يستعد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتوجه إلى الهند خلال الأيام القليلة المقبلة، في زيارة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق له وأن زارها في أكتوبر الماضي للمشاركة في القمة الثالثة لمنتدى الهند-أفريقيا. وتأتي هذه الزيارة بناءً على دعوة الرئيس الهندي "براناب موخرجى"، وتبدأ في الأول من سبتمبر المقبل وتستغرق 3 أيام، كما أنها جاءت في إطار حرص البلدين على تعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطهما على جميع الأصعدة. والعلاقات "المصرية- الهندية" ليست وليدة اللحظة، ولكن تربطهما علاقات قوية منذ نحو 100 عام، تلك العلاقات التي ضربت بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني، ومنهما استلهم العالم المباديء الأولية للزراعة والصناعة، كما أنها شهدت نموًا وتطورًا في السنوات الأخيرة. وترصد "بوابة الوفد" تاريخ تلك العلاقات: ترجع بداية العلاقات بين مصر والهند إلى أوائل القرن العشرين، من خلال الزعيمين سعد زغلول المهاتما غاندي، لوجود أهداف ومبادئ مشتركه للحركة الوطنية من أجل مقاومة الاحتلال والاستقلال عن بريطانيا. وتوطدت العلاقات بين البلدين بشكل أكبر مع قيام ثوره يوليو 1952، ونشأت صداقه قويه بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورئيس وزراء الهند الأسبق جواهر لال نهرو، وكلاهما تبنى سياسة عدم الانحياز و الحياد الإيجابي، والتى نشأ عنها حركة عدم الإنحياز التي شكلت قاعدة قوبة للعلاقات بين البلدين. وعند وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ساندت الهند الموقف المصري حيث دافع نهرو عن القضية المصرية، وهدد بانسحاب بلاده من رابطة الشعوب البريطانيّة "الكومنولث البريطاني. وفي أعقاب النكسة التي تعرضت لها مصر بعد العدوان الاسرائيلي عليها في 1967، أيدت الهند الموقف المصري والحق العربي في صراعه مع إسرائيل وطالبت بعودة الأراضي المغتصبة، كما أنها أيدت في 1977مبادرة السلام للرئيس السادات، واعتبرتها بمثابة الخطوة الأولى في طريق التسوية العادلة لمشكلة الشرق الأوسط . وزار الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك الهند أكثر من مرة في أعوام 1982، 1983 و2008، لحضور قمة عدم الانحياز، ومنحتة الهند وقتها جائزة جواهر لال نهرو للسلام والتفاهم الدولي لعام 1995. وفي مارس2013، زار الرئيس المعزول محمد مرسي دولة الهند، بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين، وتبنى عدد من المشروعات المشتركة، وألقى وقتها كلمة أمام المنتدى الاقتصادي المصري الهندي الذي يجمع رجال أعمال البلدين وبعض الوزراء المصريين. وفي أعقاب ثورة 30 يونيو وبعد انتخاب السيسي رئيسًا للجمهورية، بعث الرئيس الهندي براناب موخيرجي ورئيس الوزراء ناريندرا مودي برسالتي تهنئة إليه،وأعربوا خلالها عن تطلعهما إلى العمل عن كثب لدعم وزيادة العلاقات الثنائية في السنوات القادمة. وفي مجال الاقتصاد والتجارة شهدت العلاقات المصرية الهندية تطوراً ملحوظاً خلال الأعوام الماضية، حيث تعد الهند ثالث أكبر شريك تجاري لمصر، حيث تبلغ الاستثمارات الهندية في مصر حوالي 2.5 مليار دولار، وتتركز فى قطاعات الغزل والنسيج، تخزين البضائع المتنوعة، البترول والبتروكيماويات. وفي 2010 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 1655.35 مليون دولار، وانعكس ذلك على الميزان التجاري الذي حقق فائضاً قدره 25.47 مليون دولار لصالح مصر خلال نفس الفترة. وتتمثل أهم الصادرات المصرية للهند في البترول الخام ومنتجاته، الغاز الطبيعي ،القطن الخام، الفوسفات الصخري، فحم الكوك، خردة الحديد والمعادن الأخرى ، الجلود المدبوغة، اليوريا، بذور البرسيم. وتشمل كذلك الإطارات ،ألواح الحديد ،أسلاك النحاس، الرصاص، خيوط النايلون المستخدمة في صناعة الإطارات، بينما تتمثل أهم الواردات المصرية من الهند في الزيوت ومنتجات بترولية، الخيوط والغزول القطنية المصنعة، اللحوم ،المركبات، السيارات، الإطارات، مضخات المياه، قطع غيار السيارات والمحركات، الشاي ،الأصباغ والكيماويات ،التبغ ،الأدوية والأمصال واللقاحات، ورق ومنتجات ورقية . وفي المجال الثقافى والأكاديمي، فكل من مصر والهند يوليان اهتمامًا كبيرًا بتنميته وتعزيزه، فكلاهما يحرص على تنظيم ندوات فكرية وثقافية بين مفكرى ومثقفى البلدين، إضافة إلى المشاركة المستمرة فى المهرجانات الثقافية والفنية بالبلدين. وهناك فرص لتنويع مجالات التعاون الثقافى مثل الترميم وصيانة الآثار وإقامة معارض للآثار المصرية في الهند.