فوجئ قراء الكاتب الشاب أحمد مراد بطرح النسخ المزورة لروايته الخامسة التى صدرت منذ أيام بعنوان «أرض الإله» قبل حتى أن يقيم مراد حفل توقيعه الأول لروايته الجديدة، واكتفى الكاتب الشاب بجملة كتبها على صفحته الخاصة على «الفيسبوك» يقول فيها: «إن القارئ الحقيقى لا يسرق». بالفعل لقد أصبحت صناعة النشر فى مصر محاصرة بين تزوير الكتب الورقية والقرصنة الإلكترونية، بل إشهار إفلاسها بعد تهديدات عدد من الناشرين بالتوقف تماما عن النشر فى حال استمرار هذه الظاهرة التى جعلت من مصر مركزًا عالميًا لتزوير أو «ضرب» الكتب، خاصة بعدما أعلنت الدولة قلة حيلتها أمام هذه الظاهرة وتزايدها رواية بعد أخرى لأن أرباح اللعبة مضمونة ومخاطرها تكاد تكون معدومة. فالمزور يختار أهم وأشهر الكتب الحديثة وأكثرها مبيعًا، وبالتالى فالمتضرر الأكبر من هذه الظاهرة هو كبار الناشرين الذين يصدرون الكتب التى تصبح فيما بعد الأكثر مبيعا.. وعلى الجهة المقابلة يتخفف المزور من جميع الأعباء التى تقع على الناشر مثل الضرائب والعمالة وحقوق المؤلف وتصميم الغلاف ونوعية أوراق الطباعة وما إلى ذلك، وبالتالى فقد بات سوق التزوير فى مصر يمثل اقتصادًا موازيًا يتحدى الاقتصاد الشرعى للكتب والثقافة فى مصر. ومن أهم الأسباب التى تدفع المزورين للجوء إلى مثل هذه الطرق غير المشروعة مغالاة الناشرين فى أسعار الكتب والإصدارات الحديثة، وبالتالى فالمزور يجد سوقا رائجا لدى قراء لا يجدون ثمن شراء الإصدارات الحديثة التى عادة ما تكون أسعارها فلكية مقارنة بالكتب المزورة التى تكون أقل جودة ولكن من خلالها يستطيع القارئ أن يطالع ما يريد دون أن يتكلف مزيدا من الأعباء المالية، فالمزور لا يختار إلا الكتب التى تشهد إقبالا من الجمهور لكتاب مميزين، وهذه النوعية من الكتب بطبيعتها تكون مكلفة بشكل مغالى فيه نظرًا لأن المؤلف يتقاضى مقابلا مرتفعا للموافقة على نشر كتبه، ويشترط على الناشر تصميم غلافه بشكل مميز، وكذلك يشترط إسناد ذلك إلى مصمم محترف، وطباعته على ورق فاخر، ويختار مخرجًا خاصًا يتناسب مع قيمته الأدبية ويضع لمساته على كتبه بشكل يجعله يتفاخر بها فى العالم وليس فى مصر فقط، والتزوير لا يمثل ضررا للناشر فقط وإنما للكاتب أيضا لأنه يتقاضى جزءا من الأرباح يحرم منها إذا تم تزوير الكتاب، هذه النوعية من الكتب عادة ما تبيع بنسبة توازى أربع طبعات فما فوق، وبالتالى فإن دار النشر الأصلية تبيع الطبعة الأولى بالكاد، وهذه هى الأزمة الحقيقية لأن المزور يجنى أكثر من نصف الأرباح التى يجب أن يتقاضاها الناشر. ولا تقتصر ظاهرة التزوير على الكتب الورقية فقط، وإنما تعدى الأمر ذلك ليصل إلى القرصنة الإلكترونية بطرح هذه الكتب مجانًا على شبكة الإنترنت بنظام تحميلها PDF وهو ما يعنى تصويرها وطرحها للتحميل على الشبكة العنكبوتية، وهو ما يجعل الناشرين فى مهب الريح، لأن جرائم الإنترنت يصعب السيطرة عليها، وللأسف قد طالت المكتبات الإلكترونية أغلب الكتب والإصدارات المنشورة بالفعل فى جميع المجالات دون استثناء تقريبا.