الرئيس أنور السادات يسأل: كنت فاهم إنك هتقف جنبى، لكنك وقفت جنب الجماعة التانيين! - يرد الولد الشقى «محمود السعدنى» قائلا: أنا ياريس! - أيوه يا ولد، ثم يكمل السادات كلامه قائلا: «أنا ببنى مصر يا وله.. أنا عاوزك جنبى يا ولد، تعالى ابنى معايا يا ولد». كان هذا جزءا من حوار ساخن دار فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى بين الرئيس الراحل أنور السادات وبين «السعدنى» فى قصر «دسمان» بالكويت فى جلسة صلح تمت بينهما بعد سنوات من الجفاء، والعداء، والخناق، والاتهام، والمطاردة، والسجن، تلك السنوات التى بدأت مع عصر عبدالناصر، الذى أحبه «السعدنى»، واعتبره أعظم حاكم حكم مصر منذ خلق الله الأرض ومن عليها. ورغم هذا الحب، إلا أن عبدالناصر «سجنه» بسبب «غلطة» واعتقل أيضاً أيام السادات بسبب «نكتة» قضى بسببها - ضمن قيادات مراكز القوى - سنتين فى السجن، وسنوات فى الغربة هارباً من سلطة السادات. عاش «السعدنى» حياته بالطول والعرض، عاش يحب السهر والليالى وقاعدة القهاوى وأكل الطواجن، والصعلكة، وصوت المشايخ، وحكاوى زكريا الحجاوى، والغناوى، عاش يحب مصر الجناين، والفلاحين، وصوت السواقى، والعماير، والدواير، ومشاوير البسطاء للسيدة زينب والحسين والسيد البدوى.. عاش السعدنى مؤمنا ب «عبد الناصر» ويراه قديساً، وراهباً، وعابداً فى محراب الأمة العربية، وعاش أيضاً كارهاً، وناقماً، ورافضاً، وكافراً ب «السادات».. ويراه «لبس جلابية مش بتاعته!» وأن مصر «كبيرة عليه»! عندما ننظر الى مشواره فى الحياة، نجده حالة خاصة فى التكوين الإنسانى والإبداعى، تستطيع بسهولة أن تراه - إذا دقتت النظر فى ملامحه «ناظر محطة» أو «ناظر ديرة» أو «ناظر مدرسة».. تراه أسطى يقود دورية فى مصنع نسيج أو فلاحا على كتفه منديل «محلاوى» أو شيخاً معممًا يقرأ فى المقابر أو منشدًا يغنى فى الموالد، كان السعدنى خليطاً من هؤلاء وهؤلاء، ليرسم فى النهاية عنوانا لضحكة جميلة اسمها مصر بكل ما فيها.. لتبقى فى النهاية مصر «ست الدنيا» وتاج رأسها.. ويبقى هو محمود السعدنى «سيد الظرفاء» فى كل عصر. - اتفضل يا سيدى.. رد يعنى إيه حزب «زمش»؟ يا روح....! هكذا سأله مأمور السجن.. وهو معتقل. - رد السعدنى بابتسامة جعلت المأمور يزداد غضباً. - انطق.. يعنى إيه زفت «زمش» دي؟ - يا افندم باختصار أنا لقيت نفسى موجودا وسط الزملاء السجناء، وهم جميعاً ينتمون إلى أحزاب وتيارات سياسية.. عندك الشيوعيون، والوفديون، والماركسيون، وأنا اللى فيهم ليس لى حزب.. فقررت أن أنشئ حزبا وأطلقت عليه اسم «زى ما انت شايف»، واختصاره «حزب زمش» بس.. هذا هو الموضوع. - فانفجر المأمور من الضحك! وعلى طريقة مسمى الحزب الوهمى الذى أنشأه.. والذى أطلق عليه اسم «زى ما أنت شايف».. «شاف» السعدنى الحياة بطريقته الخاصة، انتقل