بقلم: د. وفيق الغيطاني منذ 2 ساعة 13 دقيقة تعودت أن أتمشي كل جمعة بعد الصلاة حتي أصل إلي سوق ستوتة.. الذي يقع في أحد شوارع حي العرب في بلدي المحبوب بورسعيد. سوق ستوتة يتميز بتنوع فريد من كل أنواع الخضار والفاكهة واللحوم والطيور وخاصة الفراخ البلدي حلوة المرقة والمذاق. سوق ستوتة يتميز برخص الأسعار عنها في أي مكان آخر وجودة المعروض لكثرة الاستهلاك فالبورسعيدية يفضلون ستوتة عن كل أسواق بورسعيد. دخلت علي أم الخير.. فلاحة بشوشة تأتي كل صباح من قرية النسايمة القابعة علي ضفة بحيرة المنزلة المواجهة لضفة بورسعيد وذلك بالمركب الشراعي الكبير في رحلة تصل شط بورسعيد مع شروق الشمس. تجلس أم الخير وتفترش الأرض بجوار سور مكتب البريد العتيق لتعرض فراخها البلدي ذات الألوان الجميلة يصدر عنها زقزقة وشقشقة وصياح تطرب له الأذن.. فراخ بلدي لها مذاق خاص يذكرني بفراخ وأكل الزمن الجميل.. أيام خير أرضنا الزراعية التي دمرها العسكر الله يرحمك يا أبويا والله يرحمك يا أمي. فجأة لقيت أم الخير مع بنتها التي لا يتعدي عمرها السبع سنوات ترج قفص الفراخ بشدة.. عليت أصوات الفراخ وصاحت الديوك وزاد الهرج والمرج بين الفراخ وفتحت باب القفص. لمحت الفراخ خارجة من القفص تترنح وأصواتها هدأت وزي ما تكون كلت داتوره والا ترامادول، صرخت في أم الخير.. حرام عليكي قالت ما تخافش يا بيه.. دنا بس وريت لهم العين الحمرا عشان ينهدوا وما يروحوش بعيد بعد ما أفتح القفص. استلمت فراخي وأنا سارح أتأمل ما حدث وما قالته أم الخير وذهبت إلي محل الفرارجي لكي يذبحهما ويجهزهما وبعدها خرجت من سوق ستوتة وتوجهت إلي منزلي وأنا حامل الفراخ الدايخة المذبوحة. علي طول الطريق تأملت وجوه البشر وحركاتهم وتصرفات سائقي السيارات وراكبي الدراجات.. لم أر أمامي سوي ناس دايخة.. فعلا ناس بتتصرف كأنها نصف واعية. طبعا كل اللي إحنا عايشين فيه يؤدي إلي دوخة المصريين.. لقد لمحت في عيونهم دوخة الفراخ بعد ان هزت أم الخير القفص.. لمحت في عيونهم حزنا عميق ويأسا وقرفا وكل بلاوي الدنيا اللي راكبة علي رؤوسهم. الشعب المصري أصبح مثل الفراخ الدايخة داخل قفص أم الخير وفتحولوا الباب وتركوهم في الشوارع فريسة للمجرمين وقاطعي الطرق. قامت الثورة وحماها الجيش وعمل الانقلاب علي الطاغية مبارك وعزله.. علي فكرة الجيش كان رافض التوريث!! جميل.. داعبنا الأمل وخاصة بعد ما وعد الجيش بأنه سيُفعل الحكم المدني بعد 6 شهور. مرت الشهور ومازال المجلس العسكري يهز في القفص ومازال الشعب دايخ وتايه وبعضه بيندبح ويُقتل وينهب بفعل بلطجية مبارك ومؤامرات فلول الحزب الوطني ولجنة السياسات. المجلس العسكري شكل حكومة برئاسة شرف وطلعت حكومة لتبويظ الأعمال.. وزارة ضعيفة وتضم عناصر من زمن المخلوع وعناصر جديدة بعضها بتاع النظام.. وكله عارف كله!! كان أمل الشعب في الوزارة أن تفعل التغيير الواجب حدوثه بعد كل ثورة ولكن لم يحدث شيء والحمد لله.. يا مولاي كما خلقتني.. هل هذه هي الفوضي التي قال عليها المخلوع فاكرين لما قال في خطابه يا الاستقرار يا إما الفوضي.. والله الواحد محتار ودايخ وتايه ومش فاهم حاجة. الانفلات الأمني الذي حدث متعمد من أذناب النظام ورجال الحزب الوطني وتخلي الشرطة عن شعارها (الشرطة في خدمة الشعب) وحولته الي شعار (قتل وهتك عرض الشعب) بعد أن مكنت المساجين والخارجين علي القانون والمجرمين من الانفراد بالمصريين وبهدلتهم. المجلس العسكري عين محافظين من رجال الشرطة ومن رجال الجيش وبعض رجال النظام الفاسد أيضا.. يا دي المصيبة!! حتي لواءات الشرطة المتورطون في قتل وضرب شباب الثورة والمصريين.. قال إيه أودعهم في أروقة وإدارات وزارة الداخلية.. بيرحمهم من المجهود اللي بذلوه في محاولة إخماد الثورة.. يا عيني ربنا يطول عمرهم. ------------------ المنسق العام لحزب الوفد