أشارت دراسة حديثة أصدرتها جامعة عين شمس إلي أن أكثر من 70% من الأطفال والشباب ما بين الخامسة عشرة والخامسة والثلاثين يتبادلون مشاعر عاطفية عن طريق الإنترنت والتواصل بالرسائل الإلكترونية.. هذا بالإضافة لمواقع العنف والجنس التي تفرض وجودها علي الأبناء أثناء تعرضهم للإنترنت وتعمل علي نشر العدوانية والإباحية بشكل يثير القلق بل وتقدم لهم كل الإغراءات الممكنة للدخول إلي تلك المواقع والتي بلغت 12% من نسبة المواقع الموجودة علي الإنترنت ومازالت في تزايد مستمر. ففي عام 2003 بلغت عدد الصفحات الإباحية 260 مليون صفحة وفي عام 2004 وصلت إلي 347 مليون صفحة وفي عام 2009 وصلت إلي 425 مليون صفحة. وتأتي الدول العربية في مقدمة الدول التي تهتم شعوبها بالبحث عن كلمة جنس. كما كشفت الدراسة عن وجود 320 قناة فضائية إباحية علي الأقمار الأوروبية يملكها رجال أعمال عرب باستثمارات تفوق 460 مليون يورو وقد تخطت مكاسبهم المليار يورو خلال 7 سنوات فقط!! حول تأثير مشاهدة المواد الإباحية علي الشباب تقول الدكتورة نيرمين الإمام مدرس علم النفس بجامعة عين شمس إن مرحلة المراهقة هي مرحلة التغيرات النفسية وهو أمر طبيعي لما ينشأ عنه من طلقات واستعدادات وقدرات تتفاعل فيما بينها لتشكيل شخصية المراهق وعندما يشاهد المراهق الأفلام الجنسية والمواد الإباحية ينشأ عنده صراع داخلي بين ما تربي عليه من قيم وعادات وتفاليد وما يراه من قيم وعادات مخالفة لها مما يؤثر بالسلب علي الصحة النفسية للمراهق ويتسم سلوكه بالعداء تجاه الآخرين. كما تؤثر هذه المشاهدات بالسلب علي العادات والتقاليد حيث يستبدل المراهق عاداته وتقاليده التي تربي عليها ويجل محلها التقاليد والعادات الجديدة الغريبة علي مجتمعنا. كما تؤثر هذه المشاهدات علي أخلاق المراهق بالسلب حيث يجب أن يتجنب فيها المراهق كل الاستثارات الجنسية لما لهذه المرحلة من أهمية في حياة الفرد إن لم تكبح فيها جماح نفسه هوي إلي مستنقع الحيوانية والبهيمية. عزيرة طبيعية وعن أسباب إقبال المراهقين علي المواقع الإباحية وتأثيرها علي المجتمع تقول الدكتورة عزة كريم خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الجنس غريزة طبيعية تزداد وطأتها حينما يوجد وقت فراغ وكذلك من فترة المراهقة حتي الزواج وهي مرحلة قد تطول كثيراً خاصة في الدول العربية نتيجة ارتفاع نفقات الزواج التي تقف عقبة أمام معظم الشباب. والانخراط في مشاهدة المواد الإباحية يرتبط بتعاطي المخدرات وممارسة العادة السرية قبل وبعد الزواج وما ترتب عليه من ارتفاع معدلات الطلاق وكثيراً ما تؤدي إلي زنا المحارم لأنه حينما يتعرض لهذه المواد يحاول أن يمارسها مع أقرب الناس إليه كما أنها تؤدي إلي إدمان هذه المواقع. وتطالب د. عزة بضرورة أن تخطو الدولة خطوات جادة لتشفير هذه المحطات والمواقع أسوة بالعديد من الدول وضرورة الرقابة الأسرية للحد من الدخول إليها.. وأن يتعلم أولياء الأمور الكمبيوتر حتي يسهل عليهم متابعة الأبناء مع الحرص علي التوعية الدينية وشغل أوقات فراغهم بممارسة الهوايات المحببة لأبنائهم وعلي الدولة مساعدة كل الشباب في الألتحاق بالأندية الشعبية للقضاء علي وقت الفراغ. العقاب القانوني والسؤال الآن هل توجد تشريعات وقوانين مصرية تجرم هذه المواقع؟ يجيب القاضي الدكتور محمد محمد الألفي رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت: إن التشريعات المصرية قادرة علي التصدي لهذه الأفعال إلا أنه يجب أن يكون مقدم الخدمة داخل مصر حتي تطبق عليه القواعد القانونية للتجريم فإذا افترضنا أن مقدم الخدمة من هولندا وأن المتصفح من مصر فإن القانون المصري لا يستطيع أن يجرم مقدم الخدمة الأجنبي. وفي داخل مصر توجد بعض الشركات التي تعمل في الخفاء وتقوم برفع محتوي جنسي وصور إباحية للأطفال فقامت إدارة مكافحة جرائم الشبكات بالداخلية فور ورود معلومات بالحصول علي إذن نيابة عامة وبتفتيش أجهزة الحاسب الآلي وضبط وحدات التخزين وتمكنوا من ضبط الوسائط الإلكترونية وهذه الوحدات وتبين صدق المعلومة وفي هذه الحالة فإن قانون الطفل المصري وقانون مكافحة جرائم الآداب تصدوا لهذه الأفعال وحكم بالحبس والمصادرة والغلق علي صاحب الشركة. ويري د. الألفي ضرورة أن تقوم جمعيات المجتمع المدني بتثقيف المجتمع بخطورة هذه المواقع كذلك دور المؤسسات الإعلامية والتعليمية بخطورة إدمان المواقع الإباحية من خلال محاضرين