لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب جوانب أخرى فى حياته ربما لم يطلع عليها الكثيرون منا، لأننا لم نعش زمانه إلا من خلال موسيقاه أو أغانيه، فنحن لم نكن نعلم شيئا عن منزله أو أبنائه، ما الذى يحبه بعيدا عن الموسيقى من هم أصدقائه.. فى هذا الحوار نلتقى مع ابنته عفت محمد عبدالوهاب تتحدث عن والدها. كيف كان يتعامل مع الأسرة والأبناء. تحدثنا معها أيضا عن طقوسه أثناء التلحين. ومن هم أصدقاؤه وعلاقته بالوسط الفنى، ومن هو مطربه المفضل، وحقيقة الوسواس الذى كان يرافقه كظله. وحكاية تجاهل الدولة له بعد الرحيل. منذ فترة قليلة أعلنت الأسرة عن استيائها بسبب تجاهل الدولة له متى شعرتم بهذا الأمر؟ - فى الحقيقة بعد رحيله بخمس أو ست سنوات. لم نر الاحتفالات التى كانت تقام له بعد رحيله مباشرة. وكنا ندعى لهذه المناسبات خاصة فى الأوبرا. ولكننا لاحظنا بعد ذلك تجاهلاً، وأتصور لو أن والدى كان يحمل جنسية أخرى لأصبح الوضع مختلفاً. هل هذا التجاهل ناتج عن عدم وجود كتيبة إعلامية تساند فن عبدالوهاب كما كان يفعل حليم؟ - ربما أهل عبدالحليم حافظ أكثر حركة منا فى هذه الأمور. ولكننا طوال عمرنا بعيدون عن الإعلام بناء على رغبة والدنا، فنحن لم نكن نظهر معه إلا فى المناسبات المهمة فقط. وأتصور أن عبدالوهاب وفنه لا يحتاجان إلى من يدعمه لأنه قيمة، وكذلك عبدالحليم وأم كلثوم، فى أوروبا مثلاً يجيدون تخليد رموزهم الفنية. ماذا عن الدول العربية؟ - الأمر مختلف تماماً عندما نزور أى دولة ويعرف أننا أبناء عبدالوهاب نعامل معاملة الملوك، فى الأردن فى المغرب يعشقون عبدالوهاب وفى لبنان أيضاً، كما أن الدول العربية تحسن الاحتفال به فى شكل مهرجانات وجوائز تقام باسمه. لو تحدثنا عن عبدالوهاب كيف ترينه فى جلباب الأب؟ - كان حنوناً جداً وشرقياً جداً فى تعاملاته، كان تعامله معنا بالنظرة ولم يستخدم فى يوم أسلوب الضرب وأقصى حد يصل إليه فى الزعل أو الغضب النظرة الحادة، هو أيضاً كان يثق كثيراً فى تربية أمى لنا وهى كانت جامدة جداً ولم تكن سهلة. لماذا لم يظهر من الأسرة من يعمل بالفن؟ - والدى كان رافضاً هذا المبدأ ربما لأنه عانى كثيراً حتى أصبح عبدالوهاب. وأنا كنت أهوى العزف على البيانو ورفض استمرارى. كيف كانت طقوسه أثناء التلحين؟ - لم تكن هناك طقوس محددة لكنه كان يتعامل بطبيعته. بمعنى أننا كنا أحياناً نجلس معه وتأتيه جملة موسيقية فكان ينادينى لأحضر الكاسيت له ويقوم بتسجيل الجملة بصوته وقد يتكرر هذا الأمر أكثر من مرة فى الجلسة، وفى أحيان أخرى عندما يجد الجملة متعثرة كان يدخل إلى حجرته. هل كان يحب الغناء أثناء الجلوس معكم وهل كانت له أغنية مفضلة؟ - لم يكن يغنى أى غنوة قديمة أمامنا كل ما كنا نستمع إليه هو جديده فقط على اعتبار أنه كان يجلس لينتهى منه. من هم أصدقاؤه المقربون؟ - معظمهم كانوا من الأطباء الخاصين به. وهناك أيضاً من الوسط مثل عبدالحليم الذى كان مثل الأخ الأكبر لنا كان يزورنا كثيراً ويستشير أبى فى كل شيء يخصه. كما أنه لم يكن منغمساً فى الاختلاط بالوسط الفنى. كيف كان يقضى يومه؟ - كان يقضى معظم وقته فى المنزل طوال الشتاء. وفى الصيف كان يحب السفر للبنان أو سوريا وعندما حدثت الحرب اللبنانية كان يفضل السفر لباريس. ما حقيقة الوسواس الذى كان يلازمه؟ - هو بالفعل كان موسوس كتير لدرجة أنه عندما كان يعلم أننى أكلت سلاطة خارج المنزل كان يرفض مصافحتى. ويكاد يقاطعنى. وكانت له طقوس خاصة بغسل الخضراوات، حيث كان يدخل المطبخ ويطلع بنفسه على طرق الغسل ويشم الأكل. ولو علم أن هناك شخصاً عنده زكام يرفض دخوله حجرته، وأتصور أنه انتقل إليه من أمير الشعراء أحمد شوقى. لحن للعديد من الأصوات من هو أحب الأصوات إليه؟ - أتصور صوت نجاة كان يحبه كثيراً. كما أنه خصها بأغلب ألحانه وصوت ليلى مراد كان يؤثر فيه وكان يتحدث عنه كثيراً. وهناك أصوات كان يرى أنها تمتلك قيمة كبيرة مثل سعاد مكاوى. فى رأيك لماذا تأخر تعاونه مع أم كلثوم؟ - أتصور أن كليهما كان يمثل قمة الغناء وكلاهما كان يريد أن تكون البداية من الطرف الآخر إلى أن قام عبدالناصر بحل المشكلة. وطلب أن يكون هناك تعاون وشيك وبالفعل. أتصور أنهما ما صدقا أن هناك طرفاً آخر حل القضية. هل كان يتابع الأصوات الشابة التى ظهرت فى آخر حياته؟ - عندما ظهر عمرو دياب سألنى عنه. وهناك أسماء قالت بعد رحيله إنه أثنى على صوتها وهذا لم يحدث أو لم نسمع منه شيئاً. لكن هناك أصواتا مثل محمد ثروت كان يحب صوته وكذلك هانى شاكر. ماذا عن علاقته بالموجى وبليغ والسنباطى؟ - كان يحبهم جميعاً وحريصاً على الاتصال بهم. وفيروز؟ - كان دائم الاتصال بها وهى أيضاً كانت حريصة على هذا. لماذا عاد للغناء وقدم أغنية «من غير ليه»؟ - أتصور أنه أراد أن يوجه رسالة بأنه وهو فى هذا العمر ما زال قادراً على الغناء. ونجاح الأغنية وسط الموجة الجديدة التى كانت قد انتشرت وقتها خير دليل على ذلك وعلى وجهة نظره. هل كان يغضب من الاتهامات التى كانت توجه له بالاقتباس؟ - مطلقاً كان لديه ثقة كبيرة فى نفسه. وعندما كنا نغضب كأسرة كان يعنفنا كثيراً ويؤكد أنها ضريبة النجاح، هو صنع نقلة كبيرة فى الموسيقى العربية وربما هذا أغضب البعض ثم لماذا لم يتحدث هؤلاء عما قام به الغرب من سرقة بعض أعماله ومنها «انت عمرى». هل كان هذا الاتهام سببه أنه كان مطلعاً على الموسيقى العالمية؟ - هو بالفعل كان يعشقها وكان يضع تمثالاً لبيتهوفن فى منزله. لماذا لم يظهر حتى الآن مسلسل يحمل سيرته الذاتية؟ - السبب هى الشركة، التى تفاوضت معنا، لأنهم لم يلتزموا بالمواعيد التى تم الاتفاق عليها لإنجاز العمل. وأضافت لكننا ما زلنا كاسرة عبدالوهاب على إنجاز عمل درامى يرصد تاريخ والدنا الكبير، والأهم أن يقدم العمل بشكل يليق به لأننا لن نسمح أن يكون عمل والدنا يظهر بنفس الصورة السيئة، التى ظهر عليها مسلسلا عبدالحليم حافظ وسعاد حسنى، لأننى بشكل شخصى أعلم تماماً قيمة السندريللا، والعندليب، وحزنت عندما شاهدت المسلسلين، وبالتالى لن نسمح بخروج أى عمل لعبدالوهاب إلا فى أفضل صورة ممكنة. ولهذا نحن كأسرة لعبدالوهاب لا نتعجل الأمر. لأنه ليس ملك الأسرة لكنه ملك مصر والوطن العربى كله. هل كان يفضل أطعمة معينة؟ - كان يحب الفراخ المسلوقة بالخضار + ربع رغيف يومياً والحلو مهلبية أو فواكه. وفى العشاء فول بالزيت وجبنة. وكان لا يحب الحلويات مطلقاً.