أيام ويستقبل 24 مليون عامل وموظف مصرى، بينهم «6 ملايين عاملة» عيدهم الذى يصادف الأول من مايو كل عام، بأحلام تشبه وإلى حد كبير أحلام العبيد، فكل ما يتطلعون إليه، أجور تمكنهم من مواجهة الحياة، ورعاية صحية حقيقية تنتشلهم من الأمراض، وتغطية تأمينية جيدة تحفظ لهم كرامتهم عند ختام مرحلة «الشقاء» وخريف العمر، وإلى بارقة أمل تعيد الحياة إلى أكثر من «4000 مصنع مغلق» تسبب إغلاقها فى تشريد نحو 2 مليون عامل، يلوذون الآن بالأرصفة والشوارع والميادين يشتغلون أى شيء ويبيعون أى حاجة لإطعام أبنائهم وتوفير نفقات التعليم. أيام ويطل علينا.. أيضا المتخصصون فى خداع العمال بالتصريحات الوردية والكلام المعسول، ليمر اليوم، وتنتهى الليلة، وينفض المولد، وتبقى مشاكل «المطحونين» فى دواوين ومؤسسات الحكومة وفى المصانع والشركات العامة والخاصة والمزارع والحقول.. وفى كل موقع عمل.. كما هى لم تتغير منذ 50 عاما، رغم قيام ثورتين خلال السنوات الخمس الماضية، كانت الشرارة الأولى لهما احتجاجات ووقفات هؤلاء الفقراء. وبدلا من أن تهتم الدولة بمشاكلهم تحولت أحوال العمال إلى مرض مزمن يصعب علاجه فى سنوات.. لتستمر الهموم والضغوط وحالات الظلم والفصل التعسفى، وتستمر أيضا زيارات الفجر والاستدعاءات الأمنية لكل من يبدى اعتراضه على هذه الأحوال، وسط تشكيلات نقابية «هشة» لم تقدم هى الأخرى جديداً لمن انتخبوهم ومنحوهم أصواتهم، واعتقدوا أنهم سيخرجون يوما من حالة «الانبطاح». هنا ملف شامل ننشره على حلقات يوميا ولمدة أسبوع.. التقت فيه «الوفد» بنماذج لشرائح مختلفة من عمال مصر، يمثلون نحو 9 ملايين عامل بشركات قطاعى الأعمال والخاص، ونحو 13.2 مليون بائس يعملون دون غطاء تأمينى وصحى، من بينهم 250 ألفًا "يطفحون الدم" بعقود مؤقتة وأجور متدنية للغاية وبشروط لا يقبلها العبيد. ذهبت «الوفد» إلى عمال التراحيل والسريحة وباعة الأرصفة والملتحفين بالسماء، واستمعت إلى آلام وآمال عمال النظافة والصرف الصحى، عاشت معاناتهم فى الشوارع والميادين والحارات، كما التقت عمال المعمار و«الصنايعية» بمختلف طوائفهم: «ممحراتية، نقاشون، نجارون، حدادون».. ولمست «الوفد» كم يعانى ويكابد 15 مليون مطحون من الصباح حتى المساء يبنون مصر خارج منظومة الاقتصاد الرسمى، ولا يسأل فيهم أحد، ويفتكرونهم فقط فى المناسبات لتوزيع الابتسامات والتصريحات الوردية أمام الكاميرات. ويذهب العيد كما جاء.. وتبقى صرخات العمال حبيسة حكومات، لا تقدر ولا تعى معنى أن يكون هناك نحو 1117 احتجاجًا عماليًا فى عام واحد، وهو ما يحذر منه الخبراء والمتخصصون والمتابعون للحالة الضنك التى يعيشها كل عمال مصر دون استثناء. الأصل أمريكى تحتفل مصر والعالم فى الأول من مايو كل عام بعيد العمال، ويمثل هذا اليوم ذكرى أول اجتماع شامل عقده عمال الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1886 لمناقشة أوضاعهم وحقوقهم، واستمر