ولد ربعي المدهون الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية في المجدل/عسقلان سنة 1945 وهاجرت عائلته إلى قطاع غزة عام 1948 واستقرت في مخيم للاجئين، وفي هذا المخيم كان ربعي الطفل اللاجئ شاهدا على مذبحة خان يونس. بدأ المدهون الذي أتم السبعين عاما مشروعه برواية "ألم الفراق" التي صدرت في 2001 ثم رواية "السيدة من تل أبيب" في 2009 فرواية "مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة" في 2015 الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان وعن (مكتبة كل شيء) في حيفا. يقول المدهون إنه بكى عندما قرأ خبر وصول أحدث رواياته للقائمة الطويلة للبوكر التي أعلنت في 12 يناير، وكان طبيعيا أن يتكرر الأمر مع دخولها القائمة القصيرة قبل ايام ، ويتكرر اليوم حين اعتلى صهوة الرواية ، وفاز بالجائزة. في حوار سابق يقول المدهون "كنت سأشعر بصدمة عمري لو لم تصل روايتي إلى القائمة الطويلة للجائزة." متوقعا أن تواجه "مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة" هجوما إسرائيليا بعد وصولها للقائمة القصيرة للبوكر ، ويزداد الأمر بعد فوزه بها .. لأنه - حسب تعبيره - "وضع النكبة إلى جانب الهولوكوست على قدم المساواة مسألة تزعج الإسرائيليين. الهدف من وضع المدهون هذا العنوان لروايته هو "رفع المأساة إلى مستوى المأساة، فالمأساة هي المأساة والإنسان هو الإنسان بمن فيهم ضحاياهم، هم مشكلتنا أنهم لا يعرفون ضحاياهم." وخلافا لرواية "السيدة من تل أبيب" حظيت "مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة" باهتمام نقدي كبير، ورأى الناقد الفلسطيني فيصل دراج أن المدهون وصل في هذه الرواية إلى ما أسماه "الرواية العربية الشاملة". وقال دراج إنها أعطت رواية المسألة الفلسطينية "بداية جديدة" وإنها تستكمل مسيرة الرواية الفلسطينية التي بدأت مع غسان كنفاني وسحر خليفة وتستفيد من الثلاثي الفلسطيني "العظيم" جبرا إبراهيم جبرا وكنفاني وإميل حبيبي. ويعتقد المدهون أن سيرته الذاتية تجسيدا للمشكلة الفلسطينية بكل أبعادها، قائلا إنه قرر الانتقال إلى الكتابة الأدبية بعد أن وصل إلى اقتناع بانسداد الأفق السياسي بعد أوسلو. أو بعبارته "في السياسة الطريق مسدود حسبما أرى ومن خلال الأدب أشكل خطابي السياسي من زاوية مختلفة تماما ومن زاوية أوسع بكثير ، السياسة تخرب الأدب لكن الأدب يمكن أن يتحدث سياسة، في كل مرة نخلق أشياء جديدة وهكذا تكونت الرواية الحكايات." وكان المدهون قد انقطع لمدة 21 عاما عن الكتابة بعد مجموعته القصصية الأولى "أبله خان يونس" في عام 1977 قبل أن يستأنف إنتاجه الأدبي. وقال "العودة إلى الكتابة في رواية 'طعم الفراق' تلخص سيرة ثلاثة أجيال فلسطينية، عشت 50 سنة تكاد أن تلم حصيلة التجربة الفلسطينية، لدي كل صور الفلسطينيين مرة واحدة.. دخلت السجن مرتين في مصر وسوريا. والتجربة على مدى 50 سنة غريبة .. طفل ولاجئ وشاهد على مذبحة إلى حرب سبتمبر 1970 في الأردن كمقاتل فاشل." ويقول عن مشروعه الروائي " 'السيدة من تل أبيب' بدأت كتابتها في عام 2004، فبعد حصولي على جواز السفر البريطاني خطر ببالي العودة إلى غزة بعد 40 عاما (صدمة المكان) هذا مشهد جديد سأرى فلسطين لأول مرة وهي إسرائيل وليست فلسطين، سأخلق من الرحلة رواية، الرهان كان على المصادمات والمشاهد، أكتب وأصور معظم ما أشاهده. ونجاح تلك الرواية بعد وصولها للقائمة القصيرة للبوكر في 2010 وضعني على سكة الرواية، فمن رواية واحدة أصبحت روائيا، وخلقت تحديا إذا كتبت رواية أخرى كيف سيكون شكلها هل ستصل أم لا، هل أستطيع تجاوز "السيدة من تل أبيب" أم لا، هل يمكن تثبيت نفسي كروائي أم سيقال إنها رواية وكتبت. هذا الإصرار على التجاوز جعل "مصائر" تستغرق مني أربع سنوات وأربع زيارات ميدانية للقدس ويافا وحيفا والمجدل/عسقلان. فالتجول كان يعطيني معلومات جديدة،مع كتابة المشاهد أجد نفسي في حاجة إلى معلومات أخرى، عملية الكتابة كانت عملية نسج مشترك بين الواقع والخيال والبحث، أماكن تتحرك فيها الشخصيات كيف سيتم تسكينها في المكان." يؤكد المدهون أنه استفاد في أعماله الروائية من عمله كصحفي في صحيفة الحياة منذ صدورها الثاني في عام 1987 وصحيفة الشرق الأوسط وعمله ست سنوات في الصحافة التلفزيونية. وأصبحت هذه الخبرة أكثر وضوحًا في "مصائر" التي يقول إنه سعى في هذه الرواية إلى "الصورة ثلاثية الأبعاد التي تعتمد على المعلومات والصور. فالمبدأ العام الذي حكم هذه الرواية هو المزج بين المتخيل والمتوقع،. يرى المدهون أنه يقدم من خلال مشروعه الروائي نوعًا من الإجابة يتمثل في البحث عن قيمة التعايش. وقال إنه عمل على "أنسنة اليهودي والفلسطيني ووضعهما على مستوى إنساني واحد، وانطلقت للمحاكمة من الموقف الدرامي تركت كل منهما يروي سرديته والقارئ شاهد التشابهات لكنه شاهد شخصيتين من لحم ودم." وأضاف : "وظيفتي أن أتحدى السردية السائدة الخاطئة أن أتطلع إلى المستقبل، مستقبل آخر في ظل عالم آخر، حقوق المواطنة حق العودة الفلسطيني يتحقق التعايش عندما تتساوى حقوق الضحايا عندما تتساوى حقوق الأحياء.وعلى الكاتب أن يتحلى بالجرأة الكاملة ولا يحسب حسابات أيديولوجية، الحساب الوحيد الذي يجب الاهتمام به هو الحساب الفني وتحقيق عمل فني جيد وتحقيق عمل أدبي متكامل فيه رؤية مستقبلية"