إرادة الشعب وإرادة المشير إرادتان لا يمكن أن تلتقي في نقطة واحدة بعد اليوم ،لأن كل إرادة تسير في اتجاه مخالف للأخرى، وأصبح بقاء إرادة أحداهما مرهون بكسر الثانية. فالشعب يريد إسقاط النظام..والمشير يريد بقاء النظام..الشعب يريد إعدام مبارك..والمشير يريد محاكمة صورية له ولرموز الفساد.. الشعب يريد تسليم السلطة وعودة الجيش لثكناته..والمشير يريد البقاء في الحكم حتى لو احترقت مصر..وقتل المتظاهرين في ميدان التحرير..الشعب يصر على استبعاد الفلول..والمشير يريد الفلول في البرلمان.. مصر تعيش في لحظة بالغة السواد والقتامة الآن إرادة الشعب وإرادة المشير اصبحتا في حالة صراع وصدام، وما حدث في ميدان التحرير على مدار يومين من قتل المتظاهرين وسحلهم يؤكد انتهاء مقولة الشعب والشرطة أيد واحدة واصبحت شئ من الماضي لم يعد لها وجود على أرض الواقع بعد أن تحصن الجيش في خندق وتربص بالشباب الثائر في الميدان ليرتكب في حقه جريمة بشعة ضد الإنسانية تظل وصمة عار في جبين المجلس العسكري، تطارد قياداته دماء الأبرياء التي ازهقوها في الميدان بدون جريرة أو ذنبا ارتكبوه سوى المطالبة بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة للشعب المصري. هذه الجريمة لابد أن لا تمر مرور الكرام لا بد من محاكمة المجلس العسكري الذي صدع رؤوسنا على مدار 9 شهور من أنه لم ولن يطلق رصاصة واحدة على المتظاهرين، وظل طوال هذه المدة يعاير الشعب المصري من أنه حمى الثورة ولم يقتل الثوار مثلما حدث في ليبيا وسوريا واليمن... الآن المجلس العسكري يخل بوعده ويضرب المتظاهرين بلا رحمة وبقلب بارد بطريقة تعكس حالة من الغل والكراهية لهؤلاء الشباب النقي الذي صنع ثورة 25 يناير وعاد بعد استنفاذ المجلس العسكري، كل الفرص المتاحة لديه،وبعد أن تأكد له أن العسكر،ضد إرادة الشعب في أحداث تحول ديمقراطي حقيقي لا مزيف ،وأنه يريد وأد الثورة وطمس معالمها ،ولذلك عاد الشباب إلي الميدان منتفضا لإنقاذ ثورته من أنيان الجيش ، أحداث التحرير أسقطت الوجه القبيح عن المجلس الذي ظل طوال ال9 شهور الماضية يخادع ويناور ويسوف ويتآمر علي مطالب الشعب لإعادة صياغة نظام مبارك من جديد لأعادته للحياة مرة أخري ،في الواقع أنني لم استبشر خيرا منذ اللحظة الأولي التي أعلن المجلس العسكري وقوفه بجانب الشعب الثائر بعد نزوله للشارع بأوامر المخلوع في أعقاب انهيار الشرطة وانسحابها في 28يناير ،وكانت شكوكي ترجع إلي أن المجلس العسكري غير صادق فيما يدعيه ،لأن المجلس الذي أتي به مبارك وصنعه علي عينه طوال السنين الماضية فلابد أن تدين قياداته بالولاء والانتماء للمخلوع لا أن تعطي ظهرها له وتقف في صف الشعب ، كنت أقول وقتها أن الجيش يمارس حيله لحماية مبارك ونظامه ،وانه اضطر للإعلان عن تأييده للشعب بعد تفجير الأوضاع وقت الثورة بصورة من الصعب السيطرة عليها حيث تدفق الملايين إلي الشوارع والميادين في أرجاء مصر كلها وكان من الذكاء عدم الصدام مع الشعب الثائر.. بعد9شهور جاءت اللحظة الحاسمة للجيش أن ينتقم من الثورة بعد أن، هدأت بعض الشئ حالة الزخم الذي كان في بدايتها بسبب حملة التشوية التي قام به إعلام المجلس العسكري والمتمثل في التليفزيون ضد الثوار،بوصفهم بالعملاء او البلطجية لكي ينفض الناس من حولهم . اليوم..مصر في مأزق من صنع المجلس العسكري ،اليوم سقط جدار الثقة بين الشعب والجيش .والمخرج الوحيد للخروج الآمن من الأذمة التي تهدد الوطن ان يتنحي المجلس العسكري كما تنحي مبارك ويعود إلي ثكناته في موعد محدد ويترك الشعب يختار من يحكمونه بحرية تامة..اليوم علي القوة السياسية غير الشريفة التي مارست الدعارة السياسية وحاولت أن تستفيد من الثورة بتحقيق مصالح شخصية أن تغسل نفسها من أفعالها وأن تقف بجوار الثوار لينتصر الشعب.