أعلنت جائزة البوكر العربية، مساء اليوم الثلاثاء فوز الفلسطينى ربعى المدهون بالجائزة لهذا العام، عن روايته " مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة"، وذلك فى حفل افتتاح معرض أبو ظبى الدولى للكتاب، وهو أول فلسطيني يفوز بالجائزة التي سبق وأن وصل لقائمتها القصيرة في عام 2010. كانت قائمة المتنافسين هذا العام تضم "نوميديا" للمغربى طارق بكارى، و"عطارد" للمصرى محمد ربيع، و"مديح لنساء العائلة" للفلسطينى محمود شقير، و"سماء قريبة من بيتنا" للسورية شهلا العجيلى، و"حارس الموتى" للبنانى جورج يرق. وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة برئاسة الكاتبة والناقدة الإماراتية أمينة ذيبان وعضوية كل من الصحافي والشاعر المصري سيد محمود والأكاديمي المغربي محمد مشبال والناقد اللبناني عبده وازن والمترجم منير مويتش من البوسنة، وكشفت أمينة زيبان، رئيسة لجنة التحكيم، عن اسم الفائز بالجائزة في حفل أقيم في مدينة أبوظبي، وعلّقت على الرواية الفائزة بقولها: "تبتدع رواية "مصائر" نسيجا روائيا فنيا جديدا يصور تحولات المسألة الفلسطينية، وتثير أسئلة الهوية وتستند إلى رؤية إنسانية للصراع". وربعي المدهون، كاتب فلسطيني ولد في مدينة المجدل عسقلان، في جنوبفلسطين عام 1945، هاجرت عائلته خلال النكبة عام 1948 إلى خان يونس في قطاع غزة، تلقّى تعليمه الجامعي في القاهرة والإسكندرية، ثم أُبعد من مصر سنة 1970 قبل التخرج بسبب نشاطه السياسي، يقيم في لندن حيث يعمل محررا لجريدة الشرق الأوسط، وله ثلاث روايات إضافة إلى دراسات ومجموعة قصصية. و"مصائر" رواية تقع في أربعة أقسام، يمثل كل منها إحدى حركات الكونشرتو وحين يصل النص إلى الحركة الرابعة والأخيرة، تبدأ الحكايات الأربع في التوالف والتكامل حول أسئلة النكبة، والهولوكوست، وحق العودة. إنها رواية الفلسطينيين المقيمين في الداخل ويعانون مشكلة الوجود المنفصم وقد وجدوا أنفسهم يحملون جنسية إسرائيلية فُرضت عليهم قسرا، كما أنها رواية الفلسطينيين الذين هاجروا من أرضهم إلى المنفى الكبير ثم راحوا يحاولون العودة بطرق فردية إلى بلادهم المحتلة. وتطرح الرواية أسئلة حول ما تعرض له اليهود في الهولوكوست، وما تعرض له الفلسطينيون من عذابات في مجازر وحروب متعددة. ويناقش من خلال شخصيات عدة، أحوال من بقوا في فلسطين بعد حرب 1948، ومن هاجروا أو هُجروا، والصعوبات التي يعانيها الفلسطيني اليوم إذا أراد العودة. تبدأ الرواية بحكاية "إيفانا" الفلسطينية الأرمنية، التي أحبت في صباها طبيباً بريطانياً في زمن الانتداب على فلسطين، فأنجبت منه بنتاً سمّياها جولي، وهربا بها إلى لندن عشية نكبة عام 1948. بعد سنوات طويلة، وقبل وفاتها توصي إيفانا ابنتها أن تحرق جثتها وتنثر نصف رمادها فوق نهر التايمز، وتعيد نصفه الآخر إلى موطنها الأصلي، عكا القديمة. "خذوا بعضي وكل روحي إلى عكا يعتذران لها حارة حارة. خذوا ما تبقى مني وشيعوني حيث ولدت، مثلما ستشيعني لندن حيث أموت. يا أصدقائي وأحبتي، يوماً ما، لا أظنه بعيداً، سأموت. أريد أن أدفن هنا وأن أدفن هناك". بعد وفاتها تنفذ جولي وصية أمها بمساعدة زوجها وليد دهمان، فيسافران إلى فلسطين ويتجولان في مدنها، ويقعان في عشقها. تتحدث الرواية على معاناة الفلسطينيين الذين غادروا بلادهم، ومنعوا من العودة إليها، وكيف أن الذين بقوا فيها أصبحوا بحكم الواقع الجدد مواطنين في دولة إسرائيل ويحملون جنسيتها، لكن أي فلسطيني غادر بلاده واستطاع العودة بطريقة ما، فإنه "سيستجدي حق إقامته في بلده من غرباء استولوا عليه". من الرواية نقرأ: "في آخر جدال بينهما قال لها: عايش في بلدنا كأني مواطن افتراضي. موجود في السجلات الرسمية، في وزارة الداخلية، عند الأمن العام (...) بس مش موجود في المؤسسات الحقوقية ولا مؤسسات الخدمة الصحية والاجتماعية، حتى أنت يا جنين، حاضرة غايبة، زي كل الفلسطينيين في هالبلاد، بس أنا يا حبيبتي غايب غايب. أنا دعوة لتعذيب الذات. إعلان سيئ بيوزعوه من غير مصاري على كل فلسطيني بيفكر يرجع للبلاد بطريقتي". يشير الكاتب في الرواية أيضاً إلى الهولوكوست، ويقدّم شخصية يهودية هي أفيفا، عايشت المحرقة وكانت من بين الناجين منها، لكن ألم الذكرى ما زال يؤرق مناماتها، وأطياف المشاهد المروعة ما زالت تعيش حولها، وتقلب أيامها إلى شقاء دائم. هذا ما جعل جارها باقي هناك، يتعاطف معها ومع مأساتها، ويصادقها رغم أنها حاولت ذات مرة حرق بيته. يذكر أن كل من المرشّحين الستة فى القائمة القصيرة يحصل على 10 آلاف دولار، كما يحصل الفائز بالجائزة على 50 ألفا إضافية. وتعد الجائزة العالمية للرواية العربية من أهمّ الجوائز الأدبية المرموقة فى العالم العربي، وتهدف إلى مكافأة التميّز فى الأدب العربى المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميا، من خلال ترجمة الروايات الفائزة، والتى وصلت إلى القائمة القصيرة إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها، وتدار الجائزة بالشراكة مع مؤسسة جائزة "بوكر" فى لندن وبدعم من هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة فى الإمارات العربية المتحدة.