«دباغة الجلود» واحدة من أقدم الصناعات التى كانت رائجة فى الفيوم وانتشرت بصورة كبيرة فى أحد الأحياء بالمدينة ومنها استمد اسمه حى «المدابغ» الذى يجاور بالمصادفة حى «السلخانة».. ومنذ عدة سنوات والمهنة تتعرض لمشاكل عديدة أثرت عليها وجعلتها عبء ثقيل على «الدباغين» ففضل الكثيرون منهم الابتعاد عن هذه المهنة إلى مهن أخرى ولم يتمسك بها إلا القليل منهم الذين لا يزيدون على أصابع اليد الواحدة. فى مدينة الفيوم كانت تتواجد قرابة 40 ورشة لدبغ جلود الماشية، تقلصت فى الفترة الأخيرة إلى 5 فقط استمر أصحابها فى ممارسة المهنة رغم المشاكل التى يعانون منها. وعن دباغة الجلود، يقول محمد السيد 30 سنة: هذه المهنة توارثناها عن أجدادنا فأنا أعمل فى الدباغة فى ورشة والدى ونقوم بشراء جلود الماعز والخراف ورقاب الماشية للماعز 5 و6 جنيهات، والضانى 9 و10 جنيهات، ورقاب الماشية 10 جنيهات ونضيف على الجلد مادة «الأجزا» لإزالة الشعر منه، ثم يتم وضعه فى البراميل ويتم تدويره بها التى نسميها «دولاب» ثم يضاف إليه ماء نار أو ملح ليتم إزالة اللحوم الزائدة من الجلود وتدخل ماكينة تسمى «المقلوبة» لإزالة اللحوم نهائياً ثم يوضع فى البرميل ويضاف إليه مادة «إكسرا» تخرج الجلد أبيض تماماً، وهذه هى الدباغة. وعلمنا أن مادة «الإكسرا» التى تستخدم فى الدباغة يتم استيرادها من البرازيل عن طريق أحد التجار بالقاهرة وارتفع سعرها فى الفترة الأخيرة أربعة أضعاف مما زاد العبء على «الدباغين» وتسبب ذلك فى هجر الكثيرين للمهنة بعد أن تعرضوا للخسائر، بالإضافة إلى إصابة العديد منهم بالأمراض مثل الحساسية، بالإضافة إلى الروائح الكريهة التى يستنشقونها جراء عملية الدباغة. ويشير محمود سالم «عامل» إلى أنه عقب دبغ الجلود يتم بيعها لصناع الأحذية، وجلد الخراف أو الماعز الواحد يباع فى حدود 10 جنيهات وهى التكلفة الفعلية لثمن ودباغة الجلد مما يؤدى إلى خسائر للدباغين وبالتالى يهجرها العديد من الدباغين ويعملون فى مهن أخرى كسائقين لسيارات السرفيس أو التاكسى. وطالب سعيد جمعة بإنشاء جمعية أو نقابة للعاملين فى الدباغة وأن تقوم الدولة بإيجاد حل لمادة «الإكسرا» التى تستخدم فى الدباغة حتى ينخفض سعرها أو تقوم الدولة بدعمها لإنقاذ هذه المهنة من الاندثار.