لا أحد يستطيع أن يُحدد بالضبط شكل العلاقة التي ستربط الولاياتالمتحدةالأمريكية بجماعة الإخوان الإرهابية، لاسيما أن واشنطن على أعتاب انتخابات رئاسية ستضخ دماء جديدة إلى إدارتها، تنحصر بين المرشح الجمهوري «دونالد ترامب»، ونظيرته الديمقراطية «هيلاري كلينتون»، اللذان يكنان العداء «ظاهريًا» للإخوان. «دونالد ترامب» على صعيد التصريحات دأب المرشح الجمهوري على التوعد للإخوان حال اقتناصه كرسي الرئاسة الأمريكي، وطاف المؤتمرات والمحافل الدولية ليؤكد دومًا أنها جماعة إرهابية، وبعث بمستشاريه لتهديد قيادات الإخوان هنا وهنا. وليد فارس، مُستشار «ترامب»، تزعم منذ بدء المعركة الانتخابية كيل الوعيد والتهديد للجماعة، وهو ما نلمسه في تصريحه بالأمس، الذي أكد فيه أن مرشحه الجمهوري يريد إجراء تغييرات جذرية بين أمريكا ودول منطقة الشرق الأوسط. وجدد المستشار تأكيد مرشحه على أن جماعة الإخوان في مصر وتونس وليبيا تعتبر منظمة إرهابية، منوهًا إلى أن هناك مشروع يبحثه مجلس النواب «الكونجرس الأمريكي» لإدراج الإخوان كجماعة إرهابية. زعم ترامب بأن الجماعة ستلقى مصير أسود حال صعوده إلى البيت الأبيض، يتأكد أكثر في تصريح سابق له قال فيه أنه سيُمرر مشروع اعتبار جماعة الإخوان إرهابية، بدعوى أنها الخطوة الأولى في مواجهة الإرهاب، اقتداءً بالقرار الذي اتخذته كل من مصر والإمارات العربية المتحدة. تهديد الجمهوري لم يقف عند وصف الجماعة بالإرهابية، ولكنه وعد أيضًا بحظر عملها ومؤتمراتها داخل أمريكا، مُلقيًا باللوم على الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يُسمي تنظيم داعش بالإرهابي، لكنه ترك محاربته إلى أشخاص آخرين. «هيلاري كلينتون» منذ إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» ترشحها للرئاسة الأمريكية، وتدور الشبهات حول دعمها لجماعة الإخوان الإرهابية، رغم أنها وصفت قيادات الجماعة أكثر من مرة بالإرهابيين، حتى باتت قاب قوسين أو أدنى من نفي تلك التهمة عنها. فضيحة تسريب بعض الرسائل السرية الخاصة بوزارة الخارجية خلال عهد المرشحة الديمقراطية نزعت ورقة التوت الأخيرة عنها، بعدما كشفت إحدى الوثائق التي نشرها موقع «ويكليكس» من البريد الرسمي للوزارة، تفيد عن اعتماد جماعة الإخوان على إقامة علاقات قوية مع الغرب للهيمنة على مصر وللضغط بعلاقتهم هذه على المؤسسة العسكرية. ولتجميل صورتها نزعت «كلينتون» قناع دعم الجماعة مؤخرًا، بطلبها إجراء لقاء خاص مع الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته إلى بلادها للمشاركة في الدور ال 17 بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي صَدر صورة للكثيرون أن الديمقراطية تتخلى عن الجماعة وتبدأ عهد جديد. «السياسة الأمريكية» ما بين «ترامب» و«كلينتون»، تظل السياسة الأمريكية تتسم بالتأرجح والتناقض في علاقتها بجماعة الإخوان، تنوعت بين ترجيحات بأنها لن تسطتيع التخلي عن مسمارها في الشرق الأوسط بسهولة، وتأكيدات أخرى بأن الجماعة أصبحت كارت مُحترق لا فائدة لها بعد فشل تجربتها الحاكمة في معظم البلاد العربية بعد ربيعها العربي. «المشروع الأمريكي» يظهر هذا التناقض جليًا في مشروع القانون الخاص باعتبار الجماعة إرهابية، الذي قُدم إلى الكونجرس الأمريكي مطلع العام الحالي ولا زال يواجه المجهول حتى الآن، رغم وصول عدد الطلبات من أعضاء المجلس لإدراج الإخوان كمنظمة إرهابية دولية إلى 49 طلبًا، ولازالت أمريكا تبحث. «الدماء الجديدة» لكن في الوقت ذاته فإن أمريكا على أعتاب دماء جديدة فهل تطول هذه الدماء علاقة أمريكا بالإخوان؟.. الإجابة كانت ب«لا» وفقًا لرؤية مراقبون سياسيون وصفوا العلاقة بين بلاد العم سام والإخوان بالتاريخية المترابطة وأن تصريحات المرشحين الأمريكيين ما هي ألا «صيحات غير مدروسة». «بيد الكونجرس» يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن حديث «ترامب وكلينتون» لا يعد سوى نوعًا من المزايدة الإعلامية، والتصريحات غير المدروسة، فكلًا منهما لا يمتلك الآليات التي تساعده على اعتبار الجماعة إرهابية حال وصوله للرئاسة. وأوضح أن المرشحان يتعاملان بمنطق سياسي بحت، ولم يعو أن الأمر بيد الكونجرس ذو التوجهات المختلفة حول مشروع اعتبار الإخوان إرهابية، فهناك تيار يرى ضرورة دمجها على المستوى الإقليمي ليتوازن مع الجماعات المتطرفة، وتيار آخر يؤكد ضرورة إدراجها إرهابية. ويضيف: «كي تعتبر واشنطن الجماعة إرهابية لا بد وأن تمس الإخوان بأمنها القومي وهو ما لم يحدث حتى الآن، والمتوقع أن ينخفض الدعم الأمريكي للجماعة ويزيد الحظر والرقابة عليها وهو ما يعتبر مصير أسود لها لكنه لن ينتهي». «ورقة ضغط» أما هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، توجه إلى طرح آخر وهو أن «ترامب» قد يكون صادق في حديثه بعض الشيء؛ لكونه لا يُعادي جماعة الإخوان بصفة خاصة، بقدر أنه يعتبر أي إسلامي تطرف وإرهاب ويعادي العرب بسبب ديانة الأغلبية منهم بالإسلام. ويشير إلى أن العقلية الأمريكية انتهازية ستدفع الجميع إلى البقاء على استخدام الجماعة مسمار في الشرق الأوسط، وورقة ضغط على الدول التي ستستفيد من اعتبارها إرهابية مثل مصر، ولكن الدعم الأمريكي سيظل موجودًا في الخفاء.