شهدت الأسابيع الماضية اتساعاً لظاهرة إقامة دعاوى قضائية لحل الغرف الصناعية بعد صراعات شرسة بين بعض أعضاء الغرف للاستحواذ على مناصب قيادية بتلك الغرف. جاء ذلك بعد صدور حكمين قضائيين من القضاء الإدارى ببطلان غرفتى صناعة الملابس وصناعة الإعلام وهما ما تم الطعن ضدهما. كان صناع الغزل والنسيج قد أقاموا دعوى ببطلان قرار وزير الصناعة والتجارة بتأسيس غرفة صناعة الملابس وصدر فى أول أبريل الماضى حكم قضائي ببطلان القرار وإلغاء غرفة الملابس. وفى وقت لاحق أقام المحامى مرتضى منصور دعوى ببطلان غرفة صناعة الإعلام وحصل فى أول شهر أغسطس على حكم بحل الغرفة، واستند كلا الحكمين إلى إنشاء الغرفتين بقرار من وزير الصناعة وليس من رئيس الجمهورية كما ينص القرار الجمهورى المنشئ للغرف الصناعية سنة 1958. وعلى أثر ذلك أقام محمد عارف أحد أعضاء الجمعية العمومية بغرفة الصناعات اليدوية دعوى لإلغاء الغرفة التى تم تأسيسها العام الحالى استنادا لنفس السبب، كما أقام صناع الملابس كرد فعل لإلغاء غرفتهم دعوى قضائية ضد وزير الصناعة لإلغاء غرفة الصناعات النسجية والتى اكتشفوا أنها أنشئت بقرار وزير صناعة، وليس رئيس جمهورية رغم مرور 80 سنة على إنشائها. والمثير فى الأمر أن حكم بطلان غرفة الملابس فتح الباب لكافة المتنازعين مع قيادات الغرف أو غير الموفقين فى الانتخابات الأخيرة لإقامة دعاوى قضائية والتهديد بحل الغرف استناداً إلى نص قانون الغرف الصناعية نفسه، فى الوقت الذى دفع فيه البعض إلى صياغة قرار لرئيس الوزراء يتيح لوزير الصناعة مهمة إنشاء غرف صناعية، وهو ما يعتقد البعض عدم كفايته لحل الأزمة. وكانت الغرف الصناعية قد نظمت انتخابات مجالس الإدارة خلال شهرى يونيو ويوليو وصدر قبل أسبوع قرار وزير الصناعة بتعيين رئيس الاتحاد ووكيليه و90 عضوا بمجالس إدارات الغرف. ومن المعروف أن مجلس إدارة كل غرفة يتكون من 15 عضوا يتم انتخاب عشرة أعضاء ويقوم الوزير المختص وزير الصناعة بتعيين الخمسة الباقيين ليتم بعد ذلك اختيار رئيس لمجلس الإدارة ووكيلين له فى كل غرفة. وتم الإتفاق على إجراء انتخابات غرفة الصناعات النسجية خلال ثلاثة شهور بعد تعطيلها لأكثر من ثلاث سنوات فى ظل الصراع الدائر بين مصانع النسيج ومصانع الملابس الجاهزة وهو الذى انتهى ببطلان غرفة الملابس، وإقامة دعوى لحل غرفة الصناعات النسجية. وفى ظل الاضطرابات الحالية يرى كثير من رجال الصناعة ضرورة إقرار قانون جديد لاتحاد الصناعات والغرف الصناعية، خاصة أن القانون المعمول به حاليا صدر خلال حقبة الاشتراكية، فى ظل تصفية القطاع الخاص. ويؤكد الدكتور محمود سليمان نائب رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، أن تعديل قانون اتحاد الصناعات أمر ضرورى فى ظل التعقيدات الجارية، وأن كافة رجال الصناعة متفقون منذ عدة سنوات على ضرورة وضع قانون جديد للاتحاد. ويرى أحمد جابر نائب رئيس غرفة الطباعة أن من حق المجتمع الصناعى اختيار قياداته من خلال الانتخاب، وهو ما يدفع بضرورة إقرار تشريع جديد للاتحاد وغرفه. وكان اتحاد الصناعات قد شكل فى منتصف سنة 2014 لجنة برئاسة محمد شبراوى عضو مجلس الإدارة وأوكلت لها مهمة إعداد مشروع قانون جديد وهو ما تم بالفعل بعد الاستعانة بعدد من الخبراء القانونيين. ونص مشروع القانون على جعل عضوية الغرف الصناعية أمراً ملزماً لأى منشأة تعمل بالصناعة بغض النظر عن عدد العمالة فيها أو رأسمالها، ويتيح تأسيس غرف صناعية جديدة من خلال تجمعات للشركات الصناعية دون الحاجة لقرار وزارى. كذلك يخفض مشروع القانون عدد المُعينين من جانب وزير الصناعة فى مجالس إدارات الغرف الصناعية من خمسة أعضاء إلى ثلاثة أعضاء بما يمثل خمس مجلس الإدارة. كما ينُص المشروع الجديد على اعتبار اتحاد الصناعات منظمة مستقلة تماماً عن الحكومة تُعبر عن مصلحة أعضائها وحدهم، وهو ما يُمثل خروجاً من سلطة وزارة الصناعة. وفى حال إقرار القانون الجديد يصبح من حق أى عضو لديه سجل صناعى الترشح لمنصب رئيس اتحاد الصناعات أو وكيله بغض النظر عن حجم النشاط الذى يُمثله أو رأسماله. ومن المعروف أن اتحاد الصناعات أنشئ كمنظمة مُستقلة عام 1922 على يد إسماعيل باشا صدقى قبل أن تضمه الحكومة ليصبح إحدى هيئاتها عام 1958 بقرار جمهورى من الرئيس جمال عبدالناصر. ويضم الاتحاد 19 غرفة صناعية هى الغذائية، الكيماوية، الجلود، الدباغة، الهندسية، المعدنية، البترول، الحبوب، الكيماوية، الأثاث، الطباعة، الدوائية، السينما، تكنولوجيا المعلومات، النسجية، الملابس، مواد البناء، المطور العقارى، الإعلام المرئى والمسموع.