الرئيس السيسى أطلق إشارة البدء| الخبراء يرسمون «خارطة طريق» لإصلاح التعليم الجامعى «3 4»    التضامن تنتهي من تنفيذ 72 مشروعا مع 10 جمعيات أهلية.. وتبدأ تنفيذ 29 مشروعا جديدا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 3285 عسكريا خلال أسبوع    خاص| خبير بالقانون الدولي: قرار محكمة العدل بشأن غزة ملزم.. ويتطلب آليات فاعلة لتنفيذه    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    عمليات حزب الله دفعت 100 ألف مستوطن إسرائيلي للنزوح    الدفاع الروسية: 67 جنديا أوكرانيا استسلموا خلال أسبوع    إستونيا تستدعي القائم بأعمال السفير الروسي على خلفية حادث حدودي    تشكيل فاركو لمباراة سموحة في الدوري    بسبب تشافي.. مدرب إشبيلية يهاجم خوان لابورتا    القناة المجانية الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري كرة اليد    أول رد من محامي سائق أوبر المتهم بالتحرش بالفنانة هلا السعيد بعد إخلاء سبيله    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2024.. الإجازة كام يوم؟    انطلاق فعاليات الدورة السابعة لمهرجان أدب وسينما المرأة في الجزائر    لأول مرة.. فرقة "كايروكي" تحيي حفلًا غنائيًا في الأردن    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع والتسليم لله    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية ضمن مبادرة «الاتحاد الأوروبي بشأن الأمن الصحي»    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    مراسل "القاهرة الإخبارية": تجدد الاشتباكات بين الاحتلال والمقاومة برفح الفلسطينية    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بفستان مستوحى من «شال المقاومة».. بيلا حديد تدعم القضية الفلسطينية في «كان» (صور)    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    في هذه الحالة احذر تناول البيض- خطر خفي على صحتك    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة - مطروح    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "تائه وكأنه ناشئ".. إبراهيم سعيد ينتقد أداء عبدالله السعيد في لقاء فيوتشر    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة البطولة المطلقة
وأوهام الصحافة الفنية المصرية
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 10 - 2011

شاعت في الفترة الأخيرة في الصحافة الفنية المصرية تعبيرات غريبة‏,‏ إن كانت قد فاتت علي صحفي مبتديء فلا ندري كيف فاتت علي الصحفيين الكبار‏,‏ مثل تعبير السيرة الذاتية‏,‏ التي يقصدون بها الأعمال التي تتناول سيرة حياة أحد المشاهير.
‏ أما الذاتية فلا تطلق إلا علي من يكتب سيرة حياته بنفسه‏.‏ وبالمثل أصبح تعبير البطولة المطلقة شائعا بدرجة تثير الضحك‏,‏ وهو تعبير لا يمكن ترجمته إلي أية لغة في العالم‏,‏ فهل يعنون به أن الممثل الفلاني أو الممثلة الفلانية سوف تمثل الفيلم وحدها‏,‏ بدون أبطال آخرين أو شخصيات ثانية أو ثانوية‏,‏ أو ربما أيضا بدون ديكور أو إكسسوار ما دامت البطولة مطلقة؟‏!!‏
