الصحفي الناقل للخبر ضميره المهني يحتم عليه أن يقف على مسافة كافية من الأشخاص الواردين فيه لكي يكون حيادياً ممن يتناولهم الخبر، فلا يجب أن يلمح إلى خطأ أكبر مما هو معلوم لديه، بخاصة الزملاء في أقسام الحوادث والفن وما شابه، فما بالنا بالسادة الأساتذة من كتاب المقال فكم تمنيت أن تتناول كلماتنا الظواهر نفسها بالتأنيب والشجب، لا الأشخاص، رغبة منا في التصحيح، اللهم إلا فيما هو بالغ الخطورة فيما نواجه من(البعض) في (سفاهة التعبير عن المضمون عبر اللفظ المماثل له) بمعنى حينما يكون الطرح نفسه صادر من مخضرم عاش من العمر ملياً، والمفترض إنه يعرف اللياقة والآداب معرفة جلية ثم يخرج علينا بما لا يجوز لمنطق تخيله، هنا نضطر كثيراً للتدخل للتوضيح اللازم الذي إن لم نبده نساهم بشكل مباشر في تشكيل أذهان شبابنا على نحو خاطئ، والشباب في النهاية هم الطرف الاضعف في هذه المعادلة، فكل الأطروحات الخاطئة سياسياً واجتماعياً وبالتالي أخلاقياً ومن قبل دينياً تصب في رؤسهم ضمن مهرجان ضخم للأصوات العالية التي لا تكاد تتلمس فيها للعقل أو الحكمة صوتاً، وإنما هي اطروحات، إن جاز تسميتها بهذا الاسم، تقلب الآية فتجعل ماهو متعارف على صحته خطأ والعكس بالعكس وصدق سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه إذ يقول: اللهم إني أشكو إليك جلد الفاسق وعجز المؤمن. فإذا ما أتصل الأمر بالشباب الملتبس عليهم الأمر من جميع جوانبه، فكان الخبر عن أحداهن أو أحدهم، أرى من الواجب على صحفينا إيراد ما يرونه من صحيح الاخبار والتنزه عن مدسوسها وكاذبها، وليس من المعقول أن تعاد (الاشتغالات) إلينا في ابشع صورها وبعد الثورة المصرية وما تتعرض له من ضربات موجعة، والاشتغالات محاولة لفت الأنظار عن الحقائق الواضحة وبخاصة ما يتعلق منها بصميم حياتنا من أزمة الحرية وضرورات الحياة ب(فشنك) الأخبار المثيرة من مثل فلانة تتخفف من عقلها فتقول: فتح حجرات للدعارة في الشوارع ضرورة، والتصريح لمخرجة معروفة بالأباحية، ومثله ما قالته مؤخراً من كون الإسلام لم يحرم الشذوذ المعروف على طريقة (لا تقربوا الصلاة)، ومثل هذه التصريحات تثير غريزة الشباب لسهولة تعاطيها وإدمانها فهي لا تستغرق كثير وقت في فهمها وإنما تنزلق لمناطق العورات بصورة مباشرة، ولا يستحي أمثال هؤلاء من كون أفلامهم وكتاباتهم تشاهد باليد الواحدة، فيما الاخرى منزلقة للمناطق المحظورة أو المذكورة منذ قليل، من آسف شديد للتعبير وللواقع الأشد قتامة وقذارة، فلدينا ملايين الشباب من الفتيان والفتيات وقد غابت المشوعات الكبرى التي تستغرقهم في البناء، وشاعت الأقلام والأفلام والبرامج المغرضة، ولعل الفنانة آثار الحكيم كانت أكثر شجاعة من الكثيرين المشاركين في هذا المستنقع أو الراضين به إن لم يكونوا من المحرضين وأسوأ من هؤلاء الصامتون، قالت آثار إن نظام مبارك استعان بالأعمال الفنية الإباحية لإلهاء الشباب عما يحدث في مصر، وهو ما قاله كاتب هذه السطور منذ أسابيع هنا وقاله كل محب لبلده من قبل، أين منا إخواننا صغار الصحفيين الذين يجرون وراء الخبر كثير التوابل ولا يدرون أنهم يضرون ولا ينفعونن وأنهم للأسف ممن يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع وممن توعدهم الله تعالى بالعذاب العظيم؟ ففلانة الممثلة رقصت شبه أو بلا شبه، وفلانة رفعت دعوى تحرش، وفلانة مشكوك في نسبها، وقد قال الرسول، صلى الله عليه وسلم للأنصاري صاحب المزرعة الذي أبلغ عما رأى من زنا عامله أو خادمه ودفع بالفتى ليعترف على نفسه ما بين يدي الرسول، صلى الله عليه وسلم فقال له:(هلا سترتهما بطرف ثوبك) وهو يعني الزانية والزاني، والحديث صحيح لأنه نبي الرحمة لا يريد إشاعة الفاحشة في مجتمع المدينة، وأتعجب ممن يقولون بدولة دينية في الإسلام وقد أسمى الرسول العظيم يثرب بالمدينة بعد حلوله فيها وإنارته لها بجميل هديه ووجهه الشريف، كما أموت عجباً ممن يخافون تطبيق الحدود ولا يعرفون إنها لا تطبق إلا بعد إشاعة العدالة المنافية لكل حد في المجتمع، فيجد كل إنسان لقمة عيشه، وهلم جراً). وإن يكن لصغار الصحفيين عذر، غير مقبول، فماذا عن الكبار الذين يتفنون في الافتتاحيات من عينة (ضبط نجمة متوسطة مع فنان درجة خمسين في بيت دعارة بصفط السريس)، وكل يوم لديه من بنات(الأمراض) ضبطية ويعلو التوزيع فيما تنحدر الأخلاق، أما عن صور الفاحشة أو مقدمتها فحدث ولا حرج زميل مخرج صحفي في مؤسسة قومية تصدر عدداً من المجلات ذات الأسماء المنسوبة للقارئ قال لي: قرفت من الصور العارية فبدأت أخففها، ولا أتركها، فجأني مدير التحرير مهرولاً ليقول لي (هتعملوللي فيها شيوخ هنا أمال نوزع إزاي شيلوا الصور وتعالوا نقعد في بيوتنا كلنا الصور هي اللي فاتحة بيوتكم). وهكذا يعترف(الرجل) بعدم قيمة كلماته في مقابل الصور الفاقعة المستفزة التي يأنف منها القائم على إعدادها للنشر من ذوي الضمير الحي، وفي المقابل كم من كتابنا من لا يريد سوى إملاء رأي معين وفرضه على القارئ؟ والنتيجة هي موجة من العري تجتاح عالمنا لا وطننا العربي فكل صحفي على الطريق يغطي دوامة أو تابعاً لها أو حتى موجة منها صار يفتتح الخبر بعنوان (على طريقة علياء) وربما توهمت الأخيرة إنها تنجز عملاً عظيماً لم يسبقها إليه احد، وللحقيقة فقد صرحت في المضمون بكونها ملحدة، وفي الشكل بالصورة المقززة التي ظهرت بها، واعرف جيداً إنها زوبعة في فنجان لا تلبث حتى تنقشع ولكن ما آلمني أن حطب الفتن المقادة من حولنا حتى بعد الثورة والتصريحات المستنيرة في الحد الفاصل ما بين الفن والتعري من مثل ما قالته آثار وغيرها بل إن محمد السبكي المنتج المعروف قال لريهام سعيد في برنامجها الرمضاني الأخير: لا أعرف معنى كون وجود ضرورة درامية لتعري ابنتي في فيلم أو مسلسل (فلتغور الضرورة في داهية ولا تتعرى) هذا فيما فيلق يذيع الفاحشة في الأفلام والمسلسلات(على ودنه) برأي الفنان الراحل توفيق الدقن، راجعوا أحداث فيلم (واحد صفر) لكاملة أبو ذكري وقد أجاد النقاد في وصفه فلما شاهدته شاهدت حلقة متماسكة على مستوى الإبداع الشكلي الفني من وسم الجميع بالجنس المحرم، جميع ابطال الفيلم بلا استثناء، وفي جميع ربوع القاهرة دورة المياه قبل سطح النيل، قولوا لي ماذا ابقيتم من أثر للطهر داخل الشباب إذن؟ لعل (علياء) وللأسف خاب اسمها معها، ولا أريد أن أثقل عليها، عاشت مأساة من تلك التي عبر عنها أديبنا الكبير الراحل:محمد عبد الحليم عبد الله في روايته (البيت الصامت)، بل تعاطف مع بطلته التي افتضت بكاراتها في استدراج من شاب بلا قلب ولا ضمير ومن قبل وازع من دين، ولا أريد إكمال بقية أحداث الرواية مما أدعوا الله تعالى أن ينجي منها علياء وجميع فتياتنا، صرحت الأولى بأنها وجدت من استدرجها في سن السادسة عشر من زهرة صباها لممارسة الرذيلة، وبالطبع فلا اسرة تسهر على سلامة بناتها مع مثل هذه العينة من البيوت في مجتمعاتنا، وكم يتكرر الامر على نحو مفجع كل ساعة، حرص الله مصر ممن يريدون تدمير كل جميل فيها، فيما وسائل الإعلام تطبل وتزمر للغريزة الجنسية على