تشهد المنطقة العربية مرحلة من مراحل التحول السياسى والاجتماعى والثقافى وهذه الفترات هى أخطر الفترات التى تواجه الشعوب.. بما تفرضه من تحديات كثيرة ومتعددة حضاريا وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، هذا بخلاف تحديات الخارج التى تتمثل فى محاولات التفتيت والتفكيك على أساس عرقى وطائفى ودينى ومذهبى. يقول أحمد الجمال القطب الناصرى والخبير فى الشئون العربية ولهذا فى الوقت الحالى على المعارض أن يشد من أزر المفاوض، حيث إن إسرائيل وتركيا وإيران وإثيوبيا تحاول اقتناص الدور الفاعل فى المنطقة.. مؤكداً أن التحديات الحالية ستفرض وجود القوة العربية الموحدة وأن التنسيق المصرى السعودى يعتبر نواة طيبة لإحياء المنظومة العربية التى تواجه أخطارا كثيرة أهمها التفتيت والتفكيك. وأضاف «الجمال» أن مصر تشهد صحوة حقيقية حول حقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وأن 25 يناير هى حلقة من حلقات السعى الشاق للشعب المصرى حتى تكون عصمته فى يده وقراره من رأسه، بعد أن فتح «السيسى» مرة أخرى جدول أعمال الثورة المصرية، رغم أننا لم نستطع توظيف النتائج المرحلية لثورتى «25 يناير» و«30 يونية» توظيفاً سليماً. واصفاً جماعة الإخوان بأنها لم تتعلم من أخطائها وتجاربها، بل تصر عليها إصراراً غبياً. ما أخطر التحديات التى تواجه الأمن القومى العربى؟ التحديات تبدأ من تعريف الأمن القومى والاتفاق عليه، حينها ستأتى التحديات في مرتبة تالية وإذا أدرك أصحاب الشأن من الدول العربية وشعوبها وحكوماتها وحكامها أن الأمن القومى لا يشمل فقط قضية الحدود ولا القوة العسكرية، لكنه يتصل بالأبعاد الحضارية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة الى العلاقات البينية بين الدول العربية، لأدركوا أن حياة دولهم شعوباً وحكومات وقادة لا يمكن أن تنفصل عن مفهوم الأمن القومى بمعناه الشامل، وهو بالحفاظ على حضارتنا وثقافتنا لكى يكون لنا جذور ممتدة وراسخة. وهل أمتنا العربية ليس لا جذور تاريخية وثقافية وتجارب كبيرة فى السلطة والحكم؟ هذا صحيح.. لكن علينا امتلاك صوامعنا بغلالنا وأقماحنا وأرزنا وكل ما نحتاج اليه فى الغذاء، وأن تكون خطوط الذخيرة من وراء مدافعنا من انتاجنا هى ومدافعنا وأن يكون لنا ميزانيات مناسبة وكبيرة للبحث العلمى وللجامعات والصحة، وهذا هو مفهوم الأمن القومى وعلى جميع المستويات تواجهنا تحديات حضارية وثقافية واقتصادية واجتماعية. وهل لكل دولة تحديات لأمنها القومى تختلف عن غيرها من باقى الدول العربية؟ بالطبع.. وكما يقول الأصوليون «وما من عام إلا وخصص» وهذا على مستوى العالم، وعلى المستوى الخاص لكل مجتمع تحدياته التى يواجهها ويخوضها، والمجتمع الذى يعتمد على سلعة واحدة ناضبة كالنفط مثلاً، واستخراج المعادن من الأرض غير المجتمع الذى تتنوع مصادر اقتصاده وثروته غير المجتمعات الاحادية كالاعتماد على الخدمات أو السياحة ولكن علينا أن نحدد لكل مجتمع من المجتمعات ما هى مشاكله الخاصة لنعرف طبيعة التحديات التى تواجهه، لكن بشكل عام لا يمكن هذا نظراً لخصوصيات المجتمعات، وقد ثبت ذلك بالبراهين العلمية عبر حقبة التاريخ بأن يستطيع أى مجتمع أن يستغنى عن إقليمه أو قارته أو عن العالم الذى من حوله، مهما كان حجم الإمكانيات التى يمتلكها. إذن ما الاستراتيجية العربية الشاملة لمواجهة هذه التحديات؟ الاستراتيجية هى أن نفهم طبيعة التحدى وأن نستجيب له الاستجابة المناسبة، مع أن الاستراتيجية يضعها الذين يحكمون، لكن يجب أن يكون لدى النخبة مفاهيم ورؤى وعليهم أن يقدموا تشخيص هذه المفاهيم، وبعد ذلك على الخبراء العسكريين والاقتصاديين أن يضعوا الاستراتيجية المناسبة لكل تحد. وماذا عن رؤيتك كخبير فى الشئون العربية؟ أتمنى أن يكون لدى الدول العربية مفهوم موحد وعلمى للأمن القومى، ثم نقوم بتحديد التحديات التى تواجه أوطاننا وأمتنا وان نضع الخطط المرحلية، والمتوسطة، وطويلة المدى والتى تتناسب مع هذه التحديات وأن يكون من بين أبناء هذه الأمة، وهى لديها بالفعل من يستجيبون لهذه التحديات، والتعامل معها بالتخطيط العلمى السليم، وأيضاً بالاستعانة بالخبرات والكفاءات العالمية فى هذا الشأن. وماذا عن آليات العمل فى الجامعة العربية ودورها فى مواجهة هذه التحديات؟ دور الجامعة العربية هو انعكاس لفاعلية وقوة الدول الأعضاء بها والجامعة العربية تقوى بقوتهم وتضعف بضعفهم، والدول العربية إذا أرادت أن يكون لهم تجمع إقليمى قوى سيفعلون ذلك مع الأخذ فى الاعتبار أنه ما من تكوين إقليمي الا و به عناصر قو ة وعناصر ضعف بل هناك اعتبارات وظروف تمس كل دولة، ولكن إذا لم تستطع الجامعة العربية تحقيق أهدافها بوضع استراتيجيات عربية مختلفة عن السابق بالعمل على الاتفاقيات الثنائية، والتعاون الثنائى، ويوجد نماذج ناجحة مثل مجلس التعاون الخليجى، والاتحاد المغاربى.. ولو وجدت إمكانية تكوين تجمعات ثنائية أو تنسيق ثنائى أو ثلاثى أو رباعى بين الدول العربية، كدول وادى النيل، أو دول الغرب العربى أو دول الجنوب الصحراوى أو الشمال الصحراوى حينها سيكون المدخل مناسباً لوجود كيان إقليمى قوى لمواجهة التحديات الدولية والاقليمية. كيف يتم ذلك مع أنه حتى الآن لم تنفذ فكرة القوة العربية الموحدة؟ فكرة القوة العربية الموحدة لازالت مطروحة، وأعتقد أن التحديات المطروحة والتى تفرض نفسها وبقوة على المستوى الأمنى الذى يهدد الدول العربية من داخل مجتمعاتها، ومن محيطها كل هذه التحديات سوف تفرض وجود هذه القوة العربية الموحدة والتى أتمنى أن تكون تطويراً لما طرح فى الستينيات حول القيادة العربية الموحدة. وما أثر التداعيات الاقليمية على المشهد المصرى؟ مصر تعى دورها الاقليمى جيداً، ولهذا لم تكن ولن تكون بمعزل عن محيطها العربى والاقليمى، وما يحدث في العالم، وبالطبع ما يحدث فى الإقليم ينعكس على مصر وأول هذه التداعيات هو الصراع العربى الإسرائيلى، والصراع داخل الأراضى العربية المحتلة، واستمرار هذا الكيان العنصرى التمييزى الاستعمارى المخيف والرهيب، وهو الدولة العبرية بأن تستمر فى اغتصابها للأراضى العربية وعدم خضوعها للقرارات الدولية أو قرارات مجلس الأمن وتمارس التمييز الثقافى والعرقى حتى على بعض اليهود أنفسهم، وهذامن أكبر التحديات التى تواجهها المنطقة. وهل هذا التهديد أخطر من تهديد التفكيك والتفتيت الذى يهدد الدول العربية؟ لابد أن نعرف أن بداية التطرف بدأت مع وجود التكوين الصهيونى فى المنطقة لم يكن صدفة أن بريطانيا تسعى الى تشكيل جماعة الإخوان سنة 1928 وهى الفترة ذاتها التى زادت فيها نشاط الهجرة اليهودية والصهيونية الى فلسطينالمحتلة،، وكل هذه العوامل مرتبطة ببعضها، ويعد هذا تحدياً اقليمياً ينعكس على مصر داخلياً وخارجياً، ثم تحدى التفتيت والتفكيك على المستوى العرقى والجهوى والطائفى والدينى والمذهبى فى الشام والعراق واليمن، وهذا أيضاً ينعكس على مصر. وهل ما يحدث فى مصر ينعكس على المنطقة وبأى درجة من التأثير؟ نفس التأثير من مصر على المنطقة، لأن مصر هى رمانة الميزان فى المنطقة العربية والأمة العربية وإذا قويت مصر قويت الدول العربية واذا ضعفت مصر ضعفت دول العرب وإفريقيا. وقد شعرنا بذلك خلال الأربعين عاماً الماضية منذ نهايات حرب أكتوبر 1973 خلال حكم «السادات» و«مبارك» وانصرفنا عن دورنا العربى والإفريقى، وانكفأنا على أنفسنا وتصورنا خطأ وزوراً أن «99٪» من أوراق اللعبة فى يد أمريكا، وأن الدول العبرية هى باب الرضا السامى للأمريكان وأنكفأ «السادات» و«مبارك» حول هذا الأمر. إذن ما هى القوى الفاعلة والأكثر تأثيرًا فى المنطقة؟ لا تستطيع أن تتحدث عن قوة محددة فاعلة ومؤثرة فى الاقليم منفردا، لكن يوجد من يسعى لاقتناص الدور الفاعل فى غياب الدور المصرى والعربى، لكن استفحل الدور العبرى، حيث تحاول إسرائيل أن تكون القوة العظمى الاقليمية فى المنطقة، وأيضًا تركيا تحاول أن تقوم بهذا الدور، وإيران حاولت، ويوجد إثيوبيا فى الجنوب تسعى جاهدة لتحقيق هذا الهدف، والسعودية أيضًا لها دور، لكن الكثيرين يحاولون الانقضاض على المنظومة العربية وإنهاءها إلى الأبد، ومع هذا لو استمر التنسيق والتفاهم والتشاور المصرى السعودى وظهر بشكل فعال ومؤثر، لانضمت إليه دول أخرى، وحينها قد يكون نواة طيبة ومحترمة لإعادة المنظومة العربية مرة أخرى وإحيائها. وكيف رأيت الجدل الذى دار حول زيارة سامح شكرى وزير الخارجية إلى إسرائيل؟ أولاً.. مصر دولة وقعت على اتفاقيات سابقة مع الدولة العبرية، وتلتزم بهذه الاتفاقيات شأنها شأن الدول المحترمة، ورغم إننى معارض لهذه الاتفاقيات، إلا أننى من المؤمنين بأن على المعارض أن يشد أزر المفاوض و«سامح شكرى» وزير الخارجية، والدولة المصرية وحكوماتها فى وضع مرتبط باتفاقيات دولية، وليس واردًا فى هذه المرحلة، ونحن بهذا الضعف والتهالك أن نقول إننا ضد كل ما أبرمناه ووقعنا عليه من اتفاقيات، ولابد من العقل والحكمة فى معالجة مثل هذه الأمور. وكيف يتم تحقيق ذلك؟ معالجة هذا الأمر أن يكون لدينا ما لدى الدولة العبرية من امكانيات، وحينها سيصبح لدينا أوراق القوة التفاوضية الفاعلة، ولكن الآن ماذا سنفعل لو أردنا أن نتخذ مواقف متشددة، مع الدولة العبرية؟ وما هى الأوراق التفاوضية الضاغطة التى نملكها من الناحية العلمية والتكنولوجية؟ وما هو مستوى الاكتفاء الذاتى لدينا من الصناعة والزراعة والعلم؟ وما حجم التماسك الاجتماعى وقوته؟ وماذا عن الوحدة الوطنية ومتانتها؟ كل هذه الاسئلة تحتاج إلى اجابات، وأعتبرها تحديات يجب التصدى لها، لأننا فى حالة تفتيت وتفكيك، وبالتالى لابد أن نطلب المستطاع، وما هو فى قدرتنا الفعلية حقًا وعندما سافر «سامح شكرى» إلى الدولة العبرية كان يحاول أن يتلمس سبيلاً لإنهاء المشكلة، أو لوضع مسار آخر للصراع، ومن هنا دورى أن أقف إلى جواره أسانده أو أدعمه بقوة كمعارض. ما هى التغيرات الاجتماعية التى حدثت للمجتمع المصرى بعد 25 يناير؟ المجتمع المصرى يمر بمرحلة تحول شديدة منذ فترة طويلة، وقبل 25 يناير 2011، وفترات التحول الاجتماعى والثقافى هى من أخطر الفترات التى تواجه الشعوب، ومصر لديها تحولات اجتماعية بل صحوة اجتماعية حول حقوق الإنسان، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل كامل، ومع ذلك لم نستطع توظيف النتائج المرحلية لثورتى 25 يناير و30 يونية توظيفًا سليمًا. وما هذا التوظيف السليم؟ كنت أتمنى أن يستمر الشعب فى دوره بداية من تنظيف الشوارع إلى مساعدة الأمن لتعظيم الانتاج، والتغلب على العقبات، وتحقيق الأمن الداخلى، والاصرار على انتخابات برلمانية ومحلية سليمة، ولابد أن نسعى كبشر يزعمون لأنفسهم أنهم يقودون الرأى العام، فى المساعدة حتى يكون لدينا حياة سياسية سليمة وحياة نيابية قوية من حيث التشريع والرقابة، والاهتمام بوجود أحزاب سياسية فاعلة، وأن تكون التنظيمات الفرعية فاعلة، بجانب جمعيات العمل الأهلى، والنقابات لها أدوار مجتمعية نشيطة وجادة ومؤثرة. هل 30 يونية عودة للوعى المصرى؟ ثورة 30 يونية هى إعادة تصويب لثورة 25 يناير عن المسار الذى حاولت جماعة الإخوان أن ينحرفوا به عن المسار السليم، وقد نجح الشعب فى هذا التصحيح، ونرجو من الله أن يكلل سعينا بالنجاح وأن نتغلب على جميع السلبيات والعقبات التى تواجهنا. هل 25 يناير انقلاب على ثورة 23 يوليو؟ لا.. لأن صور «عبدالناصر» كانت فى ميادين الثورة، بل ثورة 25 يناير هى إحدى مراحل الثورات المصرية التى بدأت منذ ثورة القاهرة الأولى والثانية ضد «نابليون بونابرت» فى نهاية القرن الثامن عشر، واستمرت ضد الوالى العثمانى فى 1805، ثم ما حدث فى 1882 مع «أحمد عرابى» ثم ثورة 1919 مع «سعد زغلول» وهكذا فهى حلقة من حلقات السعى الشاق للشعب المصرى حتى تكون عصمته بيده، وقراره من رأسه، ولهذا ثورة 25 يناير جاءت لتعيد الأمر لنصابه، وهى محاولة لاستكمال ما لم يستكمل من 23 يوليو، ولم تكن أبدًا انقلابًا على أهداف يوليو، وخطها السياسى داخلياً وخارجيا. وما الذى تبقى من 23 يوليو؟ تبقى الكثير أنا وجيلى وكل الناس التى عرفت الحياة، وخرجت من العزب والتكايا، والوسايا، وتحررت من عبودية الأرض، وبرأت من البلهارسيا وتخلصت من الجحور، وبقى الإنسان الذى عرف طعم الحرية والكرامة والسيادة، وتعلم ألا يكون له سيد إلا وطنه. لماذا لم تساند «حمدين صباحى» وأنتما من أيديولوجية سياسية واحدة؟ أولاً.. الايديولوجية السياسية لن تجعلنى عضوًا فى قطيع، ثانيا أنا لم أؤيد «حمدين صباحى» أو أسانده فى معركته الانتخابية لرئاسة الجمهورية هذا لأننى أعرفه جيدًا ولهذا لم أسانده. هل يوجد بين الناصريين من أساءوا إلى «عبدالناصر»؟ بالطبع يوجد كثيرون أساءوا، كما أن بعض المسلمين أساءوا إلى الإسلام وبعض الشيوعيين أساءوا إلى «ماركس» و«لينين» وبعض الوفديين أساءوا إلى الوفد، هناك ناصريون، أساءوا إلى «جمال عبدالناصر» وأساءوا إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى «عبدالناصر» مع أننى لا أريد أن أفتح ملفات أحد، لكن أكبر إساءة هى عدم القدرة على القراءة السليمة لما يجرى فى الوطن وعلى تركيب المنهج العلمى فى قراءة الظواهر والمتغيرات السياسية، ويتشنجون باسم «جمال عبدالناصر» ويتاجرون باسمه، دون وعى ودون قراءة للواقع وفهم للمتغيرات السياسية، دون علم أو سياسة، والانتهاء إلى فكرة الناصرية دون تكوين أنفسهم تكوينًا سليمًا علميًا وسياسيا وثقافيًا، بل هم غير متخصصين فى شئ ولا يعلمون، ولا يضيفون، وبالطبع هذا يشين أى فكرة، مهما كانت درجة صدقها وعفويتها وقدرتها على التطبيق، وهذا ما يفعلونه بأنفسهم وب«عبدالناصر». ما هى أولويات المعارك التى تخوضها الدولة لبناء مصر الحديثة؟ أهم الأوليات هى إعادة الثقة للمصريين فى أنفسهم، وهذا بالطبع يرتبط بأن تكون الإرادة المصرية إرادة حرة ومستقلة، اضافة إلى أن الثقة والإرادة يستلزمان عناصر القوة، ابتداء من المشروعات الكبرى ونزولاً إلى التصنيع»، والصناعات التحويلية والعدل الاجتماعى، والحريات السياسية، والحريات العامة والخاصة. ولماذا يربط البعض بين «عبدالناصر» و«السيسى»؟ هذا الربط يحير الكثيرين مع أن التاريخ لا يعيد نفسه، وكل له بصمته، لكن فى الوجدان المصرى فكرة الوطن والكاريزما، والبطل، والقدوة، والنموذج والمثال، أيضا موقف «السيسى» من جماعة الإخوان وموقفه من الأمريكان يعيد التذكير ب«عبدالناصر» وأيضًا مشروع قناة السويس، كما أن «السيسى» فتح مرة أخرى جدول أولويات الثورة المصرية، وبالتالى «عبدالناصر» فى وجدان الناس هو مسطرة القياس، ومن يسير على خطاه فهو الصحيح. وهل التجربة تتشابه؟ لا.. ولا توجد تجارب تتشابه، بل هناك بعض المواقف تتشابه. وهل يختلف صراع جماعة الإخوان، مع الدولة المصرية فى الخمسينيات والستينيات عنه حاليًا؟ مع أن التاريخ لا يعيد نفسه إلا أن هناك من يكرر أخطاءه وجماعة الإخوان لا تعليم من أخطائها وتجاربها، كمن يدق مسمارًا ويخطئ التصويب على رأس المسمار فيهوى على اصبعه إلى أن وصل إلى قطع الأصبع، والخطأ الكارثى لجماعة الإخوان، أنهم يزعمون الاستناد الحقيقى للدين، وأنهم قيمون على دين الناس لأنهم يمثلون الدين الصحيح، وهم جماعة المسلمين الحق، وفكرة الاستخدام الدين المطلق فى الجنس الإنسانى فى حد ذاته يقتل أى فكرة من أى نوع، وهذا ما فعلته جماعة الإخوان مع شعب مصر منذ نشأتها ولكن لم تظهر حقيقتها للعامة من الناس إلا بعد وصولهم إلى السلطة.