هذا الاجتماع حتى الرابع من مايو، مطالبين بتخفيض ساعات العمل إلى 8 ساعات بدلاً من 10، وتحسين الأجور، ورغم أن العمال كانوا قد حصلوا على تصريح بالاجتماع وحضره عمدة شيكاغو، إلا أن الشرطة اقتحمت مقر الاجتماع بالتزامن مع انفجار قنبلة فى المكان دون أن يعرف أحد مصدرها، وراح ضحيتها 11 شخصًا منهم 7 من الشرطة، وهو ما اتخذته الشرطة ذريعة للتدخل وإطلاق النار، وتحولت الساحة إلى ميدان حرب، وفى اليوم التالى صدرت الصحف منددة بالعمال واتهمتهم بأنهم يسعون إلى إحراق مدينة شيكاغو، وبذلك أصبح الجو العام مهيأ لمحاكمة العمال، وشهدت المدينة إضرابات واسعة استمرت 15 ساعة يوميًا، واشترك فى هذه الاحتجاجات ما يقرب من 350 ألف عامل كانوا يعملون فى 20 ألف مصنع، وقتل خلال المصادمات عدد كبير من العمال، ومع ذلك صدرت الأحكام بإعدام 7 منهم وسجن واحد، وخفف الحكم بعدها عن اثنين من المحكوم عليهم بالإعدام إلى السجن المؤبد، بينما انتحر أحدهم وتم تنفيذ الحكم فى الأربعة الآخرين، وظل الثلاثة المحكوم عليهم بالسجن فى محبسهم حتى تم العفو عنهم بقرار من حاكم ولاية إلينوى التى تقع مدينة شيكاغو ضمن حدودها، وأكد الحاكم وقتها أن العمال ال8 كانوا أبرياء، حيث اعترف قائد الشرطة أنه كان من ألقى القنبلة التى انفجرت وانفجرت معها الأحداث، ولهذا بدأ تخليد ذكرى هؤلاء العمال فى كل من أمريكا وكندا واستراليا، حتى جاء عام 1904 ليشهد انعقاد مؤتمر الاشتراكية الدولية بمدينة أمستردام، والذى دعا النقابات العمالية والمنظمات إلى اعتبار الأول من مايو احتفالاً عماليًا، وسعت المنظمات الاشتراكية إلى جعله يوم عطلة، وبالفعل باركته الكنيسة الكاثوليكية عام 1954، إلا أن الحكومة الأمريكية ظلت لأعوام طويلة ترفض الاحتفال به فى الأول من مايو حتى نجحت ضغوط المنظمات العمالية الاشتراكية فى فرضه عليها. ومع ظهور الحركات العمالية فى مصر بدأت فكرة الاحتفال بيوم للعمال، حيث نظم اتحاد عمال الإسكندرية احتفالاً وخرجوا فى مسيرات ضخمة وصلت إلى سينما بارتييه، ومع نمو المد الاشتراكى أصبح الاحتفالات بالأول من مايو سنوية، حتى جاء عام 1964 حينما أقره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كيوم عطلة سنوية يحتفل فيها العمال بعيدهم، ويلقى فيه خطبة فى مقر اتحاد العمال، وظل هذا التقليد متبعًا طوال الأعوام الماضية كتقليد اتبعه كل الرؤساء احتفالاً بعيد العمال. إغلاق 8 آلاف مصنع وتشريد 2 مليون عامل منذ قيام ثورة 25 يناير والحديث لا ينقطع عن المصانع المتعثرة والتى أغلقت أبوابها فى وجه عمالها، لينضموا إلى طابور العاطلين، ورغم تضارب الأرقام حول عدد هذه المصانع، إلا أن الاحصاءات تشير إلى أن عددها يبلغ 4500 مصنع فى 74 منطقة صناعية، فى حين يذكر تقرير لاتحاد العمال أن عددها يبلغ 8222 مصنعاً، بينما أشارت دراسة أعدها اتحاد المستثمرين إلى 1500 مصنع متعثر، يتركز 40% منها فى قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وفى أحدث تقرير لاتحاد الصناعات يقدر عدد المصانع المتعثرة فى كل المحافظات بنحو 7 آلاف مصنع كان يعمل بها قرابة مليونى عامل حياتهم توقفت تماماً، بعد أن فقدوا مصدر رزقهم الأساسى والوحيد، وضاعت استثمارات تبلغ قيمتها 35 مليار جنيه. وحدد اتحاد الصناعات عدة أسباب لهذ التعثر شملت: الركود الاقتصادى الشديد خلال السنوات الماضية، الإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية بمنتجات منخفضة الأسعار رديئة المواصفات، ارتفاع أسعار الخامات، بالإضافة إلى الشروط المتعسفة التى تضعها البنوك لتمويل أصحاب هذه المصانع، هذا بالإضافة إلى غياب دور الدولة فى حماية هذه المصانع، والعاملين فيها من خلال تيسير الإجراءات والقروض وجدولة الديون. ويطالب اتحاد الصناعات بضرورة إنشاء صندوق يتم تمويله ب 3 مليارات دولار من المنح والمساعدات الأجنبية لإقالة هذه المصانع من عثرتها، على أن يدار هذا الصندوق تحت إشراف خبراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.. ويتولى تقديم القروض الميسرة جداً للمصانع بأسلوب المشاركة، وعن طريق ما يعرف بالقرض الدوار.. وبمناسبة عيد العمال.. تضع «الوفد» هذه المشكلة بكل أسبابها ونتائجها الكارثية أمام السيد رئيس الوزراء. ومع أن هذه القضية فرضت نفسها على مجلس النواب فور بدء أعماله، حيث أكد نواب لجنة الصناعة والطاقة أنهم سيتقدمون بطلبات إحاطة للحكومة حول هذا الموضوع، ودور الحكومة فى حلها، إلا أن عمال هذه المصانع ما زالوا فى الشارع دون عمل يسألون الله فى حق غذاء الأولاد. فى منطقة الوراق التقينا المهندس كرم الشلقانى الذى اضطر لإغلاق مصنعه الذى يعمل فى بناء السفن منذ عام 1967، مشيراً الى أن المصنع كان يعمل به 150 عاملاً، فقدوا جميعاً وظائفهم بسبب قيام محافظة الجيزة «بتدبيش» النيل فى المنطقة لعمل كورنيش، وأكد أن هذا الإجراء أدى إلى تدمير اقتصاديات تقدر ب60 مليون جنيه هى قيمة المركب السياحى الذى كان يقوم المصنع بإنشائه، والذى تكلف حتى الآن 15 مليون جنيه، وبعد إغلاق المصنع لا نعرف مصيره، خاصة أنه لم يكتمل بناؤه حتى الآن، وصاحبه لا يستطيع تسلمه فأين سيذهب به؟ المشكلة الأكبر الآن هى أننا نغلق المصنع والمركب ما زال فى النيل وحماية النيل تريد تحريك المركب. وأضاف: عمال المصنع فقدوا مصدر رزقهم بسبب 160 متراً هى كل واجهة المصنع على النيل والتى تريد المحافظة عمل الكورنيش بها، رغم أن طول النيل 1000 كيلومتر، سيتم تدبيش 100 كيلو منها فقط فى المحافظات، فهل يعقل أن يغلق المصنع وتغلق معه منازل 150 عاملاً بسبب 160 متراً؟ وفى مدينة 6 أكتوبر توقفنا عند عدد غير قليل من المصانع المغلقة، وشكا لنا شريف عبدالفتاح سوء الحال بعد أن أغلق المصنع الذى كان يعمل فيه بالمدينة، مشيراً إلى أنه أصبح بلا عمل وعمره 42 عاما، ولديه أسرة مكونة من 4 أفراد وهو المسئول عن والدته المريضة، وأضاف: العمل فى المصنع كان هو مصدر دخلى الوحيد، ومنذ ثورة 25 يناير ونحن نعانى وأحياناً كنا لا نحصل على رواتبنا إلا كل عدة أشهر حتى أغلق المصانع تماما فى العام الماضى، وأصبحت بلا عمل، ولا مصدر رزق، كل يوم أخرج من بيتى بحثاً عن عمل دائم لا أجد، أحياناً أذهب إلى الورش أو المحلات أو أجد أسرة تنقل أثاثها من مكان لآخر فأحمله لهم مقابل أى مبلغ، وأحياناً أحمل رمل وزلط المهم أن أحضر طعاماً لأبنائى وزوجتى ووالدتى. نفس المأساة يعيشها أحمد متولى يبلغ من العمر 45 عاماً فقد عمله بعد إغلاق المصنع الذى كان يعمل به، فلجأ كما قال إلى غسل السيارات فى الشارع مقابل 50 جنيهاً شهرياً، الأموال التى أجمعها أدفع منها 550 جنيهاً ايجار الشقة وما بقى للكهرباء والمياه والطعام و«بتتقضى»، وأضاف: لم أستطع توفير مصاريف الدروس الخصوصية واضطررت إلى منع ابنى الأكبر محمد 16 سنة من المدرسة وألحقته بورشة ليساعدنى فى المصاريف، فالأسعار نار والدخل الأساسى توقف، وما أحصل عليه الآن لا يكفى أى شيء. خطط وهمية يأتى هذا فى الوقت الذى تتحدث فيه الحكومة عن خطة لإنقاذ المصانع المغلقة ، منبثقة عن برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يهدف إلى تشغيل 1000 مصنع مغلق فى المدن الصناعية المختلفة، خاصة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان وأبورواش وبدر، ومن ثم كلف الرئيس السيسى هيئة الرقابة الإدارية بالتعاون مع اتحاد الصناعات برصد المصانع المغلقة فى شهر مايو من العام الماضى، لإعادة تشغيلها، والعمل على حل مشكلاتها، وبالفعل قامت لجنة من الاتحاد والإدارة المركزية بهيئة الرقابة الإدارية بإجراء زيارات ميدانية للمدن الصناعية للتعرف على حجم المشكلات التى تعانى منها المصانع المتعثرة والمغلقة والأسباب التى أدت إلى ذلك، وقامت اللجنة بمخاطبة وزارة الصناعة للعمل معها لحل مشكلات نحو 50 مصنعاً كعينة من المصانع لإخراجها من تعثرها، وكشف الدكتور وليد جمال الدين عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن هناك عدة أسباب أدت إلى تعثر المصانع، منها مشكلة التمويل، مطالباً بأن تكون البنوك أكثر مرونة فى التعامل مع المصانع المتعثرة وجدولة ديونها ومنحها فترة سماح أطول، ومن المهم أيضاً حل مشكلة التسويق لمواجهة حالة الركود الاقتصادى التى أدت إلى فشل العديد من المصانع فى تسويق منتجاتها، ومن ثم لابد من تدخل مركز تحديث الصناعة لحل هذه المشكلات، وهناك مشكلة أخرى أدت إلى توقف عدد من المصانع، وهى دراسات الجدوى الخاطئة وهذه المشكلة لا تستطيع الحكومة حلها، فهى مرتبطة بالمصانع نفسها، وأوضح الدكتور وليد أن الحكومة كانت وضعت خطة لإنقاذ المصانع المتوقفة من عثرتها من خلال صندوق بتمويل قدره 500 مليون جنيه، وتقدم له بالفعل 900 مصنع متعثر من خلال مركز تحديث الصناعة باتحاد الصناعات، ولكنه لم يقض على المشكلة تماماً، لذلك