اشتكى مصرفيون في قطاع غزة أخيرا، من اتخاذ الحكومة المقالة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية حماس في القطاع إجراءات جديدة للتضييق على عملهم، الأمر الذي حذرت سلطة النقد الفلسطينية من أنه قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة. وبدأت الحكومة المقالة بإجراءات عملية لتحصيل رسوم الضرائب التي تقول إنها مستحقة على عمل البنوك المحلية في قطاع غزة منذ العام 2005، وذلك على الرغم من قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أصدره منتصف العام 2007 ويقضي بإعفاء القطاع من كافة الرسوم الضريبية. وأصدر عباس هذا القرار فور سيطرة حركة حماس على القطاع بالقوة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية التي يتزعمها. وقال مصدر مصرفي، إن ثمة أزمة "كبيرة" بدأت أخيرا بين البنوك والحكومة المقالة، محذرا من أنها قد تحمل تداعيات "خطيرة" على استمرار عمل البنوك برمته في القطاع الساحلي الذي تحكمه حركة حماس منذ أربعة أعوام ونصف العام. وأصدرت محكمة تابعة للحكومة المقالة مطلع هذا الأسبوع الجاري قرارا بفرض ضريبة على بنك (فلسطين المحدود) في غزة بقيمة نحو 115 مليون دولار كضريبة مستحقة الدفع منذ العام 2005 حتى العام الماضي. وتضمن القرار منع أعضاء مجلس إدارة البنك من مغادرة قطاع غزة إلى حين الفصل في القضية. ورفض مصدر كبير في بنك (فلسطين) في تصريح، قرار الحكومة المقالة، مشيرا إلى أن إدارة البنك خاطبت سلطة النقد بغرض الرد عليه. وألمح المصدر إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء لوقف هذا القرار. وذكرت أوساط مصرفية في غزة أن قرار تحصيل الضرائب من البنوك صدر مسبقا بحق البنك (الإسلامي الفلسطيني) في غزة، حيث جرى مطالبته بدفع مبالغ مالية ومنع سفر أعضاء مجلس إدارته. وقال المصدر المصرفي إن جميع البنوك العاملة في غزة تواجه ذات "الأزمة" بسبب قرار الحكومة المقالة بجباية الضرائب منها. وترفض البنوك المحلية التعامل مع حكومة حماس المقالة، خشية من تعرضها لعقوبات خارجية في ظل تصنيفها دوليا على أنها منظمة إرهابية يحظر التعامل معها. وعقب رئيس سلطة النقد الفلسطينية جهاد الوزير على قرار الحكومة المقالة بالقول، إنه "في غاية الخطورة وغير قانوني". وأضاف الوزير أن سلطة النقد تنظر بخطورة إلى مثل هذه الإجراءات "التي لا تصب في مصلحة واستقرار الوضع المصرفي في قطاع غزة ". وأضاف الوزير أن سلطة النقد شرعت بدراسة هذه التطورات قبل اتخاذ قرار بشأنها. وتعد سلطة النقد بمثابة البنك المركزي الفلسطيني. في المقابل قال الناطق باسم الحكومة المقالة طاهر النونو "إن على البنوك أن تختار بين الشرعية الفلسطينية (في إشارة منه إلى حكومته وجهازها القضائي) والشرعية الأمريكية وإملاءاتها. وأضاف النونو "لا يوجد ولا يجب أن تكون هناك مؤسسة تعترض على هذه الأحكام، وعلى البنوك رفع قضاياها في القضاء الفلسطيني وإذا ما حكم لصالحها تحترمه، وإذا ما حكم بغير ذلك يجب أيضا احترامه. واعتبر أن قرار المحكمة " قضائي وليس سياسيا يجب أن يحترم لأننا نؤسس لسلطة ودولة قانون وليس وفق معايير خاصة. واتهم الناطق باسم الحكومة المقالة البنوك، بأنها "تريد تسييس القضية"، مشددا على أن ما يهم حكومته هو "تطبيق قرار القضاء الفلسطيني وعدم تجاهله أو تسييسه. وبدأت مخاوف تسود في غزة من تطور الأزمة إلى حد إغلاق البنوك المحلية في القطاع. ويوجد في القطاع تسعة بنوك منها رئيسية وأخرى فرعية، يتصدرها بنكا (العربي) و(فلسطين). وسبق أن علقت البنوك المحلية عملها في قطاع غزة لمدة 24 ساعة في ثلاث مناسبات بسبب ما اعتبرته "تعديا" من الحكومة المقالة على عملها.