أكفاء في مجالات علم النفس والاجتماع والدين والقانون لتوعية الشباب بخطورة إدمان هذه المواقع التي تؤثر علي مضمون ومحتوي التفكير والتركيز والتي تصل في النهاية إلي أن يصدر المدمن تصرفات يعاقب عليها جنائياً كالتحرش الجنسي. استثمار إباحي وتري د. إلهام شاهين أستاذ مساعد بكلية العقيدة والتربية الإسلامية بالأزهر: أن سبب انتشار هذه المواد الإباحية يرجع إلي طمع رجال الأعمال حيث تبين أن الاستثمار في هذا المجال ناجح للأسف وأن رجال الأعمال هؤلاء ما تجرأوا علي تلك الأعمال إلا تحت دعوي الحرية الفكرية التي يروج لها في بلادنا من الخارج وقد استخدمت هذه الحرية بصورة خاطئة فاستخدموها في إشاعة الفاحشة وإفساد المجتمع ونشر الفوضي والإنحلال الخلقي بكل صوره وأشكاله وإذا لم يكن هناك قانون أخلاقي واجتماعي يجرم إنشاء مثل هذه القنوات وانتاج مثل هذه الأفلام ونشر مثل هذه المواقع الإباحية بدعوي عدم تقييد حرية التعبير عن الرأي فأن هناك قانونا إلهياً يجرم هذه الأفعال فالله تعالي يقول: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة" وليعلم كل من هؤلاء وكل من يعمل في هذه الأماكن ويساهم ويساعد بصورة أو بأخري في نشر وانتاج هذه الإباحية والفاحشة أنه مسئول عن الوقت الذي يبذله لأنه جزء من عمره وهو مسئول عنه أمام الله سبحانه وتعالي وكذلك صحته التي وهبه الله إياها وماله الذي رزقه الله به ولابد أن يكون إنفاق المال والصحة والوقت والعلم فيما يرضي الله تعالي وفي أوجه طاعته وليس فيما يغضب الله وأوجه معصيته فإن هذا مما سيسأل عنه المرء يوم القيامة عن عمره وصحته وعلمه وماله من أين اكتسبه وفيما انفقه؟ كما أن هذه الوسيلة المستخدمة وهي الإعلام بكل صوره وأشكاله سواء كانت قناة فضائية أو موقعا علي النت أو فيلما من الأفلام في وسيلة جعلها الله في أيديهم ولذلك فهي أمانة كان يمكنهم توجيهها لصالح الأمة الإسلامية وخدمة قضاياها وحل مشاكلها لكنهم بذلك خانوا الأمانة وفعلوا ما نهي الله عنه قال تعالي:"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ورسوله وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون". وتؤكد د. إلهام علي ضرورة أن نحمي المجتمع من فساد وإفساد هؤلاء وإذا كانت هناك قوانين تجرم بيع وتداول السلع الفاسدة وغير المطابقة للمواصفات والتي تؤدي إلي إفساد الصحة ونشر الأمراض الجسدية والأوبئة وتوضع لها العقوبات فلابد أن يكون هناك قانون لتجريم ما يفسد أخلاق المجتمع وينشر الفاحشة والفوضي والعنف والأنحلال الأخلاقي وحتي الألفاظ البذيئة والمعاملات السيئة وأن توضع مواصفات للقنوات الفضائية وما يبث فيها وكذلك المواقع الموجودة علي النت وإذا كان لابد يمكننا أن نفعل ذلك في ظل هذا الانتشار الإعلامي الكبير والأقمار الصناعية وأنه لن يلتزم بهذا من هو خارج بلادنا فإن المسئولية التالية تقع علي أولي الأمر والذين بيدهم منع وصول هذه القنوات عبر السماء المفتوحة. رقابة أسرية ويؤكد دكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية: علي ضرورة متابعة الوالدين للأبناء بصورة غير مباشرة حتي لا يأتي برد فعل عكسي وعليهم توعية الأبناء بخطورة بث هذه المواد علي سلوكياتهم والتي قد تهدد استقرار الأسرة ويفضل أن يشارك الأباء الأبناء في مشاهدة برامج هادفة ومسلية بعيدة عن هذا السقوط الأخلاقي. تأثير سلبي ويشير الدكتور صبري عبدالرؤوف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: إلي التأثير السلبي للمشاهد الإباحية علي الشباب والفتيات فضلاً عن أن الإسلام منع المسلم من النظر إلي عورة نفسه فكيف بالنظر إلي عورة غيره؟ يؤكد هذا ماجاء في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما سأله الصحابة: "يارسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما ندع؟ فقال احفظ عورتك إلا عن زوجتك فقيل له: يارسول الله فكيف إذا كان الإنسان خالياً مع نفسه؟ فقال رسول الله: فالله أحق أن يستحي منه". ويشير د. صبري إلي أن هذه المشاهد تكثر بين الحين والحين وأدت إلي مشاكل زوجية وقام بعض الشباب بالاستعانة بالمنشطات لأنه أسرف علي نفسه بالعادة السرية وننصح الشباب بضرورة تقوي الله وغض البصر عن كل ما حرم الله وأن يتخلق كلا الزوجين بآداب المعاشرة الزوجية فعلي الزوجة العاقلة أن تتعرف علي طبيعة زوجها وما يثيره تجاهها وما يحرك فيه الغريزة التي بها تتحقق السعادة الزوجية.