«واحدة من أقوى التسريبات التي شهدها التاريخ».. هكذا وصف العالم، التسريبات التي استيقظ عليها، صباح اليوم، الاثنين، وانتشرت عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي وعُرفت باسم «تسريبات بنما»، وكشفت عن فساد الكثيرين من زعماء العالم وقادة الدول. أكثر من 11.5 مليون وثيقة من ملفات مؤسسة «موساك فونسينكا» القانونية، تسربت لتكشف أسرار نحو مئات الآلاف من العملاء، منذ عام 1977 حتى الآن، أي نحو 40 عامًا، كشفت خلالها تورط قادة وزعماء العالم في عمليات غسيل أموال وتهرب ضريبي، وصفقات للسلاح. وذكرت الوثائق العديد من الشخصيات والقادة السياسيين فى العديد من البلدان مثل، الجزائر والأرجنتين والبرازيل والصين وفرنسا واليونان وروسيا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية وسوريا ومصر. وتصدر هاشتاج «وثائق بنما» قائمة الأكثر تداولًا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأكثر من نصف مليون تغريدة خلال أقل من ساعتين من تدشينه ولازال مستمر حتى الآن. وعلى الفور، خرجت تعليقات كثيرة من قبل المشاهير وزعماء العالم حول هذه التسريبات، فهاجم الناشط الحقوقي جمال عيد، الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ونجلة جمال مبارك، على خلفية وثائق بنما المسربة. وقال خلال تغريدة له: «مبارك مهرب فلوس لسويسرا، ولص قصور رئاسية، وفقًا لوثائق بنما الجديدة، مصر كان يحكمها لص حقير، أضحك بشدة، وأنا أتخيل المقربين من مبارك، ولحظة إعلان فسادهم، وكيف تتخبط ركبهم وكيف ينتظرون؟». وسخر من نجلي مبارك في تغريدة أخرى، قال فيها: «زمان علاء، حب يفتح شقة 6 أكتوبر على شقة العبور، طلع أنه حيفتح شقة 6 أكتوبرعلى بنما». ووصف وائل غنيم، الناشط السياسي، هذه الوثائق بأنها فضيحة عالمية، قائلًا: «وثائق بنما، ستطال الكثير من زعماء العالم السياسيين وفيهم بحسب البي بي سي: الرئيس المصري السابق مبارك وأولاده وبعض المقربين منه». وأضاف: «أكثر من 11 مليون وثيقة تم تسريبها من واحدة من أكبر مكاتب المحاماة في بنما، والمسؤولة بشكل مباشر عن الكثير من المعاملات التجارية المشبوهة، والتي يرغب أصحابها في إخفاء هويتهم بسبب تهريبهم للأموال، وإخفاء مصادرها أو للهرب من دفع الضرائب في بلادهم». وعلى الصعيد العالمي، أحدثت هذه التسريبات صدى قوي، فقال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أن التسريبات هي أنباء طيبة يمكن أن تعزز عائدات الضرائب. وأضاف خلال زيارته إحدى الشركات في باريس: «أؤكد لكم إنه مع ظهور المعلومات ستنطلق التحقيقات وتُفتح قضايا وتُجرى محاكمات، التسريبات أنباء طيبة لأنها ستزيد عائدات الضرائب المحصلة ممن يمارسون الاحتيال». وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية، رفضها التعليق على تقارير بنما، الخاصة باستثمار عائلة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، في ملاذات ضريبية خارج البلاد. وكانت الوثائق قد كشفت كيف يستخدم الأغنياء وذوو النفوذ، ومن بينهم قادة دول، ملاذات ضريبية لإخفاء ثرواتهم في الخارج، وجاء اسم والد كاميرون الراحل، ايان كاميرون، ضمن مئات الآلاف من العملاء، وطبقًا لما تم تسريبه فإن أيان كاميرون أدار في عام 2012 شبكة من الاستثمارات الخارجية للمساعدة على بناء ثروة العائلة. وعلقت المتحدثة باسم مجلس الوزراء على هذا الأمر، بشأن إذا كانت تستطيع تأكيد عدم استثمار أي أموال لعائلة كاميرون في هذه الصناديق، اكتفت بقولها: «هذا أمر خاص، وتركيزي فقط على ما تقوم به الحكومة». ومن جانبه، وصف ضابط الاستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودن، وفقًا لصحيفة «جازيتا» الروسية الوثائق بأنها من أكبر عمليات التسريب في تاريخ الصحافة العالمية. وندد الكرملين الروسي، على لسان الناطق باسمه، ديمتري بيكسوف، بدخول اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمن هذه الشخصيات، قائلًا: «بوتين، وروسيا وبلادنا واستقرارنا والانتخابات المقبلة، كلها الهدف الرئيسي للأعداء، من أجل زعزعة الوضع». وأكد أنه لا يوجد شيء جديد أو ملموس حول الرئيس الروسي في التسريبات، مشيرًا إلى أن الصحفيين الاستقصائيين الذين عملوا على وثائق بنما المسربة، هم مسؤولون أمريكيون سابقون وعملاء سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وقرر النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم برشلونة الإسباني، مقاضاة بعض وسائل الإعلام الإسبانية التي نشرت تسربيات بنما. وبحسب صحيفة «سبورت»، فإن ميسي سيقوم بتقديم شكواه ضد شبكة «لا سيكستا»، التلفزيونية والصحيفة اليومية الإلكترونية «الكونفيديسيال»، اللتان كشفتا عن معلومات تفيد بضلوع اللاعب في عملية جديدة من التهرب الضريبي. وعلى صعيد آخر، علق مسؤول بارز في مكتب المدعي العام الأوكراني قائلا، إن المكتب لم يجد أية أدلة على ارتكاب الرئيس بيترو بوروشينكو، أي جريمة، بناء على وثائق مسربة تتعلق بأصول خارجية مزعومة. وقال فلاديسلاف كوتسينكو للصحفيين: «بناء على دراسة أولية للمعلومات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام بشأن انتهاك الرئيس بيترو بوروشينكو القانون، لم يرصد مكتب المدعي العام أية عناصر تشير لارتكاب جريمة». ووفقًا لوثائق بنما فإن «بوروشينكو» انشأ شركة خارج البلاد لنقل شركة روشن للحلويات التي يمتلكها إلى جزر العذراء البريطانية في أغسطس 2014. ونفت السلطات الباكستانية، ارتكاب أسرة رئيس الوزراء «نواز شريف» أي مخالفات بعد أن ربطت الوثائق بين ابنه وبين شركات «أوفشور» المتهمة وفقًا للوثائق بأحد عمليات التهرب الضريبي. وفي أمستردام قالت السلطات الهولندية إنها ستحقق في المزاعم المتعلقة بهولندا في الوثائق المسربة، وستأخذ الاجراءات المناسبة حل ثبوت صدق هذه الوثائق.