يطالب عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات بضرورة تفعيل مبادرة البنك المركزى التى تم الإعلان عنها منذ شهر ونصف تقريباً، والتى تتضمن إقراض المصانع المتعثرة 200 مليار جنيه على مدار 4 سنوات بفائدة 5% فقط، فهذه المبادرة لو تم تفعيلها بشكل كامل ستساهم فى إنقاذ عدد كبير من المصانع والعاملين فيها. احتجاجات على كل شكل ولون.. والغضب يجتاح 440 مؤسسة 15 ألف دعوى عمالية تنظرها المحاكم.. والأحوال من سيئ إلى أسوأ العمال هم وقود الثورات، نار غضبهم تحرق أنظمة وعروشًا، وعيد العمال يمثل ذكرى واحدة من هذه الثورات العمالية، وفى مصر ما زالت احتجاجات العمال تتوالى رغم قيام ثورتين كان شعارهما الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ومع ذلك فما زالت أحوال العمال فى كل مكان يرثى لها، ورغم وعود كافة حكومات ما بعد الثورة بتحسين أحوالهم، ما زالت أوضاعهم من سيئ إلى أسوأ، ومن ثم ما زالت احتجاجاتهم تتوالى مطالبة بتحسين الأحوال. فقد شهد عام 2015 حوالى 1117 احتجاجًا عماليًا حسب تقرير مؤسسة مؤشر الديمقراطية، وأشار التقرير إلى أن هذه الاحتجاجات شملت حوالى 440 مؤسسة، واستخدم فيها العمال 28 وسيلة احتجاجية، كما أكد التقرير أن العام الماضى شهد فصل 1300 عامل، وأقيمت حوالى 15 ألف قضية عمالية أمام المحاكم، كما أشار التقرير إلى مقتل 54 عاملًا بسبب إصابات العمل، وتم إلقاء القبض على أكثر من 70 عاملاً بسبب التظاهر. وأكد التقرير على تصدر شهرى مارس وأبريل كأكثر الشهور احتجاجًا خلال 2015، حيث شهدا 125 و126 احتجاجًا على التوالى، فى حين كان عدد الاحتجاجات فى يناير 109 احتجاجات، حتى وصل عددها فى ديسمبر إلى 115 احتجاجًا عماليًا، فى مشهد يعكس غياب أى تطور فى أوضاع حقوق العمل خلال العام، وتواجد المحفزات المستمرة الدافعة للعامل المصرى للاحتجاج ضد انتهاك حقوقه باستمرار. وقسم التقرير الاحتجاجات جغرافيًا، لتتصدر محافظة القاهرة المشهد ب333 احتجاجاً عمالياً بنسبة 30% من الاحتجاجات، فيما جاءت محافظة الشرقية فى المركز الثانى بعدما شهدت 75 احتجاجًا، وكانت محافظة مرسى مطروح هى المحافظة الوحيدة التى لم تشهد أية احتجاجات مطالبة بحقوق العمل. كما قسم التقرير القطاعات المحتجة إلى 11 قطاعًا، تصدرها قطاع العاملين بالمصانع والشركات بنسبة 21.4% بعد تنفيذهم ل239 احتجاجاً، وجاء العاملون بالهيئات والوزارات الحكومية كثانى القطاعات العمالية المحتجة بعدما نظموا 187 احتجاجًا، بينما تصدر العاملون بقطاع الصحة ثالث أكثر الفئات المحتجة بعدما قاموا ب163 احتجاجًا، تلاهم العاملون بقطاع التعليم ب148 احتجاجًا، وجاء أصحاب الأعمال الحرة فى المركز الخامس بعد تنظيمهم ل105 احتجاجات، تبعهم فى المركز السادس العاملون بالقطاع القضائى من محامين وقضاة وموظفى العدل والباحثين القانونيين ب71 احتجاجًا، فى حين نفذ العاملون بقطاع النقل 80 