تشهد مدينة شرم الشيخ، بعد غد، الثلاثاء انطلاق فعاليات اجتماع وزراء دفاع دول تجمع الساحل والصحراء ويستمر حتى الجمعة بمشاركة 27 دولة عربية وأفريقية. وتأتى الأهمية الاستراتيجية للاجتماع في تعزيز المصالح الاستراتيجية للأمن القومى المصرى على الساحتين الدولية والإقليمية خاصة فى المجالات الأمنية – العسكرية – السياسية – الاقتصادية، إضافة إلى إبراز دور ومكانة مصر فى مكافحة الإرهاب والتطرف على الساحة الأفريقية وبصفة خاصة مناطق اهتمام القوى الدولية، فضلا عن الترويج للرؤية المصرية فى مكافحة التطرف والإرهاب بالتعاون مع كافة الدول من خلال رؤية شاملة لا تعتمد على السبل الأمنية والعسكرية فقط. كما يهدف الاجتماع إلى تبنى خطاب إقليمي معتدل يتجنب الصدام / التنافس مع أى من الأطراف الإقليمية – الدولية، ويدعو للتعاون والتنسيق لتحقيق مصالح مختلف الأطراف. ويأتى اختيار مدينة شرم الشيخ كمكان لإنعقاد الإجتماع للتأكيد على استقرار الاوضاع الامنية فى مدينة شرم الشيخ بصفة خاصة وسيناء بصفة عامة ، فضلاً عن جسيد مكانة مدينة شرم الشيخ كموقع للسلام والامن والتنمية والتواصل بين مصر والاشقاء بافريقيا والاصدقاء بالعالم من خلال الترويج للمؤتمرات التى شهدتها المدينة فى الفترة الاخيرة – التنمية بافريقيا 2016 – اجتماع وزراء الدفاع لتجمع الساحل والصحراء (التنمية - الامن كما ان اختيار مصر لاستضافة الاجتماع يعكس استعادة مصر لمكانتها ودورها على الساحه الافريقيه ، اضافة الى ان الاجتماع يمثل تكريس للتطبيق العملى لاولويات استراتيجية الامن القومى المصرى التى تعطى للقارة الافريقية اولوية متقدمة في كافة المجالات وبصفة خاصة التنمية والامن - ويأتى الاجتماع فى لحظة فارقة من تاريخ التجمع – يعاد خلالها اعادة بلورة وصيانة هياكله وآلياته خاصة الامنيه والعسكرية لتعزيز التعاون وبناء مقدرات دول التجمع للتصدى للتحديات والمخاطر التى تطرحها المتغيرات بالمنطقة وفى مقدمتها التطرف والارهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وتداعياتها على أمن واستقرار وخطط التنمية فى الدول بالتوازى مع الازمات التى تشهدها المنطقة على غرار الاوضاع فى لبيبا ومالى وغيرهما والتى تقضى تصاعد التطرف والإرهاب فى منطقة الساحل والصحراء اصبحت ظاهرتى التطرف والإرهاب هما التهديد الرئيسى للسلم والأمن العالمين بعد ان بات لا يفرق بين دول او مجتمعات نامية و اخرى متقدمة ، وامتد بتعدياته فى جميع المناطق على الساحة العالمية ورغم كثافة الجهود الحالية على مختلف المستويات وبكافة الاصعده – فى مكافحة التطرف والارهاب ،الا ان المؤشرات لا زالت تشير الى اتساع النطاق الجغرافى لعناصره وتنظيماته خاصة فى منطقة الساحل والصحراء ارتباطاً بالعديد من الاسباب والدوافع ، وهو مايتطلب تضافر وتكاتف الجهود الوطنية والمجتمع الدولى فى اطار استراتيجية شاملة لا تعتمد فقط على النواحى الامنيه والعسكرية (ذات العائد الايجابى فقط فى المدى القريب) وانما تأخذ بأبعدها التنمية الإقتصادية و البشرية و التعليمية و الثقافية إلى جانب تجديد الخطاب الديني. وبالنظر الى الاسباب والدوافع الرئيسية لانتشار ظاهرتي التطرف والارهاب نجد فى مقدمتها تعثر جهود التسوية السياسية والسلمية للقضايا والازمات على الساحة الدولية والاقليمية الامر الذى يؤدى الى الاحساس بالاحباط لدى الشعوب ويصب فى صالح الاتجاهات المتطرفة ، اضافة الى الانتقائية فى استراتيجية التعامل مع التنظميات الاهاربية رغم حقائق وحدة المنابع والاخطار وضرورة التعامل الشامل ومنعها من التمدد بمناطق اخرى من امثلة ذلك تركيز العالم على مواجهة تنظيم القاعدة فى العراق ادى لانتشاره فى الشرق الاوسط وظهور داعش فى العراق وسوريا وتركيز المواجهة عليهما رتب لانتقال داعش الى ليبيا وفضاء الساحل والصحراء يضاف الى ذلك الطبيعة الجغرافية الصحراوية والجبلية والتركبية الديموجرافية – والكثافة السكانية لفضاء "س – ص " الذى يوفر ملذات امنية للتنظيمات والجماعات الارهابية ، فضلا عن محدودية اجراءات التعاون والتنسيق بين دول فضاء "س – ص " فى تأمين الحدود ومراقبة المنافذ الحدودية لمنع عمليات التهريب ووقف ركة وانتقالات العناصر المتطرفة وتدفق الاموال والاسلحة ، وكذلك محدودية خطط التعاون والتكامل فى مجالات التنمية – الاقتصادية والبشرية بين دول فضاء الساحل والصحراء وقد شهدت السنوات الماضية تطور كبيراً فى اتجاهات التنظيمات الارهابية وبصفة خاصة فى فضاء الساحل والصحراء ، حيث اتجهت الجماعات الارهابيه الى تبنى فكر اقامة "دولة الخلافة" – عبر اقامة الامارات والولايات التى تعلن عنها التنظيمات المحلية بدعوة تطبيق الشريعة وفقاً للفكر المتطرف الذى تدعو له وذلك كبديل لتحقيق مصالح سياسية او مكاسب اقتصادية بمعنى التحول من محاولة تحقيق المكاسب الى فكر هدم الدول واسقاط انظمة الحكم كما انتقلت الجماعات الارهابيه من بناء المجموعات التنظيمية الصغيرة التى تعمل بالنظام السرى الى تشكيل الكيانات الارهابية التى تتقارب فى تنظيمها من الدول بتوفير هياكل سياسية واقتصادية وعسكرية ولوجيستية تعمل بشكل علنى لتأسيس الامارات ، وهذا التنظيم الذى اعتمدته الجماعات يتميز بالمركزية فى القيادة واللامركزية فى الميدان – ويضم بصفة عامة القيادة العليا "تنظيم داعش/ القاعدة " والوحدات الميدانية فى الدول الاخرى مثل الجناح العسكرى – الوحدة الاعلامية والاتصالات – مصادر التمويل عبر انشطة تجارية مشروعة / غير مشروعة – تبرعات – فدية رهائن – السيطرة على موارد طبيعية. كما تطورت الجماعات الارهابيه فى القدرات والامكانيات بما يتناسب مع المهام الجديدة بعد ان كانت الانشطة الارهابية تقتصر على عمليات (الاختطاف – الاغتيال - التخريب) بما يتطلبه ذلك من امكانيات الاسلحة الخفية والعبوات ووسائل الاتصال المحدودة ، واصبحت الان قادرة على ادارة عمليات غير متكافئة / مختلطة مع القوات النظامية للدول واعتمدت على الاسلحة المتوسطة والثقيلة ووسائل الاتصال المتقدمة ووسائل التواصل الاجتماعى الحديثة وقد اشارت التقديرات الدولية مؤخرا الى ان داعش اصبح يتبعه فى الوقت الحالى نحو 50 تنظيم ينتمون لحوالى "21" دولة فى مختلف المسارح الدولية الافريقية – الاوروبية – الاسيوية – الامريكية وذلك بعد أن اصبح الارهاب عابرا للحدود باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى . وفيما يتعلق بخريطة التنظيمات الارهابية فى فضاء الساحل والصحراء ، فقد اتسعت تلك الخريطه – والتى تنتمى جميعها لفكر واحد يقوم على الاستئثار وتكفير المجتمعات وترويع المواطنين – حيث يتواجد التنظيم الارهابى لأنصار بيت المقدس فى منطقة محدودة بشمال شرق سيناء ، وتتواجد حركة شباب المجاهدين فى الصومال والتى يمتد نشاطها لدول الجوار فى "جيبوتى – كينيا – اثيوبيا – اريتريا – اوغندا – تنزايا" ، كما تتواجد تنظيمات داعش – القاعدة – انصار الشريعة فى ليبيا – الى جانب الجماعة الليبية المقاتلة ، ويتواجد أيضا تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى ومشتقاته – جماعات المرابطون – جند الله فى بلاد المغرب – الموقعون بالدم – فى تونس – المغرب ودول الجوار ، وكذلك الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة فى المغرب – والخلايا التابعة لداعش ، وجماعة التوحيد والجهاد فى غرب افريقيا – موريتانيا وانصار الدين – التوحيد والجهاد – ابناء الصحراء للعدالة الاسلامية – ازواد فى مالى ، ويتواجد ايضا اهل السنة للدعوة والجهاد –"بوكو حرام" فى نيجريا وامتدت انشطتها الى دول الجوار (النيجر – تشاد – الكاميرون – بوركينا فاسو) ، كما تتواجد حركة تحرير دلتا النيجر فى النيجر ، ومما يزيد من مخاطر هذة الخريطة المرعبة اتجاه هذه الجماعات الإرهابية إلى التنسيق والتعاون فيما بينهم ومحاولة توحيد لوائهم تحت قيادة واحدة.