رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    مجلس الوزراء يكرم الأمين العام السابق للمجلس ويهنئ نظيره الجديد بتوليه المسئولية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    منحة يابانية لمشروع توفير سفينة دعم الغوص بقناة السويس    مدبولي: موقف الدولة المصرية الثابت حيال أوضاع المنطقة عبر عنه الرئيس في القمة العربية الإسلامية    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    تعرف على وسام إيزابيل لاكاتوليكا الممنوح من ملك إسبانيا للرئيس السيسي    النائب أيمن محسب: العملية العسكرية الإسرائيلية فى غزة جريمة حرب مكتملة    الملك تشارلز يصطحب ترامب فى جولة فى قصر وندسور بعربة ملكية.. صور    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات واسعة النطاق على إسرائيل    "أسماء بارزة من البريميرليج".. قائمة مختصرة لخليفة روبن أموريم في مانشستر يونايتد    كين ضد بالمر.. تعرف على التشكيل المتوقع لمباراة بايرن ميونخ ضد تشيلسي    ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة أرنولد    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    الداخلية تضبط شخصين سرقا أكسسوار سيارة وهربا بدراجة نارية بالإسكندرية    تأجيل محاكمة المخرج محمد سامي بتهمة سب الفنانة عفاف شعيب ل22 أكتوبر للاطلاع    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 23 نوفمبر    اليوم.. ندوة عن سميرة موسى بمكتبة مصر الجديدة للطفل    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    نائب وزير الصحة: 20% من المواليد حمل غير مخطط ونسعى لخفض الولادات القيصرية    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    أسيوط تبحث مستقبل التعليم المجتمعي ومواجهة التسرب الدراسي    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول طلاب الإعدادية بالثانوي    محافظ الإسكندرية وسفيرة الولايات المتحدة يبحثان تعزيز التعاون في قطاع النقل البحري    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    محافظ شمال سيناء يفتتح مهرجان الهجن بالعريش    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    عاجل- انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية في غزة وشمال القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي    تمديد عمل تيك توك في الولايات المتحدة حتى 16 ديسمبر    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    بايرن ميونخ يتأهب للحفاظ على رقم مميز ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    «تتغلبوا ماشي».. مراد مكرم يوجه رسالة إلى إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه بين الناس
معاً فى بلادى الجميلة
نشر في الوفد يوم 10 - 11 - 2011

كانت كلماتها رجالاً فى تلك الأيام الموحشة التى سبقت اغتيال الرئيس أنور السادات أو استشهاده، أقصد ما قالته د. نعمات فؤاد فى مؤتمر عام، قالت إن فتح السجون للسياسيين والمفكرين والمبدعين يعد أمراً جللاً ومهيناً لمن قام به، كان الكل يعرف أنه السبب الرئيسى الأوحد
فى ذلك السجن التعسفى كان هو الاعتراض على سياسات السادات وليس تحطيم مؤسسات أو تدبير مؤامرات، كما جرت العادة فى مصر من حيث إطلاق التهم المرسلة.
ذهبت إلى فؤاد سراج الدين، زعيم الوفد، بعد الإفراج عنه من السجن عقب مقتل السادات، بادر برصانته وبلاغته المشهودة قائلاً: أنا حزين فعلاً من أن أجل السادات أنه لم يقتل إنما هو انتحر.
هكذا تسفر الأيام عن حكمتها المؤجلة فنسمع من قادة الفكر والسياسة ما يهدئ الروع إذا ما استبد البطش أو تغولت القوة المجردة، لم أنس حديث د. نعمات فؤاد السابق أثناء تلك الهجمة الشرسة على كل أطياف المعارضة فى خريف الغضب أوضحت الأستاذة بلسان الحقيقة أن من يسجن ويضطهد ويعذب شعبه مهزوم لا محالة.
معها فى كتابها «فى بلادى الجميلة» أدخل عالم د. نعمات فؤاد بكل جماله وافتتانه بالمعانى والأشياء، كل تفصيلة من تفاصيل الحياة أمر أثير لديها تحتفى به وتحتويه وتطيل النظر فى آفاقه وأسراره، تفسر ذلك فى نفسها قائلة: الأشياء تغدو فى عينى كالأشخاص، دائماً بينى وبينها رابطة غير واضحة.. لهذا يعز علىّ ضياع شىء أو كسره، إنها ألفة شديدة فى نفسى لكل شىء أتعامل معه، ميلاد طائر والحفاوة التى تبديها بالحياة والجماد حولها وسيرها المتأنى فى ربوع مصر فى المحطة وفى الليل وفى الفرح وفى الطريق تشعر أنها تعيد تخليق البشر والأشياء إذ تعطيها بعضاً من روحها وفكرها.
ربما يظن القارئ أن من تعطى اهتماماً شاملاً ومدققاً لكل الجزئيات والتفاصيل قد تكون أشد نعومة ورقة من أن تخوض معارك الحياة الصعبة، العكس هو الصحيح! كل ما فى الأمر أنها إذا وجب الأمر تستجمع قدرتها على الحب وتحتشد بكل طاقاتها الواسعة وتتركز حول محور.. هنا تفاجئك الأديبة د. نعمات فؤاد بأنها تحولت إلى كتيبة مقاتلة زوداً عن بلادنا وعن نهضتها وحريتها كاتبة مدركة لقيمة القلم تصفه قائلة: الكاتب عنده عدل الروح.. القلم عنده لا يستباح ولا يشترى ولا يؤجر القلم كم دك العروش وكم حسر الرءوس وكم أدان الجبابرة وكم أدال الطغاة، أين لنا يا د. نعمات من قلمك الملتهب الجسور ومصر تعانى مخاضاً رائعاً يريد له البعض أن يكون إجهاضاً ومسخاً ممسوخاً مهدراً كابياً.
