الدكتورة فرخندة حسن، أستاذ الجيولوجيا، رئيس المجلس القومى للمرأة سابقاً، والبرلمانية السابقة، تقدم هنا تجربة غنية فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة، والوطن معاً. تحكى «د. فرخندة» عن مواقف عايشتها، وعن رؤيتها ومعاصرتها للرئيسين السابقين السادات ومبارك، بجانب فترة ما بعد ثورة يناير، وحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم معاصرتها عدة أشهر من حكم الإخوان. «الوفد» حاورت الدكتورة فرخندة حسن، لتستطلع رؤيتها لبعض ملامح تلك الفترة، بجانب نظرتها للمشهد الحالى، فضلاً عن توقعاتها لمستقبل مصر، مؤكدة أن مصر تسير فى طريقها الصحيح ولا تُحل مشاكلها فى يوم وليلة.. وإلى الحوار: كيف ترين الوضع الراهن فى مصر؟ - نحن نعيش مرحلة مهمة وحرجة جداً، وتمر بنا مشاكل داخلية وخارجية، لكن أرى أننا نسير فى الطريق الصحيح، ولدى أمل كبير جداً ومتفائلة، ويكفى أننا نرى ما يحدث حولنا فى تركيا وغيرها لنحمد الله أننا فى وضع أفضل من غيرنا بكثير.. وإذا لم تتحقق بعض الأشياء والبرامج فلا مشكلة، ويجب أن نصبر قليلاً. وكيف ترين أداء الحكومة الحالية؟ - أعتقد أن كل شخص فى الحكومة يبذل جهداً على حسب الإمكانات.. ولابد أن ننظر للمشكلة والموارد المتاحة.. للأسف الناس حكمت على الحكومة من ثانى وثالث يوم، لكن لابد أن ننظر إلى المشكلة بكل أبعادها.. لأن الوزير ليس ساحراً يغير فى يوم وليلة، خصوصاً أن مشاكل مصر ليست من نوعية المشاكل التى تحل فى يوم وليلة.. إذاً المفروض أن نبتعد عن المشاكل التى تعرقل المسيرة حتى نمر من هذه الفترة الحالية. تعانى المرأة المصرية مشاكل عديدة من أهمها قضية الفقر رغم محاولات الدولة التصدى لهذه المشكلة؟ - توجد شريحة من السيدات أشد فقراً وهن المعيلات، وأذكر أن المجلس القومى للمرأة منذ أن كنت أنا الأمين العام فى 2001، تم وضع مشروع قانون المرأة المعيلة، لكنه فى الأدراج حتى الآن، ولم ير النور.. لذا على النائبات فى البرلمان أن يوجهن اهتمامهن إلى المرأة المعيلة.. أيضاً ما زال بعض المشاكل فى قوانين الأحوال الشخصية تحتاج إلى مجهود ووقت طويل.. خصوصاً أن كل ما ننادى به يكون بعضه مصيره الأدراج. متى وكيف تخرج إلى النور مشروعات القوانين الموجودة فى الأدراج؟ - هذا عمل مجلس النواب، وأذكر أن هناك مشروع قانون للتحرش جرى إعداده منذ 10 سنوات، فلماذا لم يخرج من الأدراج.. فقبل ثورة يناير انخفضت نسبة التحرش بالفتيات، لكنها زادت حالياً، والمفروض أن يقابل هذا قانون صارم قوى.. وهذا عمل النواب فى أن يروا مصالح الشعب ويتابعوه ويساعدوا الحكومة فى التنفيذ. ماذا عن دور المجلس القومى للمرأة فى رصد وحل مشاكل المرأة المصرية؟ - المجلس القومى للمرأة له وظيفة محددة وهى وضع السياسات واقتراح القوانين.. وأذكر عندما ناديت بإقامة مدارس بنات فى الريف لأن أغلب أولياء الأمور فى الريف يخرجون البنت من المدرسة عند سن معينة، لأن المدارس مختلطة بنين وبنات.. ودور المجلس وضع هذه الرؤى وكل السياسات التى لا توجد تمييزاً ضد المرأة فى خطة وإرسالها للحكومة. والقانون والدستور نصا على عدم وجود تمييز ضد المرأة.. لكن فى الواقع يحتاج إلى بعض الإجراءات للتنفيذ الصحيح دون أى تمييز. ماذا عن التحديات الكبيرة التى تواجه المرأة لتمكينها من حقوقها وتحقيق الانتماء الكامل فى المجتمع؟ - أغلب دساتير الدول العربية لا تميز بين الرجل والمرأة.. بل إن ممارسة بعض التقاليد السلبية هى التى تفسر خطأ، وإذا تحدثنا عن المرأة العربية بصفة عامة نجد أنها تتقدم. أيضاً المرأة الإماراتية والقطرية والأردنية والسورية والتونسية والمغربية واللبنانية تحظى بالتعظيم والتقدم الكبير جداً.. لكن المرأة المصرية تطغى عليها التقاليد السلبية التى لا يزال بعض الناس تتمسك بها. ونجد أن القضاء على هذه التقاليد والمعتقدات لن يتم بالقوانين، بل بالثقافة والتوعية، بالإضافة إلى القانون فى بعض الحالات، ومصر تعتبر آخر دولة أصبحت فيها المرأة قاضية، فالسودان مكَّن المرأة من منصة القضاء قبل مصر ب 20 عاماً. قضية المرأة المعيلة فى مصر تزداد باستمرار.. فما هو السبيل لمواجهة هذه الظاهرة؟ - أذكر عندما كنا نجرى أبحاثاً عن المرأة المعيلة كنا نعتبرها المطلقة والأرملة فقط.. لكن عندما نزلنا على أرض الواقع وجدنا شيئاً جديداً على المجتمع المصرى وهو «المرأة المهجورة» التى يتركها زوجها دون أن يطلقها سواء كان قد سافر أو لم يسافر، وهى لا تعرف عنه أى شىء ولا أين هو، وهذه شريحة أخرى من المرأة المعيلة. ومن هنا وجدنا أن الرجل المصرى تغير كثيراً.. لأن الرجل المصرى زمان لم يكن قادراً على أن يترك أبناءه وبيته دون أن يعرف عنهم شيئاً، ودون أن يعرف كيف يأكلون ويعيشون. ومن الأبحاث وجدنا أن الموضوع لا يرجع إلى الفقر أو الغنى.. لكن وجدنا أن هذا النوع ناتج عن الأنانية التى نمت فى النفوس، وجعلت الرجل يسافر ويعيش حياته بحثاً عن «كيفه ومزاجه» ويتزوج من أخرى، ولا يفكر فيمن تركهم لمصير مجهول دون السؤال عنهم، وهذا يعود إلى التربية والثقافة والأخلاقيات.. لذا أتمنى عودة منهج التربية والأخلاق الذى كان مقرراً علينا فى المدارس.. فلماذا تم إلغاؤه؟.. وأين البرامج الثقافية والعلمية التى كانت تبث فى التليفزيون مثل نادى السينما وكتاب اليوم وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم البحار. للأسف تم حذفها لأنها برامج ثقافية لا تجلب إعلانات، إذاً كيف يتم التربية والنشأة السليمة المبنية على موروث ثقافى وعلمى.. ولهذا نجد الآن أجيالاً كاملة من الشباب مغيبة ينقصها كثير من الوعى والثقافة والأخلاقيات.. لذا نحتاج نظرة لأخلاقيات وقيم فقدت فى المجتمع، ويجب استرجاعها مرة أخرى عن طريق الإعلام والتعليم والثقافة، ويجب تفعيل دور هذه المؤسسات من أجل النهوض والرقى. تعانى المرأة المصرية من قضايا العنف والتحرش.. فهل حققت العقوبات أهدافها؟ - لا لم تحقق أهدافها، لأن العقوبات يجب أن تشدد.. وبالفعل تم إعداد مشروع قانون منذ 10 سنوات لكنه لم يفعَّل وموجود بالأدراج حتى الآن، وهو عن التحرش بشكل عام من معاكسات واغتصاب وغير ذلك، ونذكر فى الماضى كانت المعاكسات موجودة لكن بشكل مختلف، وكان «العسكرى» موجوداً بالشارع، والولد الذى كان يعاكس بنتاً خارجة من المدرسة ويشاهد «العسكرى» أمامه كان يجرى هارباً، لأن «العسكرى» زمان كانت له هيبة. والآن إذا وجدنا شرطياً بالشارع يكون معزولاً