من صحف «بير السلم» إلى كبرى المؤسسات المصرية والعربية فى الصحافة.. وصادق الرؤساء المصريين والملوك العرب، بنفس القدر الذى صادق فيه عم سلامة بتاع الكرشة فى حارة السماك وعم سيد بتاع المخلل الشهير فى الجيزة، وعم كامل سائق التاكسى، والولد على الفران، «شاف» السعدنى مصر - وتحديداً الجيزة - وكأنها مركز الكون، وهو الذى لف مدن العالم وعاش فيها.. لكن كانت مصر بالنسبة له هى العشق والحب والهوى، هى الزاد والزواد، هى الداء والدواء، هى التى فقط «تتحب»! فى سلسلة «حوارات».. «أبى الذى لا يعرفه أحد»؟ تواصلت مع الكاتب والزميل أكرم السعدنى ابن الراحل فيلسوف الضحك محمود السعدنى، حددنا الموعد، واتفقنا على المحاورة، وعندما قلت له «أبى..» قال لا تكمل.. دعنى أنا أكمل مكانك..ثم سكت قليلاً، وكأنه يبحث عن بداية قوية يتحدث بها عن أستاذه وصديقه، وحبيبه، وحريره، وضله، وشمسه، ومعلمه، قبل أن يكون أبوه، بتلك الكلمات بدأ كلامه.. وسألنى هو تفتكر يا خيرى عندما نريد أن نتكلم عن «عمنا» السعدنى.. نبدأ منين؟.. قلت الاختيار لك.. قال: هيا نبدأ من الجيزة، أغلق هاتفه، وأمسك قلمه، وبدأ وكأنه سيكتب مقالاً أو سيرسم صورة عن أبيه، ثم قال: لقد أحب عمنا السعدنى، الجيزة لدرجة العشق، أحب ناسها وشوارعها، وولادها الطيبين، قلت ما سر هذا الحب؟ قال: سألته نفس سؤالك، فقال: يا أكرم يا ابنى.. هل ممكن تسأل أبًا بتحب ابنك ليه؟ هل ممكن تسأل أم بتحبى طرحة وفستان زفاف ابنتها ليه؟ هل ممكن تسأل مياه النيل، بتجرى فى النهر ليه؟ هل ممكن تسأل الشمس أو القمر بتطلعوا للدنيا ليه؟ لو وجدت عندهم ردا.. تبقى هتجده عنده، فى الجيزة عشت، وصاحبت وفرحت، ونمت، وسهرت، وحبيت، وفشلت ونجحت.. ولا أتصور أن تكون الحياة بدون الجيزة، مثلما لا أتصور أن تكون الحياة بدون مصر. - قلت له.. لكن الجيزة التى أحبها كل هذا الحب، حتى اليوم لا تطلق اسمه على شارع من شوارعها، رد وفى نبرة صوته عتاب قائلا: عندك حق.. هذا لم يحدث، حتى اليوم رغم مرور 7 سنوات على رحيله، ومصر الدولة الرسمية كثيراً ما وعدت بذلك، غير أن الوعود لم تتحقق حتى اليوم. - قلت هل يشعرك ذلك بالحزن؟ قال: أنا حزنى، مرجعه أننى أشعر بأن أبى حزين وهو فى مرقده، فلقد أعطى عمره وقلمه، وصحته لهذه المدينة، عاش فى الخارج متنقلا من مدن أجنبية وعربية، لكن ظلت الجيزة بكل شوارعها وحواريها وبيوتها عشقه الذى لم يفارقه حتى وفاته.. فهل تبخل مصر عن «السعدنى» فى أن تطلق اسمه على أحد شوارعها؟ قلت له دعنى آخذ منك السؤال وأتوجه به إلى اللواء كمال الدالى محافظ الجيزة.. وننتظر منه اجابة. ولد محمود السعدنى فى20 نوفمبر 1928 ورحل يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 بعد رحلة مع المرض.. قدم للمكتبة العربية عشرات الكتب ومنها «مسافر على الرصيف»، «السعلوكى فى بلاد الأفريكى»، و«وداعاً للطواجن»، «أمريكا يا ويكا»، «مصر من تانى»، و«الولد الشقى» عدة أجزاء.. و«حمار من الشرق» وغيرها من الأعمال الإبداعية التى رسم فيها بالكلمة، والمعلومة البسمة على وجوه القراء، له من الأبناء «أكرم - هالة» وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدنى، قال عنه الرئيس عبد الناصر «السعدنى سفيرنا إلى المصاطب» وقال عنه السادات «ده مش هيشوف الشارع تانى.. ده بينكت علىَّ وعلى أسرتى» عدت من عند الرئيس السادات وسألت الابن: هل تغيرت وجهة نظره قبل رحيله أو صمته تجاه الرئيس السادات؟ رد: أبويا.. لا.. لا.. حتى آخر لحظة فى حياته.. كان موقفه - ولو بالنظرة - كما هو بالنسبة للرئيس السادات، قلت له.. لكنه التقى به فى الكويت وطلب منه العودة لمصر.. وقال له: أنا ببنى البلد يا ولد! قال أكرم: بلد مين اللى كان يبنيها؟ دعنى أقول لك.. ونسأل معاً.. لماذا أحب عمنا «السعدنى» عبد الناصر.. قلت: لماذا؟ قال: لأنه كان يراه غطاء لجسد الفقراء، وحلم فى قلوبهم وعقولهم، قلت طيب والسادات؟ قال: عمنا السعدنى كان شايف السادات مش مننا.. ليس من طبقة الناس الغلابة.. أو تستطيع أن تقول أنه عندما وصل للحكم «قلب» وأصبح شخصية «تانية» ثم سكت أكرم قليلاً وقال: عمنا السعدنى تعرف على الرئيس السادات قبل 23 يوليو فى منزل زكريا الحجاوى وكان بصحبته عمنا «طوغان» يومها قال لهم زكريا الحجاوى عندما سألوه عن الشخص الذى يجلس معه؟ قال لهم هذا هو الذى سيحكم مصر.. وقتها سأل «السعدنى» ده هيحكم مصر.. ده شكله مخبر، كل ذلك والسادات صامت لا يتكلم، ثم تحققت نبوءة «الحجاوى» وحكم السادات مصر.. رد أكرم مكملاً كلامى: وبعدها حكم مصر ماذا فعل؟ تسبب فى هروب زكريا الحجاوى لقطر، والسعدنى للعراق، وطوغان إلى ليبيا، قلت له.. وهل السادات السبب فى ذلك؟ رد: أمال أبويا يعني؟ أليس غريباً أن يحب عبد الناصر رغم أنه سجنه؟ قال: عمنا السعدنى كان يعشق عبد الناصر.. ويراه نصيراً للفقراء، وكان يقول: إن كان ناصر «أهان» محمود السعدنى، فيكفيه أنه «أعز» مصر، قلت له: أى «عز» وهو الذى سلمها محتلة؟ قال: هذه مؤامرة دولية - مثل التى نعيش معها اليوم - لتركيع البلد. عبد الناصر كان يخطب فتسقط حكومات وتأتى حكومات، كان يمشى فتهتز شوارع العواصم العربية. قلت له دعنا نعد إلى شخصية عمنا السعدنى بعيداً عن الكتابة والعمل.. كيف كان؟ قال: أبى.. كانت شخصيته هى شخصية واحدة فى الحياة، مثلما كانت فى الكتابة، وأذكر أن الاستاذ الراحل أحمد رجب قال لى.. إحنا حاجة فى الكتابة الساخرة، والسعدنى حاجة تانية خالص، هو يكتب مثلما يعيش ويعيش مثلما يكتب، قلت: أقصد.. كيف كان فى حياته اليومية؟ قال: يُموت من الضحك وهو يتكلم، مثلما كان فى الكتابة، بمعنى أنك اذا قرأت له تضحك، واذا جلست معه تضحك. قال عنه الراحل كامل الشناوى: يخطئ من يظن أن السعدنى سليط اللسان فقط.. إنه سليط العقل والذكاء أيضاً. من عند رأى كامل الشناوى إلى رأى «السعدنى» فى تعليم أولاده، قال أكرم.. لم يتدخل فى رغبات أحد منا، ترك لنا حرية الاختيار فى الدراسة.. ونحن كانت ظروف دراستنا مختلفة، فبعد المرحلة الاعدادية أُجبر أبى على الرحيل من مصر، فضاعت مننا أجمل سنين عمرنا فى الغربة بعيداً عن مصر.. وهو كان ذهنياً ونفسياً بين مرارة الغربة وبين حنينه الى الوطن، ونحن أكملنا تعليمنا فى مدارس وجامعات بغداد، بعد رفض نظام مبارك فى بداية عهده استقبالنا فى الجامعات المصرية، إلا بأن نعود الى سنوات الدراسة الجامعية الاولى.. ووقتها اتصل أبى بالقيادة العراقية، فقالوا على السعة والرحب رحبت القيادة العراقية، وأصدر مجلس قيادة الثورة العراقية بقيادة الرئيس صدام حسين - رحمه الله - قراراً بعودتنا للدراسة فى الجامعات العراقية. ومن العراق نذهب الى سوريا..قبل أيام الوحدة ما بين القاهرةودمشق.. فى ذلك الوقت سافر «عمنا السعدنى» فى زيارة صحفية الى دمشق وطلب أعضاء الحزب الشيوعى السورى من السعدنى توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر، فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها، وكان فى الرسالة تهديد لعبد الناصر، لذا تم إلقاء القبض عليه وسجن ما يقارب العامين، وأفرج عنه بعدها. - عدت للابن أكرم وقلت له: كان هذا سبباً فى سجنه أيام عبد الناصر.. فلماذا سجنه السادات؟ قال: السادات نفسه قال للرئيس القذافى عندما حاول التوسط لديه للافراج عن أبى.. قاله «السادات» إن السعدنى أطلق النكات علىَّ، وعلى أهل بيتى، ويجب أن يتم تأديبه. قلت له وبعد خروجه من السجن إلى أين اتجه؟ قال: صدر قرار جمهورى بفصله من صباح الخير، وتم منعه من الكتابة، بل منع ظهور اسمه فى أى جريدة مصرية حتى فى صفحة الوفيات، بعدها سافر الى بيروت وغادر بعدها الى ليبيا ثم فى عام 1976 وصل الى أبو ظبى وغادر بعدها الى الكويت، وعمل فى السياسة الكويتية مع أحمد الجار الله ثم تحت الضغوط غادر الى العراق ثم بعد ضغوط من القاهرة غادر الى لندن. قلت له: واستمرت حياته فى لندن حتى اغتيال السادات.. وبعدها عاد للقاهرة واستقبله الرئيس مبارك فى القصر الجمهورى، ليطوى صفحة طويلة من الصراع مع السلطة، قال: هذا ما حدث بالفعل. قلت له: هل مات راضياً عن مشواره فى الحياة؟ قال: أبى كانت حياته كلها رضا، تخيل ،تُوفيت أمه وهو خارج مصر وبكى على رحيلها بشدة، وكان يعيش فى مدينة وأولاده فى مدينة أخرى.. ورغم ذلك كان مؤمنا بقناعته، ومدركاً أن مصر تستحق منه أن يفعل ما فعله، ورغم التعب، والسجن، والسفر، والابعاد من المهنة والمنع من الكتابة، إلا أنه كان راضياً وسعيداً بتجربته فى الحياة. قلت له: كيف كانت علاقته بأهالى الجيزة.. قال: كانت علاقة كلها حب غير عادى.. أبى كان يعشق البسطاء.. وأذكر أنه حكى لى مرة عندما كان كادرا فى الاتحاد الاشتراكى، ان اجتمعت الهيئة فى المحافظة، لأن عاملا احتاج بنطلون فأخذه، فاعتبرت القيادة السياسية فى المحافظة أن العامل سرق البنطلون.. فما كان منه، إلا أن قال للعامل.. «بكره تأتى ومعك شنطتين وخذ ما تريده» ثم قال لهم تحاسبوه على «بنطلون» يريد أن «يلبسه» والله أنتم عار على نظام عبد الناصر، وعندما كان فى احد السجون التقى بشخص جلس اليه.. وقال له أبى «يا ولد بقى أنت شيوعي؟ قال له: والله أنا لا أعرف يعنى ايه شيوعى.. كل ما فى الأمر أننى جئت بمجموعة منهم يشربوا «حشيش» فى بيتى وأنا أشرب معاهم.. والبوليس هجم على الشقة ورحنا كلنا الحبس.. وبعد خروج أبى وخروج هذا الشخص الطيب.. ظلت بينه وبين أبى علاقة طيبة، الى أن مات هذا الرجل وترك أسرة.. ظل أبى يرعاها، ويحرص على تلبية احتياجاتهم.. مثل هذه الحكايات نحن عرفناها فيما بعد، فهو لم يكن يتكلم أو يحكى، واليوم أجد قصصا وحكايات شعرت أمامها أن أبى بعد رحيله تحول إلى أسطورة من الحكايات فى الجيزة، في أى حارة أوشارع أو قهوة أو مطعم فى الجيزة، إلا وتجد من كان له مع أبى حكاية وقصة تستحق أن تروى.. هذا الرجل عاش لحلم وهدف وفكرة واحدة فقط.. قلت وما هى؟ قال: السعدنى عاش للناس، كانت أسعد لحظات حياته أن يرى البسطاء سعداء.. وفرحانين ومبسوطين، السعدنى لم يكن يمارس مهنة الكتابة ولم يشتغل بالسياسة ولم يسافر ولم يعد، إلا لهدف واحد.. هو أن يعيش الناس سعداء.. ومصر كانت حلمه وأمله وفرحته وسعادته.. لذلك أنا كلما تذكرته أجد نفسى أمام قامة مهنية.. أمام كتلة مشاعر انسانية... أمام كاتب كان يحب بل يعشق الكتابة.. وبالمناسبة كان يحب الكتاب والموهوبين من الكتاب الساخرين الجدد.. أذكر أنه بعدما قرأ مقالا لبلال فضل.. ضحك وقال: «الواد ده هيبقى ليه مستقبل فى الكتابة»، و دعنى أقف هنا وأسأل هل بلال فضل وعلاء الاسوانى وباسم يوسف خطر على مصر، حتى يطاردوا أو يضطروا للهجرة لكونهم لهم آراء مختلفة أو معارضة، هذا لا يليق بمصر.. مصر كبيرة، وقوية ولا يسقطها قلم، ولا يدمرها رأى.. سواء كان هنا أو هناك. وعند مصر.. وعند الرأى.. توقف بيننا الكلام وتركت الابن أكرم محمود السعدنى.. وهو يرسل رسالة الى أبيه يري أنه لم يغادره، ولم يتركه.. ولم يفارقه، يرى أن «السعدنى» ما زال عايش جواره، لدرجة أننى أوشكت أن أصدق - من صدق كلامه - أن الاستاذ محمود السعدنى يجلس خلف باب المكتب الذى نجلس أمامه.. هذا هو إحساس الابن بأبيه.. أما إحساسي بالسعدنى - كاتب وانسان - جعلنى أقول أن لمصر ضحكات تأتيها كل فترة من الزمن لتخفف من آلامها والسعدنى.. كان ضحكة على وجه مصر، مات الولد الشقى.. صحيح لكن الذى يعيش ولا يموت هو ضحكة مصر.