المفكر الحق يتخطى ظاهر الأحداث ويعبر بنا الزمان ويستشرف ما هو آت.. قد يسقط الزمن الذى ولى ليحيى التاريخ حاضراً ويعايشه ويستخرج منه حكمة الدهر مهما تأخرت أنه على الباغى تدور الدوائر.
تتحدث فى ذلك الفصل الرائع بعنوان «فى دنشواى» تهرع بالسنين لتعايش مصر وتعيش معها مأساة دنشواى من منطلق الصحوة التى أعقبتها والزعامات التى أنجبتها فإذا هى مستبشرة بالطغيان لأنه مفجر الثورة!
تبدأ قائلة فى كلمات كالقصيد: «نفسى اليوم من خمس وخمسين سنة (كتابها صادر فى 1962) نفس المكان الذى وقفنا فيه يرهقنا خوفنا وتسخننا جراحنا وتلسعنا دموعنا وتحرقنا شهقاتنا نفس المكان الذى نصبت فيه المشانق وعلق منها شهادؤها حسن على محفوظ ويوسف حسين سليم والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران.. إنها أسماء شهداء دنشواى فى موقعة صيد الحمام الشهيرة التى قتل فيها ضابط إنجليزى فى معركة اتهم فيها المصريون ظلما.. كتبتهم الكاتبة بالاسم الثلاثى حتى لا تنساهم حكت د. نعمات فؤاد عن تفاصيل ذلك اليوم الرهيب بصيغة المضارع.. تواصل الحكى اللاهث كأنها روح تحيا فى الحادثة إلى آخر الدهر تقول: «اندفعنا من الأزقة والمنحنيات نتتبع القاتل بهراواتنا والشمس من فوقنا تضرب معنا غضبى مثلنا الجندى البريطانى مات بضربة شمس، نفس المكان الذى مات فيه أربعة وحيا فيه شعب بأجمعه حاول الاستعمار أن يلهيه عن نكبته ومأساته فصححت دنشواى الواقعة وتقدمتنا دنشواى إلى المعمعة وانتصرت دنشواى وهى المحكوم عليها فى الموقعة أكرم من موقعة عظيمة مروعة نشر فيها اللواء مصطفى كامل ونحن معه: وتصدى الاستعمار ولكن ليرفعه وأرسلت السماء محمد فريد ليتبعه وأصاخ له العالم ليسمعه وأفاق على بغى إنجلترا ليدفعه وكذّب كرومر وما أدى وأطاح به وماشيعه».
كلمات هادرة تستحضر فيها دنشواى وضحاياها وحادث الإعدام البغيض أمام القرية والأبناء ثم الصحوة التى أعقبت الحدث فى مصر والعالم كله.
هل تكلمت د. نعمات فؤاد فى 1962 ولهثت إلى الأمام هذه المرة لتكون معنا فى حاضرنا معزية لشهداء قضوا دون قصاص.. وأبناء تودع فى السجون.. الأيام تعاد والمعنى واحد رغم اختلاف الصور.. ومعها إذ تقول «رب مضرج فى الدماء هو المنتصر.. ألا أنه وطنى.. وطنى القوى حتى فى ضعفه ما أروعه وما أرفعه هكذا سواه ربى فأبدعه عزيزاً لا يعرف الضعة وأشرق عليه ووقف فى الروع معه».
أنها تنظر بعين التاريخ وحكمة الغد الذى يأتى دوماً ليحدد الأقدار وينصف الثوار.. والمثال واضح كيف غيرت دنشواى فى ذلك الزمان البعيد من القرن الفائت غيرت مصر من حال إلى حال، وكيف أنبتت المشانق زعامات رفعت مصر إلى أعلى مراتب كفاح الظلم وقهر المحتل.. وكيف ضج العالم الحر فى تلك المراحل بغير تليفزيونات ولا فضائيات ولا مذياع وكيف أمسكت الجريمة بتلابيب من قاموا بها وضجت الدماء بأسماء القتلة وتجرع كرومر الهوان وكتبت فى دنشواى الملاحم والأشعار وتكلل الاستعمار بالعار.
هل أرادت د. نعمات فؤاد أن تقول لنا إن اليأس فى حق الأوطان لا يجوز.. إنه الندالة بل الخيانة ليس باستطاعتنا أن نيأس فى هذه اللحظة الفارقة ومصر تمضى مسلوبة الأمان والخطط الدخيلة من هنا وهناك تريد أن تفكك أوصال الأمة بالفتن.. والقضاء هو فخرنا وهامتنا وقوتنا يقتحم ويمنع ويحرج ويجرح.. وجرائم تمت بلا حساب وأبرياء تعرضوا لأقسى العقاب.. لكننا لانزال فى بلادى الجميلة مع دنشواى: «نفس اليوم ونفس المكان.. إلا أن الدم المضرج قد أخصب الثرى فأنبت الشجر الأخضر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.