يتجاهل هذا التعبير ولعله يجهل أن السينما‏,‏ كأي نشاط في الحياة‏,‏ لا تعتمد أبدا علي أي وجود مطلق لشخص ما‏,‏ ولا يمكن لجسد أن يعيش بنوع واحد من الخلايا أيا كانت درجة أهميتها‏.‏ ودائما ما كانت الأدوار الثانية والثانوية في الأفلام عميقة التأثير علي البناء الكلي للفيلم‏,‏ ناهيك عن أن هناك أفلاما تقوم علي عدم وجود بطولة من أي نوع لشخصياتها‏.‏ تعال نتذكر مثلا عبد الوارث عسر في دور الأب لعبد الحليم حافظ في الوسادة الخالية‏,‏ دور قصير لكنه يجعل قصة الحب تقف علي أرض الواقع الخاص بالطبقة المتوسطة آنذاك‏,‏ والتيمة الرئيسية للقصة هي ذلك بالتحديد‏:‏ أنه لا وجود حقيقيا لأي قصة حب إذا لم تضرب بجذورها في واقع الحياة‏.‏
أعرف أنك تملك ياعزيزي القاريء عشرات الأمثلة علي هذه الأدوار الثانية المهمة‏,‏ مثل حسين رياض في شارع الحب‏,‏ أو زكي رستم في الفتوة‏,‏ أو فريد شوقي في السقا مات أو خرج ولم يعد‏,‏ أو صلاح منصور في الزوجة الثانية‏,‏ ومئات الأدوار الأخري‏.‏ إننا نتحدث هنا عما يسمي الأدوار المساعدة‏,‏ التي أصبحت من الأهمية بحيث يخصصون لها جوائز خاصة في المهرجانات العالمية‏.‏ وفي الأغلب الأعم فإنها الأدوار التي تصبح نمطية‏,‏ وتلتصق بالممثل من فيلم إلي آخر‏,‏ مثل دور الأب والأم والحماة والصديق‏(‏ السنيد‏)‏ والطيب والشرير والراقصة‏,‏ إلي آخر هذه الشخصيات‏,‏ لكن قيمة الممثل الحقيقية تأتي من قدرته علي تقديم تنويعه الخاص لهذه الشخصية النمطية‏,‏ وخروجه أحيانا منها لكي يؤدي أدوارا أكثر عمقا ورحابة‏.‏
من بين من قاموا بالدور النمطي لشخصية تلقي بظلال قاتمة علي الحبكة صلاح نظمي مثلا‏,‏ فهو العزول بين الحبيبين‏,‏ وعندما تقدمت به السن قدم فيلم الجحيم في دور الزوج الثري الذي تعتبره الزوجة وعشيقها عقبة في طريقهما فيقرران التخلص منه‏.‏ لكن تأمل كيف أخذ عادل أدهم هذه الشخصية نفسها لتصبح أكثر تأثيرا‏,‏ في بعض الأحيان من خلال المبالغة الكاريكاتورية المقصودة‏,‏ وأحيانا أخري بإضفاء ملامح انسانية مرهفة عليها‏.‏
من جانب آخر كان أشهر أشرار السينما المصرية هو محمود المليجي‏,‏ الذي تكفي نظرة عينه‏,‏ ورفع حاجبه‏,‏ لترتعد فرائص ضحيته‏,‏ لكن انظر كيف أنه قام بأدوار بالغة الرهافة والقوة معا في الأرض مثلا‏,‏ حتي إن الفلاح محمد أبو سويلم أصبح فولكلورا لدي جمهور السينما العربية‏,‏ ورمزا لمقاومة الرجال للظلم والقهر‏.‏ هل أذكرك أيضا بممثل اسمه عدلي كاسب؟ تراه في فيلم السفيرة عزيزة في دور الجزار الذي يسيطر علي شقيقته‏(‏ سعاد حسني‏)‏ طمعا فيما ورثته‏,‏ حتي إنه يكاد يمنعها عن الزواج من الجار الطيب حبيب القلب‏(‏ شكري سرحان‏),‏ ففي هذا الدور يصبح عدلي كاسب كالعاصفة الهوجاء التي لا تبقي ولا تذر‏,‏ لكنه يظهر علي العكس تماما في أفلام كوميدية مثل عائلة زيزي أو سر طاقية الإخفاء‏.‏
هؤلاء الممثلون الذين يجري تصنيفهم علي أنهم ممثلو الأدوار الثانية هم الرصيد الحقيقي الذي تملكه أي صناعة سينما‏,‏ وبدونهم تصبح الأفلام استعراض الشخص الواحد كما هي الحال اليوم في صناعة السينما المصرية‏.‏
وبقدر اتساع قاعدة هؤلاء الممثلين في الماضي ضاقت رقعتهم اليوم بشكل لايصدق‏,‏ إن أردت مثلا واحدا لشخصية أكبر في العمر فلن تجد سوي حسن حسني‏,‏ وأحيانا صلاح عبدالله‏,‏ وهما لايفعلان سوي إلقاء سطور الحوار بطريقة هزلية وبدون الإحساس بأي شخصية فنية مرسومة لدوريهما‏,‏ ليس لأنهما يفتقدان موهبة وحرفة التمثيل‏,‏ فحسن حسني هو الذي أدي دور ركبة في فيلم داود عبد السيد سارق الفرح‏,‏ ذلك الرجل الأعرج الذي يتمني أن يطير في أجواء الفضاء‏,‏ وصلاح عبدالله هو المخبر في فيلم داود أيضا مواطن ومخبر وحرامي‏,‏ ليصبح معادلا لسلطة ثقيلة اليد بليدة الفكر‏.‏