وليس له علاقة بما يحدث من معاكسات، ويكتفى فقط بممارسة وظيفته فقط كرجل مرور فى الشارع فقط وليس من أجل رقابة الشارع. الآن التحرش له عدة أشكال.. فليس جسدياً فقط بل أصبح عبر وسائل التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» و«تويتر» و«الواتس آب» وغير ذلك من برامج الإنترنت على الكمبيوتر والموبايل، ولدينا قانون للعقوبات فى هذا الشأن لكن يجب التشديد على تفعيل القوانين. أيضاً جريمة الاغتصاب تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، لكن مذكور فى بنود مشروع القانون أن للقاضى الحق أن ينزل ثلاث درجات، إلى المؤبد وحتى ثلاث سنوات. ومن حق القاضى أن ينزل بالحكم إلى 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ، وهذا ما كان يحدث، ولذلك نحن طالبنا بعدم النزول إلا بدرجة واحدة حتى يكون الحكم مؤبداً وليس إعداماً، فلماذا لم يتم تفعيل هذا حتى الآن.. فكيف نحافظ على المجتمع مع عدم تفعيل تعديل القوانين. يعانى التعليم فى مصر مشاكل كثيرة.. فما أوجه القصور والحلول لهذه المشكلة التى تهدد مستقبل المجتمع المصرى؟ - حقيقة الأمر أن التعليم هو المشكلة الأساسية فى مصر، ونذكر فى التسعينات أننا وضعنا خطة التعليم مشروع مصر القومى، لكن للأسف كله كان على الورق، ولم ينفذ حتى الآن، لذا أرى أن التعليم يجب أن يكون مشروع مصر القومى الأول، ونذكر أن الزعيم الهندى «نهرو» بدأ بذلك، وجمال عبدالناصر كان يسير معه على هذا النهج، وكل الناس الذين كانت لهم صلة بالسياسة آنذاك كانوا فى منتهى السعادة، و«نهرو» أمسك بالتعليم والبحث العلمى، والهند التى كانت مشهورة بالمجاعات والفقر وكانوا يموتون من الجوع، وكانوا يشحتون الحبوب، نجدها أنشأت 7 مراكز بحوث للقمح وكل مركز له تخصص، وخلال 10 سنوات كانت تصدر الحبوب. أيضاً فى التكنولوجيا نجد أن الهند تؤسس جميع برامج الكمبيوتر، والولايات المتحدة تستعين بالهنود فى العمل لديها، لذا أتمنى أن يكون التعليم والبحث العلمى هو مشروع مصر القومى الأول، وللأسف لم يحدث إصلاح فى التعليم، فالفصل الدراسى الذى كان يوجد فيه 25 طالباً أصبح فيه 80 طالباً، ولا يوجد احترام للمدرس، وعلينا أن نذكر دائماً مقولة «قف للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا». لقد تربينا على احترام المدرس لكن الآن نجد الطلبة يضربون المدرس ولا يوجد احترام له، أيضاً نجد أن رواتب المدرسين معدومة جداً، لذلك المدرس يطاطئ رأسه للطلاب، ويلجأ للدروس الخصوصية نظراً للراتب الهزيل الذى لا يكفى نصف شهر ولن يسد احتياجات ومتطلبات الأسرة، إذا لو تركت الدولة كل المشاكل وأمسكت أولاً بحل مشكلة التعليم لن يلومها أحد.. وهذا ما فعله «نهرو». ماذا عن رأيك فى ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لمنصب مديرة اليونيسكو؟.. وكيف ترين الدعم المناسب المطلوب لها للفوز بهذا المنصب الرفيع؟ - سعيدة جداً وأتمنى لها كل التوفيق.. وأرى أن الدعم المناسب لابد أن يكون من الحكومة ليس من الإعلام لأنهم لا ينظرون إلى إعلامنا.. لكن توجد أكثر من 50 دولة ستصوت على الاختيار، وعلى الحكومة المصرية أن تتوجه مسرعة للتحدث مع ال57 دولة من أجل أن يعطونا أصواتهم. وعلى الدولة والحكومة المصرية أن تنظر إلى تجربة فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق.. عندما كان مرشحاً لهذا المنصب ويروا ما إيجابيات هذه التجربة وسلبياتها، خصوصاً أن الخسارة كانت بفارق 4 أصوات، ومن هنا أناشد الدولة ووزارة الخارجية أن تستخلص الدروس المستفادة من تجربة فاروق حسنى، وعدم تكرار الأخطاء مرة أخرى. ما الأولويات التى يجب أن توضع على قائمة أجندة البرلمان فى رأيك؟ - أولاً.. التعليم والبحث العلمى.. لابد من تطوير التعليم ووضع استراتيجية تضع فى الاعتبار الموارد المالية والتربوية وتغيير المناهج ووضع منهج التربية والأخلاق مرة أخرى.. والبحث العلمى يكون من أجل الإنتاج وليس فقط لمجرد البحث، وتهيئة القوى البشرية بالتدريب لتحقيق التنمية المطلوبة. بحكم منصبك فى عصر الإخوان.. كيف كان تعاملك معهم؟ - لم أر منهم شيئاً سيئاً، إلى أن انتهى تعاقدى فى أواخر عام 2012.. والحقيقة أن المجلس العسكرى هو الذى كان مسيطراً، وطوال الفترة كنت قلقة جداً، ودائماً كنت أقول للمجلس العسكرى ماذا أفعل أنا قلقة، قالوا لى «سيرى فى طريقك كما أنت وافعلى ما تشائى ما دام لم يدس أحد منهم لك على طرف». والمجلس العسكرى كان يسير فى طريق مستقيم، لكن المسئولين لم يتجاوبوا معنا مثل السابق. هل السنوات التى قضيتها تحت قبة البرلمان منحة أم محنة؟ - أعتبر أنها كانت مجالاً للتعلم، والتدريب على المناقشات ومعرفة واستقصاء المعارف والأبحاث، كانت فترة أعتز بها جداً جداً، ولم تكن منحة ولا محنة بل كانت مجالاً للتعلم والمساهمة بجزء فى تقديم خدمة لبلدى التى علمتنى وأعطتنى الفكر، ووجودى تحت قبة البرلمان كان جزءاً من رد الجميل لبلدى، ولم أكن أنظر لأى حضانة ولم أطمح فيما وراءها، وكنت أوفر أموال الدولة ولم أحصل على تأمين من المجلس، وكنت أحصل على تأمين العلاج من مقر عملى بالجامعة الأمريكية آنذاك، وعندما تركت الجامعة بدأت أحصل على هذا التأمين الصحى. حدثينا عن علاقتك بالسيدة جيهان السادات والسيدة سوزان مبارك؟ - أولاً السيدة جيهان السادات هى التى أخرجتنى من معملى إلى الحياة العامة، ولها الفضل فى ذلك، وكانت تفهمنى أكثر مما كنت أفهم نفسى، ووقفت بجوارى فى البداية، وعندما تم ترشيحى لمجلس الشعب «اتخضيت» وكانت تساندنى وتشجعنى طوال فترة الرئيس السادات، وبعد وفاته ظلت بجوارى، وما زالت حتى الآن علاقتى بالسيدة جيهان السادات جميلة جداً وأعتز بها. ونفس الشىء كانت علاقتى بالسيدة سوزان مبارك، إذ أدخلتنى فى بعض المشروعات التى ترى أننى سأقدم فيها شيئاً، مثل جمعية شباب الخريجين، ومتحف الطفل بمصر الجديدة الذى استغرق العمل فيه 10 سنوات، وعندما أصبحت رئيساً للمجلس القومى للمرأة أخذتنى معها فى الكثير من المشروعات الخدمية التى كانت تقوم بها، والحقيقة التى لا يجوز إخفاؤها أن العمل معهما كان متعة، لذلك لن أطيق عليهما أى كلام مما يقال لأننى كنت أقرب الناس إليهما وأعرفهما جيداً أكثر من أى أحد. هل شعرت يوماً بضرورة إحداث تغيير فى النظام السياسى المصرى ليتقبل المعارضة كشريك فى الحكم بدلاً من الاكتفاء بوضعها فى الهامش ليلجأ إليها عند الاحتياج فقط كجزء من الديكور الديمقراطى؟ - «لامؤاخذة يعنى.. النظام ماتغيرش» وهذه الكلمة نستعملها خطأ، والنظام السياسى تغير فى 23 يوليو من نظام ملكى إلى نظام جمهورى، ومنذ ذلك الوقت لم يتغير، وأذكر عندما كنت أريد شيئاً من الرئيس مبارك طلبته فعلاً منه شخصياً، منذ أن تولى الحكم، خاصة أننى أعمل معه وهو نائب رئيس، قلت له إن مشكلة مصر تنحصر فى الشباب، لأننا كنا أساتذة مع الطلبة وفاهمين شعورهم وطلبت من الرئيس مبارك أن يلقي خطاباً للشباب عن واجباتهم وحقوقهم ومسئولياتهم وعن ماذا يريدون، وكان رئيس الوزراء آنذاك الدكتور فؤاد محيى الدين، كان شخصية ممتازة، لكنه كان "مضايق منى أنا"، وقال كيف تتكلمين مع الرئيس بشكل مباشر عن موضوع الشباب دون أن تتحدثى معى أولاً، وبالفعل أنا قد أكون أخطأت، لكن أنا خاطبت الرئيس مبارك بشكل مباشر لأننى فاهمة نفسية مبارك فى التقبل، وكلمنى الدكتور فؤاد سراج الدين، وقال عايزة إيه للشباب أكثر مما نقدمه لهم، قلت له عن مطالبى التى عرضتها على الرئيس مبارك بأنه لم يفعل حاجات جديدة للشباب باستراتيجية مختلفة وأن هذا غير جيد، وهذا كان عام 1981، قلت للرئيس مبارك استراتيجية شباب يعنى تعليم ورياضة وفن وترفيه، وبالفعل استجاب الرئيس وأعطى الموضوع للمسئولين، كل منهم فى تخصصه للتنفيذ فوراً، لكن للأسف ما تم فعله لم يؤد الغرض وكانت النتيجة ما نحن فيه الآن، وأيقنت آنذاك أن الشباب مشكلة مصر، نظراً لأن أوروبا كانت مشكلتهم هى الشباب.. لذا كنت أتمنى تنفيذ ما تم عرضه على الرئيس مبارك الذى وافق عليه وتم التلاعب فيه من قبل المسئولين. هل المنظومة التعليمية فى حاجة لإعادة تحديث وتجديد وإصلاح؟ - بالتأكيد طبعاً المنظومة التعليمية فى أشد الحاجة إلى إعادة تحديث وتفكيك للنظام البيروقراطى.. لأن التعليم والبحث العلمى لا يصح فيه البيروقراطية الحكومية. وهل الرئيس مبارك تم الغدر به كما يقولون؟ - نعم.. ممن حوله.. وسوف يكشف التاريخ ذلك وأى رئيس له إيجابيات وسلبيات. وكيف ترين الرئيس السيسى؟ - السيسى معتدل جداً جداً، وأعتقد أنه يسير الأمور بالقانون، فى حين أنه قادر على التدخل، وهذه حكمة من السيسى، ودائماً أقول إن ثورة 23 يوليو حركة جيش ساندها الشعب، وثورة 30 يونية ثورة شعب ساندها الجيش، وهذا نموذج ليس عادياً، خصوصاً أن الجيش الآن هو الذى يفعل كل شىء، ويعطى للشكل المدنى نموذجاً جيداً وكأن هو الذى يفعل كل شىء، وكل ما يهم الشعب تنفيذ مطالبه سواء من جيش أو مدنيين، إذاً على الشعب أن يدرك قيمة الجيش ويسانده فيما يفعله من مشروعات. وعلى الشعب أن يعرف أيضاً أن ما حدث فى تركيا هو نفس المخطط الذى كان المفروض أن يحدث فى مصر، وعلينا أن نتذكر الضباط الذين كانوا يطلقون لحيتهم ويعتصمون. إذاً التخطيط لهدم الدول العربية.. خاصة مصر كان بترتيب من الخارج بالتعاون مع عناصر من الداخل؟ - بالتأكيد وهذا هو الاستعمار الجديد.. وهذا تم بعد أحداث 11 سبتمبر، وهم يريدون القضاء على المسلمين، ومخططهم كان أن يحارب الإسلام بعضه من سنة وشيعة وأكراد وغير ذلك، ونجحوا فى ذلك وأصبح المسلم يقتل المسلم.. وكل هذا مخطط أمريكى.. وإسرائيل سعيدة جداً بذلك لأن أمريكا رفعت من عليها عبئاً كبيراً، وتم تنفيذ أهداف إسرائيل من خلال مخطط أمريكى، لذا أطالب شيخ الأزهر بلم شمل المسلمين، وإطلاق مبادرة تخرج من مصر للم شمل جميع المسلمين من سنة وشيعة وأكراد، وغير ذلك الكثير وإحداث سلام بين الجميع فى كل دول بلاد المسلمين. ماذا عن أهم نصيحة قدمتيها للرئيس مبارك أثناء فترة حكمه؟ - كنت أرى أن الشباب محتقن، وكان احتقاناً شديداً، وبطالة، وآخرون حققوا ثراء بشكل رهيب، وآخرون طموحون لم يستطيعوا أن يحققوا أحلامهم.. ولذلك وجد الاحتقان، وتحدثت مع الرئيس فى ذلك، وتكلمت فى المجلس، وكنت أعتقد أنهم سيفعلون شيئاً، لكن صدمت بعد ذلك عندما وجدتهم لا يفعلوا شيئاً، وأقصد المسئولين الذين كانوا فى السلطة آنذاك. ماذا عن وضع المرأة فى حكم السيسى؟ - الرئيس السيسى يعطى المرأة كافة حقوقها، ويساند المجلس القومى للمرأة، وليس لأن السيدة انتصار السيسى لا تعمل، يكون الرئيس ضد المرأة، فهذا ليس صحيحاً. هل الأفضل للسيدة انتصار السيسى أن تكون فى المشهد بميدان العمل؟ - حقيقة الأمر أن الذى أشيع عن السيدة جيهان السادات والسيدة سوزان مبارك يجعلنى أقول إن قرينة الرئيس السيسى أخذت الموقف السليم حتى لا تعرض نفسها لأى كلام، ويبدو أننا لا نستحق، لكن أتمنى أن تعمل السيدة انتصار السيسى فى الأعمال الخيرية والهلال الأحمر وجمعيات رعاية المعاقين والاهتمام بالمستشفيات من جديد مثلما كانت تفعل السيدتين جيهان وسوزان، وأتمنى إذا نزلت السيدة انتصار السيسى إلى ميدان العمل أن يبتعد عنها الوزراء بأفكارهم الهدامة، وأعتقد أنها ستنزل إلى الأعمال الخيرية فى المستقبل القريب. هل تستعين رئيس المجلس القومى للمرأة الجديدة بخبراتك وتأخذ بآرائك؟ - بالفعل اتصلت بى وقالت أريد مساعدتك لنا، وفى أكاديمية البحث العلمى أساند بالجانب العلمى، ومؤخراً أخذوا رأيى فى موضوع الختان، وهو ظاهرة فرعونية على ضفاف النيل، وبدأ فى عهد أواخر الأسر الفرعونية، ومصر كانت قبطية آنذاك والكل كان يخضع للختان. وجاء الإسلام وكل المسلمين استمروا فى ممارسة الختان فى مصر والسودان، والإسلام ليس له علاقة بموضوع الختان نهائياً، لا توجد دولة فى الإسلام تمارس الختان، وإلا كانت السعودية تفعل ذلك، لكن اليهود هم أول من اخترعوا الختان والحاخامات هم الذين كانوا يختنون الأطفال البنات والأولاد، والختان هو استئصال قطعة من الجلد لتقليل أحاسيس المرأة، إذاً الختان هو تغيير فى خلق الله، ولا يمكن أن يخلق الله شيئاً ليس له لزوم. وماذا عن رأيك فى الاتجار بالأعضاء البشرية؟ - يجب مراجعة قانون الأعضاء بشكل عاجل.. وأرسلت إلى أكاديمية البحث العلمى 3 تعديلات على القانون، ولم تُفعل حتى الآن، وبالنسبة للقانون هو قانون جيد، لكن توجد ثغرات تتيح أخطاء، وكلمة «تجارة أعضاء» هى وصمة عار فى جبيننا، والتبرع يجب أن يكون مجانياً، والتبرع من الأقارب حتى الدرجة الرابعة، ومن الأغرب يكون دون مقابل مادى، إذ يتم بشكل مجانى وفى المستشفيات الحكومية فقط لتكون تحت الرقابة حتى لا يحدث تلاعب. ماذا عن رسالتك للرئيس عبدالفتاح السيسى؟ - أقول له: «ربنا يعطيك القوة لتقوم بالواجب الملقى على أكتافك، ونحن معاك إلى أن تصل مصر إلى المكانة التى رسمتها أنت لمصر، وربنا يبعد عنك ولاد الحرام»، وأرجوكم لا تحذفوا هذه الجملة، خاصة أن المقربين أكثر تأثيراً من المبعدين عن السلطة، وأتمنى أن تكون مدركاً وتفهمت ما حدث للرئيس مبارك من المقربين له فى السلطة. وأنا لى تاريخ فى تحذير الحاكم.. ففى عهد الرئيس أنور السادات كان مؤتمر منخفض القطارة، وعارضت ذلك خصوصاً أننى جيولوجية، وكان يوجد فريقان جيولوجيان، من أجانب ومصريين، وكانت نظرية فريق تقول إن قاع المنخفض «غير ثابت» والنظرية الأخرى تقول إنه «ثابت»، وعندما قلت له إن المشروع لا يجب تنفيذه، قالوا لا تعارضى المشروع، خاصة أن الرئيس السادات هو من يريد المشروع وطلبه، قلت للرئيس أنا بأقول كلمة لوجه الله وهى أن قاع المنخفض لم نعرفه حتى الآن جيولوجياً وبيقولوا إن الرئيس عايزه كده، وعلشان الرئيس يريد ذلك إذاً من واجبى أن أقول له الحقيقة، وليس فقط أن أقول له ما يريده، وطالما الرئيس يريد المنخفض من أجل الطاقة الكهربائية إذاً لابد أن أقول له الحقيقة، حتى لا يفشل المشروع. وبالفعل الرئيس السادات سمع كلامى، واتصل بالمرحوم ماهر أباظة وطلب منه دراسة ثانية مختلفة للمشروع، خصوصاً أن الشركة التى وضعت الدراسة لا تريد تنفيذ المشروع، وبالتالى كان هناك قلق، وبالفعل أرسل ماهر أباظة المشروع إلى السويد وهى بلد محايدة، وللأسف لم نسمع شيئاً حتى الآن عن هذا المشروع، الذى توقف وأنا سعيدة أننى استطعت أن أوقف هذا المشروع. وماذا عن فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى؟ - كنت قلقة جداً من هذه الفترة، ودائماً كنت أرسل للمجلس العسكرى ويقولون «حد داس منهم لك على طرف؟»، أقول لا.. وكنت أرسل لهم تقريراً أسبوعياً علشان إذا وجدوا شيئاً يسيطرون عليه من البداية، وكنت أتحدث معهم باستمرار من أجل الاطمئنان على البلد. وماذا عن علاقتك بالرئيس السيسى الآن؟ - أنا أرسلت للرئيس السيسى بعض الملاحظات والموضوعات خلاصة خبراتى فى المجلس فى 5 موضوعات مهمة، منها موضوع الثروة المعدنية وقد أرسلته للرئيس السيسى منذ عام، من أجل أن يستريح ضميرى، ومن ضمن ذلك أيضاً مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، أيضاً يجب أن أقول إن لدينا بحثاً علمياً على أعلى مستوى فى مصر فى الجامعات ومراكز البحوث، لكنه لا يستغل بالشكل الأمثل لوجود حلقة مفقودة، إذاً مطلوب إليه لتحويل الأبحاث العلمية التطبيقية إلى صورة سهلة لمتخذى القرارات، وتكون مستقلة لتعيد صياغة الأشياء، وألا تكون الأبحاث خاصة بالبحث العلمى فقط لكى تروج، ولا خاصة بالمسئولين كى تسير الأمور، لكن الأفضل أن تكون مستقلة، وطالبت أيضاً باستراتيجية جديدة للثروة المعدنية. وبالفعل منذ أيام تحدثوا عن هذا الموضوع وكنت سعيدة جداً، أيضاً تحدثت عن إعادة النظر إلى بحيرة البرلس، التى بها تلوث هائل جداً، خاصة أن الجيش بدأ فعلاً العمل على البحيرات، وقالوا إن الدور على بحيرة البرلس، وأنا سعيدة جداً بتنفيذ ما ناديت به من جانب الرئيس السيسى. وماذا تقولين للمسئولين فى الحكم الآن؟ - يجب اختيار المساعدين بعناية من أهل الخبرة والكفاءة، مهما كان الثمن. وما رسالتك للشعب المصرى؟ - يجب أن تتحمل وتقف بجوار الرئيس حتى نعبر هذه الفترة الحرجة جداً فى تاريخ مصر ونصل إلى بر الأمان.