لحظات من الألم والضعف والإنكسار عاشها المصريون والعرب قبل 49 عامًا من الآن، في أعقاب حرب الأيام الستة، التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن، وأدت إلى احتلال الكيان الصهويني لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. وقعت نكسة 1967 في مثل هذا اليوم 5 يونيو، بعد أن شن سلاح الجو الإسرائيلي هجومًا مباغتًا على جميع المرافق الجوية المصرية، وتمكن من تدميرها خلال 3 ساعات، حيث ضرب المطارات والقواعد الجوي. وتعتبر حرب 1967 ثالث حرب في الصراع العربي الإسرائيلي، أدت إلى مقتل نحو 25 ألف مواطن عربي مقابل 800 إسرائيلي، وعلى إثرها هُجر معظم سكان مدن قناة السويس، وغالبية المواطنين في محافظة القنيطرة بسوريا، كما هُجر عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وفُتح باب الاستيطان في القدسالشرقية والضفة الغربية. وبعد نكسة 1967 بيومين، أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تنحيه عن أي منصب رسمى وأى دور سياسى، من خلال خطابه التاريخي، الذي ألقاه في 9 يونيو من العام ذاته:"أقول لكم إننى على استعداد لتحمل المسئولية كلها، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه، لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى وأى دور سياسى، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر". إلا أن الجماهير خرجت فى مظاهرات حاشدة تطالبه بالبقاء والاستعداد للحرب، ورضخ عبدالناصر لرغبة الجماهير، وقام بإجراء تغييرات فى القيادات العسكرية، حيث عين الفريق أول محمد فوزى قائداً عاماً للقوات المسلحة والفريق عبدالمنعم رياض رئيسا للأركان. أيقظت النكسة الوجدان العربي وهزته، ونبهت الشعور القومي إلى الخطر الذي بات يهدد كل العرب؛ وانعكس ذلك على التحرك العربي الذي أخذ اتجاهات عملية لإزالة آثار النكسة ودعم مواقع الصمود. وكشفت من ناحية أخرى، شكل العدوان وطريقته وهدفه أمام العالم كله، وكذب المزاعم الإسرائيلية والغربية، التي كانت تدعي أن إسرائيل ضعيفة أمام العرب الذين يتهددونها؛ وهو ما أكسب العرب عطفاً دولياً، كان له دوره كبيراً في تغيير الأسس الإستراتيجية لطرفي الصراع العربي الإسرائيلي. وكانت إسرائيل قد استخدمت الحرب النفسية والإعلامية لتصوير هذه الحرب على أنها هزيمة لشل القدرة العربية على القتال، إلا أن ما حدث في 1967 لم يكن هزيمة نهائية، وإنما نكسة تم تجاوزها. فمن رحم الألم ولد الأمل، حيث بدأت عملية إعادة بناء الجيش وتسليحه في 1967، واستقدام خبراء سوفييت لتدريب الجيش المصرى على السلاح الروسى، وفى مارس 1969 انطلقت حرب الاستنزاف، وتم بناء حائط الصواريخ. وبعد قرابة السنة من نكسة 1967، قامت معركة الكرامة التي خاضها الجيش العربي، ضد العدوان الصهويني، وهي من المعارك الحاسمة في تاريخ المنطقة، حيث أعطت العرب دفعة وحافز معنوي بأن الإرادة والتصميم تمثلان جزءًا لا يتجزأ من النصر، وسجل العرب من خلالها أول نصر عربي على الجيش الإسرائيلي. وثأر المصريون والعرب لكرامتهم، في حرب الاستنزاف، ونجحت القوات المصرية في إلحاق خسائر فادحة بالاحتلال في معركتي رأس العش ورأس العين، وفجروا الحفار الإسرائيلي في المحيط الأطلنطى ونجحوا في تدمير ميناء إيلات. وكان إغراق المدمرة الإسرائيلية الأقوي "إيلات" دليلًا علي النجاح العسكري المصري، وهو ما مكنه من خوض حرب 1973 واجتيازها بدرجة إمتياز، وتحرير سيناء والأراضي المصرية بالكامل، إلا أنه قوات الإحتلال لا تزال تحتلّ الضفة الغربية كما أنها قامت بضم القدس والجولان لحدودها. وفي الذكري ال 49 لها، وصف السفير حسام زكي، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، نكسة 1967،بالهزيمة التي غيرت وجه الشرق الأوسط. وقال عبر حسابه علي "فيس بوك": "دعوة للتدبر وعدم النسيان، اليوم هو 5 يونيو، الذكرى الحزينة لهزيمة غيرت وجه الشرق الأوسط". وتابع: "العام القادم 2017 سيتوافق يوم 5 يونيو مع العاشر من رمضان، الذكرى الأكثر بهجة للانتصار الذي محي جزئيًا آثار هذا اليوم الحزين، أيام وسنوات تمر، ولا يتذكر التاريخ إلا الناجحين، أما الراسبين فمن كثرتهم لا يتذكرهم أحد، كن ناجحًا". وقال الإعلامي يسري فودة، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أي زعيم مش هيقدر يتعلم من 5 يونيو هيتفسح، ولسوف يهرسه التاريخ والشارع". وأضاف "وأي جيل جديد مش هيعرف يعني إيه 5 يونيو هيتوه في ظلام السكك، ولسوف يعمى بين الصديق والعدو".