الصداقة وحدها أنقذت هذا الرجل من السقوط في بئر اليأس والشعور بالظلم. خصوصًا بعد أن داهمه الظلام وأفقده نظره عيناً بعد أخرى. هو مواطن مصري يحمل ملامح معجونة بضحكات هذا الوطن وأناته أفراحه وأحزانه، هموم العالم تحاملت على قلبه الرقيق لكنه لم ينكسر، يقاوم بشدة، ويعينه على تحمل غدر الزمان صديق العمر الذي عوضه الله به خيراً عن كل ما فقده وأصابه. عادل عبدالحميد عدوي كبير باحثين «سابق» بالضرائب وهو سابق ليس بحكم بلوغه سن التقاعد بل لأن خطأ طبي تسبب في أن يفقد بصره لمجرد أنه ذهب إلي أحد المستشفيات المتخصصة لعلاج ما أصاب عينه. قال الرجل بحزن شديد: كنت أري مثل أي إنسان طبيعي إلي أن وصلت إلي الخامسة والأربعين من عمري كنت أشعر بزغللة بسيطة وعندما توجهت إلي المستشفي أخبرني طبيب كبير به أنني أحتاج إلي عملية «ميه بيضا» في عيني اليسري وقام بتركيب عدسة صلبة وفوجئت بأنني فقدت البصر تماماً لتخبرني مساعدة الطبيب بحدوث انفصال شبكي كلي توجهت علي الفور لقصر العيني الفرنساوي وأجريت تحاليل وفحوصات وأخبرني الأطباء أنني سأفقد عيني اليمني أيضاً. وأكد لي طبيب خاص نفس الخبر السيئ شعرت وقتها بأن قنبلة انفجرت في وجهي. ومن وقتها وجدت نفسي أدور بين أطباء كثيرين منهم من استغلني وأخضعني لجلسات ليزر لتقوية الشعيرات. ووجدت أنني تحولت إلي هدف لاستنزاف أموالي فيما يضيع بصري وتُظلم الدنيا من حولي. سكت الرجل وكأنه يبكي في صمت علي حاله وقال «تعرفي لقد تعبت من سرقة أموالي وتجاهل الناس لي. لم أتعب من المرض لكنني تم إعدامي معنوياً. أدفع آلاف الجنيهات في جلسات وأدوية وكشوفات دون جدوي. الجلسة تكلفني 1500 جنيه. وطبيب يرسلني لطبيب وكأنهم يلعبون علي ما تبقي لي من بصيص أمل.وجميعهم كان يعرف أنه «مفيش أمل». تقدمت ببلاغات ضد الطبيب الذي أجري الجراحة والمستشفي التي يعمل به وانتهي المحضر إلي الحفظ كان ذلك قبل 25 يناير 2011 وأرسلوني إلي الطب الشرعي الذي جاء بتقريره «انفصال شبكي نتيجة السكر». القضية الأهم من ذلك أنني دخلت في معاناة من نوع آخر في العمل. حيث كنت أحصل علي إجازات من القومسيون الطبي وكان عندي وقتها 50 عاماً وكانوا في المصلحة التي أعمل بها يريدونني أن أخرج «عجز كلي» لكن المادة 66 مكرر من القانون 115 لسنة 1986 كانت سبباً في حصولي علي إجازة مفتوحة بأجر كامل. المشكلة الآن أنهم في المصلحة دخلوا معي في معركة لا أعرف سببها بعد أن خدمت بكل إخلاص كمدير إدارة التفتيش بمنطقة ضرائب مبيعات الجيزة فحرموني من أية حقوق أو تسهيلات تيسر عليّ الحياة بعد أن صرت كفيفاً ولم يقدروا حالتي، فلقد طلبت من قبل أن يرسلوا لي دليل أطباء الخاص بعلاجي لتعذر تحركي بسهولة فتعمدوا تجاهل هذا الطلب. ولم يرسلوا لي أية بيانات خاصة بصندوق العلاج, ولم يرسلوا لي مواعيد صرف الراتب مما يجعلني أنزل من بيتي أكثر من مرة فلا أجده في ماكينة صرف الرواتب. وأحياناً أجدها معطلة فجأة تحول المكان الذي أعطيته عمري في عمل بإخلاص إلي كيان يتفنن في تعذيبي. كما طلبت ضم مدة خدمة سابقة لي علي عملي بالمصلحة فرفضوا. كما أن المجلس القومي لشئون الإعاقة لم يساعدني. والآن أشعر بالمرارة. مرارة الظلام والظلم والتجاهل. وأنا معاق ورجل مسن ليس لي أية حقوق. ولم يعد لي في هذه الدنيا سوي أسرتي التي تحيطني بالحب والرعاية، أما النور الذي رزقني الله به فهو صديقي الحاج محمد الذي يساندني ويشد علي يدي وأجده دائماً بجواري أحكي له همومي ويصحبني في كل مكان ويسعي معي لأنال حقوقي الضائعة.