فازت رواية "مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة" لربعي المدهون مساء الثلاثاء بالجائزة العالمية للرواية العربية ("بوكر" العربية) 2016، لتصبح اول رواية لكاتب فلسطيني تنال هذه الجائزة التي تعد من الاهم ادبيا في العالم العربي. وتروي "مصائر" المأساة الفلسطينية من كل جوانبها، خصوصا علاقة أبنائها بحق العودة، والاقامة في اراضي العام 1948 وحمل جنسية اسرائيلية. وبحسب كتيب الجائزة، فالرواية هي "فلسطين الداخل والخارج"، ورواية "الفلسطينيين المقيمين في الداخل الذين يعانون مشكلة الوجود المنفصم" نتيجة حملهم جنسية "فرضت عليهم قسرا". واتى الاعلان عن الرواية الفائزة خلال احتفال اقيم مساء الثلاثاء في ابوظبي. وقالت رئيسة لجنة التحكيم امينة ذيبان "من بين كل ما قرأنا من الروايات، اتفق اعضاء لجنة التحكيم على ان الرواية الفائزة في هذه الدورة هي +مصائر+". وقال المدهون بعد نيله الجائزة ان الفلسطينيين منذ 1948 "فشلوا بكل وضوح ان يحققوا طموحهم، ان يبنوا دولتهم، لم يبق على ارضهم سوى القدر القليل الذي لا يصلح لدولة". اضاف "انا اقول اليوم ان الفلسطينيين المثقفين يبنون دولة عظيمة من الابداع والفن والثقافة... ليفرح الفلسطينيون هذه الليلة". وتابع ان فلسطينيي الداخل "هم الذين صانوا الوطن، هؤلاء هم الباقون هناك". واشار الى ان روايته "تتقدم بحكايات لخمس مدن فلسطينية. اخذتني الى مسقط رأسي المجدل عسقلان، طفت في حيفا، صرخت من جبل كرملها +ولك آخ، آخ، كيف ضيعنا هالبلاد+. فصرخت معي حيفا كلها، فلسطين كلها تصرخ، ولكن فلسطين اليوم كلها تفرح". وتتألف الرواية من اربعة اقسام يجسد كل منها احدى حركات الكونشرتو، قبل ان تبدأ الحكايا الاربع "في التوالف والتكامل حول اسئلة النكبة والهولوكوست وحق العودة". - صورة لفلسطينيي الشتات - ولد المدهون في المجدل عسقلان في جنوب الاراضي الفلسطينيةالمحتلة في العام 1945. هجرت عائلته خلال نكبة 1948 الى خان يونس في قطاع غزة، وانتقل هو بعدها الى مصر حيث تابع تعليمه الجامعي، قبل ان يبعد في العام 1970 لنشاطه السياسي. ويقيم المدهون حاليا في لندن حيث يعمل في صحيفة "الشرق الاوسط"، وله ثلاث روايات آخرها "السيدة من تل أبيب" التي رشحت للقائمة القصيرة لجائزة "بوكر" 2010. وربط المدهون في مؤتمر صحافي عقد بعد منحه الجائزة، بين هاتين الروايتين اللتين تنقلان معاناة الفلسطينيين الذين لم يتركوا ارضهم، أكان في غزة ام في الاراضي التي قامت عليها دولة اسرائيل. وقال انه في "السيدة من تل ابيب"، "قدمت بانوراما عريضة للواقع في قطاع غزة تحت الاحتلال (...) وكانت هذه الصورة كافية لان تعطي مدلولات كبيرة على ما يعانيه الفلسطينيون". اضاف "عندما انتهيت من هذه الرواية، كان طموحي الثاني ان اغطي ما تبقى من المسألة الفلسطينية"، متابعا "كان همي ان اعود الى فلسطينيي 48 لانهم اساس بقائنا وصمودنا والذين سيكملون المشروع الفلسطيني لكي نصل الى مستقبل غير (...) الذي نعيشه". واشار الى انه سعى ايضا الى نقل صورة فلسطين لأبنائها الذين قد لا يقدر لهم رؤيتها أبدا. واوضح "انا سعيت فعلا وفي خلفيتي وذهني هدف ان الفلسطينيين في الشتات لن يتمكنوا في حياتهم الحالية (...) من زيارة هذه الاماكن. الذين يحلمون بالعيش في القدس او زيارتها لن يتمكنوا منها، وكذلك العرب، ولذلك هي فكرة ان انقل هذه المدن بطريقة فنية"، لاسيما حيفا، ومسقطه المجدل عسقلان التي عاد اليها بعد مرور 63 عاما. - "سياحة روائية" - اضاف "عندما دخلت المنطقة (...) اصابني شيء من فقدان التوازن. الذاكرة نفسها فقدت توازنها. لا اعرف من أي شارع سأمر، واي اذهب؟ اين كان ابي، اين تزوج؟ اين امي، اين ولدت؟"، متابعا "احببت ان انقل هذه الصورة بكل تفاصيلها وانقل لمن غادروا حيفا صورة حيفا بكل تفاصيلها ولكن بطريقة فنية (...) هي ما اسميه السياحة الروائية". والجائزة العالمية للرواية العربية هي مكافأة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، اطلقت في ابوظبي العام 2007. وترعى الجائزة "مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، بينما تقوم "هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة" في الإمارات بدعمها ماليا. وتسلم المدهون الجائزة البالغة قيمتها 50 الف دولار من رئيس هيئة ابوظبي للثقافة محمد خليفة المبارك ورئيس مجلس امناء الجائزة ياسر سليمان. ونال الجائزة العام الماضي التونسي شكري المبخوت عن رواية "الطلياني". واضافة الى رواية المدهون، ضمت اللائحة القصيرة هذه السنة "نوميديا" للمغربي طارق بكاري، و"عطارد" للمصري محمد ربيع، و"سماء قريبة من بيتنا" للسورية شهلا العجيلي، و"مديح لنساء العائلة" للفلسطيني محمود شقير، و"حارس الموتى" للبناني جورج يرق. واكد المدهون انه سيعود الى حيفا قريبا للاحتفال بالجائزة. وقال "حيفا ينبغي ان ترتبط بعالمها العربي، ينبغي للثقافة الفلسطينية ان تعزز علاقتها بمحيطها، وهذا ما كنت اطمح الى تحقيقه".