احتجاجًا، وارتفعت الاحتجاجات التى نفذها العاملون فى قطاع الإعلام لتصل ل44 احتجاجًا، ثم المزارعون والعاملون فى قطاع الزراعة ب35 احتجاجًا، فيما نظم العاملون فى القطاع الأمنى 27 احتجاجًا منهم 26 احتجاجًا من قبل أفراد فى وزارة الداخلية واحتجاج واحد من قبل الأمن الإدارى بالجامعات، فى حين فرضت أزمة قطاع السياحة نفسها على 18 احتجاجًا نظمهم العاملون فى القطاع السياحى. وأضاف التقرير أن عام 2015 شهد غيابًا تامًا للمطالب السياسية فى الاحتجاجات العمالية، حيث انصبت كل أسباب ومطالب العمال على مطالب تتعلق بشكل مباشر بمناخ وبيئة وحقوق العمل، جاء على رأسها المطالب بمستحقات مالية للعمال والموظفين التى تم إعلاؤها فى 341 احتجاجا بنسبة 31% تقريبًا من حجم الاحتجاجات العمالية، بينما مثل مطلب المطالبة بالتعيين السبب الاحتجاجى الثانى بعدما خرج العمال للمطالبة به فى 115 احتجاجًا بنسبة 10%، وجاء الاعتراض على قطع الأرزاق والفصل التعسفى كثالث الأسباب الاحتجاجية بعدما خرج العمال ضده فى 63 احتجاجًا، بينما خرج الباعة وأصحاب الحرف فى 28 احتجاجًا ضد إزالة المحلات والأكشاك وباكيات البيع وغيرها من مصادر الرزق، وخرج العمال بالمصانع والصحف والمطاعم والفنادق ضد قرارات غلقها فى 26 احتجاجًا، فى نفس الوقت الذى خرج العمال والموظفون فى 59 احتجاجًا ضد النقل التعسفى، كما شهد العام الماضى 15 احتجاجًا للتنديد بإصابات العمل نتيجة الإهمال فى طرق السلامة المهنية وسوء الخدمات الطبية المقدمة للعاملين أو طرق مكافحة العدوى. وذكر التقرير أن مناخ العمل الملىء بالتعديات والإهانات تسبب فى خروج المحامين فى 49 احتجاجًا ضد الإساءات والتعسف الذى يتعرضون له فى أقسام الشرطة والمحاكم، بينما خرج العمال والموظفون فى 25 احتجاجًا بسبب التعسف وسوء المعاملة والمحسوبية، و21 احتجاجًا بسبب البلطجة والتعديات عليهم. وأشار التقرير إلى أن قرارات وتشريعات الدولة المتعلقة بالعمل تسببت فى أزمة بينها وبين العمال والموظفين وتمثل ذلك فى خروج أكثر من 14 احتجاجًا ضد قانون الخدمة المدنية وعشرات الاحتجاجات بسبب قرار 99 الخاص بعلاوة ال10% لمن لا ينطبق عليهم قانون الخدمة المدنية، كما كان تجاوز وفساد العديد من إدارات الشركات والمصانع والمصالح الحكومية سببًا فى خروج العمال والموظفين فى 26 احتجاجًا للمطالبة بإقالة مسئولين وفى 28 احتجاجًا ضد القرارات الإدارية. كما ذكر التقرير أن هناك العديد من الاحتجاجات وخاصة فى القطاع الطبى وقطاع المالية تسبب فيها غياب العدالة بين العاملين، حيث لا تتساوى مستشفيات التأمين الصحى والمستشفيات الجامعية والمستشفيات الحكومية فى الأجور والمرتبات لنفس الفئة أو الكادر كالأطباء والممرضين، ونفس الأمر فى إدارات الضرائب المختلفة، وهو ما تسبب فى خروج العديد من الاحتجاجات المطالبة بالمساواة. وسائل الاحتجاج وذكر التقرير أن المحتجين من العمال انتهجوا 28 أسلوبًا