مدار اليوم وتحت شعار أعمال فنية إن عرف الفن البحت بعضها تبرأ من جلها، وفيلم كعائلة ميكي ينفي الفضيلة، بمفرده لسنوات كاملة وللأسف شره غير باد كغيره من الأفلام السافرة التي تعلن إنها جنسية من عنوانها فلأبطال أغلبهم متدربون من الشباب والبطلة محجبة، وسأفرد له مقالاً قريباً إن مد الله في العمر، هذا غير الافلام الأجنبية التي تمثل طوفاناً لا يرحم ويتداولها الشباب بل غيرهم على نحو مفجع، ولذلك قصة اخرى ارويها في حينها بإذن الله تعالى، الفتاة، وأتمنى قليل من الرحمة ممن يكتب عنها، استدرجت لفقد ما تحرص عليه كل أسرة في بناتها، لا كل بنت في أسرتها وعالمها. مؤخراً وجدت كلمات لفتاة تونسية على الفيس بوك تقول لزميلاتها: احرصي على سمعتك لأنها ستبقى حتى بعد مماتك، فقلت لنفسي سبحان من يحيي العظام وهي رميم، لم تفهم علياء المسكوت عنه من وجوب العفة، في الباطن قبل الظاهر، لما وقعت في الخطأ من قبل رجل لديه أربعون عاماً، وكلماتها الأخيرة عاتبة على حالها تبين إنها غير مدركة لما يحدث من جميع ابعاده، وربما (القصة التي شغلت الناغس من غير العقلاء بها، هي لعبة تورطت فيها، فيما مستدرجها مدرك لما يفعل فيما لم تكن تعي، والأهم إنها فقدت القدرة على التواصل مع أسرتها بعد الأمر، كرهها أبوها حتى إنه ليمقت كلبها، ولإنها تلقت تعليماً في الجامعة الأمريكية، ولم تجد أسساً صلبة من مجتمعها ولا من أسرتها تكافأ ما بث بانتظام في ذهنها بل أعانها الإعلام الملوث على المضي قدماً في المأساة، ولدينا ملايين الملايين من ساعات البث الإعلامي المحرضة على الحب في صورتها الوحيدة التي نعلمه ما بين رجل وامرأة وأحياناً لا يجوزان لبعضيهما ( مسلسل العشق الحرام ويكفي اسمه ليصدك عن مشاهدته وهو سوري يليق بالمرحلة الحالية من عشق ما بين الشعب هناك ومن يسمى رئيسه)، لما انساقت علياء في الطوفان الرهيب، وما خفي من أمر زميلاتها أكثر إيلاماً، ولما وجدت فاجراً آخر يلوث فكرها غير ....، وهو مدون لا أحب مجرد ذكر اسمه هجره الأزهر الشريف فسب الله والرئيس الذاهب مبارك فما كان من الأخير إلا أن سجنه أربع سنوات فخرج أكثر إجراماً، وبعد حين استمعت علياء إليه ولزفير الرغبة المنتشر في أذهان شباب لا يرون في الحياة إلا ممارسة جن....، ففعلت ما فعلت، إرادة الشهرة و(خالف تعرف) لم تنقصها، والصحفيون لم يقصروا على امتداد الوطن العربي ومنهم من هو سعودي في بث أخبارها، فانقلب السحر على الساحر لما هددت الفتاة بالقتل مؤخراً، بل أخرج البعض صورة لفتاة ماتت في حادث بالبرازيل وأدعى إنها لها، وراحت الصحافة تزغرد بالخبر في حض على الإجهاز عليها، إن كانت حية (في ظن الأخير)، فما كان من الأخيرة إلا أن كتبت على صفحتها في الفيس بوك( أنا مت ودخلت النار خلاص) وأرجح إن لعب (العيال) الأخير من عندياتها هي فيما لا تشعر بمقدار ما قد يمكن أن تتعرض له. بصراحة أتمنى أن نغض الطرف عن علياء فليست الوحيدة المخطئة فتكفيها إهانتها لنفسها، وحاولوا التعفف عن الامر إن لم تستطيعوا وقفه، فعلى الاقل تمنوا هذا فما نار جحيم هذه الرغبات من الموتورين من شبابنا من الجميع ببعيد. يا سادة اجعلوا مسافة ما بينكم وما بين الشباب حينما تتحدثون وتنفذون أفلاماً له، وتكتبون كتباً وتنفسون تجاربكم التي لا تجسرون على مواجهة المجتمع بها وتفعلونها في الخفاء مستغلين صمت أو استغلال البوابين، فهؤلاء يصدقون مهاتراتكم ويحاولون تنفيذها ارحموهم يرحمكم الله تعالى أو ارحموا المجتمع من شروركم إن لم تكونوا تتقون الله تعالى .