ما نجده عند أحمد حسين ذي الجذور شبه الفاشية، ففي الأطوار المختلفة لمسيرة «مصر الفتاة» كان العداء للوفد دائما، لحساب السراي والقوي الرجعية من ناحية، وإرضاء للنزعة النرجسية وأحلام الزعامة من ناحية أخري. منذ أواخر الأربعينيات في القرن العشرين قدمت «الطليعة الوفدية» رؤية متميزة متقدمة، لا تفصل بين الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفي الأهداف التي تبنتها جريدة «صوت الأمة» برئاسة تحرير محمد مندور، ما يكشف عن هذا التوجه، ولن ينسي التاريخ الأسماء البارزة لهذا التيار، مثل مندور وعزيز فهمي ومصطفي موسي وإبراهيم طلعت وغيرهم من الشباب الناضج الطامح الي التجديد وإضفاء الحيوية علي حزب ثورة 1919. لقد كان الوفد هو الأمة بحق، في تعبيره عن الصلابة الوطنية، وفي القدرة علي مجاراة المتغيرات التي طرأت علي الواقع المصري ف أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومازال الجوهر الوفدي المتوازن هو الأمل في التطور السلمي للمجتمع، وصولا الي محطة الإصلاح دون جموح غير محسوب. ليس مثل نجيب محفوظ في تجسيده للقيمة التي يمثلها الوفد في التاريخ المصري، فواحد من شخوصه في «بداية ونهاية» يؤكد أن «الوطني هو الوفدي» وكمال عبدالجواد في «السكرية» يؤكد بدوره يؤكد أن «كل وطني فهو وفدي، ولم يكن عجبا أن يهتف: الوفد عقيدة الأمة، غداة ليل قضاه في تأمل عبث الوجود وقبض الريح». الوفد ليس حزبا تقليديا كغيره من الأحزاب، تصعد به الأيام وتهبط، لكنه أمة بأسرها، وهذا المعني هو ما يعبر عنه المحامي الوفدي عبدالقادر قدري في «الباقي من الزمن ساعة» عندما يقول: ليس حزبا ولكنه قاعدة الأساس المتماسك، هو بكل إيجاز مصر. وللحديث بقية