احتجاجيًا متنوعًا تصدرتها الوقفات الاحتجاجية، حيث قام العمال ب392 وقفة احتجاجية، وجاء الإضراب عن العمل كثانى الأساليب الاحتجاجية بعدما نفذ العمال 207 إضرابات، فى حين قاموا ب129 تظاهرة و87 اعتصامًا و65 تجمهرًا، 65 إضراباً عن الطعام. كما انتهج العمال وسائل أخرى مثل تخفيض ساعات العمل أو تخفيض الإنتاجية، حيث قام سائقو القطارات بتخفيض سرعة القطارات للنصف، بحيث يتضاعف توقيت الرحلات مما يكبد الهيئة خسائر فادحة، وهو ما قام به أيضًا عمال الغزل الذين تعمدوا الحضور للمصانع والامتناع عن العمل بشكل أدى إلى خسارة الشركة حوالى 50 مليون جنيه فى إضراب واحد. كما انتهج المطالبون بحقوق العمل مجموعة من أساليب العنف سواء ضد النفس أو ضد المؤسسات التى يعملون بها، حيث نفذوا 9 حالات إغلاق هيئات، و9 حالات منع مسئول من دخول عمله أو اعتراض موكبه، و18 حالة قطع طريق، بينما شهدت العام الماضى حالتين لتوثيق العمال أنفسهم بجنازير، وحالة إشعال النيران بمصدر الرزق، وحالة انتحار من عامل و11 محاولة للانتحار. وذكر التقرير أن الدولة ما زالت تتعمد إعادة انتهاج المسارات القمعية السابق استخدامها من قبل الدكتاتوريات السابقة فى التعامل مع الحراك العمالى، وراح ضحية سياسة القمع والتنكيل بالمحتجين من أجل حقوق العمل حوالى 70 عاملاً تم القبض عليهم بسبب التظاهر أو الدعوة للتظاهر، وفصل وتشريد أكثر من 80 عاملاً بسبب الاحتجاج. وقال التقرير إن الدولة عمدت إلى التفريق بين المحتجين لأسباب لم تعكس سوى حالة من العنصرية والتمييز البين، حيث لم تتخذ الدولة ومؤسساتها التنفيذية والقضائية أية إجراءات ضد اعتصامات وإضرابات أفراد الشرطة الذين نظموا 26 تحركًا احتجاجياً شملت غلق أقسام ومديريات أمن، وحمل الأسلحة الميرى أثناء الاحتجاج، فى نفس الوقت الذى أضرب فيه مجموعة من القضاة عن عملهم، ونظموا وقفات احتجاجية، يأتى هذا فى ظل ترسانة من القوانين، على رأسها قانون التظاهر الذى يحظر على المواطنين المشاركة فى أى تظاهرات دون إذن مسبق، بما فيها الاحتجاجات العمالية التى ينظمها القانون فى مادته رقم 7، والقانون رقم 32 لسنة 2014 والذى يحظر على أى طرف خارجى الطعن على عقود البيع والاستثمار التى تبرمها الدولة مع أى جهة أو مستثمر، وتشير ماجدة فتحى، المحامية وعضو اللجنة القومية للدفاع عن حقوق العمال، أن هناك فئات جديدة من العمال دخلت على خط الاحتجاج خلال العام الماضى، مثل عمال شركات الاستصلاح الزراعى الذين لم يحصلوا على رواتبهم منذ أكثر من عام، رغم الحديث عن استصلاح 1.5 مليون فدان، هذا بالإضافة إلى التنكيل بعمال النقابات المستقلة واضطهادهم، وهو ما يؤكد أن أحوال العمال تسير من سيئ لأسوأ رغم الثورتين، كما أن الحد الأدنى للأجور لم يطبق فى كل مكان، رغم أن ارتفاع الأسعار جعل من يحصلون على الحد الأدنى يعانون فما بالنا بمن لا يحصلون عليه. أزمة أفقدت الدولة 35 مليار جنيه