رحل العالم المصرى الكبير أحمد زويل مساء أمس الأول عن عمر يناهز 70 عامًا.. عاشها عالمًا وباحثًا ومسافرًا فى أسرار الزمن، متزودًا بالخيال للوصول إلى آفاق جديدة، وبسحر العلم وبعطر المعامل.. سافر "زويل" رحلته بدءًا من مدينة دمنهور محل ميلاده فى محافظة البحيرة ومرورًا بمهد الصبا فى مدينة دسوق وشيخها إبراهيم الدسوقى الذى تعلم فى رحاب مسجده حب القراءة، وقضى أيام شبابه فى الإسكندرية بين رحاب جامعتها حتى حصل على الماجستير فى العلوم. وارتحل زويل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التى شهدت اللحظات الأخيرة فى رحلته، ولكنه مع ذلك ظل ينشد الديار، حيث أوصى بدفنه فى مصر. ولعل لقب العالم الكبير «زويل» كان دافعًا له للبحث عن إجابات لأسئلة حائرة.. فهو يؤمن تمامًا أن كل شيء إلى زوال.. فكلمة «زويل» (لقب أسرته) تعنى فى معجم فى لسان العرب: «الزَّوَال هو الذَّهاب والاسْتِحالة والاضْمِحْلال». كان الراحل الكبير يدرك تمامًا أن الثانية هى كنز ثمين علينا أن نحسن استغلاله قبل زواله.. ومن هذا المنطلق، اختار زويل السفر فى الزمن، ووضع أسس العلم الذى أصبح ينسب له وهو علم «فيمتو كيمياء» الذى عرفه العالم مع إعلان فوزه بجائزة نوبل فى الكيمياء منفردًا عام 1999. اختار زويل تجميد جزء من مليون مليار جزء من الثانية، للظهور على المسرح العالمى فى علوم الكيمياء، وابتكر نظام تصوير سريع للغاية يعمل باستخدام الليزر له القدرة على رصد حركة الجزيئات عند ولادتها وتزاوجها وطلاقها. آخر 20 دقيقة هادئة وشهدت حياة الراحل الكبير مجموعة من اللحظات الفارقة، أبرزها اللحظة التى حدثت صباح أحد أيام شهر أكتوبر 1999.. ففى تمام الساعة الخامسة واثنين وعشرين دقيقة، تلقى زويل مكالمة من السكرتير العام للأكاديمية السويدية المانحة لجوائز نوبل العالمية. ويحكى الراحل تفاصيل المكالمة الهاتفية التى استغرقت دقيقتين، بدأت باعتذار المتحدث عن أى إزعاج يمكن أن يكون تسبب فيه لاتصاله فى هذا الوقت المبكر. ويقول زويل إن المتحدث أبلغه بفوزه بجائزة نوبل منفردًا فى مجال الكيمياء لهذا العام. وأضاف المتحدث أن العشرين دقيقة القادمة ستكون آخر 20 دقيقة هادئة فى حياة زويل. ويتذكر زويل أنه اعتبارًا من الساعة السادسة صباح هذا اليوم، لم تعد حياته كما كانت أبدًا.. التلميذ والأستاذ ويعد زويل واحدًا من 63 فائزًا منفردًا بجائزة نوبل فى الكيمياء من بين 107 فائزين على مدار تاريخ الجائزة منذ 1901 وحتى 2015. وحصل زويل على الجائزة مثل أستاذه ومعلمه لينوس بولينج. ويعد زويل خير سلف لخير خلف إلى الدرجة التى جعلت معهد كاليفورنيا التكنولوجى يختار زويل لشغل الكرسى الذى يحمل اسم أستاذه لينوس بولينج. وكان لينوس بولينج حصل على نوبل فى الكيمياء عام 1954 منفردًا وبعدها بثمانى سنوات حصل على جائزة نوبل أخرى فى السلام لمعارضته أسلحة الدمار الشامل. واختار الدكتور زويل، منذ أمد بعيد Screen Saver لشاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به وهو الساعة.. ولم يجد الراحل عنوانًا أكثر تعبيرًا عن رحلة حياته لكتابه الصادر عام 2002 سوى «رحلة فى الزمن.. مناحى الحياة حتى جائزة نوبل». المصرى أحمد زويل فى حوار الدكتور أحمد زويل مع تليفزيون الكويت، سأله المذيع الكويتى عبد الرحمن النجار عن جتسيته التى تسلم بها جائزة نوبل، حيث إن العرف عند النداء على اسم الفائز أن يكون اسمه مقروناً بجنسيته وإذا كان لديه جنسية أمريكية ومن أصول أخرى يقال إنه جنسية أمريكية من أصل كذا. فرد الراحل الكبير بكل اعتزاز أنه أصر أن يقدم الجنسية المصرية على الأمريكية وتم الاتفاق أن ينادى عليه بأنه المصرى الجنسية ويحمل الجنسية الأمريكية. وأضاف زويل أن التنسيق بالكامل فى سويسرا كان تحت إشراف السفير المصرى وليس السفير الأمريكي. وعندما سُئل زويل «أى الفضل يرجع لنبوغك» قال «مصر علمتني، وأمريكا أصقلتني». وحصل الراحل على أكثر من 50 درجة جامعية شرفية وأكثر من 100 جائزة دولية وتأسست باسمه 5 جوائز دولية فى القاهرة وواشنطن وأمستردام وديترويت وتريستي. وفى عام 2009 عينه الرئيس الأمريكى باراك أوباما عضوًا فى مجلس مستشارى العلوم والتكنولوجيا الرئاسى وبعدها فى نفس العام أعلن أوباما اختيار زويل مبعوث العلوم الأمريكى الخاص لمنطقة الشرق الأوسط. وللراحل أكثر من 600 مؤلف بين مقالات وكتب، بالإضافة إلى مئات المحاضرات العلمية.