بل إن أهمية اصحاب الأدوار الثانية تأتي أيضا من أنها مرحلة التكوين لقطاع كبير من الممثلين والممثلات‏,‏ وربما كان النموذج الأهم هو فريد شوقي‏,‏ الذي بدأ رحلة حياته في أدوار بلا اسم‏,‏ حيث كان يطلق عليه فقط رجل العصابة وعبر سنوات أثبت أنه قادر علي أداء أدوار أكثر تركيبا‏,‏ ليصبح في مرحلة لاحقة ملك الترسو بتعبيرات تلك الأيام‏.‏ كذلك اسماعيل ياسين الذي استمر عشر سنوات في أدوار صغيرة قبل أن يصبح أول ممثل مصري تكون له سلسلة أفلام تحمل اسمه الحقيقي‏.‏ وهو الأمر الذي ظل القاعدة لسنوات طويلة في السينما المصرية‏,‏ فقد انتقلت شادية مثلا من دور الأخت أو الصديقة إلي أدوار البطولة‏,‏ كذلك فؤاد المهندس ومحمد عوض اللذان كانت لهما أفلامهما الخاصة بهما‏,‏ بعد ما كانا مجرد مضحكين صغيرين في عشرات الأفلام‏.‏ وحتي السبعينيات كان نور الشريف أو عادل إمام يقومان بهذه الأدوار الثانية‏,‏ قبل أن يصبح الأول بطلا في عشرات الأفلام الجادة‏,‏ ويحتل الثاني قمة الأفلام الكوميدية التي لايزال تتشبث بها‏.‏
لكن ما الذي حدث في الفترة الأخيرة؟
إن شئت الحقيقة فإن ما حدث في السينما كان انعكاسا لما يحدث في المجتمع ككل‏,‏ فإذا لم تكن القيمة الوحيدة للإنسان مستمدة علي الإطلاق من موهبته أو مهاراته‏,‏ بل من السلطة التي يملكها‏,‏ سلطة الحكم أو سلطة المال‏,‏ وحيث تختفي كل المعايير الحقيقية والعادلة التي تسمح بالصعود الاجتماعي لمن يستحق ذلك بالفعل‏,‏ فقد ظهر السعي إلي تلك الأسطورة التي تحمل مصطلح البطولة المطلقة‏.‏ ومثلما تجد في واقع الحياة أبطالا مطلقين ظهروا فجأة علي سطح عالم السياسة والمال‏,‏ بدون أن تعرف من أين أتوا بما يملكون‏,‏ فإن الكثيرين من العاملين في مجال السينما تملكتهم هذه الرغبة أيضا في الصعود بأي ثمن‏.‏
بالأمس حاول ممثل مثل طلعت زكريا أن ينتقل من صفوف الممثلين الثانويين إلي صفوف البطولة‏,‏ وليس في هذا أي عيب‏,‏ لكن المشكلة تأتي من استخدام وسائل بعيدة تماما عن الفن والموهبة‏,‏ ولعلك تعرف ما آلت إليه محاولاته الآن‏.‏ وفي سياق قريب تجد محاولات الصعود من رامز جلال‏,‏ وماجد الكدواني‏,‏ وخالد سرحان‏,‏ وعشرات غيرهم‏,‏ وكانت جميعا محاولات فاشلة‏.‏
السبب ليس أنهم أقل في إمكاناتهم ممن أصبحوا أبطالا لأعمال فنية‏,‏ لكن السبب يكمن في السياق العام‏,‏ سياق يقلل من أهمية الأدوار الثانية والثانوية برغم أهميتها‏.‏ تأمل مثلا كيف أن ميريل ستريب‏,‏ الممثلة والنجمة‏,‏ لا ترفض أدوارا مساعدة في أفلام مثل ساعات أو اقتباس‏,‏ كذلك فرانسيس ماكورماند في تربية أريزونا‏,‏ أو صامويل جاكسون في قصة شعبية رخيصة‏,‏ أو جورج كلوني وبرادبيت ومات ديمون في سلسلة أفلام عصابة أوشان‏.‏
كلمة السر هنا هي أنه لايوجد شيء اسمه البطولة المطلقة‏,‏ وفي الحياة والفن توجد أعمال حقيقية يقوم فيها كل منا بدوره‏,‏ لافرق بين دور كبير أو صغير‏,‏ وقد تتغير الأدوار من وقت إلي آخر‏,‏ ليس المهم من قام بالبطولة‏,‏ لكن المهم أن ينجح العمل ككل‏,‏ وهذا ما يجب أن نسعي إليه‏,‏ إن تكون لدينا أفلام‏,‏ وأن يكون لدينا وطن‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.