نشأ القارئ الطبيب د. هشام زيدان نشأة قرآنية أهلته لأن يكون فى مقدمة الصفوف الأولى فى عالم التلاوة، حتى إنه فى بداية حياته مع القرآن ذاع صيته بين أقرانه فى طنطابالغربية، والتى تربطه علاقة وثيقة بها، فقد نشأ وتربى فى رحاب الإمام التقى السيد أحمد البدوى، الذى تعلم «زيدان» القرآن فى رحاب مسجده على يد الشيخ أحمد عمارة أستاذ القراءات فى معهد طنطا الأزهرى، وعرف القارئ الطبيب طريقه إلى عالم الكاسيت وقت أن كان مزدهرًا فى الأسواق، حتى جاب صوته كافة محافظات مصر وانتقل إلى خارجها، ويعتبر د. هشام زيدان أن إذاعة القرآن الكريم هى الأداة الأولى لحفظ القرآن الكريم ليس فقط فى مصر، لكن فى العالم الإسلامى، لكنه يوجه انتقادًا يضعه أمام المسئولين وهو أنه ليس من الضرورى اشتراط حفظ القرآن كاملًا للالتحاق بالإذاعة، فالمهم هو درجة الإتقان والحفظ للقارئ، فى هذا الحوار يكشف «زيدان» عن بداياته وانتشاره، وسر تعلقه بمسجد السيد البدوى بطنطا إلى جانب أفكاره وآرائه. ● دائمًا.. البيئة المحيطة بالإنسان تكون هى المؤثر الأول فى شخصيته فهل تتفق مع هذا الطرح؟ - بالتأكيد.. فالبيئة لها تأثير كبير على حياة الإنسان وطبيعة عمله، فتنشئة ابن الريف غير تنشئة ابن المدينة، حتى كان ذلك فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، فتنشئة أهل الحضر غير تنشئة أهل القبائل، ففى كل العصور دائمًا البيئة هى المؤثر الأول على الإنسان، حتى فى حضارتنا، فكما يقولون مصر هبة النيل إذن بالتأكيد فإن البيئة يتشرب من معيها الإنسان، وخاصة قارئ القرآن الكريم، فإذا لم تكن البيئة من حوله تؤهله وتساعده على حفظ كتاب الله وتلاوته وممارسة هذه التلاوة، فلن يتقن عمله. ● القارئ الطبيب هشام زيدان.. متى كانت بدايتك مع عالم التلاوة؟ - فى الحقيقة إننى كنت من أبناء التعليم العام ولست من خريجى الأزهر، ولذلك حفظت القرآن فى سن متأخرة، فقد بدأت أرتل وأجود القرآن منذ كنت فى المرحلة الثانوية، وأتممت حفظه فى المرحلة الجامعية، ومن هنا بدأت رحلتى مع عالم التلاوة، على يد الشيخ أحمد عمارة، وكان أستاذًا متفرغًا لتدريس روايات القرآن الكريم، وأستاذًا فى معهد القراءات بطنطا، وبعدها أتقنت حفظ راوية حفص من عاصم، وبدأت التلاوة فى الاحتفالات الدينية والمناسبات العامة، حتى تخرجت فى الجامعة وأنتجت لى إحدى شركات الإنتاج الدينى شرائط كاسيت ووقتها كان «الكاسيت» طاغيًا ومزدهرًا، وبفضل ذلك فقد سمع الناس صوتى فى سائر محافظات مصر. ● ما سر ارتباطك برحاب مسجد السيد البدوى بطنطا؟ - من حسن حظى أننى من مواليد محافظة الغربية وتحديدًا فى مدينة طنطا، بل ونشأت فى رحاب السيد البدوى، فهناك علاقة وثيقة تربطنى بهذا الولى التقى، ففى رحابه تعلمنا وحفظنا القرآن، وقد تأثرت كأبناء الغربية وأبناء طنطا على وجه الخصوص بهذه الرحاب الطاهرة، فحبى لهذا الشيخ الجليل هو سر يعلمه الله وحده. ● جرأة بعض الناس على إذاعة القرآن الكريم تحولت لوقاحة.. فما رأيك؟ - إذاعة القرآن الكريم هى الإذاعة الغراء، نشرف بها فى مصر، لأنها الأداة الأولى لحفظ القرآن الكريم ليس فى مصر فقط، ولكن فى العالم الإسلامى كله عبر الأثير، فهى إذاعة العظما'ء، فعندما نرى أن هذه الإذاعة أصبحت مرمى لسهام المدعين للفهم، واختلط الحابل بالنابل، فاليوم يؤلمنى أن أرى انتقادات لاذعة وكثيرة لإذاعة القرآن الكريم وإن كنت أتفق مع بعض النقد للإذاعة ولكننى أختلف فى هذه الجرأة على إذاعتنا، لأنها ما زالت الأداة الوحيدة التى تحافظ على القرآن الكريم، لكننى أوجه النقد لها فى عدم التوفيق فى اختيار بعض العناصر سواء من القراء أو المبتهلين للالتحاق بالإذاعة، لأن إذاعة القرآن هى هرم مصر الرابع وهى إذاعة شامخة، فيجب أن يكون قارئ الإذاعة أو المبتهل علمًا وينتقى بمعايير خاصة. ● البعض يلوم على الإذاعة اشتراط حفظ القرآن الكريم كاملًا للالتحاق بها.. فما ردك على هذا الطرح؟ - أنا أؤيد ذلك تمامًا، فلماذا تشترط الإذاعة هذا الشرط للالتحاق بها، فقد حرم ذلك الإذاعة من قراء عباقرة على مستوى محافظات مصر، وقد أصبح هذا الشرط عقبة كبرى أمام أصوات كثيرة رائعة، واستدل على ذلك بأن النبى لم يشترط «الأحفظ» فى الإمامة للصلاة، ولكنه اشترط «الأقرأ» وهى تعنى المحكم والمتقن لكتاب الله، وسيدنا عمر بن الخطاب لم يحفظ فى حياته إلا سورة البقرة، وكثير من الصحابة لم يختتموا القرآن الكريم وهم كبار الصحابة والمبشرين بالجنة. ولهذا أرى ضرورة إلغاء هذا الشرط ما دام القارئ قراءته سليمة ومخارجه سليمة أيضًا، فما المانع أن يقرأ فى الإذاعة، فإذا كان هذا الشرط ضروريًا، فلماذا تسمح الإذاعة لقراء القرآن أن يفتحوا المصاحف فى تلاوة قرآن الفجر، فلا ترهبوا الناس من الإذاعة. ● ما سبب قلة ظهورك فى الإعلام؟ - ارتباطى بالإعلام فى تقديم الجديد، فأنا قارئ للقرآن وقرأت من محافظات مصر كلها وأتلقى دعوات للقراءة بالخارج، وكنت أقدم برنامج «السرادق» والذى استضفت فيه كبار قراء القراء داخليًا وخارجيًا، ومن خلاله طفت المحافظات لأقدم بحثًا حيًا من سرادقات العزاء وحتى الأفراح التى تستعين بإحياء لياليها بالقرآن كما يحدث فى صعيد مصر. ● وهل هناك فارق بين صعيد مصر وأهل الوجه البحرى فى الارتباط بالقرآن؟ - تلك سمة رئيسية فى أهل الصعيد، وهى أنهم يحتفون بالقرآن سواء فى العزاء أو فى إقامة أفراحهم ومناسباتهم الدينية، أما هنا فى الوجه البحرى، فهم يقصرون تلاوة القرآن على العزاءات فهم يربطون القرآن بالأحزان فقط، وهذا شىء محزن، فالقرآن حياة جاء للأحياء لينتفعوا به وليس للأموات. ● من خلال تجوالك خارج مصر.. كيف رأيت احتفاء الدول غير العربية بالقرآن؟ - رأيت شيئًا عجيبًا يغيب عنا فى مصر، فهناك تقام محافل دولية للقرآن فى الأماكن العامة والمفتوحة والنوادى والقاعات الكبرى التى تخصص لهذا الغرض، وهذا شىء ينقصنا. ● كيف ترى حال القارئ المصرى خارج مصر؟ - هو يمثل القرآن الكريم الذى يحمله بين جنبات صدره، فلا بد أن يتخلق بآدابه ويتحلى بمكارم الأخلاق التى أرشدنا القرآن عنها، ليكون خير سفير لخير كتاب. ولا بد أن يكون القارئ المصرى نموذجًا مشرفًا لبلده مصر، فهو يمثلها خارجيًا، ولا بد من رفع اسم بلاده عاليًا، خاصة فى دول أوروبا والغرب. ● نصيحتك لجيل الشباب من القراء؟ - عليكم بالقرآن والتحلى بمكارمه، ولا تستهينوا بكتاب الله، فبه يرفع الله أقوامًا ويخفض آخرين، نعم الطريق شاق، لكن النجاح حليف من اتقى الله فى عمله. ● ذكرياتك مع شهر رمضان.. ماذا عنها؟ - شهر الخير، شهر النور، منذ صغرى كان أهل بلدتى يطلبون منى التلاوة فى شهر رمضان، وكنت أقرأ فى ليالى ذلك الشهر الكريم، وقد بدأت تنطلق شهرتى من خلاله، ولهذا أثر طيب وذكريات كثيرة فى نفسى لارتباط القرآن بهذا الشهر الفضيل.